يمكن تعريف السموم الفطرية بأنها نواتج تمثيل ثانوية ناتجة عن نشاط الفطر في الوسط الغذائي النامي عليه وهي بالتالي ليست هامة لنمو الفطر أو لإكمال دورة حياته إلا إنها تعطيه ميزة تنافسية في الوسط الذي يعيش فيه كما أن  بعضها له  دور  في تقدم الإصابة  و ظهور الأعراض Pathotoxin وبعض هذه السموم أيضاً للعائل دور في تكوينها مع الفطر  Vivotoxin و تتوقف عملية تكون السموم وإفرازها علي نوع الفطر وطبيعة المادة الغذائية ومدي توفر الظروف البيئية الملائمة, ولقد عرفت السموم الفطرية من قديم الأزل حيث أن عمرها من عمر الفطريات علي الأرض ولكن بداية ظهور تقارير فعلية عنها جاءت في القرن السابع عشر بعد ظهور حالات الأرجوتزم Ergots والتي نشأت من وجود الأجسام الحجرية   لفطر  Claviceps purpurea   في   حبوب   الشعير  ثم  تلاها   تقرير   Cokhel  سنة 1910 ويعتبر  من أول التقرير التي نوهت عن مشكلة الأفلاتوكسين إلي أن بدأ العالم يهتم بهذه المشكلة ويعكف علي دراستها عام 1960 بعد حادثة نفوق أكثر من 100 ألف فرخ من فراخ الرومي في إنجلترا بغد تغذيتها علي علائق من الفول السوداني الملوثة بالأفلاتوكسين نتيجة لوجود فطر Aspergillus flavus  ومن وقتها وإلي الآن تم تعريف أكثر من 400 سم فطري. و تلوث المحاصيل والأغذية بالسموم الفطرية يعد من أهم المشاكل التي تواجه العالم الآن مما دعي منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية للتحذير منها إذ أن السموم الفطرية تلوث 25% من إجمالي محاصيل العالم وتكلف المنتجين 100 مليون دولار سنويا.ً

السموم الفطرية والصحة العامة

يمكن تقسيم السموم الفطرية من حيث تأثيرها علي صحة الإنسان والحيوان إلي ثلاثة مجا ميع رئيسية :

·    مجموعة السموم التي تتعامل مع الجهاز الهضمي ويكون أغلب تأثيرها علي الكبد وهي تضم نسبة كبيرة من السموم الفطرية وأهمها مجموعة الأفلاتوكسين.

·        مجموعة السموم التي تتعامل مع الجهاز البولي وخاصةً الكلى وأهمها الأوكراتوكسين.

·        مجموعة السموم التي تتعامل مع الجهاز التناسلي ولها تأثير أستروجيني ومنها الزيرالينون ومشتقاته و الترايكوسيثين.

الأفلاتوكســيـــن Aflatoxin

إفراز الأفلاتوكسين يتم في البذور الزيتية بصفة عامة مثل الفول السوداني, القطن, اللوز, الذرة...إلخ عن طريق أربع أنواع من فطريات الأسبرجلليس هم Aspergillus flavus, A. parasiticus, A. tamari, A. nomius حيث تحمل الجين المسئول عن الإفراز (Af1r) ويعتبر فطرى Aspergillus flavus, A. parasiticus, والمعروفين باسمAspergillus flavus group    أهمهم وأوسعهم انتشاراً وتتم عملية الإفراز في مرحلة ما قبل الحصاد وتستمر تحت الظروف السيئة في المخزن وأثناء الشحن للتصدير. وتعتبر ارتفاع رطوبة البذرة أغلى من 12% وتوافر رطوبة نسبية 85%  و  درجة حرارة من30 إلى 535 م هي أنسب الظروف الملائمة لعملية الإفراز.

وتعد الأفلاتوكسين من أهم السموم الفطرية لما لها من أثار ضارة على صحة الإنسان والحيوان وقد تعرف العالم علي الأفلاتوكسين في أوائل الستينات بعد حادثة نفوق 100000 من  فراخ الرومي في إنجلترا بعد التغذية على أعلاف فول سوداني ملوثة بالأفلاتوكسين ومن وقتها و إلي الآن تم إكتشاف 18 نوع من الأفلاتوكسين منهم أربعة انواع رئيسية B1,B2,G1,G2 وأخطرهم وأكثرهم تواجداً B1 (جدول 2) وقد سميت بالأفلاتوكسين نسبة إلي أهم فطر مفرز لها وهو فطر Aspergillus flavus  حيث A  أول  حرف  من  أسم الجنس  و fla  أول حروف النوع أما Toxin فهي  تعني سم أما الأحرف الخاصة بالأنواع فذلك تبعاً لإنعكاساتها الطيفية عند تعرضها للـ UV حيث التي تعطي اللون الأزرق تأخذ B والتي تعطي اللون الأخضر تأخذ G وأخطرهم علي الإطلاق هو B1 كما أن هناك أنواع تنتج من تمثيل الأفلاتوكسين داخل جسم الحيوان وتتواجد داخل الألبان وتمثل خطورة عالية خاصة علي الأطفال مثل  M1وM2ولخطورة الأفلاتوكسين اهتمت الدول بوضع اللوائح والقوانين التي تنظم عملية الإستيراد لتؤمن المنتج السليم والآمن صحياً لمواطنيها حيث أن هناك ما يربو علي مائة دولة في العالم من سنة 1963 وحتى أخر تقرير لمنظمة الصحة العالمية في هذا الصدد الذي صدر عام 2003  قامت بتنظيم آلية دخول المواد الغذائية والمحاصيل الزراعية إلي أسواقها  بحيث تكون آمنة صحياً من أي تلوث بالأفلاتوكسينوفي أفريقيا فقط خمسة عشر دولة هي التي تسن قوانين تنظم دخول المحاصيل الزراعية ومنتجاتها الغذائية حتى تضمن أن تكون آمنة من الأفلاتوكسين من بينها مصر وتمثل جملة السكان التي تستفيد من هذه القوانين في أفريقيا بالنسبة للعالم فقط 8.2%  .

