اللغة وعاء يصب فيه الإنسان أفكاره، ومعتقداته، ويعبر به عما يجول بخاطره من تصورات ومعان، فحواس الإنسان تستقبل المثيرات الحسية (مرئية / مسموعة) وتتفاعل مع ما بها من عواطف، وانفعالات وخبرات، فتتكون مهارات اللغة (استماع، كلام، قراءة، كتابة)، وتنشأ المدركات وتتراكم الخبرات من خلال الملاحظة التي يعتبرها بعض أساتذة التربية الفن الخامس من فنون اللغة، كما أن اللغة من أهم المعايير التي تقاس بها حضارة الأمم من حيث التأثير، والتأثر.

    وتكتسب اللغة العربية أهميتها من كونها لغة القرآن الكريم، وعلى من يرغب فهم القرآن الإلمام بها، وحتى يتثنى له ذلك عليه بفهم النحو الذي يعتبره بعض النقاد أهم علوم العربية على الإطلاق؛ لأن استقامة الكلام ، والقراءة ، وسلامة الكتابة، وفهم المراد من النص متوقف على علم النحو، وهذا ليس لغيره من علوم العربية، فمن خلاله يستطيع المرسل توضيح ما يريده للمستقبل، وإذا تمكن من ذلك كان أكثر تأثيرا في الآخرين، ولذلك قال ابن حيوس:

إذا أنشدت كادت لفرط بيانها    تعيها القلوب قبل وعي المسامع

    والنحو ليس غاية في حد ذاته؛ لأن الاتجاهات الحديثة في تدريس اللغة تدرسها على أنها فنون متتالية(استماع، كلام، قراءة، كتابة)؛ فالإنسان يسمع ليَفهم، ويتحدث ليُفهم، ويقرأ ليتحدث بطلاقة، ويكتب ليحتفظ بحديثه، ومن الملاحظ أن النحو لم يدخل في أركان هذه المتوالية، ولكنه العنصر الخفي داخل هذه المنظومة، لأنه وسيلة لضبط الكلام، وصحة النطق والكتابة، فهو المايسترو الذي ينظم العلاقات بين فنون اللغة جميعها0

    وعلى الرغم من هذه الأهمية تعالت الصرخات من ضعف المستوى اللغوي عامة، ومستوى التلاميذ في النحو خاصة، وقد يعود هذا الضعف إلى عدة أسباب منها:

1. حرص جامعي النحو على جمع كل ما قيل عن النحاة، جعل المادة مليئة بالحشو الممل، والمُعجز حينما يطلب من التلميذ الإلمام بآراء النحاة، فيطالب التلميذ بحفظ الرأي مع اسم صاحبه0

2. حرص بعض المعلمين على التكسب من النحو جعلهم يفرطون في جمع الغريب المهجور منه، إما بسبب تعرف أبعاده ، أو بسبب تعجيز غيرهم حتى تظهر براعتهم0

3. تجاهل اللغة الفصحى والتعامل بالعامية في المجتمعات العربية، مما أدى إلى استغراب العربية بين أبنائها0

4. الشعور بجفاء مادة النحو لبعد أمثلتها عن الواقع، حيث يعاب على النحاة ذكر زيد وعمر،وفي ذلك قال إعرابي لأحد النحاة:

لست للنحو جئتكم        لا..ولا فيه أرغب

خل زيدا لشـأنه        حيث ما شاء يذهب

5.  حرص بعض المعلمين أن يحفظ التلميذ القاعدة والأمثلة دون فهم0

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: كيف يمكن تذليل هذه الصعوبات؟

