authentication required


د. سماح محمد لطفي محمد عبد اللطيف
 
توجد العديد من الوظائف السلبية للأسرة تجاه الابن المعاق عقلياً والتي من أهمها أساليب التنشئة الاجتماعية الغير سوية من الأسرة تجاه الابن المعاق والتي تتراوح من الإيذاء البدني والنفسي وإهمال أو عزل الابن المعاق من الأسرة عن والمجتمع، هذا وتقوم الخصائص الأسرية بدور كبير فى التأثير سلباً على استعداد الأسرة لرعاية الابن المعاق والقيام بوظائفها تجاهه ومن هذه الخصائص الأسرية: انخفاض المستوي التعليمي للأسرة، قلة الدخل الاقتصادي، الاضطرابات النفسية والصحية التي يعاني منها الوالدان.

1 - أساليب التنشئة الاجتماعية غير السوية تجاه الأطفال المعاقين عقلياً:


يتعرض الأطفال المعاقون عقلياً إلي العديد من أساليب التربية والتنشئة الاجتماعية غير السوية فى البيئة الأسرية والمدرسة وتتفاوت هذه الأساليب من العنف والإساءة البدنية والنفسية إلي إهمال المعاق عقلياً ونبذه انفعالياً ونفسياً.
وتعد الإساءة للأطفال واحدة من أخطر الظواهر التي تجتاح أي مجتمع من المجتمعات، وتعد الإساءة الموجهة ضد الطفل المعاق من أخطر أنواع الإساءات الموجهة للأطفال نظراً لما لها من آثار سيئة عليه حيث يتحول الطفل إلي موضوع لعدوانية الكبار جسمياً وانفعالياً مما ينعكس سلباً على صحته النفسية حيث يتحول إلي الجنوح والعدوانية.


هذا ويتعرض الطفل إلى أنماط من الإساءة داخل نطاق الأسرة حيث يعرف العنف الأسرى على أنه استعمال القوة المفرطة ضد أحد أفراد الأسرة بالقدر الذي يسبب الأذى الجسيم أو الموت ، والعنف الأسرى على هذه الشاكلة لا تقره الشرائع السماوية ولا القوانين الوضعية ولم تعرفه تقاليد المجتمعات العربية القائمة على أساس الأسر الممتدة التي تربط بين أفرادها المحبة والاحترام المتبادل وفي ظل متغيرات العولمة أصبحنا جزءا من المنظومة الكلية للمجتمع الدولي ، فالأسرة العربية أخذت طريقها إلى الانفتاح على العالم الخارجي من خلال الدراسات التي تنتشر عن العنف الأسرى في المجتمعات العربية ، وتشير كثير من الدراسات إلى ارتفاع معدلات العنف الأسرى في المجتمع العربي ورغم ذلك نجد أن الإحصائيات المنشورة عن العنف الأسرى لا تشكل كل النسب الحقيقية وهذا يعود لعدة أسباب منها: أن المجتمع العربي مجتمع محافظ ومترابط يهتم بسمعة العائلة ورد الفعل الاجتماعي على أي تصرف سلبي يحدث في الأسرة حتى لو وصل إلى حد العنف وبالتالي تستطيع الأسرة خاصة رب الأسرة احتواء أي بوادر للعنف الأسرى ويتم حل المشكلة دوما بحيث لاتصل إلى علم السلطات ولا تسجل فى السجلات الرسمية  ( 3).

وقد أكدت دراسات متعددة علاقة الارتباط بين الإعاقة والعنف ففى دراسة حديثة حول العنف الذي يتعرض له المراهقين فى عينة من المجتمع فى محافظة بنى سويف أجرتها منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع كلية الطب ووزارة الصحة والسكان , تمت دراسة إنتهاك المراهقين بدنيا وعاطفيا وجنسيا في عينة مختارة عشوائيا في بني سويف خلال عام 1998 , و العينة تتألف من 555 من طلاب المدارس بعمر وسطى مقداره 15.6 سنة, وقد أجرى لكل مراهق فحص طبي حيث بلغ معدل انتشار انتهاك المراهقين 36.6 % وكان معدل الانتهاك العاطفي 12.3% ,والجسدي 7.6 %  , والجنسي 7.0 % والانتهاك المتعدد 9.7 %  , أما عن أسباب الإنتهاك الجنسي فكانت : الطفل المفرط النشاط , الطفل المعاق , الأم اللا مبالية ، تأخر ترتيب الطفل في قائمة أشقائه في الأسرة والطفل المهزول . أما عن أسباب الانتهاك الجسدي فكانت عدم مبالاة الأم، ودرجة تعليم الأم ، والإصابات,  في حين كانت أسباب الانتهاك العاطفي هي: الازدحام ، والمرض وسوء المعاملة من قبل المعلم , وقد أبلغ عن سلوك يتسم بالعنف في أكثر من 20 % من المراهقين الذين تعرضوا لانتهاك عاطفي أو جنسي. وتوصى الدراسة انه علي أرباب المهن الطبية في البلدان النامية إعداد إستراتيجية فعالة للتدخل في أمثال هذه الحالات ( 4).

