كيف يعود الطفل لممارسة نشاطاته الاجتماعية؟ وكيف يمكنه أن يتعامل مع الآخرين بنجاح وسويَّة دون شعور بالنقص أو الدونية؟ في تعامل الإختصاصي الاجتماعي أو المرشد النفسي مع الطفل الـمُعاق ينبغي مراعاة ما يلي: أولاً: تقوية معنويات الطفل المُعاق والتأكيد له بأنَّه شخص مرغوب فيه من قِبَلِ أسرته ومجتمعه· ثانياً: أن يقوم بحلِّ جميع المشكلات التي تواجه المُعاق كمشكلة العزلة والانطواء· ثالثاً: حث المُعاق على المشاركة في شغل أوقات الفراغ بما يفيده· رابعاً: التعرُّف إلى الظروف السكنية للطفل المُعاق، فإذا كانت غير ملائمة وجب عليه السعي لإقناع المسؤولين بضرورة تبديل سكن المُعاق أو تبديل ظروفه البيئية والمعيشية·
واجب المجتمع
المجتمع مسؤول عن دمج هؤلاء المعاقين اجتماعياً كإنشاء مراكز التأهيل الحرفي والمهني مما يساعدهم على ممارسة حياتهم الاجتماعية بسويّة، في مثل هذه المراكز ولا سيما الورش المحلية والجمعيات التعاونية الإنتاجية ينبغي أن يتدرب المُعاقون على اختلاف فئاتهم ـ كالمكفوفين والصم والبكم والمعاقين بدنياً والمتخلفين عقلياً وشديدي العجز ـ على أنواع المهن كالنجارة والصباغة والغزل والنسيج والحياكة والتطريز والسيراميك والفخار وصناعة الورد والأحذية والجلود وأعمال الرسم والخط· وعلى المراكز تصنيف المعاقين حسب المهن، وتقديم الخدمات الفنية والإدارية والثقافية والعلمية التي يحتاجونها في أثناء التدريب، وإتاحة الفرص للمعاقين لأداء الأعمال الاستشارية والخدمات الإدارية والفنية الخفيفة في الدوائر والمؤسسات·
واجب الأسرة
أولاً: هناك علاقة قوية بين الإعاقة والصبر على الابتلاء، فإذا لم يكن لدى من لهم صلة بهم كالوالدين والأقارب إيمان بقضاء اللَّهِ وقدره، وعزيمة على الصبر، فإن الأهل يصابون بخسران ما وعدهم ربّ العالمين من الفوز العظيم والثواب الكبير· فالقرآن الكريم والسنة المطهَّرة فيهما كثير من النصوص الشرعية التي تمت إلى الصبر على المصاب، واحتساب الأجر عند الله جلَّ علاه· قال تعالى: (ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه) التغابن:11· وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: >ما يُصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا هم ولا حزن ولا غم ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه<·
ثانياً: ينبغي مساعدة الطفل المُعاق على إيجاد مخارج أو متنفسات لانفعالاته الداخلية الغاضبة، وذلك بطرق مقبولة اجتماعياً، كما ينبغي مساعدته على عدم التعرُّض للمواقف التي تثير غضبه·
ثالثاً: ينبغي أن تكون العلاقة بين الوالدين علاقة يسودها التعاون والمحبة، حتى يتمكنا من مساعدة طفلهما على النمو في جو هادئ، بعيداً عن الصراعات أو الانفعالات التي تضيف أعباءً انفعالية ونفسية على درجة إعاقته·
رابعاً: ينبغي أن نشجع الأطفال الأصحاء على أن يتعاونوا في الاهتمام بالأخ المعاق، وأن يعتادوا إشراكه معهم في ألعابهم التي يستطيع أن يشاركههم إياها دون حرج أو ملل، لأنه ينبغي على الأسرة التي لديها طفل معاق أن توفر له حياة طبيعية قدر الإمكان·
خامساً: يجب العمل على مساعدة الطفل المعاق على نمو ثقته بنفسه وعلى نمو قدراته الأساسية، فهو يحتاج إلى مساندة قوية وتشجيع من جميع أفراد الأسرة، الأمر الذي يُعينه على التقدُّم والنجاح السريع·
سادساً: ينبغي توافر المكان الفسيح ـ قدر الإمكان ـ الذي يستطيع الطفل المعاق أن يتحرك فيه بسهولة، فإنه طفلٌّ يُعاني من عدم تكامل قدراته الحركية ومن ثمَّ يصبح من الصعوبة عليه التحكم في حركاته· الأمر الذي يعرضه للسقوط وبالتالي لإصابته ببعض الكدمات، أو تحطيم بعض الأشياء، فالمكان المتسع، والأثاث القوي، واللُّعب المتينة، كلها عوامل تتيح له الفرص للنجاح·
سابعاً: على الأبوين إتاحة كل الفرص للطفل المعاق للاعتماد على نفسه، وذلك عن طريق تجنب الطلب منه القيام بعمل ما، لا يستطيع القيام به، فكلما كان العمل مناسباً لقدراته وإمكاناته، كلما تمكَّن الطفل من القيام به من دون صعوبة، كما أنه إذا احتاج مساعدة، فلا مانع من أن يقوم بها أحد الأبوين· وينبغي أن يكون التدريب على العمل واضحاً وسهلاً، مع تجنُّب التعليمات أو الإرشادات الغامضة·
ثامناً: في جميع مواقف الرعاية والتدريب للطفل المعاق ينبغي على الوالدين ملاحظته ملاحظة دقيقة، إذا ظهر عليه التعب جراء ممارسته لنشاط مُعين، ينبغي أن نعلم أن الطفل لديه استعداد للبدء في ممارسة نشاط جديد، أما إذا بدا عليه القلق أو التوتر فيجب أن نعلم أنه قد أصابه الملل، أو أنه ما طلب منه كان فوق مستوى قدراته وطاقاته
الإسلام والطفل المعاق
المجتمع المتحضر سلوكياً يسعى لحماية أبنائه الضعاف ضد الفقر والعوز والحاجة، ويوفر لهم الكفاية المادية والنفسيِّة، والإنسان خلق ضعيفاً، وهذا ما أخبر عنه سبحانه وتعالى: (وخُلق الإنسانُ ضعيفاً) النساء:28· وفي هذه إشارة إلى أن كل إنسان مهما كان سليماً فيه جانب يعتريه من الضعف والنقص، وهذه إعاقة مستمرة تختلف عن الإعاقة الظاهرة· ومن هنا ينظر الإسلام للمعاق نظرة ملؤها الاحترام لإنسانيته، ومن ثمَّ يوجب الرفق به مع مراعاة ظروفه، وأن يأخذ حقوقه كاملة بلا نقصان، وعدم جعل ضعفه موضوع سخرية أو تهكم من قبل الآخرين· كما رفض الإسلام صور التسول المقيت بكل أنواعه، حفاظاً على عدم إراقة ماء الوجه، فإنه يوفر الفرص للمعاقين للكسب بما يتناسب وقدراتهم، مع إلزام الهيئات الحكومية بأخذ ما صنعته أيديهم· وكذلك سن الإسلام تشريعات قوية منها >الوقف< وهو تخصيص جزء من الأموال لإنفاقها في صالح المسلمين ورغبة في رضى الله وقربهم منه عز وجل: (لن تنالوا البرَّ حتى تنفقوا مما تحبون) آل عمران:92·
ساحة النقاش