- إنه عالم ساحر ليس فيه إلا كل ما هو جميل وجذاب.. عشرات الأنواع من السلع تباع وتشترى كل يوم، ولكن الأمر هنا لا يتعلق بسلعة بالمعنى المفهوم.. إنها رسالة.. رسالة بحروف غير مكتوبة ولا مقروءة.. حروف يشعر بها المرسل إليه ولا يراها..إنها.. الهدية!

والهدية قديمة قدم الحياة نفسها.. وهل بدأت الحياة على الأرض إلا بعد أن لبى آدم رغبة حواء فى هدية ندفع كلنا ثمنها حتى اليوم!

وعلى مدى السنين كانت الهدية وسيلة مثالية للتعبير عن أشياء كثيرة مشاعر أكثر خاصة بين المحبين والعشاق.. وسواء كانت فراء ثمينا أو وردة ذابلة فالمؤكد أنها لها مفعول السحر، لأن الحديث هنا بلغة خاصة فيها كل شىء إلا الأرقام..

ولذلك لم يكن غريبا أن يتبادل الحبيب وحبيبته كل أنواع الهدايا فى كل زمان ومكان.. وإن ظل أغربها على الإطلاق ما فعله الرسام الهولندى الشهير فإن جوخ (1853 – 1890) عندما قطع إحدى أذنيه وأرسلها إلى حبيبته كهدية من نوع خاص جدا.
 
وبعيدا عن الحب بمعناه العاطفى أو الرومانسى كانت الهدية دائما البطل الأول فى مناسبات عديدة ومتنوعة.. فما معنى التهنئة بنجاح أو عيد ميلاد أو عيد زواج أو زيارة مريض بدون هدية؟.. بل إن الشر الكامن فى بعض النفوس دفع أصحابها إلى استخدام الهدية حتى فى القتل، وهو تفنن إجرامى معروف وسلاحه، الطرد الناسف!

ولعل أكثر ما يعطى الهدية هذا البريق الأخاذ هو ما يحيط بها من غموض مثير.. فهى دائما غير معروفة ومختفية وراء أستار لا معه محكمة الإغلاق بحيث لا تخترقها عين إلى حقيقة ما تحتويه.. وتكون لحظة فض الأستار وكشف المفاجأة لحظة بالغة الإثارة تمتزج فيها السعادة بالترقب والنشوة بالامتنان.

وفى أحد محلات الهدايا بمصر الجديدة يقول صاحبه إن الشباب يمثلون 70% من زبائنه مقابل 25% للأطفال و5% للكبار.

ويرجع ارتفاع نسبة الشباب إلى أنهم فى "حالة حب دائم" أو هكذا يتصورون..لذلك فإن معظم شبان وشابات النادى الكبير المجاور له يتعاملون معه لأن الهدية هى أفضل تعبير عن هذا الحب المزعوم.

وحول ما إذا كان يستطيع أن يخمن ما إذا كان المشترى سيقدم الهدية لحبيب أو لمناسبة اجتماعية ما ..يقول:" إن هذه المسألة لا تعنيه بالمرة ولا يكون لديه الوقت للتفكير فى ذلك خاصة فى حالات الزحام الشديد"!

- هل البنات أكثر إقبالا على شراء الهدايا أو الذكور؟

.. البنات أكثر طبعا وبنسبة كبيرة جدا.

- والسبب فى رأيك؟

.. السبب أن (الولد) عليه التزامات كثيرة تجعله فى وضع مادى أصعب.. فهو يسهر مع أصدقائه يذهب إلى السينما يدخن أحيانا، وهكذا، أما البنت فهى لا توجد أمامها كل هذه الأبواب، وهذا هو المفترض طبعا! لذلك يتجمع لديها فائض كبير من (المصروف) يمكنها من شراء ما تريد من هدية أو هدايا!

