استخدام الرواية التاريخية في تدريس التاريخ بين الواقع والمأمول
دكتور / ناصر علي محمد أحمد برقي
خبير مناهج بمركز تطوير المناهج والمواد التعليمية
وزارة التربية والتعليم
مقدمة :
في عصر العولمة الذي تضاربت فيه المسميات التي تطلق علي هذا العصر، فهل هو زمن الرواية أم زمن الفيديو كليب أم زمن النت أم زمن الإبداع الجديد ، وأنني قد أواجه باعتراض كبير ضد ما اعتمده في رأي - فنحن في زمن الرواية .
وذلك لان الرواية – من وجهة نظري – هي الشكل الأكثر والأقدر تعبيراً عن الإحداث التي جرت ، وهو ما لم يتحقق لبقية الفنون ، فالرواية هي ينتجه الأديب ليكتب دفاعاً عن حقوق الإنسان ، ويترجم أهم حق فيها وهو الحرية .
وفي حلبة الصراع بين الميديا والتقنية الحديثة التي تسود العالم تتصارع الرواية مع الميديا ، فهل هو زمن الميديا أم زمن الرواية ؟
كانت الرواية بعامة والرواية التاريخية بخاصة وسيلة هامة لاكتساب المعلومات والمهارة الأسلوبية والتعرف علي شخصيات تاريخية أثرت في مسيرة الأمة وتقدمها .
ولا يجب النظر إلي الرواية علي كونها نوعاً من الترف الفني أو المتعة الجمالية الخالصة ، بل لها دوراً نشطاً في تحريك الأذهان ، وشحنها بالقيم والأفكار تجاه الماضي والواقع معا ، والتطلع نحو الغد انطلاقاً من هذه الأفكار وتلك القيم .
وإذا كان تعليم التاريخ في مدارسنا قد تعرض للكثير من النقد الذي تمثل في جفافه ، وكثرة التواريخ ، وتتابع الأحداث التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، بل وصل الأمر إلي كونها عبء خطير علي عقول ووجدان المتعلمين ، مما جعل بعضهم يهرب إلي دراسة مواد أخري اختيارية كالفلسفة وعلم النفس التي تعد كتبها في المرحلة الثانوية اقل حجما من كتاب التاريخ الذي يبلغ عدد أوراقه تقريبا حجم كتابي الفلسفة وعلم النفس معا .
وأشارت أحدي الدراسات إلي ضرورة إحداث تطوير في كافة السياسات التربوية ، ومنها بالتأكيد أهداف المواد الدراسية علي ضوء الأهداف العامة للتربية .
( ذوقان عبيدات ، و سهيلة أبو السميد، 2005، 345)
وهذا لا يتم دون استخدام كل جهد بناء في تحويل العملية التعليمية من الجفاف والتلقين إلي الحوار و المناقشة و إتاحة الفرصة إلي ممارسة مهارات التفكير العليا .


الإحساس بالمشكلة :
بالرغم من أهمية تدريس التاريخ كمادة حياتية ومستقبلية ، فلابد من تدريسه بطريقه فعاله ، وعلي الرغم من اتخاذ تنميته للمواطنة هدفاً قومياً ، وبالرغم من عقد العديد من الندوات والمؤتمرات والبحوث عنه ، إلا أنه يمكن القول أن هذا الهدف يصعب تحقيقه في مدارسنا وخاصة من خلال تدريس مادة التاريخ حيث أنها تعاني من استخدام الطرق التقليدية التي تركز علي تحصيل المعلومات وحفظها ، وأن تدريس التاريخ لا يحقق سوى جزء من أهداف دراسته ، وأن دور المعلم يقتصر علي التلقين وصب المعلومات التاريخية في عقول المتعلمين ، وهذا يجعل تدريس التاريخ بواقعه الحالي لا ينمي مهارات التفكير العليا ، وقد نبع الإحساس بمشكلة البحث من خلال :-
أولاً : ممارسة الباحث للتدريس في مدارسنا فقد تبين من خلاله مدى ضعف مهارات التفكير العليا.
ثانياً : محتوى مادة التاريخ يقدم من خلال عرض وجهة نظر واحدة فقط ، وهذا في حد ذاته يمنع ممارسة تنمية مهارات التفكير العليا .
ثالثاًَ : دور المعلم يقتصر علي الطريقة الإلقائية ، وطرح بعض الأسئلة لاسترجاع ما تم دراسته مسبقاً ، وتركز علي مهارات التفكير الدنيا ، ونادراً ما تنطلق لمهارات تفكير أعلي .
