يعد الجهاز السّمعي نافذة الإنسان الهامة التي يطل منها على المجتمع من حوله، يتفاعل من خلالها مع البيئة المحيطة به، ويستطيع من خلالها اكتساب اللغة المنطوقة المستعملة في التخاطب والتعلم والعمل، وإذا ما أصاب الجهاز السّمعي بعض الحالات المرضية، نقصت القدرة السّمعية جزئياً أو كلياً إلى درجة قد يتعذر معها قيام الفرد بوظائفه وأدواره الأساسية في الحياة ما لم يقدم له التدريب والتأهيل المناسبان ، ويعد الكشف المبكّر للصّمم حجر الزاوية في أي برنامج تدخّل مبكّر للّصمم عند الأطفال.
1- السّمع العادي و فئات الإعاقة السّمعية :
وفي البداية لابد من التعرف على فئة السّمع العادي :
أ - فئة السّمع العادي NORMAL HEARING :
يختلف الناس العاديون في قدرتهم على السّمع، ومع ذلك يبقى الفرد قادراً على التخاطب مع الناس من حوله دون صعوبة، ويستطيع القيام بالوظائف والأدوار العادية التي تحتاج إلى السّمع دونما مساعدة.
ب - فئات الإعاقة السّمعية :
ـ فئة الصمم : يكون فقد السّمع شديداً فلا يتمكن الفرد من فهم الكلام، كما يتأثر النطق بدرجة ملحوظة، وهو بحاجة إلى تأهيل وتدريب خاصين، وفي الحالات الشديدة من الصمم، لا يستطيع الفرد معها سماع الأصوات مهما ارتفعت شدتها، ويفقد كثيراً من القدرة على النطق والكلام (أصم أبكم).
- فئة ضعف السّمع : وتقع هذه الفئة بين الفئتين السابقتين، وتكون القدرة على السّمع ضعيفة، فيواجه الفرد صعوبة واضحة في سماع وفهم الكلام لكنه يستطيع النطق والتخاطب بشكل يتوقف على شدة ضعف السّمع لديه. ويحتاج الأفراد ضمن هذه الفئة إلى تدريب وتأهيل خاصّين.
2 - أسباب الإعاقة السّمعية :
أ -المرحلة قبل الولادة Prenatal Period
العوامل الوراثية والعائلية وهي من أهم الأسباب وفق الدراسات الإحصائية الحديثة، أما الأسباب الأخرى فقد أصبحت بفضل التطور في الوعي والخدمات الصحية أقل أهمية وذلك مثل: تناول الحامل بعض أنواع الأدوية، أو تعرضها للأشعة خاصة في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، أو إصابتها ببعض الأمراض كالحصبة الألمانية، والحمات الشديدة أو الانسمام الحملي.
ب- المرحلة حول الولادة: Perinatal Period
تشمل المرحلة ما قبل الولادة بشهرين وما بعد الولادة بشهر، وعوامل الخطر في هذه المرحلة الهامة تنجم عن حالات الازرقاق ونقص الأكسجين، الولادات العسرة، اليرقان وانحلال الدم ، وحالات الولادة قبل إتمام مدة الحمل (الخداج).وقد قلت هذه الأسباب مع تطور الخدمات الصحية.
ج- المرحلة بعد الولادة Postnatal Period :
وتنجم عن بعض أمراض الطفولة كالحصبة، النكاف، التهاب السحايا والدماغ، والحميات الشديدة. كما يمكن أن تنجم عن، الحوادث ورضوض الجمجمة، التسممات ببعض أنواع الأدوية، هذا بالإضافة إلى التهابات الأذن الوسطى ومضاعفاتها، والتي تؤدي إلى نقص سمع تدريجي خاصة عند الأطفال، ومن الأسباب الأخرى التي تزداد في وقتنا الحاضر التعرض المتواصل للضجيج والذي يؤدي إلى ضعف السّمع.
هذا وتبقى بعض حالات الإعاقة السّمعية غير معروفة السبب.
