هل تعتبر سيناء سلة لرغيف الخبز ورفع المعاناة عن المواطن المصرى
خاصة بعد التوقعات بالتغيرات المناخية و غرق الدلتا
اننى عاشقة لسيناء قبل أن
أكون احد المتخصصين الاكاديمين فى الزراعة..واحلم كل عام أثناء احتفالاتنا بالعبور الحربى أن أري العبور الأخضر بأن ارى الضفة الشرقية للقناة وقد كستها الخضرة مثل الضفة الغربية .. وان أشاهد المحاصيل المختلفة من القمح ، والشعير والذرة ,وأشجار الفاكهة المختلفة وشباب الخريجين وهم يحصدون ..وأتعجب من بقاء الحال علي ماهو عليه رغم مضي 37 عاما علي العبور العظيم ورفع العلم المصري فوق ارض الفيروز ..ثم توقيع معاهدة السلام وتحرير سيناء الغالية من دنس الصهاينة ..وإذا نظرنا إلى قضية تعمير سيناء بعين الجدية نجد أنها ليست قضية تنموية فقط لكنها تمثل في المقام الأول قضية أمن قومي . وتحول هذا الحلم لواقع تدريجيا بعد الآمال التى وضعت على دخول مياه النيل من خلال ترعة السلام إلى ارض الفيروز والتى من المتوقع استصلاح ما يقارب من 400 ألف فدان . ولكى يتحقق هذا الحلم كاملا لابد من استغلال هذه المساحات بمحاصيل إستراتيجية تحل أزمة عالية الشدة تجتاحنا وتشرف ان تهوى بنا الى هوة سحيقة. فتظل قضية تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح فى بؤرة الاهتمام وهو الغذاء الذى لا يمكن الاستغناء عنه خلال ال 24 ساعة التى نعيشها مقارنة بأشجار الفاكهة والخضروات . فسيناء بها من المقومات الزراعية التى يجعلها تستوعب التوسع الافقى والراسى لزراعة القمح وحل مشكلة الغذاء الأولى فى مصر هذا علاوة على أن استخدام التكنولوجيا الحديثة مثل آلات التسطير فى الزراعة لرفع الكثافة النباتية ترفع إنتاجية الفدان من 8 الى 18 إردب بالإضافة الى زيادة فى حمل التبن لان التقييم الاقتصادي لاى محصول زراعى لا يتم على المحصول الرئيسى فقط بل كل ما ينتجه الفدان من الكتلة الحيوية ، كما ان الأبحاث العلمية اوضحت فى نتائجها ان الرى التكميلى من 1-3 ريات خلال مواسم انخفاض معدلات الأمطار ترفع الإنتاجية بنسبة 40% فما بالنا لو اعتمدنا على الرى بمياة ترعة السلام وخصصت أفدنة لزراعة القمح لأصبحت سيناء بالفعل سلة لتغذية المواطن المصرى وتحل أزمتنا فى الاستيراد للاقماح الصالحة او الغير صالحة للاستهلاك الآدمى. وتزداد اهمية التوسع فى زراعة القمح بسيناء الى الآثار السلبية للتغيرات المناخية على مصر والزراعة المصرية، وسط توقعات بانخفاض إنتاجية مصر من المحاصيل الإستراتيجية كالقمح والذرة والأرز بنسب تصل إلى ما يقرب من 20%، وهجرة 8 ملايين نسمة من سكان الدلتا وتدمير ربع الأراضى الزراعية بهذه المناطق، وذلك حسب تأكيدات بعض التقارير الرسمية . حيث يعد تغير المناخ مشكلة عالمية طويلة الاجل تنطوي على تفاعلات معقده بين العوامل البيئية و بين الظروف الاقتصادية والسياسية و الاجتماعية و التكنولوجية حيث ان التغير المناخي وما سيصاحبه من تسارع وتغير غير مسبوق في ارتفاع درجة الحرارة وتناقص في معدلات هطول الامطار وتغير في توزعيها المكاني سيكون له مردود متفاوت من منطقة لأ خرى وحتما سيغير من التركيب المحصولى من منطقة لاخرى وبما اننا نقع في منطقة حزام الصحاري التي تتميز اصلا بندرة في أمطارها
و عشوائية في توزعها و كمياتها فانه من المتوقع ان تتأثر بشكل كبير بهذه التغيرات المناخيه. كما انه من المتوقع ان تأتي هذه التغيرات مصحوبه بانماط جديدة لسقوط الامطار و احداث طقس اكثر تطرفا بما في ذلك الفيضانات و حالات الجفاف. هذا علاوة على أن ارتفاع درجات الحرارة سوف يؤدى إلى زيادة البخر وزيادة استهلاك المياه ، مما يعطينا مؤشرا لضرورة التجهيز لمواجهة هذه الأزمة بإعداد أراضى الاستصلاح لاستيعاب زراعة المحاصيل الإستراتيجية والتى تتحمل ظروف الجفاف الموجودة والمتوقعة بعد ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الاستهلاك المائى من مياة النيل .