رابعاً : دور الطلاب قاصر علي الاستماع للشرح المقدم من قبل المعلم ، وإجاباتهم للأسئلة التي يواجهها المعلم دون ممارسة حقيقية لأنشطة تعليمية ودون ممارسة للتفكير ومهاراته فوضع الطلاب سلبي .
خامساً : توصيات العديد من الدراسات السابقة التي نادت بتطوير تدريس مادة التاريخ من خلال محتوى وأنشطة ووسائل تعليمية وأساليب التقويم .
سادساً: توصيات العديد من المؤتمرات علي تنمية مهارات التفكير العليا لدى المتعلمين ، ومنها التفكير العليا ، ولتدعيم الإحساس بالمشكلة قام الباحث بما يلي :-
1- إجراء دراسة استطلاعية قدمت لبعض المعلمين ، وكانت نتائجها كما يلي :- إجماع عدد كبير من المعلمين علي أنه لا يتم تنمية مهارات التفكير العليا لدى طلابهم عن طريق استخدام الروايات التاريخية ، لأن هناك معوقات عديدة هي :-
1- لم يتم إعداد المعلمين وتدريبهم علي استخدام الروايات التاريخية بدرجة كافية لتنمية مهارات التفكير العليا .
2- لم يتم تنظيم المحتوى بصورة تشير إلي ربط الروايات التاريخية بتدريس التاريخ لتنمية مهارات التفكير العليا .
3- عدم وجود عدد كافي من النسخ للروايات التاريخية التي يمكن استخدامها في استراتيجيات التدريس والوسائل والأنشطة التعليمية ليتم تنمية مهارات التفكير العليا .
5- سواء التقويم الشهري أو النهائي يقتصر علي جانب واحد فقط هو الجانب المعرفي في أدني مستوياته وهو التذكر .
وتأسيساً علي ما سبق يمكن القول أن تدريس التاريخ بشكله الحالي ، لا يساعد علي تنمية مهارات التفكير العليا لدى طلاب المرحلة الثانوية .
ومن هنا ظهرت الحاجة إلي البحث الحالي ليقدم للمعلمين وسيلة من وسائل إثراء تدريس التاريخ بالاعتماد علي الرواية التاريخية لطلاب الصف المرحلة الثانوية.
علي الرغم من أهمية الأدب بشكل عام ، والرواية بشكل خاص في تنمية العديد من أوجه التعلم من معارف وقيم ومهارات ، فان الاهتمام بتدريس التاريخ من خلال استخدام الروايات التاريخية لم يتم إلا علي نطاق ضيق جداً ، وخاصة إذا كانت الرواية تدرس ضمن مقررات مادة اللغة العربية ، فيدرسها المتعلم كجزء من مادة اللغة العربية ، أما أن يقوم معلم الدراسات الاجتماعية أو مؤلف كتاب الدراسات الاجتماعية ، وبالتحديد التاريخ إلي الإشارة إلي استخدام بعض القصص أو الروايات التاريخية ، فهذا ما لم يشير إليه الاستبيان الذي قدمه الباحث لمجموعة بحثية من معلمي الدراسات الاجتماعية عبر مراحل مختلفة ، وقد أشارت نتائج الاستبيان إلي ما يلي :-
1- لم يشير احد منهم إلى انه يستخدم النصوص أو الروايات التاريخية أثناء تدريسه للتاريخ .
2- لم يذكر احد منهم أسماء مجموعة قصص تاريخية سوى النذر البسيط الذي ربما درسه وهو طالب أو تعرض لدراسته أثناء الجامعة أو شاهدة كفيلم سينمائي .
3- اتفق عدد كبير من مجموعة البحث أنه يرى أهمية استخدامها في تدريس مادة التاريخ ولكن توجه معوقات فيها :
- عدم توافر هذه القصص والروايات بمكتبة المدرسة .
- عدم وجود إشارة لاستخدامها داخل الكتاب المدرسي .
- ضيق الوقت الذي يدرس فيه الدرس فلا مجال للتوسع .
- نظام الامتحانات لا يفي الجوانب الأدبية فهو عند بعضهم لا يمكن أن يتوسع في استخدام لعدم أهميته في جانب التقويم .
- عدم تشجيع الموجهين للمعلمين لإثارة بعض الفقرات من هذه الروايات أو القصص التاريخية .
