المَرْصَد مبنى أو معهد علمي يعمل فيه علماء فلكيُّون لدراسة الشمس والكواكب والنجوم والأجرام السماوية الأخرى الموجودة في الكون. كما يفحص هؤلاء العلماء الصور المختلفة للطاقة التي تنتشر في الفضاء على هيئة إشعاع، بما في ذلك موجات الرَّاديو والأشعة السينية. ويدرس علماءُ الفلك أيضًا سلوك الذرات في الفضاء الفسيح بين النجوم ، وكذلك سلوكها تحت تأثير درجات الحرارة المرتفعة في باطن النجوم نفسها.


وهناك نوعان رئيسيان من المراصد: المراصد البصـرية، تستخدم تلسكوبات بصرية لدراسة الضوء. ومراصد راديوية، تعتمد على تلسكوبات راديوية لدراسة موجات الراديو ورصدها. تستخدم التلسكوبات البصرية أدوات كالمرايا والعدسات للحصول على صور مُكَبَّرة واضحة للأجرام البعيدة، مستعينة في ذلك بآلات التصوير لتسجيل ما تشاهده بالتلسكوبات. أما التلسكوبات الراديوية فتستخدم الهوائيات الضخمة لالتقاط موجات الراديو من الفضاء. وتحوي المراصد أيضًا آلات تصوير وأجهزة كشافة إلكترونية تُسجل المعلومات التي تجمعها التلسكوبات البصرية والراديوية. وتقوم أجهزة الحاسوب في معظم الأحيان بتوجيه التلسكوبات وتجميع البيانات وتحليلها للحصول على المعلومات
وتُشيَّد المراصد في الأماكن التي تتوافر فيها شروط الرؤية الواضحة والرصد الجيّد بعيدًا عن الأضواء المُبهرة، وعن التقلّبات الجوية الحادة التي تعكر صفو الجو وتبدِّد هدوءه، مثل الضباب والعواصف التي تُثير الغبار والدُّخان وغير ذلك من مُلوِّثات الهواء. ومن أجل ذلك، تقام المراصدُ البصريّة غالبًا على قمم الجبال العالية، حيث السماء صافية في معظم الأوقات. أما المراصد الراديوية فتوجد عادةً في الوديان حيث تعمل المرتفعات المحيطة بها على حمايتها من تداخل موجات الإذاعة والتلفاز التي تنتشر بكثرة في المدن والأماكن المأهولة بالسكان.

وتقوم الجامعات عادةً بتشغيل المراصد. ومن هنا، فإن العاملين فيها هم علماء من أعضاء هيئة التدريس وطلبة في الدراسات العليا والبحوث ممن يتخصصون في علوم الفلك. ولأن بناء المراصد وتجهيزها وتشغيلها من الأمور المكلفة للغاية، فإن الحكومات والمؤسسات الكبيرة والشخصيات الغنية تقوم بدعم الكثير من المراصد

المراصد البصريَّة. يوضع التلسكوب في المرصد البصريّ تحت قُبَّة ضخمة بها فتحات كبيرة، لحماية التلسكوب من الظروف الجوية. وتستخدم في المراصد محركات كهربائية وقواعد متحركة، لتوجيه التلسكوب وإبقائه في الاتجاه المطلوب رصده تمامًا، وذلك خلال دورة الأرض حول محورها.

وتستخدم هذه المراصد نوعين رئيسيين من التلسكوبات البصرية: تلسكوبات عاكسة، تعتمد على مرآة أو مجموعة من المرايا المقوّسة لتجميع الضوء القادم من الأجرام السماوية وتكوين صور واضحة لها، وتلسكوبات كاسرة، تكوِّن صورًا بانكسار الضَّوء، وتعتمد في ذلك على مجموعة من العدسات.




وتستخدم معظم المراصد البصرية التلسكوبات العاكسة التي تكون عادةً أكبر من التلسكوبات الكاسرة. ويُعَدُّ تلسكوب هيل في مرصد بالومار من أكبر التلسكوبات العاكسة في العالم، حيث يزيد قطر مرآته على 510سم. ويقع مرصد بالومار بالقرب من مدينة سان دييجو في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية.

وتحتاج التلسكوبات الكاسرة التي تعتمد على انكسار الضوء إلى عدسات ضخمةٍ خاليةٍ من عيوب الإبصار. ولكن مثل هذه العدسات صعبة التصنيع باهظة التكاليف. وبالإضافة إلى ذلك، فإن مثل هذه العدسات الكبيرة تمتص جزءًا كبيرًا من الضوء الذي تجمعه عندما ينفذ خلالها لتكوين الصورة. ويُعدّ تلسكوب مرصد يركز المقام على خليج وليمز بولاية وِسكنسن الأمريكية أكبر تلسكوب في العالم من هذا النوع، حيث يبلغ قطر عدسته مترًا واحدًا (قارن ذلك بمرآة التلسكوب العاكس التي يبلغ قطرها 510سم).

