هل يتوقف الصراع بين المتطلبات والتقنيات فى تغيير سرعات المصاعد ؟
على ما يبدو من تتبع مراحل تطور نظام التحكم فى المصاعد ان الاشكاليه الاساسيه كانت فى تحديد الاتجاه الصحيح للحركه والاختيار بين الصعود والهبوط فيما يعرف بمنتخب الطوابق او السليكتور لتحديد موضع عربه المصعد اثناء الحركه بين الطوابق او الوقوف على طابق ما حيث كان الاهتمام منصبا حول ترقيه النظام ليراعى بعض المعايير مثل السهوله فى التركيب والصيانه وكذلك توفير الوقت والتكلفه والطاقه مما اضفى على نظام التحكم فى المصاعد ميزة وخصوصيه عن مثيله فى قيادة المحركات لباقى الانظمه الصناعيه او التجاريه الاخرى
لم يكن الاهتمام فى البدايه منصبا حول التحكم فى سرعه المصعد لان الهدف الاساسى كان مجرد التحريك بدون النظر للسرعه فاذا كان الطور الاول من المصاعد يعمل يدويا بواسطه شخص يبزل مجهودا بدنيا للتحريك فان سرعه المصعد ستكون فى حدود قدرة الشخص نفسه على التحريك فكان الهدف الاساسى فى هذه المرحله هو تقليل الطاقه البدنيه حيث استغلت التقنيات التقليديه مثل تناسب التروس وتناسب الاحمال المنتقاه من انظمه الروافع الاساسيه التى شاع استخدامها فى وقتها فى وضع النواة للانظمه الميكانيكيه لتقليل الجهد البدنى وتزويد السرعه نسبيا حيث كان هذا النظام مناسبا لظروف المرحله لندرة استخدام المصاعد وقتها حيث كانت تعتبر نوعا من الرفاهيه وحسب وقد غلب على هذه المرحله قله كثافه استخدام المصعد وقد تناولنا هذا النوع سابقا فى موضوع منفصل بعنوان كيف استطاعت التقنيات المتروكه تحريك المصعد بدون كهرباء
ومع بزوغ عصر المحركات الكهربيه حيث تستخدم الطاقه الكهربيه فى توليد الطاقه الحركيه اللازمه لتحريك عربه المصعد بين الطوابق كان الهدف الاساسى هو التحكم فى اختيار اتجاه الحركه وليس السرعه حيث تتم قياده المصعد بشكل يدوى بواسطه شخص موظف للتحكم فى تحريك المصعد فى الاتجاه الصحيح بالضغط يدويا بشكل مستمر على مفتاح الطلوع او النزول حتى الوصول لمستوى الوقوف الصحيح على الطابق المراد الوصول اليه وكان النظام السائد وقتها استغلال التقنيات الميكانيكيه السابقه ايضا للتحريك بغض النظر عن السرعه الا ان المصعد كان استخدامه قاصرا على بعض البنايات القليله للطبقه الارستقراطيه
ولكن مع تقدم الزمن والزيادة النوعيه فى استخدام المصعد لزيادة اعداد المستخدمين اصبح المصعد يستخدم لاغراض اقتصاديه فى بنايات ذات طابع اقتصادى كالفنادق او صناعى الحت علينا الحاجه الى ان يعمل المصعد بتحكم الى كامل بدون تدخل بشرى فى القياده وقد بدا هنا الشعور ببعض الضجر من المستخدمين نتيجه الاهتزاز الناتج عن بدايه التحرك من السكون بالسرعه القصوى للمحرك واستمرار الحركه حتى الوقوف على مستوى الطابق وما يترتب عليه من عدم دقه فى ضبط الوقوف لعدم التوفيق فى الانتقال من السرعه القصوى الى السرعه صفر فجأه فلابد من حدوث انزلاق نسبى للعربه نتيجه تفريغ الطاقه الحركيه الكامنه مما دعى للتفكير حول مقدرتنا على تغيير السرعه اعتمادا على تقنيات كهربيه لعدم كفائه الحلول الميكانيكيه فى نقل السرعه لتكلفه تشغيلها وصيانتها فلا يتصور استخدام نقل الحركه الميكانيكى للسيارات فى قيادة المصعد لاختلاف ودقه الابعاد واشتراط تلقائيه العمل وغياب العامل البشرى فى السيطرة
