مما لاشك فيه أن دول العالم قد حققت إنجازات كبيرة في نشر الوعي بمشكلة الإعاقة وفي توفير برامج التربية الخاصة وتأهيل المعوقين وخاصة في النصف الثاني من القرن العشرين.
ولكن ضخامة حجم المشكلة التي يعاني منها أكثر من 25 مليون مواطن عربي بالإضافة إلى أسرهم ومجتمعاتهم فإن كاتب البحث يرى من خلال نظرة تقويمية للوضع أن ما تم إنجازه لابد وأن يكون مجرد صحوة أو مرحلة تمهيدية لجهد ثوري علينا أن نبدأ في الإعداد له في القرن الحادي والعشرين ويؤكد هذه النظرة ما يلي:
1- إن نسبة من يلتحق فعلا ببرامج رسمية للتربية الخاصة أو مراكز التأهيل من المعوقين على مستوى الوطن العربي لا تتعدى 40. % ممن هم في حاجة إلى تلك البرامج.
2- إن التصور الحالي في توفير تلك البرامج لا يقتصر على الجانب الكمي فقط ولكنه يمس بعمق الجانب الكيفي وقصور الفاعلية والأسس العلمية الحديثة.
3- إن هناك نقص كبير في إعداد الكوادر المتخصصة القادرة على تلبية احتياجات العمل حتى في العدد المحدود من البرامج المتوفرة حاليا_ هذا بالإضافة إلى ضعف مستوى الأداء للكثير من تلك الكوادر المترتب على قصور برامج الإعداد والتدريب.
4- عدم وجود سياسة أو استراتيجيات أو خطط واضحة المعالم لمواجهة مشكلات التدخل العلاجي التأهيلي ولا للوقاية والحد من اتساع المشكلة.
5- عدم توفر الإحصاءات والبيانات الكمية والكيفية عن حجم المشكلة وتوزيعها حسب الجنس والعمر ونوعية الإعاقة ودرجة حدتها وأسبابها وتوزيعها الجغرافي.
6- رغم تعدد الهيئات الحكومية والأهلية المسئولة عن رعاية وتأهيل المعاقين بفئاتهم المتعددة فإن هناك شبه غياب للتنسيق والتكامل والتعاون في مواجهة المشكلة.
7- لازالت معظم البرامج الحالية تعتمد على عزل المعاق في مؤسسة أو فصول خاصة ولا يتوفر إلا قلة نادرة التي تعتمد على أو تمهد للدمج في المجتمع.
8- غياب البحث العلمي اللازم لتوفير الإحصاءات أو التعرف على العوامل المسببة للعديد من الإعاقات ( وخاصة الإعاقات الذهنية بأنواعها المختلفة) أو في تطوير طرق ووسائل وأدوات التشخيص ووضع برامج التربية والتأهيل المناسبة للفرد وإعداد برامج الوقاية أو تطوير أساليب دمج المعاق في المجتمع.
9- الغياب شبه الكامل في توفير برامج رعاية وتأهيل بعض فئات الإعاقة في الكثير من الدول العربية مثل إعاقات التوحد (الأوتيزم) والسبرجر والرت وإعاقات التعلم بأنواعها المتعددة (الدسلكسيا_ الافيزيا _ النشاط الزائد_ قصور القدرة على التركيز والانتباه...الخ.....
تلك مجرد حصر مبدئي للأوضاع الراهنة لمواجهة مشكلة الإعاقة تناولت تحديدا مبدئيا لبعض نواحي القصور التي نعتقد أن العامل المسبب المشترك _ إذا افترضنا وجود الإدارة السياسية واستراتيجيات عملية لمواجهة المشكلة_ هو النقص أو القصور الكمي والكيفي للأطر المدربة العاملة في المجال.
ومن هنا تتضح الحاجة إلى اتخاذ القرار السياسي للتدخل المدروس لأحداث التغيير المطلوب لتطوير وتحديث برامج إعداد وتدريب العاملين من كافة التخصصات في مجالات التدخل العلاجي التربوي التأهيلي للمعاقين في الوطن العربي مما تتطلب التحرك على عدد من المحاور حيث لا شيء يحدد مدى نجاح وتفعيل والتوسع في توفير هذه البرامج أكثر من نوعية ومؤهلات وقدرات العاملين فيها. وفيما يلي بعض مقترحات باستراتيجيات نأمل أن تتبناها الدول العربية حكومات ومنظمات أهلية ودولية.
ساحة النقاش