يقوم العلاج النفسى من منظور إسلامى على عدة أسس رئيسية هامة منها :

1-   التنمية الروحية لذوى الإحتياجات الخاصة عن طريق تعزيز الدعوة إلى العلم وذكر الله والعبادة والتقوى.

2-   إذكاء روح الإيمان بالقضاء والقدر فى نفسية المعوق.

3-   تنمية روح الصبر عند ذوى الإحتياجات الخاصة.

4-   تعزيز التأهيل المهنى للمعوقين وتأكيد الإسلام على التربية التطبيقية والمهنية.

5-   تعزيز أهمية تقبل الفرد المعوق لإمكانياته وتوافقه الإجتماعى والإنفعالى.

وفيما يلى تفسيراً مختصراً لذلك :-

1- التنمية الروحية لذوى الإحتياجات الخاصة عن طريق تعزيز العلم والدعوة إلى ذكر الله والعبادة والتقوى:

    أ- تكريم الإنسان وتفضيله على كثير من المخلوقات:

لم تُعن شريعة مثلما عنيت الشريعة الإسلامية بتنمية الفرد المسلم روحياً،وذلك منذ بداية خلق الإنسان حيث أمر الله تعالى الملائكة أن تسجد لآدم وسخر له ما فى السماوات والأرض جميعاً وأسبغ عليه النعم الظاهرة والباطنة، ودعاه إلى مراقبته وتذكره فى كل وقت وحين، وأمره بأن يجاهد نفسه الأمارة بالسوء وأن يكبح جماح شهوته التى لا تحدها حدود، وتلك خاصية إيجابية إنفرد بها الإسلام وتحقق من خلالها أفضل ترشيد لإستخدام الموارد الإقتصادية بواسطة الإنسان، وبذلك تنعدم لا نهائية الحاجات والرغبات والتطلعات التى تؤخذ كبديهات أو مسلمات فى علوم الإقتصاد الوضيعة وتقوم على أساسها المشكلة الإقتصادية، وتحقق الرضى والسعادة للإنسان مما أعطاه الله له.

    وقد أوضح الله سبحانه وتعالى تكريمه آدم وذريته صراحة بقوله "ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم فى البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً" سورة الإسراء آية 7.

    وفى مجال تسخير ما فى السماوات والأرض للإنسان يقول سبحانه وتعالى "وسخر لكم ما فى السماوات وما فى الأرض جميعاً منه إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون" سورة الجاثية آية 13.

    فهو تسخير جامع قاطع، وهى دعوة مفتوحه للإنسان ليجتهد ويعمل ويستخرج ما أودع الله فى مخلوقاته من نعم ومنافع، فإن كان المعوق قد فقد بعض المهارات فهناك مهارات عديده لديه يمكن أن يستغلها فى تعويض ما نقص عنده وهذا ما لم يسبق الإسلام إليه أى نظام أو دين، ولم يلحق به عقيدة أو تشريع، ولقد دعا الإسلام إلى طلب العلم وحث على طلب إستخدامه فى الحياة العملية فقال تعالى "فأعلم أنه لا إله إلا الله وإستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات" سورة محمد آية 19، حث النبى صلى الله عليه وسلم على طلب العلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من خرج فى طلب العلم فهو فى سبيل الله حتى يرجع" رواه الترمذى والمنذرى، ومن هنا فإن تعليم ذوى الإحتياجات الخاصة، أمر ضرورى ومهم وتكليف دينى.

ب- الدعوة إلى ذكر الله والعبادة والتقوى

ذكر الله

إن ذكر الله ليس مجرد تلفظ بالقول أو تحريك اللسان فحسب، وإنما هو يقظة للضمير، وحُسن للأداء وإعطاء كل ذى حق حقه، وتجنب الأخطار والخطايا والرذائل والإسراف أو التبديد لأى مورد إقتصادى ينفع المسلمين.

العبادة

كل مسلم مكلف بأداء الفرائض الشرعية كالصلاة والزكاة والصوم والحج لمن إستطاع إليه سبيلاً، ولكن هذه العبادات لم تفرض على المسلمين عبثاً، وإنما فرضها الله سبحانه وتعالى تربية للإنسان لتهذيب نفسه وإصلاحها فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغى وأى أعمال تدميرية تخرب المجتمع الإسلامى وتعوق تنميته، والزكاة طهارة للمال وحثاً لأصحاب الملكية ورؤوس الأموال على إستثمارها حتى لا تأكلها الزكاة، والصدقة والصوم تربية وتهذيب وتعويد للنفس البشرية على الصبر والجلد ومقاومة الشهوات، والحج شرعت مناسكه للسمو بالنفس البشرية عن الأوزار والدنس.

التقــــــوى

    هى مخافة الله ومراقبته فى كافة الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة، وهى عمل إيجابى يشتمل على الإيمان بالله تعالى والعمل الصالح ومعونة الناس، وهى ضابط للسلوك الإنسانى وإقتران ذكرها بذكر كثير من فضائل السلوك كالوفاء بالعهد حيث يقول سبحانه وتعالى "بلى من أوفى بعهده وإتقى فإن الله يحب المتقين" سورة آل عمران آية 76.

    وفى الإصلاح يقول سبحانه وتعالى "يا بنى آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتى فمن إتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون" سورة الأعراف آية 35.

    وفى الإيمان والإحساس والعمل الصالح يقول سبحانه وتعالى "ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جُناح فيما طعموا إذا ما إتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم إتقواوآمنواثم إتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين" سورة المائدة آية 93.