وتوجد العديد المداخل النظرية التي تفسر العنف ويهمنا منها نظرية الحرمان البيئي حيث ترى هذه النظرية أن البيئة التي لا تشبع احتياجات أفرادها ينتج عنها شعور بالحرمان يدفع الأفراد دفعا نحو العنف فمثلا هناك كثير من المناطق تعاني من الحرمان البيئي ويمكن على سبيل المثال ملاحظة أن صعيد مصر كبيئة تعاني من الحرمان مقارنة بالوجه البحري في كثير من الخدمات والمرافق والاستثمارات ولذلك انتشر العنف في الصعيد أكثر من الوجه البحري  (5 )  .

2 - أساليب التنشئة الاجتماعية القائمة على الإساءة الجسدية للمعاق عقلياً:-


إن إساءة معاملة الأطفال ظاهرة سلبية لها آثار مستقبلية على الصحة النفسية والعقلية للطفل بوجه عام وللطفل المعاق بوجه خاص، كما أن العنف الموجه ضد الأطفال المعاقين ذهنياً قد يطور حالاتهم العقلية إلي الأسوأ بحيث تصل إلي مراحل متقدمة ومستعصية على العلاج فى حالة تعرضهم المتكرر والإساءة من قبل الأسرة أو المدربين فى مراكز التأهيل والمدرسين فى المدارس الخاصة نتيجة إخفاق الفئات السابقة فى التعامل مع حاجات ومتطلبات أبنائهم من ذوي الإعاقات المختلفة عموماً والعقلية منها تحديداًن ويؤكد الباحث أن هناك بعض الأبحاث والدراسات أشارت إلي أن الأطفال المعوقين عقلياً هم أكثر الفئات تعرضاً للعنف والإساءة نتيجة أن هذه الإعاقة قد تكون مصدر للضغط والتوتر للأسرة والمدرسين( 6).

ا - مفهوم الإساءة للأطفال :
يقصد بالإساءة بوجه عام أنها تصرف يحدث فى محيط الطفل الصغير أو الكبير والذي يعوق جهوده فى أن يصبح إنساناً، ويتضمن هذا المفهوم صور متعددة للإساءة للطفل مثل العدوان الجسدي أو النفسي أو الاعتداء الجنسي أو التحرش والاستغلال والإهمال , وتنقسم الإساءة إلي عدة أنواع أساسية وهي كالآتي :-
إساءة جسدية,إساءة نفسية وانفعالية,إهمال الطفل , عزل الطفل من الأسرة والمجتمع.

ب - مفهوم الإساءة الجســـدية:
أفعال يقوم بها الوالدان أو أحدهما تتسم بالعنف الموجه نحو الطفل مما يؤدي لإصابته بأذى جسدي، ومن المظاهر الشائعة لهذه الإساءة (الكدمات - التجمع الدموي - الحروق - الجروح - الخدوش) فى أماكن مختلفة من الجسم , وتوجد عدة سمات لها :أن يتوافر تعمد  فعل الإساءة, أن تكون متكررة. , أن تكون ردة العقل عنيفة لأي سلوك يصدر عن الطفل سلبياً أو إيجابياً, هذا وتنتشر إساءة المعاملة الجسدية بين أسر الأطفال المعاقين عقلياً بصورة أكبر من الأسر العادية اعتقاداً منهم أن هذا هو أسلم طرق التربية وضبط سلوك الطفل(7 ) .
وقد قامت منظمة اليونيسيف بالتعاون مع المجلس القومي للطفولة والأمومة بدراسة ظاهرة (العنف الموجه ضد الأطفال فى مصر) أشارت نتائجها إلي أن حوالي 37% من الأطفال يتعرضون للضرب من خلال أبويهم ، و26% من الحالات التي تبلغ عن السلوكيات العنيفة الموجهة ضدهم تحدث لهم إصابات بدنية ، كما تحدث حالات إعاقة دائمة ناتجة عن استخدام العنف البدني فى التعامل مع الأطفال ، وفى مستويات العنف الشديدة يمكن أن يؤدي العنف إلي الموت والجروح والكسور , كما أن العنف يتسبب فى إحداث العديد من الآثار الاجتماعية والنفسية السلبية لدي الأطفال ويعطل نمو شخصياتهم، ويدمر ثقة الطفل بنفسه وتقديره لذاته واستعداده لكي يكون أباً صالحاً فى المستقبل , وقد يؤدي بهم للإحباط والانتحار فى حياتهم المستقبلية ، وتضيف الدراسة نقطة هامة وهى أن العنف في مراحل حياة الطفل الأولي فى الأسرة قد يكون غير مرئياً أو مخفياً وذلك لخوف الأطفال من الإبلاغ عن صور الانتهاكات البدنية التي يتعرضون لها فى هذه الأماكن ومن ثم يعاني الطفل من الآثار السلبية للانتهاكات البدنية والنفسية مع عدم استطاعته الإفصاح عنها ( 8).

