شوق وحنين

لقد سافر هذا الشاب ورحل عن أناس أحبهم في الله وأحبوه هم كذلك و بعد فترة قصيرة أحث أنه فقد شيئا ثمينا وأدرك أن السعادة لا تتم الا بصحبة هؤلاء وأنه مهما أوتي من أسباب تهيىء له السعادة في الدنيا فانها ستكون في نقصان كبير بدون هؤلاء وهنا أدرك قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه " والله ما احببت الدنيا الا لثلاث وذكر من بينهم " الجلوس مع قوم ينتقون الكلام كما ينتقى أطيب الثمر " وقوله رضي الله عنه  " إخوان الصدق زينة في الرخاء وعدة في البلاء "

لكن هذا الشاب أخذ يصبر نفسه قائلا لها : أنا لم أفقدهم وانما ساعود اليهم قريبا وسرعان ما انتقل بخاطره الى الآخرة وسأل نفسه ماذا ولم تجد معك هؤلاء في الآخرة ماذا ان دخلوا الجنة وتركوك أو ماذا لو دخلت أنت الجنة وافتقدت واحدا منهم  ..وهنا أدرك أيضا أن من كمال السعادة في الآخرة أن يجد هؤلاء معه في ظل عرش الرحمن وأن يلتقى بهم في الجنة إخوانا على سرر متقابلين .

      نحو صحبة مثمرة

لما توصل هذا الشاب الى هذه النتيجة الهامة الا وهي أن السعادة العظيمة في الآخرة أن تتنعم مع من تحبهم كما ذكر تعالى في كتابه " والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان الحقنا بهم ذريتهم وما التناهم من عملهم من شىء " جال خاطره حول نقطة هامة الا وهي كيف يحقق ذلك وكيف يأخذ بيد أصحابه الى الجنة أو كيف يأخذ اصحابه بيديه الى الجنة فاملى عليه خاطره بعض المعينات التي يمكن أن تعين على ذلك ونصحني بها  ومنها :

- أن يتفقوا معا على وحدة الغايه واسمى هدف يسعون له ويتعاهدوا ان يثبت كل واحد صاحبه فيقومه اذا رأى منه اعوجاجا ويعينه اذا رأى منه همة في عمل الخير

- أن يدعوا كل صاحب لصاحبه بظهر الغيب فيتعرف على أهدافه ومشاكله فيدعوا له ويخص ويدعوا له بصلاح العيوب التي يراها وما ينفع دنياه وآخرته ويكثر من ذلك ويتحين أوقات الدعاء المستجاب

- تقديم النصيحة والنصيحة لها معنى شامل فمنها أن تنصح له في امور الدنيا والدين ولتحرص اذا نصحت له في دنياه أن تنفع هذه النصيحه في دنياه وآخرته معا ..ومنها أن تبادله خبرتك أو تعطي له معلومات عن مهنتك أو تنقل له كتاب قرأته أو حكمة قرأتها أو موقف تأثرت به أو طريق خير عرفته ...ولا تبخل عليه بشيء من ذلك

- أن ينتفعوا بأوقاتهم إذا ما التقوا ولا يتحرجوا أن يقضوه في النافع مثل الحديث في الأمور النافعة أو قضايا المسلمين أو الإستماع الى درس نافع أو برنامج هادف أو قراءة كتاب وتقسيمه على مراحل حتى يتموا قراءته أو حفظ أو مراجعة القرآن أو التفكير في مشروع يخدم المسلمين ..وكما ترون أشياء كثيرة يمكن الإستفاده منها فلا تجعلوا اوقاتكم تمضي هباء ..

-أن يعين كل منهما الآخر على الطاعات التي قد تستلزم أكثر من فرد كقيام الليل أو صيام النافلة أو صلاة الفجر أو عمرة الى بيت الله الحرام

- إذا أقدم أحدهما على معصيه فليتذكر أولا ان الله يراقبه ثم يتذكر أخيه الذي عاهده وليتخيله ينظر اليه ويعض على أصبعه كما فعل يعقوب ليثبت يوسف عليهما السلام

- أن يعلمه بهذا المقال فيرسله اليه عبر الإميل أو يطبعها في ورقة ويعطيها له

- يحرصا أن تدوم صحبتهما في الآخرة ولتكون صحبة الآخرة أكبر شاغل لهما ويمكن أن يرفعا شعار اقتبسته من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " موعدنا ظل عرش الرحمن "

 وفي الختام أسال الله ان لا يتخلف أحد ممن قرأ  هذا المقال عن هذا الموعد .