منذ مطلع النهضة الحديثة والإنسان العربى يحاول ان يجد نفسه وأن يعرف حقيقة مكانه من الحضارة الإنسانية التى ينظر إلى معطياتها الحديثة مبهوراً وخائفاً ومتردداً .
ونهضة العرب الحديثة سبقتها قرون من الظلام المقيت فصل بالفعل بين أبنائها وبين تحرك الإنسانية خطوة خطوة فى بناء الحضارة ، ذلك أن الأمة العربية بل الشرق الأوسط كله انعزل فى ظلام الحكم العثمانى ومعارك المماليك ، عن المشاركة الفعلية فى أى تيار حضارى معاصر له .. ولذلك لم يكن غريباً أن يقف الإنسان العربى بعد أن انزاح عنه الكابوس العثمانى الجاهل ، وقفة المبهور أمام ما يرى من تقدم علمى وحضارى ، ومن ثراء فكرى وثقافى تعيشه الدنيا حوله دون أن يفهم هو كيف كان هذا ولا متى كان ، فقد كان الإنسان العربى فى كهفه المظلم الكئيب يجتر القشور ويعيش على الكفاف الثقافى مكتفياً بما عنده من سقط المتاع ، ممنوعاً من ممارسة حرية الفكر المتطلعة إلى التطور أو التجريب ، فقد كان سلطان العسف والقوة يلقى عليه بأستار من الجهل والتخلف تحجب عنه كل رؤية وتمنعه من كل حركة فى الطريق الصحيح.
ونحن نشهد هذا الموقف المبهور المندهش من معطيات الحضارة الحديثة منذ اللحظة التى يلقى الإنسان العربى بظل العثمانيين بعيداً ، ومنذ اللحظة الأولى لاحتكاكه بالنور المشع حوله فى كل مكان .
نشهد هذا الموقف عند الجبرتى فى حوالى عام 1800 ميلادية أثر انشاء الفرنسيين للمجمع العلمى المصرى الذى كان أول نافذة يطل منها إنساننا العربى على ما تم من منجزات علمية وحضارية وثقافية فى العالم أثناء غيبته الطويلة .
وإذا كان الجبرتى قد وقف مبهوراً أمام معطيات العلم فرفاعة الطهطاوى هذا يقف مبهوراً أمام المعطيات الخلقية فى المجتمع الغربى ، فلم يكن التطور الحضارى مقصوراً على العلوم وحدها ، وإنما شمل الأخلاق والعادات ، وشمل القيم الاجتماعية والفكرية أيضاً .
عند رفاعة إذن تحدد الموقف الجديد للمفكر الشرقى ، وهو يلتقى بنهم واضح بكل هذه المعطيات التى انفرد بها الغرب فى فترة التكهف التى أصيب بها إنساننا العربى ، وجهد رفاعة العظيم فى بدء حركة الترجمة وتنظيمها ومتابعتها ، ثم جهده فى التأليف من كل مجال أمكنه أن بتناوله من هذا الخضم الهائل من العلوم والفنون الذى وجد نفسه يواجهه والذى يعرف أهمية كل نقطة فيه فى اعادة الدماء إلى الجسد الهامد ، هذا الجهد يعنى أن الاحساس بالتخلف هو سر موقف الانبهار عند الجبرتى وعند فارس الشدياق ، وهو نفسه سر الدعاوى الاصلاحية الرائعة التى بدأها رفاعة ومحمد عبده والأفغانى فى محاولة جادة وسريعة للحاق بالركب المتقدم المتطور السريع الحركة ، والذى تخلف الإنسان العربى عنه بل وطال تخلفه ، ولكن هذه الدعاوى رغم جديتها وأصالتها اتخذت موقفاً باعد بين لإنسان العصر المتطلع ، وبين الإنسان العربى الذى انحدر منه إنسان العصر المتمرد ، وتبدت لنا هذه الظاهرة فى عدة ملامح هامة .