وكثير من الصور التي تظهر خلال التلسكوبات البصرية تكون معتمة بحيث لايمكن رؤيتها مباشرة. ونتيجة لذلك، فإنه نادرًا ما يقوم الفلكيون برصد الأجرام السماوية بمشاهدتها من خلال التلسكوب، بل يعتمدون على الصور الضوئية التي يحصلون عليها بتعريض ألواح ضوئية حساسة للضوء الخافت الخارج من التلسكوب. فعند تعريض الألواح الضوئية للضوء فترةً طويلةً من الزمن تتكون صور واضحة . وهناك نبائط تصوير إلكترونية متطورة يستخدمها الفلكيون في رصد أجرام قليلة الوهج. انظر: التلسكوب.

ويستعمل علماء الفلك في المراصد البصرية جهازًا يسمى مرسمة الطيف لفصل الألوان المختلفة التي تكوّن ضوء النجم. وتنشر مرسمة الطيف، التي يمكن استخدامها مع التلسكوب، ضوء النجم داخل الطيف (خطوط ألوان). ويستطيع العلماء تحديد مكونات النجم من هذا الطيف. ويستخدم المقياس الكهروضوئي لقياس شدة لمعان النجم. ولهذا المقياس مرشحات تمكنه من التعامل مع لون واحد من الضوء في كل مرة.

وهناك مراصدُ شمسيةٌ يختص العلماء العاملون فيها بدراسة الشمس. وفي هذا النوع من المراصد، لابُدَّ من عمل احتياطات خاصة للتقليل من تأثير حرارة الشمس على عملية الرَّصْد، حيث تنشأ من حرارة الشمس تيارات من الهواء الساخن بالقرب من سطح الأرض تسبِّب تشوُّه صور الشّمس. ولذلك، تُقام معظم المراصد الشمسية فوق أبراج عالية لتفادي تأثير تيارات الهواء الساخن بالقرب من سطح الأرض.



مقياس التداخل الراديوي يتكون من تلسكوبات عديدة متصلة بعضها ببعض، بحيث ترصد نفس الجسم في الوقت نفسه. وتتم معالجة وتجميع الإشارات الصادرة من كل تلسكوب، وذلك لتكوين صورة واحدة للجسم أكثر تفصيلاً من أقوى التلسكوبات الفلكية.
المراصد الراديوية. تتركب التلسكوبات المستخدمة في معظم المراصد الراديوية من هوائي ضخم، على شكل طبق عاكس كبير، يلتقط موجات الراديو ويجمعها. ويتصل بالطبق جهاز استقبال راديو يلتقط إشارات الراديو التي تصل إلى العاكس ويكبرها. ويعكف العلماء على دراسة هذه الإشارات وتحليلها لمعرفة درجة حرارة وتركيب الأجرام السماوية التي تصدر عنها تلك الموجات.

ولما كانت الأطباق العاكسة لهوائيَّات التلسكوب الراديوي أكبر من العدسات أو المرايا المستخدمة في التلسكوبات البصرية، فقد أصبحت التلسكوبات الراديوية قادرة على رصد أجرام سماوية متناهية في البعد ودراستها. وهي أجرام لم يكن من المستطاع رصدها بالتلسكوبات البصرية. ويبلغ قطر عاكس تلسكوب مرصد أريسيبو 300م، وهو أكبر تلسكوب راديوي في العالم. وهذا التلسكوب مقام في بلدة أريسيبو في بورتو ريكو.

ويمكن توصيل عدد من التلسكوبات الراديوية بعضها ببعض لتكوين ما يسمى مقياس التَّداخُل الراديوي. وهذا المقياس يعطي صورًا أوضح بكثير من أي تلسكوب مُفْرَد مهما كان حجمه أو قدرته. وهناك تلسكوب تداخُلٍ قوي جدًا بالقرب من بلدة سوكورو بولاية نيو مكسيكو الأمريكية يعرف باسم المنظومة الكُبْرى، ويقوم بتشغيله المرصد الفلكي الراديوي الوطني. وتتكون هذه المنظومة من 27 عاكسًا قطر كل منها 25 مترًا. أما الصور ذات التفاصيل الأكثر دقَّة، فيمكن الحصول عليها بوساطة منظومة من عدد كبير من التلسكوبات الراديوية موزَّعةً على أماكن متباعدة؛ فتقوم كلها برصد جرم واحد، وكذلك تُسجِّل إشاراتها في وقت واحد ثم ترسلها إلى حاسوب ليدمجها ويكون منها صورة واضحة.

المصدر: منتديات الاسمر
  • Currently 180/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
60 تصويتات / 2721 مشاهدة
نشرت فى 7 سبتمبر 2010 بواسطة Egypt-Telescope

ساحة النقاش

Ahmed Mokhtar Abd El-fattah

Egypt-Telescope
General Manager »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

326,404