محمد رفعت - خاص
- ألف المخرج الكبير الراحل صلاح أبو سيف كتابًا قبل وفاته بأعوام قليلة، يحكى فيه قصته مع نقاد أفلامه، ويفضح من كادوا أن يتسببوا بهجومهم العنيف ضده في اعتزاله مهنة الإخراج بعد أول فيلم.
وحكى في الكتاب عن قصته مع الناقد السيناريست أحمد صالح رئيس قسم الفن في جريدة أخبار اليوم، والذي لم ير في أي فيلم من أفلام رائد السينما الواقعية الرائع التي قدمها خلال أربعين عاما - هو عمره الفني - ما يستحق الإشادة أو المديح، لمجرد أن صلاح أبو سيف رفض أن يخرج فيلمًا كتب هذا الناقد له السيناريو والحوار، فظل يضمر له هذه الواقعة ويهاجم أي فيلم يضع أبو سيف اسمه عليه كمخرج، ولكن أبوسيف تحدث في الكتاب بحب واحترام عن نقاد آخرين، لا تقودهم المصالح، ولا تلون أقلامهم الأهواء، وعلى رأسهم الناقد السينمائى المحترم الراحل سامى السلامونى.
الغريب أن آفات النقد السينمائي وعيوبه التي تحدث عنها أبو سيف في كتابه غير المسبوق، تتكرر الآن، بعد أن اختلطت الأوراق، وأصبحت الكتابة للسينما أحد أهم مصادر "الاسترزاق" بالنسبة لعدد غير قليل من المحررين والنقاد الفنيين، لدرجة أن أحدهم لم يخجل من كتابة نقد سينمائي عن فيلم من تأليفه كال فيه لنفسه المديح والثناء، في الوقت الذي يهاجم فيه أفلامًا أخرى للمنتجين والمخرجين الذين لا يتعامل معهم، ويستغل قلمه فى ابتزازهم، فإما أن يسندوا له تأليف الأفلام وإما أن يهاجمهم ويشهّر بهم.
ولم يتورع كاتب صحفى آخر، وهو فى نفس الوقت سيناريست ، ويكتب عمودًا صحفيًا يوميًا فى جريدة خاصة، وأقصد بالطبع عن أن يهاجم ناقدًا سينمائيًا آخر كبيرًا، يشاركه الكتابة فى الصحيفة نفسها، لأنه تجرأ وهاجم فيلمًا من أفلامه، أو انتقد إدارة مهرجان القاهرة السينمائى، لأنها اختارت هذا الفيلم التجاري لتمثيل مصر في المسابقة الرسمية للمهرجان العام الماضي، واستخدم الصحفي السيناريست ألفاظًا قاسية وتلميحات مهينة في وصف غريمه الناقد الكبير، الذي اعتذر عن عدم الاستمرار في الكتابة للجريدة، ثم تراجع لأسباب غير معروفة، وتجددت المعركة بين الاثنين مؤخرًا بسبب شاعرة مدحها الناقد، وسبت هي السيناريست، فاندلعت حرب شرسة بين الاثنين.
وإذا كان الناقد كالقاضى في المحكمة فلا يجوز أن ينظر في قضية تخصه وتمس معالمه بشكل أو بآخر، فالأجدر بالاحترام والأقرب للمنطق والعقل، أن يتوقف نقاد السينما عن تحليل الأفلام، بمجرد أن ينضموا إلى أصحاب الصنعة، ليس فقط لأن "عدوك هو ابن كارك"، ولكن أيضًا لأن شهاداتهم فى هذه الحالة ستكون مجروحة، كما أن علاقاتهم بالمخرجين والنجوم وشركات الإنتاج يجب أن تفرض عليهم عدم الاقتراب من تلك المناطق المحظورة، حفاظًا على أكل عيشهم، وطمعًا في الاستمرار والسعى للرزق أو الاسترزاق.
وحتى يحدث ذلك، فلا تسألوا عن مستوى النقد السينمائي، أو عن الهوة الشاسعة بين ما يقرأ الجمهور عن الأفلام في الصحف والمجلات، وبين المستوى الحقيقي لها والذي يشاهدونه بأنفسهم في قاعات العرض.
المصدر : مصراوي
ساحة النقاش