تعتبر الإعاقة السمعية من اشد وأصعب الإعاقات الحسية التي تصيب الإنسان ؛ حيث يترتب عليها فقد القدرة على الكلام بجانب الصمم الكامل ؛ وبذلك يصعب على المعوق اكتساب اللغة والكلام أو تعلم المهارات المختلفة أو ممارسة نشاطه الطبيعي .
من اجل ذلك يعتبر تأهيل الصم والبكم ضرورة إنسانية حتى يتغلب المعوق على مشكلاته ؛ ويتأقلم مع مجتمعة ؛ وإذا بدأ هذا التأهيل في السنوات الأولى من عمر المعوق ؛ نشأ طبيعيا سليما وشخصا سويا يتمتع بكامل نشاطه وقدراته ؛ بل قد يفوق أقرانه من الأسوياء بذكائه وقدراته العقلية ؛ وبذلك يعتبر الأصم والأبكم من أحسن الفئات المعوقة قدرة على التأهيل ونجاحا في اكتساب اللغة والقدرات وممارسة الأنشطة الطبيعية المختلفة إذا حظي بالتأهيل المناسب .
اهتم المجتمع البشرى بتأهيل المعوقين سميعا منذ قرون طويلة ؛ وكانت ابسط الوسائل وأوسعها انتشارا هي تعلم لغة الإشارة والتي تسمى أحيانا لغة الأصابع ؛ والتي تعتمد على حركة الأصابع واليدين بجانب مشاركه الوجه في الحركة والتعبير ؛ وهي وسيلة محدودة الفائدة تسهل للمعوق التفاهم مع أسرته ومع مجتمعة ؛ وتتطلب منه السلامة البصر وتوفر الإضاءة ؛ حيث تفقد قيمتها إذا حل الظلام ؛ كما أنها لا تعطى للمعوق فرصة للتعبير عن مشاعره وعواطفه ؛ أو التفاهم مع المعوقين من الدول الأخرى .
ثم تطورت وسيلة لغة الإشارة وظهر معها وسيلة التعلم والنطق عن طريق قراءة حركة الشفاه كبديل لوسيلة لغة الإشارة أو مكمله لها وهي أكثر كفاءة وفائدة ؛ ولكنها تحتاج لقوة الملاحظة وسلامة البصر والإضاءة الكافية ؛ حيث تفقد قيمتها إذا حل الظلام أو إذا كان المعوق فاقد البصر ؛ وتعتبر هذه الوسيلة قاصرة على متطلبات المعوق في التعبير عن كل ما يحتاج إلية أو تفهم كل ما يقال له .
مع بداية القرن العشرين اكتشف العلماء الطاقة الكهربية التي سرعان ما دخلت في عمل الكثير من الأجهزة والآلات ؛ وأمكن استخدامها في اختراع جهاز لتكبير الصوت ؛ وبذلك ظهرت السماعات التي تساعد فاقدي السمع على استقبال الصوت ؛ وكانت هذه السماعات في أول أمرها بدائية بسيطة بجانب كبر حجمها ولكنها تطورت مع مرور الوقت إلى أجهزة سمعية أكثر كفاءة واصغر حجما .
ومع اختراع الترانزستور طهرت السماعات الدقيقة العالية الكفاءة ذات الفوائد العديدة ؛ وظهرت السماعات الجماعية التي تلزم للتعليم والتأهيل وبذلك ظهرت وسيلة التأهيل السمعي كوسيلة حديثة علمية ذات كفاءة وقدره كبيرة ؛ وسرعان ما اتجهت معظم دول العالم إلي هذه الوسيلة السمعية للتأهيل وذلك بإنشاء فصول دراسية مزودة بأجهزة سمعية جماعية ومكبرات صوت مناسبة تعمل سلكيا أو لاسلكيا بموجبات صوتية أو كهرومغناطيسية أو موجات إذاعية حتى تصل الأصوات مكبرة وواضحة لجميع الأطفال والصم والبكم ؛ وبذلك أمكن عن طريق السمع ان يؤهل الأطفال الصم والبكم حتى يكتسبوا النطق والكلام بجانب استطاعتهم التعامل مع مجتمعهم
ويعتبر ذلك ثورة علمية اجتماعية في تأهيل الصم والبكم ؛ ومع استمرار التقدم العلمي والحضاري ودخول التكنولوجيا الحديثة في جميع المجالات السمعية ؛ أصبح المعوق سمعيا قادرا
على استقبال الأصوات عن طريق السماعات بجانب رؤيته ومضات ضوئية وإحساسه بذبذبات حسية ؛ أي انه أصبح قادرا على سماع الصوت ورؤيته والإحساس به ؛ وبذلك تزداد قدرته على التأهيل واكتساب المهارات المختلفة بطريقة أسرع وأكثر كفاءة .
وفى السنوات الأخيرة دخلت العمليات الجراحية في هذا المجال فظهرت عمليات زرع القوقعة الالكترونية في الأذن ( وتسمى الحلزون السمعي ) وهى عملية جراحية تعويضية ؛ يتم فيها زرع جهاز سمعي الكتروني دقيق داخل الأذن للشخص الأصم فيصبح قادرا على سماع الأصوات بدرجة مناسبة ؛ وبذلك يسهل علية التأهيل السمعي الذي يمكنه من النطق والكلام ثم التعليق في مراحل التعليم المختلفة .
وما زالت الاختراعات والاكتشافات تتوالى ؛ وفى كل يوم يظهر الجديد في هذا المجال ليحمل أمالا جديدة للصم والبكم ؛ نحو مستقبل أفضل وحياة سعيدة
ساحة النقاش