-هل تغير الذوق العام فيما يتعلق بالهدايا هذه الأيام؟

.. أنا لا أؤمن بتعبير (ذوق عام) العبرة بطبيعة المحل وما يعرض من هدايا وأسلوبه فى العرض.. وعن نفسى فأسلوبى هو التجديد أولا وقبل أى شىء آخر- ابتعد تماما عن كل ما هو نمطى أو تقليدى بدءا من الهدايا نفسها والتى أتفنن فى تصميمها بنفسى وانتهاء بطريقة التغليف وهى ليست واحدة بل أكثر من 30 طريقة.

وفى المقابل هناك محلات أخرى تقليدية تماما لا تخرج عن الهدايا الكلاسيكية التى نعرفها جميعا مثل "الفازة" وساعة الحائط ولها زبائنها أيضا.

- وعن أكثر رواجا وهل هى اللعب أو "الدباديب" كما يسميها الشباب.

..يقول إنها كانت بالفعل الأكثر انتشارا فى السنوات الماضية، ولكن بعد أن أصبحت عند الكل بلا استثناء وبكميات كبيرة بدأ الإقبال عليها يتراجع ويحتل مكانها الآن الشرائح الزجاجية المكتوب عليها اهداءات رقيقة بالإنجليزية عادة مع بعض الرسوم.

- وحول الأزمة الاقتصادية ومدى تأثيرها على القدرة الشرائية؟.

.. يقول إنه بدأ هذا النشاط منذ 3 سنوات.. فى العام الأول كانت  الناس تشترى بسهولة وبدون مناقشة.. فى العام الثانى أصبحوا يسألون عن السعر أولا.. الآن يراجعون أنفسهم ألف مرة قبل الشراء.

أما أهم متاعبه فى البيع فهى "التردد" ويؤكد أنه مالم يحسم الأمر بسرعة فإن هناك من الزبائن من لديه استعدادا للبقاء ساعات طويلة جدا قبل الوصول إلى قرار.

- وحول ما إذا كان يتدخل برأيه أو يترك للمشترى الحرية الكاملة؟.

.. فى معظم الحالات هو نفسه الذى يطلب منى اختيار الهدية المناسبة خاصة إذا كان من زبائن المحل الذين يترددون عليه باستمرار، وعادة ما أفعل ذلك بعد أن أعرف منه بعض المعلومات وأهمها المبلغ الذى رصده للهدية تجنبا للمشاكل.

ذكريات الطفولة!
- وانتقل إلى محل آخر بأحد الفنادق الكبرى، حيث يتفق صاحبه على أن البنات أكثر شراء للهدايا، وعن السر فى انتشار تقديم العروسة أو اللعبة كهدية للكبار أيضا.

.. يقول إن الإنسان يفرح بهذه النوعية من الهدايا ربما لأنه لم يجربها فى طفولته فهى تعيد إليه ذكريات هذه الأيام بشكل أو بآخر.

- هل يقبل السياح أيضا على شراء الهدايا؟.

.. جدا وبالذات فى شهور: نوفمبر وديسمبر ويناير وإن كانت السياحة بصفة عامة تمر بظروف صعبة للغاية نظرا للأزمة المالية العالمية، وانتشار وباء انفلونزا الخنازير ، ونأمل أن نتجاوز هذه المحنة!

- وهل يمارس السائح لعبة "الفصال"؟

.. هو يجرب مرة واثنتين وثلاثا فإذا وثق فى المحل وأسعاره أخذها كشىء مسلم به، وأنا شخصيا اتبع سياسة محددة فى هذا الموضوع هى خصم 10% لمن تصل مشترواته إلى 500 جنيه،وبالتالى لا مجال لمساومات أخرى لا داعى لها.

- وعن أكثر الهدايا انتشارا.

.. إن ألعاب العنف والمسدسات وما شابه انتشرت بشدة ، ربما بسبب العنف والحروب المتعاقبة في المنطقة.

أما الموقف الطريف الذى لا ينساه أبدا فى هذا المجال فهو عندما جاء إليه شخص يعرفه ومعه "ابنة خالته" كما قال وطلب شراء هدية لها ثم فوجئ الجميع بزوجة هذا الشخص تدخل المحل وتحاصر زوجها المرتبك بالأسئلة وأجاب بأنه كان يريد شراء لعب للأولاد.. أما أنا فقد سارعت بالحديث مع السيدة التى كانت معه على أنها جاءت بمفردها إنقاذا للموقف، ومن يومها لم يأت الزوج مرة أخرى ربما لأنه خجل من الموقف!