    من خلال ما تقدم نستطيع أن ندرك بوضوح كيف أن التقوى تؤثر على تنمية الموارد البشرية فى الإسلام بإعتبارها ركيزة مهمة من ركائز التنمية الروحية للعاملين فى المجتمع المسلم وتجعل المعوق راضياً بما قسم الله له، مؤكداً أن ما عند الله خير وأبقى، ويتمتع بصحة نفسية متعادلة.

    ولعل ما جاء به الإسلام أشمل وأعمق وأعم مما تنادى به أساليب التربية الحديثة تحت إسم التربية الخِلْقِية Character Education لذوى الإحتياجات الخاصة التى تؤكد على تدريس التعاون والإحترام المتبادل، والتأكيد المستمر على رعاية الآخرين والتركيز على الفضيلة وأشكال المواطنة وقواعدها فى مجتمع عادل، وتعلم ضبط الذات والتفكير والحجج، والقيام بأبحاث لدراسة النظام الإجتماعى المعقد، وإستكشاف القيم الشخصية، والنظر فى البدائل ليقوموا بالإختيارات المستقبلية بناء على إستراتيجية تصنيف وتوضيح القيم.

2- تعزيز الإيمان بالقضاء والقدر وأثره فى نفسية المعوق

يبنى الإيمان بالقضاء والقدر على الإيمان بالله عز وجل وبأسمائه الحسنى وصفاته الكاملة التى من بينها علمه الواسع المحيط بكل شئ، وإرادته الشاملة، وقدرته الكاملة، فهو سبحانه وتعالى فعال لما يريد، قدّر الأشياء فى الأزل وعلم أنها ستقع فى أوقات معلومة عنده، وعلى صفحات مخصوصة فهى تقع حسب ما قدرها سبحانه.

    "ويمكن تعريف القدر بأنه النظام المحكم الذى وضعه الله لهذا الوجود، والقوانين العامة، والسنن التى ربط الله بها الأسباب بمسبباتها".

    ولا يجوز لعاقل أن يركن إلى التواكل إعتماداً على عقيدة القضاء والقدر، فلا يسعى فى رزقه ولا يعمل لغده ولا يسعى لعلاج من أمراض ما دام كل شئ قد قدره الله فى الأزل، ومن هنا فإنه يجب على المعوقين أن يسلكوا الجانب الطبى لعلاج أمراضهم وأن يسعوا فى هذا المجال وراء الإكتشافات الطبية الحديثه، وألا ييأسوا من رحمة الله، فعلم الغيب لا يعلمه إلا الله "عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من إرتضى من رسول" سورة الجن آية 26.

    فالإيمان بالقضاء والقدر فى الإسلام لا يدفع المعوقين إلى السلبية ولا يمنعهم من الأخذ بالأسباب، ولا يحملهم على عيشة التواكل والتمنى الفارغ، ولا تشكل هذه الإعاقة عقبة فى طريق تقدمهم وإزدهارهم كما يزعم خصوم الإسلام بل تغير أفعالهم لإستغلال بقية إمكانياتهم، والعمل بجد وإجتهاد لتحصيل العلم وتطبيقه وإستغلاله فى مهن وأعمال تُحسن من نوعية حياتهم.

    فلا يجوز أن يعتذر عن التقصير فى واجب بدعوى القضاء والقدر إذ لو صح هذا لبطلت التكاليف وكان بعث الرسل وإنزال الكتب والوعد بالثواب والعقاب عبثاً وباطلاً، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

3- تنمية روح الصبر عند ذوى الإحتياجات الخاصة

 الصبر خلق فاضل، ينبغى أن يتسلح به كافة الناس عامة، والمعوقين بصفة خاصة، فهو باعث العقل والدين فى مقابلة باعث الهوى والوسواس، وهو قوة إيجابية تدفع نفس المعوق إلى الرضى بما قدره الله والصبر عليه، فتزداد نفسه هدوءاً وسكينة وطمأنينة، وقد ربط الله سبحانه وتعالى الفلاح بالصبر والتقوى، فقال جل شأنه "يأيها الذين آمنوا أصبروا وصابروا ورابطوا وإتقوا لله لعلكم تفلحون" سورة آل عمران آية 200.

    وأخبر سبحانه وتعالى عن محبته للصابرين، فقال "والله يحب الصابرين" سورة آل عمران آية 146.

   وجعل الفوز بالجنة والنجاة من النار، لا يحظى به إلى الصابرون، قال تعالى "إنى جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون" سورة المؤمنون آية 111 وأثنى الله على نبيه أيوب عليه السلام بأحسن وأجمل الثناء على صبره فقال "إنا وجدناه صابراً نعم العبد إنه أواب" سورة ص آية 44.

    وأمر الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بالإستعانة بالصبر والصلاة على شدائد الدنيا والدين فقال تعالى "يا أيها الذين آمنوا إستعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين" سورة البقرة آية 153.

المصدر: إعداد الأستاذ الدكتور محمد سيد جميل
FAD

لاتحاد النوعى لهيئات رعاية اللفئات الخاصة والمعاقين

ساحة النقاش

FAD
الاتحاد النوعى لهيئات رعاية اللفئات الخاصة والمعاقين هيئة ذات نفع عام لا تهدف لتحقيق ربح تأسس الاتحاد عام 1969 العنوان 32 شارع صبرى أبو علم – القاهرة الرمز البريدى 11121 ت: 3930300 ف: 3933077 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,505,230

مشاهير رغم الإعاقة