بدت الحلول الكهربيه فى صياغه الملفات الكهربيه حيث اصبح لدينا ملف كهربى خاص بالسرعه القصوى للمصعد وملف اخر خاص بسرعه اقل تتيح امكانيه احكام السيطرة نسبيا فى ايقاف المصعد على مستوى الطابق لتبديد جزء من الطاقه الحركيه لعربه المصعد فى الانتقال من السرعه العاليه الى السرعه البطيئه قبل الوصول لمستوى الطابق بمسافه مناسبه
وقد اخذت المعالجات فى هذه المرحله بعض الاشكال مثل
-وجود محرك خاص بالسرعه العاليه واخر منفصل خاص بالسرعه البطيئه
-وجود الملفين داخل محرك واحد
فى طريقه استخدام زوج من المحركات للتحكم فى سرعه المصعد كان يشترط وجود عزل ميكانيكى بينهما لارغام احدهما على التوقف عند عمل الاخر مع تأمين احكام السيطرة على الحمل اثناء الانتقال بينهما
اما فى طريقه الملفين بداخل المحرك الواحد فلسنا بحاجه الى تأمين ميكانيكى على المحرك لعزل السرعات ولكننا بحاجه الى تأمين متلامسات القدرة الكونتاكتورات المتحكمه فى توصيل تيار القدرة لكل ملف على حده بدون تداخل فى العمل تجنبا لعدم اتلاف الملفات ويكون تأمين هذه الكونتاكتورات على مستويين الاول كهربى بامرار طرف تغذيه ملف كل كونتاكتور على نقطه مغلقه للكونتاكتور الاخر والمستوى الاخر تأمين ميكانيكى بوضع حمايه ميكانيكيه بين الكونتاكتورين تسمى انتر لوك يتم بواسطتها ربط الكونتاكتورين ببعض ميكانيكا فلا يمكن ان يعملان معا فى نفس الوقت حيث يتوجب لعمل احدهما ان يكون الاخر مفصولا
ومن هنا بدت ظهور اضافات جديدة للوحة التحكم الخاصه بالمصاعد وهى قسم التحكم والقدرة الخاص بتغيير السرعه
وقد شاع اطلاق على هذا النظام نظام السرعتين حيث يغلب اعتماد تحريك المصعد اولا بالسرعه القصوى ثم يتم الانتقال الى السرعه البطيئة قبل الوصول الى مستوى الطابق بمسافه مناسبه تقارب المتر وما يتحكم فى اللحظه المناسبه لنقل السرعه هو حساس الموضع الموجود فى منتصف كل طابق فى نظام التحكم المنطقى التقليدى باستخدام الريليهات او حساس السليكتور بنظام عد النبضات كما فى انظمه التحكم المنطقى المبرمج او نظام المعالجات الدقيقه
الا ان هناك طريقه غير شائعه اعتمدت على البدايه بالسرعه البطيئه اولا لزمن معين يتم التحكم فيه بواسطه مؤقت زمنى ثم يتم الانتقال للسرعه القصوى خلال زمن الرحله ثم الرجوع الى البطئ قبل الوصول لمستوى الطابق المراد بمسافه مناسبه وكانت تستخدم هذه الطريقه لتجنب اضطراب واهتزاز بدايه الحركه بالسرعه القصوى وهى طريقه غير شائعه وربما بعضنا كفنيين لم يعمل عليها من قبل
وتجدر الاشارة هنا الى ان لكل ملف سرعه وقدرة معينه ونظرا لان ملف البطئ له قدرة اقل لذا يراعى تقليل زمن البطئ لتقليل الحمل الكهربى لعدم تعرض الملف للتلف من الاجهاد الحرارى او انهيار الملف لارتفاع سحب التيار كما يراعى تقليل هذا الزمن عدم تعرض التروس للتلف نتيجه عدم التزييت بشكل سليم اثناء الحركه بالبطئ لذا ينصح عامه بعدم تسيير المصعد لاوقات طويله على البطئ
كما يجدر الاشارة الى ان بعض انظمه تعليق حبال المصاعد تخفض السرعه القصوى لمحرك المصعد كنظام التعليق الغير مباشر حيث تحريك الطارة بعدد لفات معينه لها سيرفع الحمل الى نصف المسافه المتاحه لنظيرتها فى نظام التعليق المباشر وتؤدى هذه الطرق الى تقليل تأثير الحمل على المحرك ورفع كفائته بدون تقليل القدرة ولقد تناولنا انظمه تعليق الحبال فى موضوع سابق بعنوان كيف يتم تعليق المصاعد باستخدام الحبال الصلبه