وقد زاد الإحساس بالمشكلة من خلال تجربة الباحث نفسه في ميدان التدريس ومحاولة دمج القصص والروايات التاريخية فوجد استجابة عالية من تلاميذه وطلابه في كافة المرحل التي قام في التدريس فيها .
وهذا يتفق مع ما أقرته العديد من الدراسات والبحوث السابقة التي إشارة إلى أهمية استخدام الأدب والقصص في تدريس التاريخ ، لهذه الأسباب أصبحت الحاجة ملحة لاستخدام الرواية التاريخية في تدريس التاريخ .
مشكلة البحث :-
يمكن تحديد المشكلة في التساؤل الرئيسي التالي :-
" ما فاعلية استخدام الروايات التاريخية لتنمية مهارات التفكير العليا والميل نحو مادة التاريخ لدى طلاب المرحلة الثانوية "
ويتفرع عن هذا التساؤل الرئيسي التساؤلات الفرعية التالية :-
1- ما صورة دليل معلم قائم علي استخدام الروايات التاريخية في تدريس التاريخ لطلاب المرحلة الثانوية ؟
2- ما فاعلية استخدام الروايات التاريخية في تدريس التاريخ في تنمية مهارات التفكير العليا؟
3- ما فاعلية استخدام الروايات التاريخية في تنمية الميل نحو مادة التاريخ ؟
هدف البحث :-
هدف البحث الحالي إلي إثراء تدريس التاريخ باستخدام الروايات التاريخية لتنمية التفكير العليا والميل نحو مادة التاريخ لطلاب المرحلة الثانوية.
حدود البحث :-
تتمثل في الآتي :-
1- مجموعة بحثية من طلاب المرحلة الثانوية بمدرسة حسني مبارك الثانوية بنات بإدارة الزاوية الحمراء بمحافظة القاهرة .
2- بعض مهارات التفكير العليا .
3- بعض الروايات التاريخية التي تتناسب مع مادة التاريخ .
أهمية البحث :-
تتمثل أهمية البحث الحالي فيما يلي :-
1- أنه يعد استجابة للميدان من خلال مسايرة الاتجاهات التربوية الحديثة والتي تركز علي تنمية مهارات التفكير العليا .
2- ينمي مهارات التفكير العليا لدى طلاب المرحلة الثانوية ، وذلك من خلال استخدام الروايات التاريخية .
3- يقدم نموذج لاستخدام الروايات التاريخية كمدخل تدريسي لمساعدة معلمي مادة التاريخ في تنمية مهارات التفكير العليا عند طلابهم .
5- يقدم قائمة بأسماء الروايات التاريخية يستفيد منها القائمون علي تدريس التاريخ في تطوير تدريسه.
6- يقدم أداتين موضوعيتين وهما اختبار في التفكير العليا بمادة التاريخ ، ومقياس الميل نحو مادة التاريخ .
أدوات البحث :-
تمثلت أدوات البحث الحالي في الآتي :-
1- دليل معلم قائم علي استخدام الروايات التاريخية ( من إعداد الباحث )
2- اختبار مهارات التفكير العليا ( من إعداد الباحث ).
3- مقياس الميل نحو مادة التاريخ ( من إعداد الباحث ) .
إجراءات البحث :- سار البحث في الخطوات التالية :-
1- الإطلاع علي الأدبيات والبحوث السابقة .
2- إعداد قائمة بأسماء الروايات التاريخية .
3- بناء اختبار مهارات التفكير العليا وتطبيقه علي عينة استطلاعية لتحديد ثباته والزمن اللازم لتطبيقه .
4- بناء مقياس الميل نحو مادة التاريخ وتطبيقه علي عينة استطلاعية لتحديد ثباته ، والزمن اللازم لتطبيقه .
5- بناء دليل للمعلم قائم علي استخدام الروايات التاريخية.
6- عرض كل من الاختبار والمقياس علي الأستاذة المحكمين للحكم علي مدى صدقه والتعديل في ضوء آراءهم والتوصل إلي الصورة النهائية .
7- اختيار مجموعة بحثية من طلاب المرحلة الثانوية .
8- إجراء التطبيق القبلي لاختبار التفكير العليا في التاريخ ومقياس الميل نحو مادة التاريخ .
9- تدريس وحدة باستخدام الروايات التاريخية .
10- إجراء التطبيق البعدى لأدوات البحث علي المجموعة البحثية .
11- رصد البيانات ومعالجتها إحصائياً للتوصل لنتائج البحث .
