من قديم الازل جُبل الانسان علي البحث منذ ان وطئت قدمه الارض وهذا ما ساعده علي البقاء والتطور خلال الأزمنة المتعاقبة وبعد ظهور المنهجية وإكتساب طرق البحث الصبغة العلمية ظهر ما يعرف بالبحث العلمي وهو بإختصار البحث المبني علي منهجية ومرجعية يمكن الإرتكاز عليها في مصداقية النتائج ومدي امكانية تطبيقها ويعد البحث العلمي الركيزة الأساسية لتحقيق التقدم في أي مجال، والزراعة ليست استثناءً. في مصر، ويعتبر البحث العلمي الزراعي حجر الزاوية في تطوير القطاع الزراعي المصري فهو يوفر الأساس العلمي اللازم لاتخاذ قرارات مستنيرة وتطوير استراتيجيات فعالة لزيادة الإنتاجية الزراعية وتحسين جودة المحاصيل ويكتسب البحث العلمي الزراعي أهمية خاصة نظرًا لدوره الحيوي في:
<!--تحسين إنتاجية المحاصيل وجودتها.
<!--زيادة الانتاج الزراعي بما لا يخل بمقدرات البيئة (التنمية المستدامة).
<!--مكافحة الآفات وانتاج الأصناف المقاومة.
<!--تطوير أساليب زراعية مستدامة ومقاومة للتغيرات المناخية.
<!--ابتكار حلول لمشكلات الري وإدارة الموارد المائية.
<!--تعزيز الأمن الغذائي وتقليل الاعتماد على الواردات.
<!--دعم الاقتصاد الوطني من خلال زيادة الصادرات الزراعية.
ولتحقيق هذه الأهداف، نحتاج إلى تضافر الجهود بين الجامعات ومراكز البحوث والقطاع الخاص. متمثلاً في قطاع الاستثمار الزراعي وشركات التكنولوجيا الزراعية وذلك للمساعدة في توفير الأدوات والتقنيات اللازمة لدعم البحث العلمي وتطبيق نتائجه على أرض الواقع.
ومن هذا المنطلق ركزت استراتيجية التنمية في معظم البلدان النامية ومن بينها الدول العربية منذ بداية السبعينيات على تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي باستخدام سياسات مصممة للوصول الى اقصى درجات الانتاج المحلي للمحاصيل الزراعية الغذائية الرئيسية وذلك باتباع سياسة زراعية قوامها استخدام التكنولوجيا الحديثة والدعم الكبير الذي تمنحه للمزارع والقطاع الزراعي. خاصة ونحن في عالم يتم استعمال الغذاء كسلاح في الصراعات السياسية والاقتصادية والعسكرية، حيث ان البلد الذي لا ينتج غذاءه لا يستطيع بالضرورة تأمين ما ينقصه من تلك المواد حتى ولو امتلك المال، ولذا فان توفير الغذاء والمواد الاولية للصناعة من مصادر محلية يعد هدفاً استراتيجياً ووطنياً ومحققاً للأمن القومي.
وتعتبر مصر من الدول الرائدة في هذا المجال ولم تبتعد عن السير في هذا الركب واتضح هذا في آلية وضع السياسات و القوانين المنظمة للعمل في قطاع الزراعة المصري . وبدخول تعريف التنمية المستدامة إلي حيز التطبيق في كثيراً من الدول المعنية بالمستقبل وبأداراة مواردها سعت مصر لتحديث آلياتها ليتماشي مع أهداف التنمية المستدامة وزيادة المخرجات بما لا يتناقض مع الإخلال بمقدرات وموارد البيئة المصرية للحفاظ علي مستقبل آمن للاجيال القادمة.
وبالرغم من التقدم الملحوظ في مجال البحث العلمي الزراعي في مصر، إلي انه لا تزال هناك تحديات يجب مواجهتها لتحقيق رؤية مصر (2030) والتي تشمل الأتي:
<!--تطوير الكوادر البشرية المتخصصة في قطاعي البحث العلمي و التكنولوجيا الزراعية
<!--تعزيز التعاون بين الجامعات و المراكز البحثية والقطاع الخاص.
<!--الحاجة إلى زيادة الاستثمار في البنية التحتية البحثية.