 

وبالنسبة للتأثيرات الصحية لها علي الإنسان والحيوان فنجد أن جسم الإنسان يدخل إليه الأفلاتوكسين إما بطريق مباشر بالتغذية علي محاصيل زراعية ملوثة أو منتجاتها الغذائية أو عن طريق غير مباشر عن طريق التغذية علي منتجات حيوانية ناتجة من حيوانات سبق تغذيتها علي أعلاف ملوثة بالسموم الفطرية ويعتبر الطريق الغير مباشر هو الأخطر خاصةً علي الأطفال.

الأفلاتوكسين  وصحة الحيوان:

تتفاوت الأنواع المختلفة في درجة حساسيتها لحالات التسمم الحادة بسموم الأفلاتوكسين وتتراوح قيم الجرعات النصف مميتة بين 0.3 إلي 17.9 ملليجرام/كجم من وزن الجسم تبعا ًلنوع الحيوان. ويعتبر الكبد هو أكثر الأجزاء تأثرا. ولقد أثبتت الدراسات التي تمت علي حيوانات المزرعة حدوث تليف للكبد مع تكتلات دهنية وتضخم القنوات المرارية لكلا ًمن الدجاج والبط, أما بالنسبة للخنازير فتحدث بؤر صديدية في الكبد مع تحلل دهني وتليف. وقد أوضحت بعض الدراسات الأخرى أن لها تأثير علي الطحال والكلي والرئتين حيث يحدث بهم نزيف وبقع دموية. هذا وقد اجتمعت كل الأبحاث حدوث سرطان كبدي لكل حيوانات المزرعة خاصة إذا تناولت الأفلاتوكسين عن طريق الفم. إلي جانب ذلك فإن للأفلاتوكسين تأثير تيراتوجيني حيث ينتقل تأثيره الضار من الأم إلي الجنين خلال فترة الحمل مما يؤدي إلي حدوث تشوهات وموت للأجنة كما وجد للأفلاتوكسين تأثير ميتاجيني حيث يؤثر علي الكروموسومات محدثاً لها إنكسارات وتحلل في التركيب الكيماوي للكروماتين وخلل في توريث الصفات وإحداث طفرات. ولابد من ملاحظة أن تأثيرات الأفلاتوكسين الهستولوجية علي الجسم تأثيرات غير عكسية أي بمجرد حدوثها لا يستطيع الجسم الإستشفاء منها أو العودة للحالة الطبيعية.

الأفلاتوكسين  وصحة الإنسان:

المعلومات التي نشرتها الوكالة الدولية لأبحاث السرطان تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك إيجابية العلاقة بين هضم الأفلاتوكسين وحالات سرطان الكبد في الإنسان وقد تكرر تسجيل هذه العلاقة في كثير من المجتمعات حيث أكدتها دراسات تمت في تايلاند وكنيا وموزمبيق وأوغندا وكلها أثبتت الارتباط بين تلوث الأغذية بالأفلاتوكسين وحالات سرطان الكبد الأولي وقد أظهرت الدراسات أيضاً مدي التلازم بين الإصابة بفيروس إلتهاب الكبد الوبائي وبين هذه الحالات.إلي جانب تأثيره علي الكبد فقد أكدت العديد من التقارير التي نشرت منذ سنة 1966 العلاقة بين تلوث الأغذية بالأفلاتوكسين و ظهور حــالــة رآى (Reye`s syndrome) والتي تتميز بحدوث تحلل دهني للأمعاء حيث وجدت تركيزات من أفلاتوكسين  B1 في عينات دم المصابين.

وللأفلاتوكسين حالات إصابة وبائية للجنس البشرى أهمها ما حدث في الهند في أواخر سنة 1974 حيث إنتشرت  إصابة وبائية بيرقان الكبد نتج عنها نسبة عالية من الوفيات بلغت 200 حالة وشملت 150 قرية في مقاطعتين بشمال الهند ودخل علي أثرها 1400 حالة المستشفيات وكلها كانت ناتجة من التغذي علي ذرة مخزن وملوث بالأفلاتوكسين. حيث أوضحت التحليلات تلوثه بتركيزات تتراوح بين 0.25 إلي 15.6 ملليجرام  أفلاتوكسين   B1/  كجم ذرة كما أن  من التأثيرات المزمنة للأفلاتوكسين تليف الكبد. إلي جانب هذا للأفلاتوكسين دور في الإصابة بسرطان الرئة وإن كانت الأبحاث لم تستطع تفسير كيفية وصوله إلي رئة الإنسان هل عن طريق الدورة الدموية أم عن طريق الاستنشاق من الهواء و له أيضاً دور في إحداث سرطان المعدة والأمعاء. 

المصدر: د. عماد الدين يوسف محمود -باحث بمعهد أمراض النبات- مركز البحوث الزراعية
EmadQotp

Prof.Dr. Emad El-Din Yousef Mahmoud

ساحة النقاش

أ.د. عماد الدين يوسف محمود قطب

EmadQotp
أستاذ دكتور بمركز البحوث الزراعية المصري - معهد بحوث أمراض النباتات ماجستير فسيولوجي نبات- دكتوراه في امراض النباتات التخصص الدقيق امراض الفطريات والسموم الفطرية Email: [email protected] »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,049,176

الأمراض الفطرية