والإجابة لها شقان: شق خاص بواضعي المناهج، وهذا يحتاج إلى فرق عمل لاختيار المادة السلسة بعيدا عن كثرة الآراء، فمثلا في حالة اجتماع الاسم مع اللقب إن كانا مفردين بدلا من قول: قال الكوفيون والزجاج:  يجوز إتباع اللقب للاسم، ويجوز إضافة الاسم للقب، وقال البصريون: يجب الإضافة، فيكون التلميذ مطالب بحفظ كل رأي لصاحبه، يقال هناك رأيان: الرأي الأول: يجوز إتباع اللقب للاسم، ويجوز إضافة الاسم للقب، والرأي الثاني يجب الإضافة، والأفضل أن يقال: يجوز إتباع اللقب للاسم، ويجوز إضافة الاسم للقب فقط، وبذلك يعفى التلميذ من حفظ الرأي لصاحبه، كما يحتاج أيضا اختيار الوسائل وطرائق التدريس، وتدريب المعلمين عليها، وقد يتضمن ذلك مسرحة بعض قواعد النحو، أو صياغتها على شكل أشعار سلسة يمكن تلحينها وترديدها مع الأطفال.

والشق الثاني: خاص بالأسرة، فلم يعد التعلم قاصرا على المدرسة وحدها، ولكن يجب أن يكون هناك تفاعل بين المدرسة والمجتمع بما فيه الأسرة، وفيما يلي بعض الأساليب التي يمكن من خلالها تذليل هذه الصعوبات:

أساليب تذليل صعوبات النحو:

1. وجود القدوة الحسنة من الآباء، فإذا كان الأب متمكنا من اللغة مستخدما لها في حياته العملية رغب الطفل في تقليده، ويمكن للآباء ذلك من خلال كثرة القراءة، ومناقشة المادة المقروءة أمام الأطفال، ويمكن للآباء افتعال مشادة كلامية بسبب مسألة نحوية، وتوضيح أبعادها من خلال العودة إلى أحد كتب النحو، لأن المشادة سوف تثير انتباه الأطفال، مما يجعلهم يتتبعون سير المناقشة، ويكتشفون أن حل المشكلة كان من خلال العودة إلى أحد الكتب، وحين تدرس لهم القاعدة ذاتها في المدرسة سيتذكرون المشادة الكلامية بين الأب والأم؛ فترسخ القاعدة في أذهانهم.

2. جعل النحو وظيفيا باستخدامه في مواقف الحياة المختلفة، فيمكن للأم من خلال سيرها مع الطفل في الشارع أن تعلمه طريقة إلقاء الأسئلة والإجابة عنها، فقد تشير بيدها إلى القطار وتقول للطفل: ما هذا؟ فيجيب الطفل قطر، فتقول له لا ، هذا قطار، وبالطريقة ذاتها يمكن أن تعلم الطفل الفرق بين النكرة والمعرفة، حيث تأتي بقطة مرباة في المنزل، وتشير إلى قطة أخرى موجودة في الشارع، وتسأله ما هذه؟ وما هذه؟ فيقول القطة أو قطتي، وقطة، فتقول له ما الفرق بينهما؟ وتوضح له أنه الحق "ال" التعريف بقطته أو أضافها لنفسه؛ لأنه يعرفها فهي معرفة بالنسبة له، أما القطة الثانية فلم تلحق بها أل التعريف لأنه لا يعرفها فهي نكرة بالنسبة له، ويمكن إتباع الطريقة ذاتها في تعليم الطفل أسماء الإشارة والضمائر، والأعداد وغيرها من القواعد، والأهم من ذلك استخدام الأسماء التي ترد في الأمثلة من البيئة المحيطة، فإذا كان للطفل أخ اسمه أحمد حينما يعود من المدرسة تقول الأم: عاد أحمد من المدرسة.

3.  تعويد الطفل على فهم معنى الجملة أولا حتى يستطيع إعرابها، ولا مانع من توضيح أركان الجملة الفعلية، والجملة الاسمية، وعرض بعض الجمل عليه كالتالي:

أكل فهمي الأسد

أكل الأسد فهمي

وتقول له: ما الفرق بين الجملتين من حيث الإعراب، وتوضح له أن كلمة "فهمي" في الجملة الأولى مفعول به مقدم لأن المفعول به هو ما وقع عليه فعل الفاعل، وليس من المنطقي أن يأكل فهمي الأسد، ولكن المنطقي أن يأكل الأسد فهمي، أما فهمي في الجملة الثانية، فإعرابها مفعول به، وكذلك الحال في قوله تعالى:" إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ"فالمنطق يقتضي أن يخشى العلماء من الله- تعالى-، فالعلماء فاعل.