<!--تحسين آليات نقل التكنولوجيا من المختبرات إلى الحقول.
وبالرغم من كون هذه التحديات تمثل عقبات لابد من تخطيها لإتمام عملية التنمية إلا انها تمثل أيضًا فرصًا كبيرة للابتكار والنمو. من خلال الاستثمار في البحث والتطوير وتبني التكنولوجيا الحديثة مما يمكن مصر بأن تصبح رائدة إقليميًا في مجال الزراعة المستدامة.
وعلي هذا الاساس تتبنى مصر عدة استراتيجيات للتنمية الزراعية المستدامة، تعتمد بشكل كبير على نتائج البحث العلمي. من أهم هذه الاستراتيجيات:
<!--ترشيد استهلاك المياه في الزراعة حيث يركز البحث العلمي على تطوير تقنيات ري حديثة وأنظمة إدارة مياه متطورة.
<!--استصلاح الأراضي مع التركيز على استخدام تقنيات زراعية مناسبة للبيئات الصحراوية.
<!--تطبيق تكنولوجيا الزراعة الحديثة باستخدام التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي في إدارة المزارع وتحسين الإنتاجية.
<!--تحسين جودة البذور والأصناف النباتية عن طريق تطوير أصناف محاصيل جديدة تتميز بإنتاجية عالية ومقاومة للأمراض والظروف البيئية القاسية.
<!--تعزيز الزراعة العضوية بالتوسع في الزراعة العضوية بما يتوافق مع الطلب المتزايد على المنتجات الصحية والصديقة للبيئة.
ولابد من أيضاح ان هناك كثيراً من التطبيقات التي تمت من خلال البحث العلمي في قطاع الزراعة استطاعت أن تعطي المردود المطلوب في التنمية الزراعية المستدامة يمكن ذكرها في الأتي علي سبيل المثال لا الحصر:
<!--استخدام الأقمار الصناعية لمراقبة صحة المحاصيل ومكافحة الأمراض.
<!-- مكافحة الآفات بإستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والمركبات النانونية.
<!-- استخدام أنظمة الإنذار المبكر للتنبؤ بالامراض وبالظواهر المناخية الشديدة.
<!--تطوير أصناف محاصيل مقاومة ومتحملة للجفاف والحرارة العالية لمجابهة التغيرات المناخية
<!--ابتكار لأنظمة ري ذكية توفر المياه بنسبة تصل إلى 30% مقارنة بأنظمة الري التقليدية
<!--تطبيق الأسمدة والمبيدات بدقة باستخدام الذكاء الاصطناعي
<!-- تطبيق تقنيات الزراعة العضوية لتحسين خصوبة التربة وتقليل استخدام الأسمدة الكيماوية.
<!--تحليل البيانات الضخمة لاتخاذ قرارات زراعية مستنيرة باستخدام الذكاء الاصطناعي.
<!--تفعيل دور الذكاء الاصطناعي والزراعة الرقمية من خلال الإدارة الدقيقة للمدخلات.
وهنا يظهر أهمية البحث العلمي والتكنولوجيا في إعطاؤنا تنمبة زراعية مستدامة توفي إحتياجاتنا ولكن لكي يستمر العمل بهذا السياق لابد ان يتوازي معه مسيرة تطوير للبحث العلمي تتلخص في النقاط التالية:
<!--دعم التمويل: زيادة التمويل للباحثين والمشاريع البحثية سيتيح للعلماء التركيز على اكتشافاتهم بدلًا من القلق على الموارد المالية.
<!--التعاون الدولي: العمل مع باحثين من دول أخرى لتبادل المعرفة والخبرات وتحقيق اكتشافات مشتركة.
<!--تعزيز التعليم: تأهيل الطلاب والباحثين بأفضل أساليب البحث العلمي وتشجيع الفضول والابتكار في المناهج الدراسية.
<!--البنية التحتية: تطوير وتحديث المختبرات والأجهزة البحثية لتحسين جودة البحث ونتائجه.
<!--الاستفادة من التكنولوجيا: استخدام التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والتحليلات الرقمية الكبيرة لدعم الأبحاث وتقديم رؤى جديدة.



ساحة النقاش