ويذهب الخبراء الدوليون العاملون في اليونيسيف أن علاج ظاهرة العنف أو ما أطلقوا عليه تحطيم دائرة العنف يتم من خلال توعية الآباء والأسر حول الآثار المترتبة على العنف ضد الأبناء وتنمية وسائل التنشئة أو العقاب التي لا تعتمد على العنف ، سن التشريعات القانونية التي تهدف لإيقاع عقوبات قانونية ضد كل من يمارس العنف ضد الأطفال ، كذلك من خلال إدراك أن العنف الموجه ضد الأطفال هو عنف موجه ضد المجتمع ككل، وهو فعل إجرامي من الممكن السيطرة عليه من خلال إدراك فكرة أن السلام يعد من أهم الحقوق الإنسانية وهذه المسئولية تقع على عاتقنا جميعاً ( 9).

ج - العوامل المؤدية لإيقاع الإساءة البدنية على الطفل المعاق :-
تشير العديد من الدراسات إلي تعرض فئة المعاقين بوجه عام والمعاقين عقلياً بوجه خاص إلي أنماط مختلفة من الإيذاء البدني والنفسي، وتشير كذلك إلي أن أسباب تعرض هذه الفئة للإيذاء إما تتعلق بخصائص الأسرة أو الطفل أو بكليهما معاً , وهى كالتالي :

- الخصائص الأسرية المؤدية إلى إيقاع العنف البدني والنفسي على الإبن المعاق عقلياً :-
توجد بعض العوامل الاجتماعية والثقافية المرتبطة بالأسرة تؤدي إلى تعرض الابن المعاق للإيذاء البدني لعل أهمها: انخفاض المستوي الاجتماعي للأسرة , العزلة الاجتماعية أو انسحاب الأسرة من التفاعل الاجتماعي والذي يميل إلي الزيادة بتقدم عمر الطفل ، النظرة الغير واقعية لمستقبل الابن، نظرة المجتمع السلبية للإعاقة وللمعاق ، المعتقدات الثقافية المرتبطة بالإعاقة العقلية والتي غالباً ما تؤدي إلي ارتباط الإعاقة العقلية بمفهوم الوصمة الاجتماعية ، انخفاض مستوي الدعم الاجتماعي داخل وخارج الأسرة مما يسبب ضغوطاً ومشكلات وتوترات زائدة تقع على عاتق الأسرة (10 ).

كذلك يتأثر احتمال تعرض الطفل للإساءة بسبب تعرض الأبوين أو احدهما لإساءة المعاملة في مرحلة الطفولة أو مشاهدتهم للعنف الأسرى , ونعني بها أن يكون الآباء قد تعرضوا هم أنفسهم إلي العنف والإساءة فى طفولتهم مما يجعلهم أكثر ميلاً واستعداداً إلي إسقاط تجاربهم السلبية على أطفالهم وبوجه خاص آباء الأطفال المعاقين عقلياً( 11) ، كما يؤثر انخفاض المستوي الاقتصادي الاجتماعي للأسرة مثل البطالة ، الفقر ، العزلة الاجتماعية بصورة مباشرة أو غير مباشرة علي حدوث إساءة معاملة الأطفال من خلال تأثيرها السلبي علي الصحة النفسية للآباء ، كذلك تزيد بعض خصائص الطفل مثل ( النوع ، العمر ) من احتمال التعرض لإساءة المعاملة بل وتكرار التعرض لها,  فصغار الأطفال والإناث ذوي الحالات المزاجية أو المشكلات السلوكية أكثر عرضة لإساءة المعاملة والإهمال( 12) , كما أن الوضع الاجتماعي للأسرة ونعني بها حدة المشاكل والخلافات الأسرية بين الزوجين يؤدي لزيادة الضغط والتوتر داخل المنزل مما قد يؤدي إلي إيجاد مواقف انفعالية وتوترات تدفع الآباء إلي تفريغ شحنات الغضب فى أبنائهم وبالتالي وقوعهم فى دائرة الإيذاء والعنف البدني، وإذا كان هذا الأمر يتم مع الأطفال الأصحاء الأسوياء فإنه من المتوقع أن تزيد احتمالية إيقاع الإساءة البدنية على الطفل المعاق عقلياً لا سيما وأن كلا من الأبوين يحمل الآخر المسئولية عن الإعاقة الخاصة بالطفل (13 ).