أول هذه الملامح الاتجاه إلى الوطنية المحددة فى مقابل الدعوة الإسلامية ، وقد ظهر هذا الاتجاه كرد فعل طبيعى لاحساس مفكر العصر فى مطلع النهضة بما سببته له الدولة العثمانية من تخلف وانعزال وتبعية ، وقد ارتبط هذا الاتجاه بما تركته الحملة الفرنسية فى مصر من أفكار ومبادئ عن معنى الوطنية والاحساس بالانتماء إلى الوطن ، كما ثبتته حملات عنيفة قامت بها الصحافة الموالية للإنجليز بعد الاحتلال البريطانى لفصل مصر عن بقية العالم الإسلامى بعامة والعربى بخاصة ، وخطورة هذا الاتجاه تتمثل فيما ينتج عنه من محاربة للعربية الفحصى ومن دعاوى متتالية لاحياء العامية واستعالها لغة للكتابة والتأليف الأدبى ، وما نجم عن هذا من معارك ضارية بين أنصار العامية والفصحى ، واستمرت من مطلع النهضة واحتدمت على مدى سنواتها ، ومازلنا حتى الآن نعانى من بعض آثارها .
كما تتمثل خطورة هذا الاتجاه أيضاً فى دعاوى التغريب التى ذهبت أولاً إلى تقليد معطيات الحياة الغربية بصرف النظر عن ملاءمتها لظروف الحياة الجديدة التى يعيشها الإنسان العربى الجديد ، ثم اتجهت أكثر إلى ربط حاضره بماضى الآخرين ، وقد وضحت معالم هذا الاتجاه فى كتاب
( مستقبل الثقافة فى مصر ) للدكتور طه حسين إذ ذهب فيه فى صراحة إلى الدعوة إلى تقليد الغرب تقليداً كاملاً فيقول : (إن سبل النهضة واضحة بينة مستقيمة ليس فيها عوج ولا التواء ، وهى أن نسير سيرة الأوربيين ونسلك طريقهم لنكون لهم اندادا ، ولنكون لهم شركاء فى الحضارة ، خيرها وشرها وحلوها ومرها وما يحب منها وما يكره ، وما يحمد منها وما يعاب ، ومن زعم لنا غير ذلك فهو خادع أو مخدوع ) .
وواضح من موقف الدكتور طه حسين هذا عمق الاتجاه الذى تمرد على ما أحدثه الحكم العثمانى لمصر من تخلف ، فثار لا على الحكم العثمانى أو الانتماء إلى الخلافة الإسلامية فقط ، وإنما امتدت ثورته لتشمل أفكار الارتباط العربى العقلى لمصر فى محاولة لنزع مصر نهائياً من الارتباط بالتراث العربى كله ، ويبدو إصرار الدكتور طه حسين والكثيرين من أبناء جيله على هذا الاتجاه فى قوله فى نفس الكتاب (العقل المصرى منذ عصوره الأولى عقل أن تأثر بشئ ، فإنما بتأثر بالبحر المتوسط ) .
وهذه النظرة الوطنية كانت تحمل فترة الوحدة الإسلامية المتمثلة فى حكم الرجل المريض وحكم المماليك كل ما أصاب الإنسان العربى من تخلف ، ومن خلال هذا تجاوزت فى حكمها لتشمل اتهام الانتماء العربى كله ، محاولة إلصاق كل عيوب الحكم العثمانى بالانتماء العربى نفسه ، ولعل جملة طه حسين فى هذا الكتاب نفسه وهى الجملة التى أدت إلى احراق كتبه فى دمشق تفسر هذه الظاهرة ، فيقول الدكتور طه حسين (إن التاريخ يحدثنا بأن رضاء مصر عن السلطان العربى بعد الفتح لم يبرأ من السخط ولم يخلص من المقاومة والثورة ، وبأنها لم تهنأ ولم تطمئن إلا حين أخذت تسترد شخصيتها المستقلة فى ظل ابن طولون ) .
وقد أثارت هذه العبارة كما أثار كتاب مستقبل الثقافة فى مصر كما أثار من قبلها كتاب فى الشعر الجاهلى للدكتور طه حسين ثائرة العالم العربى كله .
