الرئيس التوافقي ـ ملاحظات هامشية
د. عصام عبد الشافي
أسباب التفكير في الفكرة:
تتمثل أسباب التفكير في الفكرة من تعدد المرشحين المحتملين، والذي تجاوز عددهم العشرين مرشحا حتى الآن، وهو ما يعني مزيد من التشرذم في الأصوات والجهود، وإثارة العديد من التوترات الشعبية والسياسية في مرحلة لا تحتمل مزيدا من التوتر، هذا عن السبب الذي يتم الترويج له، ولكنى أعتقد أن هناك سبب آخر غير معلن يتمثل في ضمان تكتيل الجهود والأصوات خلف أحد الأسماء التى تلقي قبولاً من التيارات السياسية الرئيسة من ناحية، ومن المجلس العسكري بالدرجة الأولي، حتى لا يخرج عن الخطوط المرسومة له، ولا يتبني سياسات تتعارض مع توجهات هذين الطرفين.
إمكانية اتفاق القوي السياسية على التوافق على رئيس توافقي:
الاتفاق وارد بدرجة كبيرة، وخاصة ان القوي الكبري، ممثلة في الحرية والعدالة والنور والوفد، تقف خلف هذه الدعوة وهي تشكل نحو 75% من أعضاء مجلس الشعب، وبالتالي يمكن أن تدير هذه القضية كيفما تشاء، وأعتقد انها ستنجح في ذلك بدرجة كبيرة.
التحديات أمام الاتفاق على رئيس توافقي:
أعتقد ان أهم هذه التحديات تتمثل في رفض عدد كبير من المرشحين البارزين، لهذه الفكرة، حتى لو كان ذلك الرفض على المستوى الإعلامي، بمعني أنه رفض موجه للشعب، من منطلق أنهم يريدون للشعب أن يكون صاحب القرار، ولكن الكثيرون منهم يتمنون أن يتم التوافق عليهم بما يوفر لهم دعما كبيراً، وخاصة أنه سيكون هناك التزام حزبي وديني من جانب أنصار الأحزاب الدينية، خلف من سيتم التوافق عليه.
سلبيات وإيجابيات الفكرة:
إيجابيات الفكرة تتمثل في توحيد الجهود، والحد من إثارة التوترات السياسية، في هذه المرحلة، ولكن سلبياتها، تتمثل في تهميشها لإرادة الشعب ورغباته، لأن هذا التوافق يعني ضمن ما يعني وجود حملة إعلامية مكثفة عبر معظم وسائل الإعلام وكل الوسائل المتاحة، خلف هذا المرشح، وهو ما يمكن أن يؤثر في خيارات الناخبين، كما حدث في استفتاء مارس 2011، كما أن هذا التوافق يمكن أن يزيد من حالة الشك من إمكانية الحياد التي يجب أن تلتزم بها الحكومة القائمة والمجلس العسكري حيال العملية الانتخابية برمتها، لأن الأعلان عن هذا المرشح لا يضمن لباقي المرشحين نفس الفرص والحظوظ الإعلامية والسياسية والانتخابية.
أبرز المرشحين في ضوء هذه الفكرة:
من واقع المتابعة، تبرز أسماء منصور حسن، ونبيل العربي، وعمرو موسي، وسليم العوا، ومن استعراض هذه الأسماء، نجد أن الرابط بينها، هو علاقتها الجيدة مع المجلس العسكري، رغم وجود اسماء مرشحين آخرين كشفت استطلاعات الرأى تفوقهم بمراحل عن هذه الأسماء، مثل عبد المنعم أبو الفتوح، وحازم صلاح أبو إسماعيل، اللذان يتبنيان نهجاً صدامياً مع المجلس العسكري.
وبين الفكرة وسلبياتها، وإيجابياتها، يجب أن نتفق على قاعدة تحكم الجميع، مفادها: أنه من حق التيارات السياسية أن تتوافق حول من تراها معبراً عن توجهاتها ومحققا ًلأهدافها، لأنها في النهاية أحزاب سياسية تسعي لتحقيق أهداف وإنجازات سياسية، هذا من ناحية.
ولكن في المقابل من حق كل مواطن أن يختار وفق إرادته الحرة من يراه معبراً عن آماله ومحققاً لأهداف وطنه، وليس من حق المجلس العسكري، باعتباره القائم على إدارة شؤون البلاد، وليس من حق الحكومة الحالية، إذا كانت ستشرف على فعاليات العملية الانتخابية وإجراءاتها، أن تتدخل بأى حال من الأحوال وبأى صورة من الصورة في اختيارات القوي السياسية او في اختيارات الأفراد، وأن تقف من الجميع على مسافة واحدة، لأنه إذا ثبت غير ذلك، فالعاقبة ستكون شديدة السوء ليس فقط على المجلس العسكري، أو على الرئيس الذي تم التوافق عليه، ولكن على أمن مصر واستقرارها.
وهنا أيضاً يجب التأكيد على أن الشعب المصري، اثبت خلال العام الماضي قدرة كبيرة في التمييز بين الغث والسمين، بين الفاسد والصالح، ونجح في لفظ كل المحسوبين على النظام السابق، في الانتخابات البرلمانية، وهو قادر على أن يكرر نفس الأمر في الانتخابات الرئاسية، ولن تنجح قوة من القوى أن تزور إرادة هذا الشعب بعد اليوم.
http://www.islamonline.net/ara/article/1304971364278
ساحة النقاش