- الخصائص العقلية والسلوكية للمعاق المؤدية لإيقاع الإساءة البدنية عليه :-
توجد بعض الخصائص العقلية للطفل المعاق عقليا تعتبر من العوامل المسئولة عن إيقاع الإساءة البدنية والنفسية على الطفل المعاق , فقد أثبتت العديد من الأبحاث النفسية والتربوية أن المعاقين عقلياً يتعرضون للإساءة أكثر من غيرهم من الأطفال لوجود عدة عوامل تساعد على تعرض هذه الفئة للإساءة ومنها:-
إن المعاقين عقلياً أقل قدرة على الدفاع عن أنفسهم مادياً , كما أنهم أقل قدرة على تفسير حقيقة الإساءة, إن هذه الفئة غير قادرة على التفرقة بين الاتصال المادي المناسب وغير المناسب سواء نفسي أو جنسي, إن هذه الفئة أكثر اعتماداً على الآخرين للمساعدة أو الرعاية ولذلك يكونوا أكثر ثقة فى الآخرين وتكون ترجمتهم للاعتماد والثقة هو الخضوع والاستجابة(14 ).
وتشير دراسة أخرى إلي أن هناك العديد من السلوكيات الخاصة بالأطفال المعاقين ذهنياً الذين تعرضوا لإيقاع الإساءة البدنية عليهم، ففي دراسة للباحثة " لينة أبو شريف 1991"، لعينة من الأطفال المعاقين ذهنياً الملتحقين بمدارس التربية الفكرية فى عمان توصلت إلي أنه من أكثر السلوكيات غير التكيفية ارتباطاً بالإساءة البدنية للأطفال المعاقين ذهنياً هي النشاط الزائد, الانسحاب, العـدوان, القلق والخوف, التردد والسلبية, الفوضى والتخريب, العادات الشاذة والسلوك النمطي( 15).

2 - أساليب التنشئة الاجتماعية القائمة على الإساءة النفسية للطفل المعاق :
توجه العديد من السلوكيات الخاطئة من قبل أسرة المعاق إليه  والتي تؤثر سلباً على صحته النفسية، هذا وقد عرفت اللجنة الدولية لوقاية الطفل من الإساءة فى الولايات المتحدة الأمريكية الإساءة الانفعالية أو النفسية بأنها عبارة عن متطلبات أبوية زائدة عدوانية غير معقولة والتي تفرض توقعات أكبر من قدرات الطفل المعاق، وقد تظهر الإساءة العاطفية عن طريق تعذيب ثابت دائم أو استخفاف أو هجمات على الطفل، وقد تتضمن أيضاً الفشل فى توفير الرعاية السليمة اللازمة لنمو الطفل وذلك يكون ناتج عن عدم وجود حب ورعاية وإرشاد كاف لهذه الأسرة، ويعتبر النبذ والرفض العاطفي للأطفال المعاقين من أهم صور هذه الإساءة النفسية ويأخذ هذا النبذ النفسي شكلاً من عدم الاهتمام باحتياجات هؤلاء الأطفال الجسمية والانفعالية وقد يظهر فى كراهية الطفل وإهماله أو الإسراف فى تهديده والسخرية منه أو عدم القدرة على إمداده بالحب والرعاية.

- صور الإيذاء النفسي للطفل  المعاق عقلياً :-
يؤدي نبذ الأبوين للطفل إلى ظهور سلوكيات متنوعة وغير مرغوب فيها كالعدوان والعنف والعناد وقد يصيب شخصيته بأضرار قد لا يصبح من السهل علاجها, ومن صور الإيذاء النفسي للطفل  المعاق عقلياً :-
- الازدراء : وهو نوع من السلوك يجمع بين الرفض والذل، فمثلاً يرفض أحد الوالدين مساعدة الطفل ويرفض الطفل نفسه وأيضاً قد يناديانه بأسماء تحط من قدره بهدف إذلال الطفل.
- الإرهاب: ويتمثل فى التهديد بالإيذاء الجسدي للطفل أو التخلي عنه إذا لم يسلك سلوكاً معيناً، أو بتعريض الطفل للعنف أو التهديد من قبل الأسرة أو تركه بمفرده - مثلاً- فى حجرة مظلمة.
- العزلة : وهي عزل الطفل عن من يحبهم أو تركه بمفرده فترات طويلة ومنعه من التفاعلات مع الزملاء أو الكبار داخل وخارج الأسرة.
- الاستغلال والفساد:
يتضمن هذا النوع تشجيع الانحراف أو لعب دوراً هاماً فى انحراف الطفل مثل تعليمه سلوكاً إجرامياً أو إشراكه فى أعمال إجرامية.
- إهمال الأسرة لردود أفعال الطفل العاطفية :
وتتضمن إهمالاً لمحاولات الابن المعاق التفاعل عاطفياً على الأبوين بحيث تشعر الأسرة الابن بأنه غير مرغوب فيه عاطفياً ( 16).
- نبذ الطفل انفعالياً :
هو سلوك ظاهر من الأسرة نحو الابن المعوق يجعله يعتقد أنه غير محبوب أو غير مرغوب فيه أو لا قيمة له وهو سلوك خاطئ يهدد أمان الطفل ويتركه فريسة للشعور بانعدام الثقة فى نفسه أو فى الآخرين , ومن صور نبذ الوالدين للطفل انفعالياً: تكرار الإشارة لنواحي النقص (العقلي والبدني) لديه , العقاب الشديد والاستجابات السلبية مثل: الاحتقار، والاشمئزاز، السخرية، التأنيب المستمر، أو التهديد بالعقاب أو الضرب أو العزل وحيداً  ,  التفرقة بينه وبين أخوته فى المعاملة  ,  معايرة الطفل المستمرة ومقارنته بالأطفال الآخرين (الأسوياء) ,  تعمد القول بأنه طفل غير مرغوب فيه.

