التحصين .. الجريمة والخوف

د. عصام عبد الشافي

في مداخلة تليفونية عبر إحدي القنوات الفضائية سألني مقدم البرنامج عن أبعاد ودلالات قانون التحصين الذي تسعي سلطة الانقلاب لإقراره؟

وحول هذه الأبعاد وتلك الدلالات جاءت هذه الملاحظات التي عرضتها في مداخلتي:

أولاً: أننا أمام سلطة انقلابية اغتصبت الشرعية وأسقطت الدستور الذي استفتي عليه الشعب، ولم تعترف بها معظم دول العالم، واستنادا لهذا المعيار فإن كل ما يصدر عن هذه السلطة باطل ولا قيمة ولا يعتد به في مواجهة من اصدره.

ثانيا: هذا التشويف والتزييف الذي يمارسه الاعلام في التعاطي مع مثل هذا القانون، هذا الاعلام قدم لنا من أطلق عليهم خبراء استراتيجيين ومستشارين قانونيين هاجوا وماجوا وعلقوا عمل المحاكم والمؤسسات مع صدور إعلان 12 نوفمبر الذي أصدره رئيس الجمهورية لتحصين المؤسسات المنتخبة شعبيا، ولا يحصن أفراد أو شخصيات انقلابية، فأين هؤلاء الخبراء الآن، وأين مئات الحوارات والتحقيقات الصحفية التي تمت ضد الرئيس مرسي ووصمته بالديكتاتور والطاغية والمستبد؟

ثالثاً: إن قادة الانقلاب والمتورطين فيه والمتعاونين معه مهما حاولو تحصين أنفسهم ووضع التشريعات والقوانين التي يظنون واهمين أنها تضمن لهم النفاذ من جرائمهم، الحل معهم مع عودة الشرعية مؤسسات عدالة انتقالية ناجزة من قضاة شرفاء لا يراعون في أحكامهم إلا الله وصالح هذا الوطن، قبل أن يهرب هؤلاء الفاسدون بجرائمهم كما هرب أركان نظام مبارك وقادوا ثورة مضادة ضد ثورة 25 يناير.

رابعاً: هناك قانون دولي ومحاكم جنائية دولية وإقليمية، ومنظمات حقوقية، ومهما حصن قادة الاتقلاب أنفسهم في الداخل فلن يستطيعوا تحصين انفسهم في الخارج أمام هذه المحاكم وتلك المنظمات. فما ارتكبوه من جرائم لا يسطق بالتقادم ولا بالتحصين، وهنا يجب تعزيز دور وفد الدبلواماسية الشعبية المؤيد للشرعية لكشف هذه الجرائم ومواجهة سياسات التحصين.

خامساً: أن الخطر في فكرة التحصين ليس فقط على ما تم ارتكابه من جرائم، ولكن الأخطر هو ما يخططون له وما يمكن أن يقومون به قبل اسقاط هذا الانقلاب، كعمليات البيع أو الرهن أو التصرف في أملاك الوطن ومقدرات هذا الشعب لصالح دول أو كيانات أو مؤسسات أو شخصيات داخلية أو خارجية، وهو ما يعني خلق مزيد من الأزمات وتوطين الصراعات أمام أى نظام سياسي قادم.

خلاصة الكلام:

لا يسعي للتحصين إلا مجرم موتور .. أو جبان مذعور ..


وعلى الموتور والمذعور .. الدائرة ستدور !!

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 316 مشاهدة
نشرت فى 8 نوفمبر 2013 بواسطة ForeignPolicy

ساحة النقاش

ForeignPolicy
موقع بحثي فكري، يعني بالعلوم السياسية بصفة عامة، والعلاقات الدولية، بصفة خاصة، وفي القلب منها قضايا العالمين العربي والإسلامي، سعياً نحو مزيد من التواصل الفعال، وبناء رؤي فكرية جادة وموضوعية، حول هذه القضايا، وبما يفيد الباحثين والمعنيين بالأمن والسلام والاستقرار العالمي. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

106,250

ترحيب

يرحب الموقع بنشر المساهمات الجادة، التى من شأنها النهوض بالفكر السياسي، وتطوير الوعي بقضايانا الفكرية والإستراتيجية، وخاصة في  العلوم السياسية والعلاقات الدولية