ودارت معارك اشتركت فيها كل الأقلام المعروفة فى المنطقة فى ذلك الحين ، ولكن تبقى القضية قائمة ، وهى وجود هذا الاتجاه الذى رأى طريق الخلاص فى اغلاق كل الصفحات القديمة ، وتمزيق كل ما يربط الحاضر بالماضى كله جملة وتفصيلاً ، واتجاه إلى اعتبار الإنسان العربى المعاصر وليداً جديداً يلتمس انتماءاته حوله ولا خلفه ، وينظر أمامه باصرار دون أن يحاول الارتكاز على نظرة جادة إلى الوراء ، وهذه الظاهرة الهامة أدت إلى الظاهرة الثانية التى ترسم ثانى الملامح فى تمرد إنسان العصر الحديث على تخلفه فى مطلع سنوات النهضة ، وتبرز رد فعله الحاد أمام عجزه وانبهاره برؤى الحضارة الحديثة ومعطياتها ، ونحن نعنى هنا اتجاه المثقفين إلى الايمان المطلق بأحكام المستشرقين ومقولاتهم عن الحضارة الإسلامية بعامة وعن التراث العربى بخاصة .
والواقع أن هذه الأحكام رغم أنها وليدة الدرس الجاد إلا أنها لم تخل مطلقاً من أصداء قديمة للمعارك العربية مع الروم أو الصليبيين ، كما أنها لم تخل من أصداء قديمة للإيمان باديان معادية أو الانتماء لشعوب تطلب لنفسها الغلبة والسيادة والتفوق ، ومن هنا كانت هذه الأحكام صاحبة موقف بالنسبة للحضارة الإسلامية بعامة وبالنسبة للإنسان العربى على وجه الخصوص .
أما الحضارة الإسلامية فقد حدد فون جرثيبام موقف عالم الاستشراق منها حين ذهب إلى أن دورها الأساسى كان نقل الحضارات القديمة إلى عصور النهضة ، سالباً اياها بهذا القول كل فضل فى الإبداع والخلق والاضافة ، وترسب هذا القول عند الدارسين العرب لأنه يوافق إلى حد كبير الاتجاه الذى أخذته موجة التمرد وتبنته ، ولذلك نجد كل الدارسين بلا استثناء مؤمنين بهذه المسلمة ويأخذونها مأخذ القضية التى لا تناقش إلى أن ثارت الأجيال التالية وبدأت فى مناقشة كل شئ ، وأول الأشياء مسلمات معوقة فيها شك كبير .
وتقول الدكتورة سهير القلماوى وكذلك الدكتور محمد مكى فى الفصل الخاص بالأدب فى كتاب أثر العرب والإسلام فى النهضة الأوربية : ( يختلف عطاء العرب للنهضة الأوربية فى ميدان الشعر عنه فى أى ميدان آخر نظراً إلى طبيعة المادة نفسها وإلى ظروفها ، ذلك أن الشعر العربى لم يكن كالفلسفة أو الطب نتاج حضارات سابقة حملها العرب بأمانة ) وإلى هنا ونحن مع مسلمة جروثيبام ، ولكن هذا الكتاب الصادر عام 1970 لا يستطيع بعد كل المناقشات التى دارت حول هذه المسلمة إلا أن يضيف فى رفق قوله : ( وأضافوا إليها فى أصالة ولعبوا فيها الدور الأخير والأساسى قبل أن يسلموها إلى عصر النهضة ) وهذا الاحتراز شئ جديد ولاشك ، ولكنه كما قلت وليد اعادة النظر وليد الرؤية التى أصبحت أكثر وضوحاً ودقة وفى الحقيقة فان هذه العبارة الرد على جروثيباوم ، إذ أن هذا الدور الطبيعى الذى تأخذه كل حضارة فى مسيرتها .