- إهمال أو حرمان الطفل:
من مظاهر إهمال أو حرمان الطفل عدم رغبة الأسرة تزويد الطفل بالعناية الكافية , تركه وحيداً بالمنزل أو تركه قذراً غير حسن المظهر، الصرامة فى محاولة السيطرة على الطفل مما يؤدي إلى العناد المستمر خاصة إذا اقترنت بالعقاب البدني، و يؤدي إهمال الأسرة للإبن المعاق إلى نتائج سلبية حيث يصبح الأطفال غير قادرين على الاعتماد على أنفسهم شاعرين بانعدام الثقة الشديد والإحباط وعدم تقدير الذات وقلة ثقة الطفل بقدراته الخاصة

- الرفض ألوالدي :
تميل بعض الأسر إلى نبذ الابن المعاق نبذاً صريحاً بالقول أو بالعمل والاتجاه إلى رفضه وإشعاره بذلك مع إظهار المشاعر العدوانية تجاهه وهذا السلوك له تأثير سلبي على الطفل المعاق عقلياً لأن تكرار تعرضه للرفض أو النبذ يجعله أكثر عرضة للاضطرابات الانفعالية وعدم الشعور بالأمن والسلبية والإحباط وعدم القدرة على تبادل العواطف مع الغير والخجل وبالتالي سوء توافق اجتماعي، ولعل أهم الآثار النفسية لهذا السلوك الأبوي تجاه الابن المعاق هو عدوانية الابن تجاه مجتمعه وأسرته والأثر السيئ فى التكوين النفسي للطفل.

- القســـوة :
فى الواقع أن أسلوب المعاملة الذي يتسم بالقسوة والعنف والممارسات التي تتراوح ما بين العقاب البدني واللفظي يرتبط بمستويات عالية من العدوان لدي الأطفال وقد يترتب على هذا الأسلوب خوف شديد لدي الابن المعاق عقلياً وافتقاده للثقة بنفسه نتيجة خبرات الفشل التي يتعرض لها فضلاً عن هذه المعاملة الأسرية التي تتسم بالقسوة مما يعوق نمو شخصيته نمواً سوياً ويعوق كذلك توافقه الاجتماعي( 17).