وفى موقع ثالث أكد شريف الغزالى أن "المستورد" مازال هو السائد فى العرائس ولعب الأطفال خاصة من الصين.. وقال إن هناك محاولات من جانبنا فى الملابس مثلا،ولكن فى اللعب مازال المستورد منتشرا.

- وحول ما إذا كان هو نفسه عندما يريد أن يقدم هدية يختارها من محله وكيف؟.

.. إنه بالعكس يختارها من محل آخر ومن نوعية أخرى من الهدايا كالمشغولات الفضية مثلا.. ونفس الشىء عندما يتلقى هدايا حيث يحرص أصحابها على اختيار أشياء بعيدة عنه تماما.

العصفور
والحديث عن الهدايا لا يمكن أن يكتمل بغير الورد.. الزهور.. التى كانت دائما مصدر وحى للشعراء وكتاب الأغانى.. فى أحد محلات الزهور.

تقول ناهد لطفى إنها اختارت هذا النشاط لحبها الشديد للزهور ولثقتها بأن التعامل هنا سيكون مع نوعية معينة على درجة عالية من الرقى والذوق الرفيع!

-هل طغت العرائس واللعب على الورد كهدية؟

.. لا يمكن.. إنها كلها أشياء من صنع البشر، أما الزهور فمن صنع الله.. الزهور مبعث سعادة شديدة لأى مريض أو إنسان فى محنة أو أى إنسان بصفة عامة وأثرها لا يدانيه أثر أى هدية أخرى حتى المجوهرات.

وأرقى أنواع الزهور وأكثرها رواجا كما تقول هو "العصفور" الذى تعتبره "طاووس الورد" يليه الجلاديولس والورد البلدى الذى يختلف الإقبال عليه من شخص لآخر، أما الجديد فهو ورد الصوبة وتتم زراعته فى الصوب التى توفر له ظروفا مناخية معينة تتيح تواجده على مدار

العام بدلا من الصيف فقط، وبكل الألوان كالأحمر والأصفر والأبيض والسيمون (البرتقالى الفاتح).

وتؤكد السيدة ناهد لطفى أنها تعطى دائما تعليمات مشددة للعاملين بالمحل بعدم إحراج الزبون لأى سبب فأحيانا يأتى من يريد باقة فى حدود مبلغ قليل للغاية أو حتى وردة واحدة ولا ترفض طلبه، بل أحيانا تخفض المبلغ قليلا مراعاة لحالته المادية.. وأيضا بالنسبة للمشترى الذى يصر على تشكيل الباقة زهرة زهرة وبالألوان التى يحددها إلى رغبته بالكامل.

وتشير إلى أن بعض الزبائن لديهم معلومات وافية تماما عن الزهور ويسألون عن أنواع بعينها قد لا تعرفها هى نفسها بينما البعض الآخر يطلب باقة بمبلغ معين دون أن يعرف عن محتوياتها أى شىء.

سوليتير!
وبين الذهب والمجوهرات كانت المحطة الأخيرة حيث يقول الصائغ يوسف حامد إن الخاتم والميدالية هما الأكثر انتشارا كهدايا، أما الهدايا الثمينة كالخاتم السوليتير وغيره فقد تراجعت بشدة هذه الأيام.

- هل تتدخل أحيانا فى توجيه المشترى؟.

.. لا شك هناك بعض النصائح والارشادات التى تجب إحاطته بها ولكن ليس معنى هذا أن أفرض ذوقى الشخصى عليه، فقد يجب أشياء لا أتقبلها أنا والعكس.

- أيهما أكثر إقبالا الرجل أم المرأة؟

  • Currently 150/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
50 تصويتات / 699 مشاهدة
نشرت فى 25 فبراير 2010 بواسطة ELNADA2

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

26,015