أما العقل العربى فقد وصمه المستشرق رينان بأنه عقل ينظر إلى الجزئيات ولا يستطيع تمثل الكليات ، وقد وجد هذا القول صداه أيضاً عند الدارسين فى مطلع النهضة حتى لنجد الدكتور أحمد أمين يقول فى كتابه فجر الإسلام (لاحظ بعض المستشرقين أن طبيعة العقل العربى لا تنظر إلى الأشياء نظرة عامة شاملة وليس فى استطاعتها ذلك ) وهذا الموقف من العقلية العربية هو ما تحاول كل الدراسات فى الأدب الشعبى أن تنفيه ، وأن تثبت عكسه ، ولكنه على كل حال وافق هوى عند المتمردين على الانتماء الشمولى الذى أدى فى ظل الدولة العثمانية إلى كل هذا التخلف للإنسان العربى ، هذان الاتجاهان الرئيسيان نجما من الاصطدام المباشر بالنهضة الأوربية ، وأدى إلى محاولة الخلاص من الانتماء العربى أو الإسلامى مرة ، وإلى محاولة التهوين من الحضارة الإسلامية والإنسان العربى مرة أخرى ..
وإذا كانت الدراسات قد أثبتت دوراً هاماً للعرب فى علوم الكيمياء والهندسة والفلك والطب والفيزياء والبيطرة والعلوم البحرية والجغرافيا والفلسفة والتاريخ إلا أن هذه الدراسات إنما كانت تحاول جاهدة أن تعيد للعقل العربى احترامه عند أصحابه أولاً ، إذ أن هذه تكاد عند النظرة الهادئة تكون تحصيل حاصل ، فالحضارة الإسلامية لعبت دوراً لا شك فيه فى تطوير الحضارة البشرية ونقلها نقلة هامة فى كل ميدان من الميادين ، وفى كل علم من العلوم التى تقوم عليها كل حضارة .
وبالتالى فلها دورها الهام فى كل فن من الفنون التى ساهمت فى تكوين الضمير البشرى وخلق الوجدان الإنسانى العام ، ولكن هذه الجهود كلها إنما كانت تحاول أن تعيد للعقل العربى مكانه واحترامه ، ذلك المكان الذى زلزله تماماً الالتقاء المفاجئ لإنسان العصر الحديث العربى بمعطيات الحضارة الأوربية أثر عصور التخلف والتكهف الطويلة ، وذلك الاحترام الذى ذهب به عند أصحابه بحثهم عن انتماء آخر ينجيهم من سبة الانتماء إلى شعب متخلف وإلى عقلية وصمها أعداؤها بالقصور لينالوا منها ، فآمن أبناؤها بالتهمة ، وحاولوا التبرأ من العقلية نفسها ، وما تحمل من تهم .
ولكن هذه المراحل من الرفض أو من التعصب ، كانت لازمة لخلق الاحياء العربى الجديد ، وكانت لازمة لنعرف أننا إنما نطلق كلمة ( عربى ) فى التراث على جماع ما قدمه أبناء الحضارة الإسلامية ، بكل موروثاتها الثقافية ، لتمتزج فى جسم واحد متلاحم ليعطى العالم ما يسمى باسم الحضارة الإسلامية أو الحضارة العربية .. فهى إسلامية لأنها وليدة الشعوب التى واجهت العالم متحدة باسم الإسلام ، وامتدت عبر قارات آسيا وأفريقيا لتدخل أوربا عن طريق الأندلس أو القرم أو جزر البحر الأبيض .. ثم لتمتد جنوباً حتى الصين والهند وأواسط أفريقيا وجزر الملايو وسومطرة .. وهى عربية لأن لغتها الأساسية كانت العربية ، لأن مكونيها الأول كانوا العرب ، ولأن العنصر البشرى الأول الذى ساعد على تكوينها كان هو العنصر العربى .. والواقع أن هذا يحدد لنا بوضوح سر المقولات التى أطلقها المستشرقون حول عقم الحضارة الإسلامية ، وكذلك حول قصور العقلية العربية ، فهم يعملون أن العقلية الجوهرية المسئولة عن تكوين البناء الضخم للحضارة الإسلامية هى العقلية العربية ، التى يعتبر الدين الإسلامى دينا يوائمها بالدرجة الأولى ، ويتفق مع معطياتها الوجدانية والإنسانية . وهى كرسالة للبشر إنما تبشير باتجاه عربى فى التفكير ، اتجاه عربى فى الحكم على الأشياء ، واتجاه عربى فى النظر إلى الكون فى علاقته بالإله ، وفى علاقته بعضه وبعض .. فإن ساد هذا الدين كل هذه الشعوب فمعنى هذا أنه أخضعها بكل مكوناتها ، وأخل موروثها القديم للقالب العربى فى الفكر والاحساس والعطاء ، فهى وان تعددت فى أصولها ومنابعها إنما تصب فى قالب عربى الاساس، منتجة ما سميناه بالحضارة الإسلامية .