 3- أساليب التنشئة الاجتماعية التي تعتمد على عزل الأبناء المعاقين عن المجتمع والأسرة:-
تشير العديد من الدراسات التربوية أن لعزل المعاقين عقلياً مساوئ وسلبيات عديدة منها: الحواجز النفسية من المعاق والمجتمع وشعوره بالانفصال عن مجتمعه ,أن عزل الأطفال المعاقين عقلياً فى مدارس ومؤسسات خاصة يمثل اعتداءاً على حقوقهم وحرمانهم من استغلال إمكاناتهم إلى أقصي حدودها , كذلك توجد بعض الأسر التي تسارع بإخفاء الأطفال المعاقين فى إحدى الحجرات لحين انصراف الضيف لاعتبارها أنه (عـار) أو وصمة وكل هذه الممارسات تؤثر سلباً على شخصية الابن المعاق ولا تؤهله للاندماج فى الحياة الاجتماعية واستغلال قدراته أقصي استغلال ممكن لتحقيق التوافق الشخصي والاجتماعي، كذلك فإن هذه الممارسات تدلل على عدم التوافق الذي يسود العلاقات داخل هذه الأسر وهروب أفرادها من الموقف دون الإقدام على مواجهته بشجاعة، كما يعني عدم تقبلها لهذا الابن ورفضها له مما يؤثر سلباً على تكيفه النفسي والاجتماعي وشعوره بضعف قيمته ومكانته داخل الأسرة وأنه طفل غير مرغوب فيه(18 ).
وتؤكد بعض الدراسات الاجتماعية أن مسألة عزل الطفل داخل مؤسسة داخلية أو داخل أسرته وإنكار إعاقته إنما هو مظهر من مظاهر ضغط البيئة الاجتماعية على سلوكيات أسر المعوقين والرغبة فى إخفاء الإعاقة والابن معاً، حيث تعكس سلوكيات الأسرة طبيعة النظرة المجتمعية للإعاقة العقلية مما ينعكس سلباً على الأسرة التي تعتبر ابنها وصمة اجتماعية لا تتناسب مع مركزها الاجتماعي ومكانتها حيث توجد نظرة سلبية من المجتمع لهذا النوع من أنواع الإعاقات مما يسبب للأسرة حرجاً اجتماعياً ، ولعل التفسير المناسب لهذه النظرة السلبية للمعاق هو انعدام الوعي الاجتماعي والثقافي والصحي حول طبيعة الإعاقة وأسبابها والخصائص العلمية للمعاقين عقليا(18 ).
ومن صور عزل الأبناء المعاقين عن المجتمع  عزله فى مؤسسة داخلية بعيداً عن الأسرة ، الذي يعتبر شكل سلبي من أشكال التعامل معه ، و يمثل درجة منخفضة من درجات استعداد الأسرة لرعايته والتعايش معه، وهو أمر يتأثر إلى حد كبير بالعوامل الاجتماعية والنفسية المرتبطة بالأسرة من ناحية وخصائص المعاق من ناحية أخرى, وقد أشارت بعض الدراسات إلى أن الأسر ذات المستوي الاقتصادي والاجتماعي والثقافي المرتفع تفضل وضع أبنائها المعاقين فى مؤسسات داخلية لاعتقادهم بتوافر الرعاية الصحية والتربوية للأبناء المعاقين .
وتشير العديد من الدراسات التربوية إلى أنه ليس هناك مبرر منطقي لعزل ذوي الاحتياجات الخاصة عن المجتمع فإن كانوا أقل من العاديين إدراكاً وإنتاجاً واستعداداً للتعلم وأقل قدرة على التذكر والفهم والتفكير، إلا أن لهم نفس عقول الأفراد العاديين والاختلاف فى درجة الذكاء، فلماذا لا نعتبر المجتمع أسرة كبيرة يعيش فيها الأطفال المصابون بالإعاقة العقلية جنباً إلى جنب مع الأطفال الأسوياء فى حياة واحدة مشتركة ولا سيما أن هناك من الأبحاث والدراسات أثبتت أن نسبة كبيرة من الأطفال يمكنهم التوافق النفسي والاجتماعي إذا ما أحسن توجيههم ورعايتهم( 19).

4- أساليب التنشئة الاجتماعية القائمة على إهمال الطفل المعاق عقلياً :-
يعرف الإهمال على أنه الفشل فى إمداد الطفل باحتياجاته الأساسية مثل المأكل المتوازن والملبس والمأوي والتعليم والعناية الطبية واحتياجات المعاق العاطفية مثل الحاجة للأمن والحب ، ويعد الإهمال من أهم العوامل خطورة فى التأثير على الطفل من الناحية الجسمية والصحية والنفسية.
أ‌- مظاهر الإهمال : توجد بعض المظاهر التي يتضح فيها إهمال الأسرة للطفل المعاق , وهى كالتالي :-

- الإهمال الجسدي :
حيث تظهر على الأطفال مشاكل سوء التغذية كالنحافة الزائدة أو السمنة الشديدة، أو نقص أحد العناصر الغذائية التي تسبب مشاكل أو أمراضاً مزمنة.

- إهمال العناية الطبية :
ويظهر ذلك فى عدم إمداد الطفل بالعناية الطبية الروتينية أو الكشف الدوري على الطفل والعناية بأسنانه وعدم الاهتمام بمرضه أو إصاباته ويرتبط هذا النوع من الإهمال بنوع آخر من أشكال الإيذاء الجسدي حيث يكون الأطفال ضحايا الإيذاء الجسدي أقل وزناً وصحة.

- نقص الإشراف ألوالدي على الطفل :
قد يتحول الطفل من طفل عادي إلى طفل متخلف عقلياً لنقص فى الإشراف ألوالدي، فمثلاً نجد أن سقوط الطفل على شئ مرتفع قد يحدث له كسراً فى الجمجمة أو كدمات أو تجمعات دموية على أنسجة المخ قد يتسبب فى النهاية تخلف عقلي وهكذا نجد أن الإشراف ألوالدي غير الصحيح على الطفل قد ينتج عنه إصابة أو تزايد خطر إصابة الطفل.

- إهمال التعليم :
ويظهر فى عدم الوفاء باحتياجات الطفل التعليمية عن طريق عدم إدخاله مدرسة أو إهمال تعليم الطفل المعاق أو رفض الآباء الاستفادة بمزايا برامج تعديل السلوك أو البرامج التربوية المقدمة له.

