تختلف أنواع الإعاقة وما ينجم عنها من آثار ومشاكل يواجهها المعوق من مجتمع إلى آخر تبعا لما يوفره المجتمع من أساليب لمنع أو الحد من الحد من حدوث إصابات معوقة أو تفاقمها سواء كان ذلك عن طريق إصابات الحوادث أو الكوارث أو نتيجة الإصابة بأمراض تسبب عجزا بدنيا أو نفسيا.
والواقع أن علم طب المجتمع – الذي يدرس الآن بكليات الطب – يختص بدراسة كل ما يوفر أنواع الأمان لأفراد المجتمع وسلامتهم البدنية أو النفسية بما يهيئه لهم من الوقاية الكافية من أخطار الحوادث أو الأمراض والعمل على منعها أو الحد من وقوعها والتخفيف مما قد يعقبها من أثار معوقة .
ويقوم المجتمع بتوفير خدمات متعددة مختلفة لتأهيل المعوقين وإعدادهم لأن يعيشوا حياة طبيعية حتى لا يكونوا عبئا على أسرهم وعلى المجتمع وحتى لا يشعرون بمرارة العجز والتخلف عن أقرانهم – بل ويوفر لهم أيضا وسائل الترفيه والإشتراك في الألعاب الرياضية المختلفة وسباقات بطولتها ، مما يرفع من حالتهم النفسية وروحهم المعنوية ولا شك الخدمات الطبية العاجلة لها أثر كبير في الحد من شدة الإعاقة ودرجتها وإتاحة الفرصة اللازمة لتنمية القدرات المتبقية لدى المعوق حتى يمكنه اللحاق بأقرانه حتى ينخفض مقدار ما يصيبه من عجز إلى أدنى حد مستطاع مما يتيح له الراحة النفسية والقدرة على الإندماج في مجتمعه إلى درجة كبيرة .

وفي مقدمة هذه الخدمات تبرز الخدمات الطبية العاجلة وتتصدرها خدمات الإسعاف الأولية ، وقد تطورت في الأعوام الأخيرة تطورا هائلا ، فغالبية الأماكن المعرضة لحدوث إصابات مجهزة تجهيزا كاملا بجميع معدات الإسعاف من أدوات ومسعفين ومدربين على درجة عالية من الكفاءة ومزودة بسيارات الإسعاف لسرعة نقل المصابين إلى المستسفيات إذا إستدعى الأمر لذلك .
فالمصانع والمؤسسات المختلفة والمدارس والأندية الرياضية وأمكنة المباريات الهامة والتجمعات البشرية على إختلاف أنواعها والمطارات وغيرها لا ينقصها الإستعداد الكامل لإسعاف المصابين في حالة حدوث حوادث بها ، ويستوي في ذلك المؤسسات المدنية والحربية والقطاع الحكومي والخاص .
والهدف الأساسي لهذه الخدمات هو الإسعاف السريع عقب الإصابة مباشرة دون ضياع أى وقت وإبتداء العلاج الأمثل منذ اللحظة الأولى ، مما يتيح فرصة الشفاء الكامل والسريع ، ويجنب المصاب كثيرا من المضاعفات التي ينشأ عن التأخير في بدء العلاج – وفي الطرق السريعة تعد مراكز إسعاف على مسافات غير متباعدة يمكن الإتصال بها عن طريق تليفونات على طول الطريق للمبادرة بإسعاف المصابين في الوقت المناسب دون أي بطء أو تاخير .
وبالإضافة إلى ذلك فقد تطور إعداد سيارات الإسعاف الآن تطورا كبيرا لأداء هذه الخدمة الطبية الهامة في أسرع وقت وعلى أتم وجه فهي مزودة بأجهزة لا سيلكية لسهولة الإتصال بها وإمكان إتصالها بالمستشفيات المعدة لإستقبال الحوادث وبغرف عمليات إدراة الإسعاف .
ويلازم السيارة المسعفون المدربون كما أن بعضها به طبيب أو طاقم من الأطباء يمكنهم إجراء ما يلزم للمريض من علاج طبي أو جراحي سريع والمريض لا زال في موقع الحادث وقد يوفر ذلك بتر أحد الأعضاء المصابة إذا ما توانى العلاج ، ويتيح للمصاب الرجوع إلى حياته الطبيعية بعد شفائه بأقل قدر مستطاع من الإعاقة .
وفي العمليات الحربية تتواجد الخدمات العاجلة بسرعة في الصفوف الأمامية لإسعاف المصابين قبل نقلهم إلى المراكز الطبية خلف خطوط القتال ، ويكمن إسعاف المحتاجين بنقل الدم إليهم في مواقعهم لإنقاذ حياتهم أن تستخدم طائرات الهليوكوبتر المجهزة تجهيزا كاملا بما في ذلك غرف عمليات جراحة وطقم طبي كامل لسرعة علاج أبطال الحرب وخفض أى عجز قد يصيبهم إلى أدنى حد ممكن .
كما تقوم طائرات الهليوكوبتر بإسعاف المحتاجين لهذه الخدمة من المدنيين في المناطق النائية أو التي يصعب الوصول إليها بوسائل النقل العادية .
ولإستكمال هذه الخدمات العاجلة الهامة فإن أقسام إستقبال الحوادث بالمستشفيات تجهز بكافة المعدات والوسائل والأفراد بما يكفل أداء العلاج على أسرع وأعلى مستوى .
وقد صدر قرار جمهوري يحمل رقم 207 لسنة 1975 بتشكيل مجلس أعلى للإسعاف الطبي برئاسة الدكتور وزير الصحة ، وتمثل فيه الوزارات والهيئات المعنية لتخطيط الخدمات الطبية العاجلة مع إعداد خطة لمواجهة الكوارث .
وقد دلت الدراسات على أنه من المتوقع أن يرتفع عدد السكان عام 2000 إلى 70 مليون نسمة يلزمهم 2800 سيارة إسعاف بخلاف الزيادة اللازمة لمحافظات الصحاري ، والسيارات اللازمة  لخدمة الطرق السريعة ، وتقدر بحوالي 500 سيارة أخرى وقت استوردت الوزارة في الفترة من 1978 إلى الآن حوالي 620 سيارة إسعاف حديثة .
وبهذه المناسبة يجب أن نتذكمر واجبنا القومي نحو التبرع لبنوك الدم ببعض دمائنا ، وخاصة الأصحاء والشباب حتى يتوفر الدم اللازم لبنوك الدم على مستوى الجمهورية ، وهناك بعض الدول صدرت بها تشريعات لتنظيم التبرع بالدم ، وقد سبقتنا بعض الدول العربية إلى ذلك .
وتهدف الخدمات الطبية في كثير من المواقع إلى القيام بأعمال الوقاية لمنع الحوادث أو تقليلها أو الحد من آثارها ، وكذلك الوقاية من الأمـراض وإنتشارها وخاصة الأمراض التي قد تعرض المصابين بها لقصور أو عجز كلي بعد الشفاه كمـرض شلل الأطفال والإلتهاب السحائي وإلتهاب المخ وغـيرها فهـناك :
•    مراكز الأمن الصناعي
التي تقدم خدمات جليلة في هذا الشان ، ويشرف عليها أطباء متخصصون ويستخدمون وسائل حديثة ومتطورة لتحقيق هذا الهدف وذلك إلى جانب القيام بعلاج المرضى والإكتشاف المبكر لما قد يصيبهم من درجات الإعاقة مما ييسر لهم الشفاء أو خفض ما يصيبهم إلى أدنى حد مستطاع من الإعاقة .
والواقع أنه توجد مراكز طبية معينة تقوم بدور هام جدا في إكتشاف المعوقين في الوقت المناسب حتى يمكن التبكير في علاجهم – نذكر منها :

