لاشك أن التفوق أو الموهبة تعتبر منبعاً ومورداً للقوة والطاقة البناءة التى أسهمت على مر العصور فى إزدهار وتقدم البشرية وإثراء الرصيد الحضارى التراكمى المعاصر، ولاشك أيضاً أن ما حققه الإنسان من تقدم علمى وإنتاج غزير من التكنولوجيا المتقدمة وإبداع وإبتكار وخلق متواصل إنما يرجع الفضل فيه أولاً وأخيراً إلى جهود وطاقات عقول النخبة والصفوة من العلماء والباحثين من المتفوقين الموهوبين .  إن التفوق والموهبة مثلها مثل أى موارد بشرية أو طبيعية أخرى تبقى مجرد ثروة محتملة أو طاقة ذهنية إذا لم تكتشف ويزاح الستار عن معالمها وتنميتها إلى أقصى حدودها.

 

    إن الطاقة والقدرات الخلاقة التى تكمن فى عقول أفراد تلك الفئة توجد كمادة خام كامنة فى كل مجتمع من المجتمعات البشرية بصرف النظر عن الجنس أو الجنسية أو المستوى الإجتماعى أو الإقتصادى أو الملة أو الخلفية أو الجذور الإثنيه،ولكنها تظل مطموثة غائبة إلى أن يتم إكتشافها وإخضاعها لبرامج تعليمية خاصة مكثفة لتنميتها وإعدادها للإستخدام والإنتاج الأمثل .

    ولكنها فئة محدودة نسبياً فهى لا تتجاوز على أكبر تقدير حسب التوزيع التكرارى الإعتدالى عن 27ر2% من تعداد المجتمع بما يعنى أن من بين 18 مليون طفل وشاب فى مدارس التعليم العام فى مصر يوجد 600ر408 يمكن إعتبار كل منهم "متفوق أو عبقرى محتمل" فى حاجة إلى نظام تعليمى وبرامج وطرق تعليم وإمكانات وتكنولوجيـا من نوع خاص لتنميةقدراتهم الكامنة وإستثمارها

    ودعنا نتساءل كم من أفراد هذه النسبة أمكن إكتشافه وأتيحت له فرص تلك البرامج الخاصة فى مصر؟

    وكم منهم يعيش تحت خط الفقر وهم حسب تقرير التنمية البشرية لسنة 1995 تبلغ نسبتهم 35% من أسر المجتمع؟ صحيح أن الفقر ليس معوقاً للنبوغ ولكن ما يفرزه الفقر من نتائج سلبية تعوق إكتشافهم وإستمتاعهم بتعليم جيد وفرص مواتية للكشف عن قدراتهم العالية الكامنة ومن هذه النتائج إرتفاع معدل وفيات الرضع والأطفال ومن ينجو منهم ربما يعانى سوء التغذية والإصابة بالأمراض المعدية والإعاقة الجسمية والذهنية وغيرها.

    وإذا كنا نعتبر أن ما يكمن فى عقول هذه الفئة من القدرات العقلية والإبداعية العالية هى أغلى رصيد مصر من الموارد والثروات التى
ستعتمد عليها أجيالنا القادمة فى تحقيق الطفرة المرجوة من التنمية المستدامة فإننا نستطيع أن ندرك بهذه العملية الحسابية البسيطة مدى الخسارة التى تعانيها مصر فى أغلى مواردها البشرية إذا لم تبدأ فوراً فى إحداث التغيير المطلوب بدءاً بالكشف المبكر عن حالات التفوق وإتخاذ إجراءات رعايتها وتأهيلها ومكافحة الفقر وتوابعه من كافة الجوانب.

المصدر: أ.د. عثمان لبيب فراج
FAD

لاتحاد النوعى لهيئات رعاية اللفئات الخاصة والمعاقين

  • Currently 110/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
36 تصويتات / 384 مشاهدة

ساحة النقاش

FAD
الاتحاد النوعى لهيئات رعاية اللفئات الخاصة والمعاقين هيئة ذات نفع عام لا تهدف لتحقيق ربح تأسس الاتحاد عام 1969 العنوان 32 شارع صبرى أبو علم – القاهرة الرمز البريدى 11121 ت: 3930300 ف: 3933077 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,505,107

مشاهير رغم الإعاقة