- الإهمال العاطفي :
يعبر عن الفشل فى الوفاء باحتياجات الطفل النفيسة والعاطفية وشعوره بالحب والأمن والاستقرار ويفقد الإهمال العاطفي المتكرر للطفل الإحساس بمكانته عند أسرته ويفقد الإحساس بحبهم له وانتماءه إليهم مما يترتب عليه أن تتحول شخصية الطفل إلى شخصية قلقة متخبطة فى سلوكها بلا قواعد وقد يشعر الطفل بالنبذ من والديه وعدم رغبتهما فيه فيؤدي إلى ظهور أنواع من السلوكيات المضطربة كأن يكون عدوانياً حاقداً على المجتمع أو قد يكون منطوياً سلبياً يتسم باللامبالاة لمن حوله( 20).

5- إساءة معاملة الأطفال في مؤسسات أو نظم الرعاية system abuse
وتعرف بالضرر الذي يقع على الأطفال في سياق السياسات والبرامج المخصصة لتقديم الرعاية والحماية لهم ، وفيها يضار نمو وامن الأطفال بسبب أخطاء يرتكبها الأفراد العاملون في هذه المؤسسات , ومما هو جدير بالذكر هو أن لهذه الإساءة آثارا سلبية على الطفل حيث يضار النمو النفسي للطفل في مختلف أبعاده وعلى السلوك الاجتماعي لهم بوجه خاص( 21)  .

6- الآثار السلبية لإساءة معاملة الأطفال :-
توجد آثار سلبية لهذا العنف يعانى منها الابن المعاق عقليا كما يتوقف الضرر النفسي والانفعالي والبدني الناتج عن تعرض الطفل لإساءة المعاملة علي طبيعة وأبعاد الإساءة ذاتها , كذلك تظهر لدي هذه الفئة مشكلات سلوكية خطيرة نتيجة تعرضهم للإساءة البدنية والنفسية( ),  حيث يعاني الأطفال ضحايا الإهمال الانفعالي في مرحلة الطفولة المبكرة من تأخر نمائي في الكثير من مجالات النمو النفسي خاصة النمو الاجتماعي والانفعالي فالرابط بين الطفل الصغير والقائمين على شئون تنشئته ورعايته تعد الوسيلة الرئيسية للنمو العقلي والانفعالي والمعرفي ، كذلك قد يتجه بعضهم إلى إيذاء الذات والعدوان وغيرها من المشكلات السـلوكية (22 ).
وقد صنف مارتن (Martin , 1980) آثار سوء معاملة الطفل في أربعة آثار هي  : الآثار الطبية ، النمائية ، والنفسية ، والبعيدة ألمدي ، وأضاف دورن (Dorne, 1989) التعدي الجنسي علي الأطفال .

" الأذى الطبي (Medical Harm):
تظهر آثار التعديات الجنسية علي الأطفال علي شكل إصابات نتيجة التعدي ، أو الإهمال ، وقد تظهر بشكل كسر عظام أو خدوش ، أو تمزق عضلي أو تشوه أو إصابات في الرأس أو الوجه أو جروح ، كما تظهر علي شكل صعوبات أو إعاقات في السمع أو النظر أو تخلف عقلي ، كما أن الإصابات الخطيرة قد تؤدي إلي الارتعاش لدي الطفل ، أو التسمم أو الغرق أو الخنق ، كما تشمل آثار الأذى الطبي عدم تقديم الرعاية الصحية مثل وجبات الطعام الرئيسية (Drone , 1980) ، كما أن انتقال الأمراض المعدية والخطيرة (مثل الإيدز) قد يؤدي بحياة هؤلاء الأطفال .

" سوء النمو (Mal-development)
يتعرض الأطفال الذين تساء معاملتهم إلي مشكلات متنوعة في النمو ، وبعضها قد تكون دائمة ، ومن أمثلة هذه المشكلات انخفاض الذكاء أو التخلف العقلي ، والآثار العصبية من مثل النطق والتأخر اكتساب المهارات اللغوية ، وقد يعاني هؤلاء الأطفال مشكلات في التعلم (Martin, 1980)

" الآثار الاجتماعية :
إن شيوع السلوكيات المنحرفة ، والمتمثلة في سوء معاملة الطفل ، مؤشر قوي علي فشل الأسرة في أداء وظائفها الاجتماعية ، ففي الوقت الذي يفترض أن تكون الأسرة مكان الأمان والحماية للطفل تتحول إلي مصدر تهديد لأمنه ، وحاجته وظرف ضاغط لانحرافه والأطفال الذين يتوجب أن يكونوا في مقاعد الدراسة ، ويمثلون بذور السلام .