4. استغلال هواية الطفل في ترغيبه في النحو، فإذا كان الطفل يحب الرسم، تعرض الأم عليه مجموعة من الصور المرتبطة ببعضها ، وتطلب منه التعليق عليها بكتابة جمل، أو كلمات، والعكس يمكن أن تعرض عليه قصيدة أو قصة وتطلب منه رسم صورة لها، وإذا كان الطفل يحب الألعاب يمكن أن تأتي له بالألعاب اللغوية مثل المكعبات المكتوب عليها كلمات، وتطلب منه تكوين جمل، وتحدد نوعها(اسمية/فعلية)،ثم تنظر لما كتبه، وتوضح له ما إذا كانت الجمل مفيدة أم لا، فإذا كانت مفيدة سميت "كلاما" ، وإذا كانت غير مفيدة سميت"كلم"، ويمكن أن ترسم جدولا وتضع فيه كلمات لها علاقة ببعضها كالتالي:

·      اعرض الجدول على الأطفال، واطلب منهم حفظ ما به من كلمات، واعطهم فرصة تأملها، ثم امح الكلمات من الجدول، واطلب منهم كتابة الكلمات في الجدول مرة أخرى مصنفة، افحص كتاباتهم، ونوه عن أن كل منهم أعاد تصنيف الكلمات طبقا لمحك يعرفه، مثل الزمن أو المعنى أو نوع الكلمة:

ناقش مع الطفل سبب اختيار الكلمات، وتكون الإجابة في اختيار الكلمات المتعلقة ببعضها كالتالي:

وإذا كان الطفل يحب الشعر، ترسم له جدولا، وتضع فيه كلمات بيت الشعر غير مرتبة كالتالي:

·       أعد ترتيب الكلمات الموجودة في الجدول التالي لتعرف ما قاله الشاعر:

وسيشعر الطفل بالسعادة حينما يصل للترتيب السليم للبيت:

تلك الطبيعة قف بنا يـا سـارِ       حتى أريك بديع صنع الباري

5.                  توقف الأم في قراءة القصص للطفل عند بعض الكلمات، وتظاهرها أنها لا تعرف معناها، ثم تجرد الكلمات، وتكشف عنها في المعجم أمامه، حتى يشعر الطفل أن الكشف عن الكلمات في المعجم يحل له مشكلة فهم الكلمات الغامضة في القصة التي يرغب تتبع أحداثها، ويعرف طريقة الكشف في المعجم0

6.                                                                    يمكن للأم أن تكتب في ورقة الجملة التالية:

هذه سيدة الغناء العربي

وتضع مجموعة من البدائل مثل:

وردة- فايزة - أم كلثوم

وتطلب منه استبدال سيدة الغناء العربي بأحد البدائل، وبعد أن يجيب تقول له: إذا قلنا هذه سيدة الغناء العربي أم كلثوم، نعرب أم كلثوم بدل من سيدة الغناء العربي حيث جاز استبدالها بها، ولم تتأثر الجملة لأن سيدة الغناء العربي هي ذاتها أم كلثوم .

7. استغلال برامج الكمبيوتر المختلفة في معرفة ضبط أواخر الكلمات، فيمكن للأم أن تتظاهر بإعراب آية من القرآن، وتطلب من الطفل البحث لها في برنامج إعراب القرآن الكريم عما إذا كان إعرابها صوابا أم خطأ، لأن ذلك يعوده الاستعانة بهذه البرامج، ويشعره بالبهجة حيث حل لوالدته المشكلة، ووضح لها ما غمض عليها.

8. استغلال حب الطفل للشعر والقصص، والوقوف عند بعض ألفاظ الشعر أو القصة محاولة لإعرابها، وتوضيح وزنها.

9. إدخال بعض المادة النحوية في كلمات الأغاني التي تغنيها الأم للطفل في المنزل مثل أغنية " ب أ " لمحمد فوزي.