مازالت انظمه السرعتين او السرعه الواحده مستخدمه فى البنايات قليله الارتفاع او المتوسطه منها الا ان نظام السرعتين هو الغالب حاليا لمناسبته لظروف المبنى من حيث الارتفاع وكثافه الاستخدام
الا ان اشكاليه جديده طرأت على انظمه التحكم فى سرعه محرك المصعد حيث اضطررنا الى تزويد سرعه المحرك لتناسب البنايات المرتفعه التى تزيد فيها كثافه الاستخدام ليكون المصعد قادرا على استيعاب متطلبات هذا الكم من المستخدمين فى وقت اقل
ولكن العقبه التى تواجهنا الان هى بعض المحددات الخاصه بالمحركات الترسيه فمع قدرة الحلول الكهربيه على تزويد سرعتها الا ان هذا النوع من المحركات حتى مع السرعات القليله او المتوسطه يصدر اهتزازا وضجيجا ملحوظا وسيزداد هذا الاهتزاز والضجيج اكثر فأكثر مع السرعات المرتفعه التى لم نعتاد عليها من قبل فإذا كانت المصاعد تعمل بسرعات فى حدود من ٠.٨ م/ث فى البنايات قليله الارتفاع او متر فى الثانيه فى المتوسطه منها او 2 متر او 3 متر فى المرتفعه فاننا الان بحاجه الى سرعات تزيد عن هذا الحد وربما تصل الى 18 او 20 متر فى الثانيه او اكثر فى البنايات البرجيه كناطحات السحاب حيث تصارع الدول على استحواز اعلى البنايات على مستوى العالم بشكل مستمر مما يستدعى عدم صلاحيه المحركات الترسيه لهذه المبانى نتيجه الضجيج والاهتزاز الغير متحمل وارتفاع الاستهلاك فى الطاقه الكهربيه فبدى الحل هنا فى ايجاد نوع جديد من المحركات بمعالجات ميكانيكيه وكهربيه خاصه يسمى بالمحركات اللاترسيه التى تعمل بتقنيه المغناطيس الدائم ويمكن تبسيط مضمونها الى شكل يقارب محرك مروحه التبريد حيث يتم تحميل الحمل على محور الدوران للمحرك مباشرة مع الاستغناء عن التروس وتعديل على المغناطيسيه للمحرك وتمتاز هذه المحركات بقله الاهتزاز والضجيج
ومع هذا النطاق من السرعات الذى صار يفرض نفسه اصبحنا مضطرين الى منحى جديد فى التحكم فى سرعه محركات المصاعد حيث يتوجب تخفيض سرعه بدايه تحرك المصعد الى حدود يتحملها الانسان فلا يتصور ما سيتعرض له مستخدم المصعد اذا بدأ المصعد التحرك بسرعه 20 متر فى الثانيه بشكل مفاجئ
فإذا تخيلنا تخفيض السرعه عن طريق تخفيض الجهد الكهربى فلنتصور مدى التبديد الحرارى الناتج حيث ستتحول الطاقه الكهربيه الى طاقه حراريه كبيرة وسيتأثر عزم بدء الدوران وكذلك القدرة على تحريك الحمل ولن يجدى معنا تعدد ملفات المحرك بحيث يكون معنا اكثر من سرعه وستكثر الانتقالات بينها بشكل غير لائق ولكن لا يتوقف العلم عند هذا الحد فكيف يكون الحل لهذه الاشكاليه فهذا هو غايه موضوعنا القادم ان شاء الله تعالى حيث سنتناول الطريقه الحديثه فى التحكم فى سرعه المصعد بنظام تعدد السرعات بدون اضافه ملفات اخرى داخل المحرك
ملاحظه: لم نستدعى التحكم فى سرعه ابواب المصاعد التى تعمل بمحركات كهربيه بكافه انواعها حيث تناولناها فى موضوعات سابقه مثل ابواب المصاعد الحديثه فى البنايات البرجيه عالم من الاسرار وما نود التنويه عنه ان هذه الابواب تحكم فى تطوير عملها ايضا تلك العقبات والتقنيات التى تعرضت لها محركات المصاعد ولكن ربما يكون بشكل مختلف .
م/ اسامه سيف