" الآثار النفسية Psychological  :
كما أن هناك احتمال كبيراً أن تحدث للأطفال الذين أسيئت معاملتهم نفسياً (Psychological) آثار نفسية منها أن الأطفال الذين تساء معاملتهم يكونون بصفة عامة غير سعداء , رغبتهم محطمة في الاستمتاع بالألعاب , كما أنهم لم يتعلموا إقامة علاقات صحية وممتعة مع أقرانهم ، أو مع البالغين ، كما أن هؤلاء الأطفال يجدون صعوبة في إقامة علاقات مع الزملاء ، الأقران ، ويمكن أن تظهر عليهم اضطرابات صحية وعقلية (Patterson , 1992) ( 25).

7- وقاية الأطفال من إساءة المعاملة :-
يمكن التقليل من معدل حدوث الإساءة البدنية والانفعالية عن طريق المساندة الأسرية المتمثلة في تنمية مهارات التربية والرعاية الوالدية وتنمية معرفة الأسرة وتفهمها لخصائص النمو النفسي للأطفال ومساعدتهم على تبني توقعات واقعية لسلوكيات الطفل ، مساعدة الآباء على تنمية أساليب التعامل السوي مع الأبناء وتصحيح الانحرافات التي تحدث في سلوك الأطفال بطرق دورية مع ضرورة تقديم مساندة مستمرة للأسر خاصة وقت الأزمات  ( 26) .

تعقيب :
تناولت الباحثة في هذا الفصل " أدوار ووظائف المجتمع والأسرة تجاه الأطفال المعاقين عقليا "  أساليب التنشئة الاجتماعية القائمة من إهمال الطفل المعاق عقلياً وتوجد صور متعددة لهذا الإهمال منها الإهمال الجسدي إهمال تنفذه الطفل، إهمال العناية، نقص الإشراف ألوالدي عن الطفل، إهمال، تعليم الطفل، الإهمال العاطفي والنفسي.
وتميل الباحثة - من خلال عملها في مجال " إرشاد أسر المعاقين عقليا - إلى الرأي القائل بأهمية  الإرشاد الأسرى لأسر المعاقين عقليا, وهو موضوع أكدت على أهميته المفاهيم التربوية الحديثة التي ترتكز علي إرشاد أسر المعاقين عقليا لأساليب التنشئة الاجتماعية السوية للأبناء المعاقين عقليا، حيث أن فوائد تدريب الوالدين تساعد الأسرة علي أداء الأدوار والوظائف الايجابية المنوطة بهم تجاه الأبناء المعاقين , فضلا عن اكتساب المهارات التي تجعل من الأبوين مدربين ومعلمين فاعلين لطفلهما المعاق مما يساعد على تقدمه ونموه بطريقة تمكنه من اكتساب الخبرات الحياتية اللازمة لنموه وارتقائه , فضلا عن تعليم الأبوين أساليب تعديل سلوك الإبن الغير مرغوب فيه من ناحية , ومن ناحية أخرى تدريب الأسرة على تعليم الابن المعاق قواعد السلوك الشخصي والاجتماعي المناسب لمعايير وأعراف المجتمع وهذا أمر لن يتم إلا من خلال جلسات الإرشاد النفسي والتربوي للأسرة التي يقوم بها أخصائي اجتماعي وتربوي متخصص ومدرب يعمل على إتاحة الفرص الكاملة للأسر للتفاعل معه ومع المسئولين في المؤسسة , كما يساعد تدريب و إرشاد أسر المعاقين عقليا علي تقبل الأسرة لإعاقة الإبن وفهم الحاجات الخاصة به , كما أنها تعتبر فرصة هامة للأسرة للإجابة - بطريقة علمية مبسطة - علي تساؤلاتها حول الإعاقة العقلية  "مفهومها و أسبابها و أساليب الوقاية والعلاج" وحول خصائص الابن المعاق عقليا , مما يساعد على تقبلهما لهذا الإبن المعاق , كذلك يساعد الإرشاد الأسرى على تصحيح أي خلل في علاقة التفاعل الأسرى مع الأبناء المعاقين وتصحيح أساليب التنشئة الاجتماعية القائمة علي العقاب البدني للطفل دون معرفة أسباب سلوكه , وطبيعة إعاقته , ويكون ذلك من خلال إفهام الوالدين ضرورة تجنب العقاب البدني للطفل المعاق والإكثار من المعززات الاجتماعية واللفظية والمادية مما يساعد علي تغير السلوك غير الملائم وتعزيز السلوك الملائم .

والخلاصة إن : برامج إرشاد أسر الأطفال المعاقين عقليا تساعد على تحسين نظرة الأسرة لهذه الفئة فضلا عن تحسين أسلوب أداء الأسرة لأدوارها ووظائفها تجاه الأطفال المعاقين عقليا .
 


المصدر: موقع اطفال الخليج لذوي الاحتياجات الخاصة
Education-Learning

Asmaa Alnahrawy

  • Currently 80/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
28 تصويتات / 3400 مشاهدة
نشرت فى 2 نوفمبر 2010 بواسطة Education-Learning

ساحة النقاش

Asmaa Alnahrawy

Education-Learning
Instructor »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,578,465