    وبما أن المنظومة لا تكتمل بدون المعلم، فهذه بعض التدريبات اللغوية التي يمكن للمعلمين الاستعانة بها والإضافة إليها فيما يلي:

التمرين الأول: أدوات الربط:

· هناك أدوات للربط بين الجمل، وهي ما يسمى بحروف العطف مثل: الواو، والفاء، وثم، وأو، وبل، ولكن، وحتى، وإنما، وهناك أدوات للربط بين الكلمات: وهي ما يسمى بحروف الجر مثل: من، إلى، عن، على، في، الكاف، اللام، الباء.

وهناك ربط يحدث من خلال التجاور الذي يتحقق من خلال تتابع الكلمات، والجمل، ويحدث بأن تشير في الجملة التالية إلى كلمة موجودة في الجملة السابقة ( الضمير العائد على كلمة )  مثل الهاء، واو الجماعة، ألف الاثنين، والروابط الانتقالية مثل، إذن، هكذا، ومن ثم، مثلا، على سبيل المثال، على سبيل الإيضاح، إلى هذا الحد، على الجانب الآخر، ثم بعد ذلك، علاوة على ذلك، فضلا عن، بالمثل، بالإضافة إلى، إضافة إلى، كذلك، أخيرا، أيضا، في النهاية،  لذلك، بسبب ذلك، ختاما، تلخيصا، خلاصة القول، هكذا، وفقا لذلك، على ذلك، بمعنى آخر  في كلمات أخرى، من الناحية الأخرى، ومع ذلك،  بالرغم من ذلك، على الرغم من ذلك، على العكس تماما، لا يزال، حتى الآن، كيفما، مهما، من ناحية أخرى، فوق ذلك.

تابع النص المعروض على شاشة الكمبيوتر:

   يحكى أن عبد الله بن جعفر مر.. طريقه .. أرض ذات نخيل، نزل يستريح

.. كان راعي الأرض غلام أسود

دخل كلب إلى هذه الأرض..دنا..الغلام..أخرج له الغلام رغيفا..التهمه

الكلب سريعا..تكررت هذه العملية.

    قام عبد الله..سأل الغلام: كم طعام...كل يوم؟

قال: هو ما رأي.. ثلاثة أرغفة.

 .. تعجب عبد الله،..قال: لماذا أعطيتها كلها للكلب؟

   قال: يا سيدي إن أرض..ليست أرض كلاب، عرفت أن الكلب جاء من مكان بعيد، هو جائع، كرهت أن أرده رحمة به.

    قال عبد الله: هل ستقضي يومك كله دون طعام؟

قال: نعم.

    أعجب به عبد الله، واشترى ـ هو النخل ـ أعتقه، وهب له الأرض.

س 1ـ ماذا فهمت من هذه القصة؟

والآن تابع القصة مرة أخرى ولاحظ الفارق:

    يحكى أن عبد الله بن جعفر مر في طريقه على أرض ذات نخيل، فنزل يستريح وكان راعي الأرض غلام أسود

    فدخل كلب إلى هذه الأرض ودنا من الغلام، فأخرج له الغلام رغيفا؛ فالتهمه الكلب سريعا، وتكررت هذه العملية.

    فقام عبد الله، وسأل الغلام: كم طعامك في كل يوم؟

قال: هو ما رأيت ثلاثة أرغفة0

    فتعجب عبد الله ! وقال له: ولماذا أعطيتها كلها للكلب؟

   قال: يا سيدي إن أرضنا ليست بأرض كلاب، فعرفت أن الكلب جاء من مكان

 بعيد، وهو جائع، فكرهت أن أرده رحمة به0

    فقال عبد الله: هل ستقضي يومك كله دون طعام؟

قال: نعم0

    فأعجب به عبد الله، واشتراه ـ هو والنخل ـ وأعتقه، ووهب له الأرض كلها0

س2 ـ

أ ـ ما الذي اختلف في هذه القصة؟ اكتب الأدوات التي جعلت القصة تختلف0

.....................................................................

ب ـ ما اسم الأدوات التي استخرجتها؟

س3ـ أدخل أدوات الربط التي أتيت بها في جمل من إنشائك بحيث تكون بها موضوعا متماسكا بقدر الإمكان.

تابع - باقي المحاضرة في الملف المرفق.