فعطاء الحضارة الإسلامية عطاء عربى بهذا المفهوم – وهو – أعنى هذا المفهوم – يحل بالنسبة للكثيرين من الدارسين والمفكرين والباحثين ، الكثير من المعضلات حول معنى القومية العربية .. ومدى ارتباطها بالحضارة الإسلامية . والواقع أنه بالنسبة لعلوم الفلسفة وعلوم الدين وعلوم اللغة والأدب لم يجد الباحثون غضاضة من أن يسموا معطياتها باسم الفلسفة الإسلامية والعلوم الدينية الإسلامية .. ولكن فى علوم اللغة والأدب وقفت التسمية العربية ثابتة لا تريد أن تتغير على الرغم من أن هذه العلوم بالذات أسهم فيها تأليفاً وجمعاً ونقداً وتبوياً علماء ينتمون إلى كل المنطقة التى شملتها تسمية الحضارة الإسلامية . وعلى هذا أيضاً فنحن لم نجد اليوم غضاضة أن تنسب كل هذه العلوم للتسمية العربية مرة أخرى .
والواقع أن الدراسات الانثولوجية والدراسات الانثروبولوجية الحديثة قد انتهت إلى ربط أصول هذه المنطقة الإسلامية الشاملة منطقتين هما المنطقة الآرية والمنطقة السامية . وأولادهما تضم الهند وإيران وتركيا ، وثانيهما تشمل الشعوب الوسيطة بين قارتى آسيا وأفريقيا ثم شعوب الشمال الافريقى . وعلى الرغم من أن هذا التقسيم قائم على الإيمان بالافتراض الاسطورى لأولاد نوح : سام وحام ويافث . فيكون يافث هو الأب الاسطورى للمنطقة الأرية ، ويكون أولاد سام وحام وهما أبناء المنطقة السامية أو السامية الحامية . إلا أن هذه الدراسات قد قامت على أصول من الدراسات اللغوية ، واتجهت إلى جعل تراث الشعوب الآرية متكاملاً مع التراث الأوربى لتصبح شعوب المنطقة الثانية شعوباً من الدرجة الثانية لها تكوينها الخاص الأقل فى الدرجة والأهمية من شعوب المنطقة الأولى .. وهذا التقسيم وإن جزأ شعوب الحضارة الإسلامية جزءين قديمين ، إلا أنه لا يستطيع أن ينفى أن الإسلام وحد تماماً من الناحية الفكرية والثقافية بين شعوب المنطقتين . وأن أساطير وحكايات ومعتقدات المنطقة الآرية دخلت سواء مؤثرة – كما يذهب هؤلاء الدارسون – أو مؤثرة متأثرة كما يقول المنطق الطبيعى للأشياء ، فى البناء الضخم المكون للحضارة الإسلامية التى صهرت بواسطة الإسلام فى بوتقة العقلية العربية .. وكان عطاؤها كلها شئنا أم لم نشأ لنا ميولنا وأغراضنا العلمية ، عطاء العقلية العربية بالمعنى الذى ذهبنا إليه فى هذا الحديث ، وكان ابداعها فى ذلك الإطار الذى يمكن لنا أن نسميه مرة ابداع الحضارة الإسلامية ، وأن نسمية مرة أخرى بابداع الإنسان العربى .
ساحة النقاش