خلصنا في المقال السابق الى أن مفهوم النفس ليس مرادفاً للروح وليس مرادفاً للعقل .. وحتى نفهم الموضوع من أساسه وجب أن نعرف أن أي ذات إنسانية على إختلاف توجهاتها أو دينها أو عرقها تتكون من ثلاث قوي .. هي العقل والروح وقابليات الفطرة ، ونحن نعرف ماهية العقل ذلك المكون المُدرِك في الذات الإنسانية ، أما الروح ( وحتى نأتي لها تفصيلا وإسهاباً بعد ذلك ) فهي المكون النقي الموصول بقوة غيبية ملهمة ( هو الخالق سبحانه طبقاً للديانات السماوية ، وهي قوة لها طبيعة خاصة في ديانات أو توجهات متعددة ، كما يظن أصحاب هذه التوجهات والديانات) داخل الذات .. أما قابليات الفطرة فهي الإستعدادات الخام المهيئة للتدريب والتهذيب والنمو ، وتعبير قابليات يفيد خاصية البداءة والفطرية ، ويعني الإستعداد القابل للإثراء ، ومنها القابليات الأخلاقية ، والقابليات الجمالية ، والقابلية للتدين ..الى آخر الإستعدادات التى تهئ الإنسان للمعيشة على الأرض والقيام بالمهام المنوطة به ..هذه هي قوى الذات الإنسانية التى يتعرض كل منها للتربية والتعليم والخبرة والمران الحياتي عبر نشئة الطفل حتى يصل الى مرحلة الحُلم فتتمايز النفس فيه ، فيتم تكليفه ويتحمل مسؤليته أمام الله وذاته والمجتمع .. إذا نحن نتباين في نمط النفس بتباين مستوي ونشاط المكونات الثلاث فينا .. فهناك الإنسان الذي ينحو العقل عنده ويتجه للا معقول ، مثلاً ، فيكون السلوك خالى من إشعاعات الروح ، وتتأثر قابلياته على نحو سالب ، وهكذا يكون على العكس من ذلك إنسان ذو نفس متوازنة المستوي لتوجهات المكونات الثلاث ، فيكون العقل موضوعياً متأثراً بالنشاط الروحي العالى ، فيسمو العقل ويتبصر الإنسان قابلياته وإستعداداته ليوظفها على نحو سوي .. من هنا جاء التباين في النفوس ، وهذا طبيعي ، ليتوافق مع مبدأ الثواب والعقاب في الآخرة .. لذلك قلت في البوست السابق أن الحساب للنفس وليس للروح ، والموت للنفس وليس الروح ، والتهذيب للنفس وليس الروح ، حتى النوم للنفس وليس الروح .. وللحديث بقية ..
ساحة النقاش