في مجال الفلسفة، كما هو الحال في معظم المجالات الأخرى، يُعد تقريظ الأحياء أكثر إثارة للجدل من تقريظ الأموات؛ فلو استفتيتَ أساتذة الفلسفة حول العالم اليوم: «من أفضل فيلسوف حي؟»، فيقينا لن يُجمعوا على مرشح واحد. ولهذا، فحري بقائمتنا لما يسمى بـ "الفلاسفة العظماء" أن تُختتم بآخر المُجمَع حولهم من الراحلين، وهو فيتجنشتين بالنسبة إلينا اليوم...
إذن، نحن هنا أمام ظاهرة جديرة بالاهتمام: فيلسوف عبقري، يبدع فلسفيتين على طرفي نقيض في مراحل مختلفة من حياته، كل واحدة منهما أثرت في جيل كامل. الفلسفتان، مع عدم توافقهما، تشتركان في سمات أساسية: كلاهما ركز على دور اللغة في حياة الإنسان وتفكيره، واهتم أساسا بوضع الحدود الفاصلة بين الاستعمال الصحيح للغة وغير الصحيح ــ أو كما عبر عن ذلك أحدهم مرة بالقول، كلاهما حاول رسم خطوط فاصلة بين نهاية المعنى (Sense) وبداية الهَدر(Nonsense).
أرى أن كتابا فيتجنشتين الأوليان الأساسيان متفاوتا التأثير؛ فمع أن كتاب الرسالة لا يزال مقروءا على نحو هائل، فإن من حوَّل فيتجنشتين إلى شخصية ثقافية عالمية مؤثرة منذ وفاته هو كتابه المتأخر: تحقيقات فلسفية، ويجب أن نُقر بهذا، وهو يمارس الآن تأثيرا نشطا في العديد من المجالات خارج حقل الفلسفة.
للاطلاع على الملف كاملا المرجو الضغط هنا
ساحة النقاش