•    مراكز رعاية الطفل
فكثير من الأطفال يتعرضون لأمراض مختلفة وخاصة الأمراض الوراثية التي قد تؤدي إلى إعاقتهم مستقبلا .
وتجهز هذه المراكز الآن بمعدات الكشف والفحص الحديثة التي تكشف هذه الأمراض في وقت مبكر حتى لا يتعرض الأطفال لأثارها المريرة بعد ذلك – ولكما إزدات رعاية الطفل في هذه المرحلة الهامة من حياته تجنبنا إصابته بكثير من العاهات كفقد البصر أو السمع وغيرها – كما يمكن تحصين الأطفال ضد أمراض المعدية الهامة أثناء هذه الفترة بما يحميهم من مضاعفاتها الخطيرة – وبعض التي أصيبت بها أمهاتهم أثناء الحمل مثل الحصبة الألمانية أو الإلتهاب الكبدي الفيروسي ، ويصبحون حاملين له ويكونون مصدرا لعدوى الآخرين – واصبح من المتح الآن إكتشافهم وعلاجهم .

•    مراكز رعاية الأم
فالأم الحامل في حاجة ماسة إلى رعايتها في جميع مراحل الحمل لسلامتها وسلامة جنينها وكثير من الأمراض المزمنة بالأم أو سوء تغذيتها يؤدي إلى ولادة طفل مبتسر " اى ناقص النمو والوزن " معرض للتشوهات وغيرها من الأمراض الوراثية والخلقية ، كما أن الطفل قد يتأثر ببعض العقاقير التي تأخذها الأم للعلاج .
وفي الولادات العسرة قد يتعرض الطفل لبعض الإصابات التي تؤثر على مستقبل حياته بسبب العجز أو العاهات التي قد تنتج عنها – فالرعاية الطبية للأم أثناء الولادة وإتخاذ ما يلزم من إجراءات لإنقاذ الطفل من هذه الإصابات لها أثر بالغ في سلامة الطفل حتى ينشأ كامل الصحة وغير معوق.
وأحب أن أشير هنا إلى أن الإقبال على الوحدات الريفية والصحية بالأرياف قد أتاح فرصة كبيرة للبعد عن الإلتجاء إلى الدايات ، ولكنني أحب أن أنب هنا إلى خطروة هؤلاء الدايات على سلامة الطفل والأم معا ، وخاصة في حالات الولادة العسرة .
هذا يستلزم التوعية الكاملة للأسرة لهذا الخطر ، ويجب على الداية المدربة تديبا كافيا أن تلزم حدودها وأن تلجأ إلى الطبيب المختص عندما تستدعي حالة الولادة ذلك .

