إن الأزمة التى تعيشها التربية الآن لا سبيل للخروج منها إلا من خلال التربية نفسها ، فالتربية هى المشكلة وهى الحل فى آن واحد ، وطالما نسير فى نفس الطريق وبنفس السرعة وبنفس المشاكل ، فالسؤال إلى متى ؟
أليس الآن وقت الوقوف لاتخاذ القرار للتحول ، أليس كل فريق منا يحس بالحزن والهم لما قد وصلنا إليه من تأخر حتى أصحاب الفريق السعيد الذى يرى كل شئ جميل وتعليم لا يوجد مثله فى الدنيا كله وطبقاً لسياسة " كله زى الفل وأولادنا بخير " ونقول طالما زى الفل لماذا لا يحققون مراكز متقدمة فى السباقات الدولية .
إن مشكلة التربية فى وطننا العزيز أنها يتم تحميلها بشعارات تحلق فى السماء ولا واقع لها ونحلق بهذه الشعارات ونصل إلى درجة تصديقها ثم نستيقظ على كارثة .
ولندع النحيب وجلد الذات ونسعى إلى تبنى رؤى تربوية جديدة ومبتكرة ، تساعد المتعلم على الانطلاق ، لنبدأ بتحطيم القيود المفروضة على مدارسنا وجامعتنا .
فنحدد أولاً ماذا نريد ؟ ثم ننطلق لتحقيق هذا الهدف ؟
إذا كان هدفنا تنمية الإبداع وإعداد جيل من المبدعين والمبتكرين ، فهل هذا الهدف يمكن تحقيقه فى ظل المناخ التعليمى السائد الذى لا يوفر الظروف المناسبة لظهور ونمو الإبداع وكل التركيز على إتباع وتطبيق مداخل وطرق تدريس تركز على الحفظ والاستظهار ولعل سلبية المتعلمين ودور المعلم الناقل للمعرفة المختصرة والموظفة من كتاب إلى عقول المتعلمين وصبها والتأكيد على حفظها جيداً حتى يتم صبها فى ورقة الامتحان .
إن تنمية الإبداع لا يتم من خلال الشعارات ، وليس حلم صعب المنال ، ولكن تحقيقه يتطلب تنمية مهارات التفكير الإبداعى وهذا يتطلب تغيير للواقع المدرسى فلابد من التحول من الكتاب الواحد الذى تم وضعه لكل المتعلمين فتتغير النظرة إليه من كونه هو النهاية ولا أكثر ولا أقل منه فهذا لا يجدى عند تنمية الإبداع ، والأفضل أن يكون هناك كتاب مقرر بل مجموعة موضوعات ويقوم الطلاب بالبحث فى المكتبات والشبكة العالمية كالانترنت ؟ فهم بذلك يبحثون يواجهون العالم يقابلون الجيد والخبيث ويختاروا فنكسبهم مهارات عديدة كالنقد ووزن قيمة ما يأخذوه وإصدار الأحكام وحل المشكلات وغيرها من المهارات وهذه بداية الإبداع .
أما الركن الثانى فى تنمية ثقافة الإبداع هو المعلم الذى يتم إعداده لكى يصبح مولداً للأفكار الإبداعية لدى المتعلمين ، فلابد من الارتقاء بأساليب إعداده فى كليات التربية ، وكذلك لابد من تدريسه أثناء الخدمة لرفع كفاءته فى تدريسه ، وكل هذا لأن المعلم المبدع يرى جيل من المبدعين .
أما طرق التدريس وهى وسيلة المعلم لتوصيل المعرفة يجب أن تتطور لكى تتوافق مع تنمية مهارات التفكير الإبداعى ، ويتم تغيير المعلم للاستراتيجيات حتى أثناء الحصة الواحدة .
ونأتى إلى التقويم فلا يعقل بعد تطوير المناهج وتطوير المعلم وتغير طرق التدريس أن تبقى الامتحانات بشكلها الحالى فلابد أن يتم تطويرها فلا توجد إجابة نموذجية لأن هذا معناه أن هذه الإجابة هى الصحيحة وغيرها خطأ وهذا فى حد ذاته يقتل الإبداع ولهذا لابد من كسر قيود الامتحانات التقليدية وليس صحيحاً أن يتم تقويم الطالب من خلال ورقة امتحان ، فلابد من التقويم المرحلى الذى يتم من خلال " ملف الانجاز " الذى يتضمن كل أعمال المتعلم على مدار العام الدراسى ليكون تقرير متكامل يوضح مستوى الطالب بصورة حقيقية .
كل ما سبق شروط لنشر ثقافة الإبداع ولكننا نقول بكل يقين ، كل ما سبق سيكون فى وادى وتنمية الإبداع فى وادى آخر خاصة إذا لم يكن هناك اقتناع فى المجتمع كله بما يجب أن تكون عليه المدرسة المبدعة ، إن اقتناع المعلم وولى الأمر والسياسى وغيرهم له أهميته فى ضمان نجاحنا فى تربية الإبداع ، ونشر الثقافة الإبداعية من أجل ضمان مستقبل أفضل .
ساحة النقاش