وما يزيد من اهمية سيناء فى حل مشكلة الغذاء الرئيسية بمصر ما أطلعتنا عليه نتائج الأبحاث العلمية بامكانية ان يخلط دقيق الشعير العاري مع دقيق القمح مما يعطي خبزا ذا جودة عالية تفوق الخبز الناتج عن خلط دقيق القمح مع الشعير المغطى (العادي) أو الناتج عن دقيق القمح فقط, نظرا للقيمة العلاجية الكبيرة لدقيق الشعير العاري والذي يحتوي على العديد من المركبات الغذائية المهمة مثل الكربوهيدرات والدهون والعناصر المعدنية كما يحتوي على نسبة عالية من البروتين والحمض الاميني اللايسين، وهو حمض لازم لبناء خلايا وانسجة الجسم. كما ترتفع به نسبة الالياف الغذائية اكثر من الشعير المغطى. وأكدت الابحاث ان هذه الالياف تفيد في علاج القولون العصبي وقرحتي المعدة والامعاء وترتفع به ايضا نسبة الالياف الغذائية الذائبة مما يفيد في خفض نسبة الكوليسترول في الدم، الامر الذي يجعل هذا الخبز علاجا لمرضى تصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم مما يعني ان الخبز الجديد من القمح والشعير العاري سيكون غذاء وعلاجا في مصر. كما تؤكد الابحاث ان هذا الشعير الجديد قوي التحمل للظروف الصعبة بدرجة تفوق أي محصول آخر، حيث يتحمل الملوحة في التربة والمياه وقلة الخصوبة والجفاف. وبدأت زراعته في مصر في 350 الف فدان بالساحل الشمالي الغربي في مصر وحوالي 150 الف فدان في شمال سيناء. ومن هنا تصبح ثانية سيناء بزراعة القمح والشعير العارى المتنفس الوحيد امامنا لحل مشكلة الغذاء وتوفير رغيف الخبز للمواطن المصرى.
فأرض سيناء واعدة باستصلاح ملايين الأفدنة فيها لتتحول من الأصفر إلى الأخضر الزاهى، بلون سنابل القمح، فهى تحتاج إلى نظرة شاملة وإرادة قوية من الحكومة، تتيح لها آفاقا مفتوحة للمستقبل، تحرير سيناء تم إلى آخر حبة رمل منها، والسيادة المصرية انبسطت على كامل ترابها، لكن يبقى أن تقول التنمية كلمتها، فالتنمية هى ترجمة السيادة فعليا على الأرض
.
إن بلادنا تحتاج إلي إعلان برنامج قوي واسع النطاق لاستزراع الصحراء قمحاً
وشعيراً.. إن الشعوب العظيمة هي التي تتصدي لمشاكلها بحلول عظيمة.. وقد آن الأوان أن يأكل شعبنا من يديه لا من عمل الغير، وأن يدفع عن نفسه تحكم الإرادة الأجنبية في لقمة عيشه ومصير حياته
.
ساحة النقاش