3- الكشف المبكّر والتأهيل :
أ - الكشف المبكّر Early Detection :
وهو أمر مهم وجزء أساسي من برامج التدخّل المبكّر من أجل تقديم العلاج والتدريب في أقرب وقت ممكن، من علامات الصمم عند الطفل الرضيع في الأشهر الأولى من العمر عدم المناغاة، وعدم الانتباه إلى الضوضاء أو الأصوات العالية أثناء نومه أو انشغاله، وإذا ما اقترب عمره من السنة لا يتمكن من لفظ بعض الكلمات والمقاطع مثل با، ما، ماما، بابا....(حالات الصّمم الشديد)...
وفي عمر الروضة يتأخر أو ينعدم تطور الكلام ونمو اللغة، ويلاحظ عدم تجاوب الطفل عند الحديث معه، وقد يلاحظ أيضا تراجع التحصيل الدراسي عند الأطفال ضعيفي السّمع، هذا وتلعب الأم والأسرة دوراً كبيراً في الكشف المبكّر لأي صعوبة سمعية لدى طفلها، لهذا ليس من الغريب أن تركز برامج التدخّل المبكّر على الأسرة والأم بشكل خاص، هذا ومن الضروري أن يجري الفحص السّمعي الدوري في مراكز رعاية الطفولة، ودور الحضانة، ورياض الأطفال وعند دخول المدرسة وذلك لكشف وعلاج أي إصابة في الأذن.
ب - العلاج الطبي والجراحي : Medical and Surgical Treatment
وله فائدة هامة في أمراض الأذن الوسطى والخارجية، والتي تؤدي إلى نقص سمع خفيف أو متوسط الشدة (فئات ضعف السّمع التوصيلي)، ولا تزال نتائج عمليات زراعة القوقعـةochlear Implant في مراحلها الأولى، ونتائجها لدى الأطفال الصم لا تزال قيد المتابعة، ويحتاج الحديث عنها إلى الكثير من التفصيل.
ج - التربية الخاصة : Special Education
يستخدم فيها إلى جانب البرامج التربوية وسائل خاصة كالتدريب على النطق، لغة الإشارة، قراءة الشفاه كما تعتمد أساساً على الحاجات والقدرات الفردية الخاصة بكل طفل على حدة، ويشارك الأهل في مراحل التربية المبكّرة .
د - المعينات السّمعية Hearing Aids :
تزداد أهميتها عند وجود بقايا سمعية لدى الأصم، وعند فئات ضعاف السّمع، وهي تزيد من قدرة المعوق سمعياً على التواصل والتخاطب مع أسرته ومن ثم اندماجه في التعليم والعمل إضافة إلى الأنشطة الاجتماعية المختلفة، هذا وينبغي أن يراعى ما يلي :
ـ تزويد الأهل بكافة المعلومات الضرورية حول استعمال المعينات السّمعية والمحافظة عليها.
ـ أن تكون الصيانة متوافرة.
ـ أن يجري تبديل جزء قالب الأذن من المعينة السّمعية بشكل منتظم كي يلائم نمو أذن الطفل.
هـ ـ التثقيف الأسري والمجتمعي : Family and Public Education
تلعب الأسرة والمجتمع المحلي الدور الكبير في تدريب وتأهيل المعوقين سمعياً من أجل دمجهم في الميادين التربوية والمهنية والاجتماعية وغيرها.وهذا أيضاً من مهام برامج التدخّل المبكّر التي تُعنى بتعزيز دور الأسرة والمجتمع المحلي.
4- الوقاية من الإعاقة السّمعية : Prevention of Hearing Disability
يعد وجود صمم وراثي في العائلة من أهم وأكثر الأسباب التي تؤدي إلى ولادة طفل أصم ويساعد على زيادة أهمية هذا العامل انتشار وارتفاع نسبة زواج الأقارب في مختلف المجتمعات العربية، خاصة أن التطور والوعي الصّحي في المجتمع قد ساعد على الوقاية من العديد من الأسباب التي كانت معروفة سابقاً.وهذا يؤكد أهمية الفحص الطبّي الموسّع قبل الزواج وضرورة إجراء الاستشارة الوراثية في بعض الحالات.
