الحبارى .. الوجه المظلم خلف الأقنعة
في التراث العربي، لم يُضرب المثل بالحبارى عبثًا، بل لفرط دهائها وخداعها؛ فهي طائر ضعيف ظاهريًا، مراوغ عمليًا، تتظاهر بالعجز، فإذا لاحقتها الصقور أطلقت سلاحها القذر (ذرقها اللزج) لتعطّل جناح مطاردها وتنجو.
ومن هنا جاء قول العرب: "أسلح من حبارى" و*"أخدع من حبارى"*.
لكن الأخطر أن صورة الحبارى لم تبقَ في عالم الطيور، بل وجدت امتدادًا في واقعنا: الحبارى البشرية.
امرأة متقلبة، بلا أصل واضح ولا نسب معروف، تتخفى وراء الألقاب والمظاهر، تارةً طبيبة نفسية، وتارةً اجتماعية بارزة، بينما حقيقتها سلسلة من العلاقات المشبوهة والوجوه المتعددة.
تتقن لعبة الهروب والمراوغة، تَعِدُ ولا تَفي، وتُظهر ضعفًا كاذبًا لتستدرج ضحاياها، ثم لا تترك خلفها إلا خسائر وانكسارات.
هذه الحبار لا يختلفن كثيرًا عن طائر الحبارى في سلوكه:
-
متعددة الأزواج كما هو حال الطائر في موسم التزاوج.
-
متخفية الأعشاش، لا يُعرف لها موطن ولا استقرار.
-
مراوِغة بارعة، لا تُمسك عليها حقيقة ثابتة.
قال قيس بن زهير:
تكن كالحبارى إن أُصيبت فمثلها
أُصيب وإن تفلت من الصقر تسلح
وكأنما يصف هؤلاء النسوة بالضبط: ضحاياها يُصابون، لكنها تنجو بخداعها لتبحث عن فريسة جديدة.
إن أخطر ما في هذه النماذج أنها تتخفى تحت شعارات إنسانية ومهنية، فتستغل لقب "طبيبة" أو "ناشطة" لتُضفي على نفسها شرعية زائفة. بينما حقيقتها أنها سلاح قذر يفتك بالثقة والأخلاق.
ولهذا فإن التحذير واجب:
الحبارى البشرية أخطر من الطائر نفسه، لأنها تعبث بالعقول والقلوب والسمعة، وتترك وراءها مجتمعًا ممزقًا.
فاحذروا هذه الأقنعة، ولا تنخدعوا بمظاهر القوة أو الأنوثة أو الألقاب، فإن وراءها وجوهًا لا تختلف عن ذرق الحبارى.. قذرة المظهر، خانقة الأثر.