•    مراكز فحص راغبي الزواج من الجنسين
وهذه المراكز تلعب دورا خطيرا في إنجـاب أطفال أصحاء خالين من التشوهات والأمراض الوراثية : وقد تقدمت علوم الأجنة والهندسة الوراثية بشكل مذهل في الأعوام الأخيرة واصبح في الإمكان عمل الكشف الطبي والفحوص اللازمة لولادة طفل سليم البنية وكامل النمو الفكري .
وأخيرا وليس آخرا فإن أطباء الصحة المدرسية : يقومون بدور هام لتحقيق إدماج الطفل المعوق في الحياة العامة ، فإن الكشف الطبي المدرسي عند إلتحاق الطفل بالمدرسة كفيل بأن يكتشف المعوقين من التلاميذ الجدد وتحديد درجات إعاقتهم وفحص الأمراض الطفيلية ، وأهمها البلهارسيا وعمل قيلس للسمع لمن يحتاج من التلاميذ ، وفحص العين وتشخيص المرضى المصابين بالصرع أو الذين يعانون من عجز بدني وقياس إختبارات الذكاء .
فهذه فرصة هامة للإكتشاف المبكر لحالات الإعاقة يتيح العلاج المناسب في وقت مبكر يتم التلميذ دراسته ، أهي المدرسة العادية أم فصول خاصة أو معاهد خاصة ، بحسب درجة ونوع الإعاقة .
كما تتاح الفرصة أيضا لإستعمال الأجهزة المعاونة من نظارات وسماعات للأذن وغيرها – ويعاون الطبيب في أداء هذه الخدمات الوالدان والمدرسون وحكيمة المدرسة حتى يكون الجميع على علم بمقدار ما يعانيه الطفل من الإعاقة حتى لا يطالبونه بما هو فوق طاقته ، حتى تتاح له فرصة تنمية ما تبقى من قدراته .
وكثيرا ما تفوق طلبة معوقون في دروسهم أو بطولات رياضية نتيجة لهـذه الرعاية الصحية المدرسية . ويقوم طبيب الوحدة المدرسية بمتابعة فحص المعوقين على قدرات مناسبة ليتأكد من سلامة وكفاية ما يقدمه لهم من مساعدة ومعونة .
هذا بجانب قيام الطبيب بإعطاء اللقاحات اللازمة للتلاميذ لتحصينهم ضد الأمراض وعزل المصابين بها حتى لا تنتشر العدوى بينهم – وإشراف على أن تكون الفصول المدرسية صحية جيدة التهوية وكافية الإضاءة وخاصة للمعوقين .
وتضم الخدمات الطبية أيضا العلاج الطبيعي ولا شك أن هذا العلاج له أثر بارز في تأهيل المعوقين وإدماجهم في الحياة العامة وسيتناول هذا الموضوع السادة الزملاء .
أما العلاج الجراحي فإنه يقدم خدمات جليلة للمعوقين في مختلف المجالات : جراحة العظام يمكنها إستخدام العضلات السليمة بالقيام بكثير من حركات العضلات المريضة والضعيفة ويمكن الإستعانة بمفاصل صناعية بدلا من المفاصل التالفة – وغير ذلك الكثير – وجراحة الرمد كثيرا ما تغلبت على فقد البصر في عمليات الكتاركت وترقيع القرنية والإنفصال الشبكي وغيرها ، كذلك جراحة الأذن بل أنه تم زرع كثير من الأعضاء بدلا من الأعضاء التالفة وأنشات بنوك خاصة لحفظ الأعضاء لإستخدامها حين الحاجة إليها .
ولا يتسع المقام لسد ما تؤديه جراحة القلب وجراحة الجهاز العصبي في التغلب على كثير من حالات الإعاقة حتى يصبح الشخص قادرا على ممارسة حياته الطبيعية .
والواقع أنه لا يمكن حصر كل ما يقدمه الطب للمعوقين من خدمات مختلفة وذلك للتطور المستمر والعلوم الطبية والتكنولوجيا الحديثة المتغيرة التي تعمل جاهدة في سبيل إدماج المعوق في حياته الطبيعية والتمتع بأساليب الترفيه والفورز ببطولات محلية ودولية في مختلف الألعاب الرياضية

المصدر: بحث مقدم من الأستاذ الدكتور سعد الدين مصطفى كامل حتحوت مدير مستشفى حميات إمبابة " الأسبق "
FAD

لاتحاد النوعى لهيئات رعاية اللفئات الخاصة والمعاقين

ساحة النقاش

FAD
الاتحاد النوعى لهيئات رعاية اللفئات الخاصة والمعاقين هيئة ذات نفع عام لا تهدف لتحقيق ربح تأسس الاتحاد عام 1969 العنوان 32 شارع صبرى أبو علم – القاهرة الرمز البريدى 11121 ت: 3930300 ف: 3933077 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,505,472

مشاهير رغم الإعاقة