أما الوقاية بشكل عام من الصّمم والأسباب التي قد تؤدي إليه فتكون عن طريق:
o تجنب زواج الأقارب في العائلات المعروف لديها إعاقة سمعية وراثية.
o طلب الاستشارة الوراثية عند وجود حالة صمم في العائلة.
o الرعاية الصحية للأم الحامل والابتعاد عن الأدوية الضارة والأشعة.
o الولادة الصحية الآمنة في المشفى أو المراكز الصحية المجهزة.
o الرعاية الصحية للأطفال كالتحصين الشامل، والتغذية والإرضاع الطبيعيان .
o الكشف المبكّر لنقص السّمع وأمراض الأذن وتقديم العلاج المناسب.
o تناول الأدوية تحت إشراف الطبيب.
o تجنب الضجيج والضوضاء.
o التقيد بالعادات والسلوك الصحيين.
هذا وتعدُّ سبل الوقاية المذكورة سابقا من الجوانب التي تعني بها برامج التدخّل المبكّر لأنها وكما ذكرنا سابقا جزء أساسي منها.
5 - الصّمم :
يعرّف الصمم من الناحية الوظيفية بأنه فقدان السّمع الذي لا يمكّن صاحبه من فهم اللغة المنطوقة حتى باستخدام المعينات السّمعية، ومن ثم يتعطل أو ينعدم نمو لغة الكلام لديه ، وإذا أردنا اعتماد قياسات أكثر تحديداً، فإنه يمكن اللجوء إلى مقياس الديسيبل، ففي كلامنا العادي، نتحدث عن الأصوات المنخفضة والأصوات المرتفعة، غير أنه يتعين علينا في مبحث السّمع أن نكون أكثر دقة وتحديداً، فدرجات السّمع تقاس عندئذ بالديسيبيل ((Decibell - db الذي يعتبر وحدة قياس نسبية، فدرجة الصفر على مقياس الديسيبيل لا تعني أنه لا يوجد صوت على الإطلاق وإنما تعنى درجة الصوت التي تدركها الأذن العادية بالكاد. هذا ويقاس نقص السّمع أيضا بالديسيبيل وفي هذه الحالة يعرف بالديسيبيل فقدان السّمعdb hl ، وطبقا لتصنيف منظمة الصحة العالمية لدرجات الصّمم :
ضعف السّمع العميق يفقد الإنسان أكثر من 91 ديسيبيل.
ضعف السّمع الشديد يفقد الإنسان أكثر من 70 ديسيبيل.
- تشير الدراسات العالمية أن الصمم المكتسب يشكل قرابة خمسين بالمئة من الحالات، في حين أن حوالي 25 % يبقى غير معروف السبب، أما القسم المتبقي وهو الصمم الوراثي المنشأ (25 %) يحتاج إلى تحري الصمم في الأسرة والوقوف على تاريخها المرضي. هذا وقد أظهرت الدراسات المورثية أن أكثر من 78 مورثة قد تكون مسئولة عن الصمم الوراثي، الذي قد يبدأ منذ الولادة، أو يتأخر في الظهور إلى مرحلتي الطفولة والشباب. ويجدر أيضا التأكيد على أن تحديد أسباب الصمم أمر بالغ الصعوبة.
ويعدُّ الصّمم مشكلة كبيرة متعددة الجوانب.. صحّية.. تربوية.. اجتماعية واقتصادية تقع على كاهل الأسرة والمجتمع، ولبيان أهمية الوقاية من الصّمم لا بد من المرور على بعض المشكلات المترتبة على الصّمم عند الأطفال
المصدر: د. غسان شحرور
نشرت فى 29 أغسطس 2010
بواسطة FAD
الاتحاد النوعى لهيئات رعاية اللفئات الخاصة والمعاقين هيئة ذات نفع عام لا تهدف لتحقيق ربح تأسس الاتحاد عام 1969 العنوان 32 شارع صبرى أبو علم – القاهرة الرمز البريدى 11121 ت: 3930300 ف: 3933077 »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
1,503,717
ساحة النقاش