12- تفسير النتائج ومناقشاتها في ضوء نتائج الأبحاث السابقة .
13- التوصيات والمقترحات في ضوء ما أسفرت عنه نتائج البحث .
الدراسات السابقة :
- دراسة : مسعد محمد الديب ( 1998):
(القصة التاريخية الإسلامية في مصر ، دراسة تحليلية نقدية مقارنة )
تناولت الدراسة في الباب الأول البذور الأولي للقصة التاريخية الإسلامية ، و الباب الثاني نمو القصة التاريخية الإسلامية ، والباب الثالث ازدهار القصة التاريخية الإسلامية ، والباب الرابع موازنات .
- دراسة : حمدي السكوت (2000م) :
( الرواية العربية ببلوجرافيا ومدخل نقدي 1865 – 1995 م ) .
تتناول الرواية العربية من خلال :
أولا : مدخل يوضح الرواية في مصر ، ثم الرواية في المشرق العربي ، ثم الرواية في شمال إفريقيا ، ثانيا : الرواية العربية ببليوجرافيا ، ثالثا : الفهارس .
- دراسة محمد حلمي القاعود (2003) :
( الرواية التاريخية في أدبنا الحديث دراسة تطبيقية )
تناولت الدراسة موضوع الرواية التاريخية في أدبنا الحديث من خلال استهلال عرض المؤلف موضوع كتابة ، وكيفية عرضه إلى من سبقوه في تناول الرواية التاريخية مثل :-
- دراسة محمد حامد شوكت حول فن القصص في الأدب العربي الحديث ، الصادر عن دار الفكر العربي ،1963م .
- دراسة قاسم عبده قاسم ، احمد إبراهيم الهوارى : التي تناولت دراسته أربع روايات تاريخية هي : (أرمانوسة المصرية ) لجرجى زيدان ، و( اليوم الموعود ) لنجيب الكيلانى ، و( اسلاماه ) لعلى احمد باكثير ، و(على باب زويلة ) لمحمد سعيد العريان ، وتناول الأول الجانب التاريخي ، بينما يتناول الثاني الدراسة الأدبية ، وقد صدر الكتاب عن دار المعارف القاهرة 1979م
- دراسة عبد المحسن طه بدر : حيث تناول نجيب محفوظ الرؤية الأداة ، ط2، دار المعارف ، القاهرة ، وتناول روايات (عبث الأقدار ) و ( رادو بيس ) ثم ( كفاح طيبة).
ونظراً لما توصل إليه المؤلف من عدم وجود دراسة سابقة كاملة للرواية التاريخية ، وبوصفها لوناً فنياً متميزا له خصائصه وجهوده وتأثيره وهذا ما دفعة إلى دراسة الرواية التاريخية ، وقسمها فنيا إلى ثلاث أقسام :- الأول : رواية التعليم ، الثاني : رواية النضج ، الثالث: الاستدعاء .
- دراسة : المشهد الروائي العربي – المجلس الأعلى للثقافة ( 2008م ) :
في الفترة من 17 إلى 20 فبراير 2008م عقد ملتقى القاهرة للإبداع الروائي العربي ، وكان العنوان الرئيسي الذي تدور في رحابة كل محاور الملتقى وهو "الرواية العربية الآن " وهو ما سيصدر في كتاب بنفس العنوان ، وما تم إصداره هو طبعة تجريبية من كتاب مرجعي بعنوان : المشهد الروائي العربي – عن المجلس الأعلى للثقافة ، ومن خلال مراجعة المشهد الروائي في مصر الذي تناوله مجدي توفيق مشيراً إلى المشهد الروائي في مصر بكثير من الأبطال حيث الكثير من الروائيين وبالروايات وشمل الكتاب للمشهد الروائي العربي في كل من السودان وسوريا ولبنان والعراق والمغرب وفلسطين وغيرها من البلاد .
تعريف الرواية :
الرواية حكاية تعتمد على السرد والوصف ، وقد يدخل فيها الحوار أحياناً ، وهى عرض لفكرة ، أو تسجيل لصورة أو بسط العاطفة ، مما يرسم قطاعا خاصا من المجتمع في ملابسات متباعدة لأناس يرحون ويجيئون على مسرح الحياة ، إنها حكاية لحدث أو أحداث مما يقع في الحياة ، أو مما يمكن إن يقع .

و تختلف الرواية عن الأقصوصة و القصة حيث إن :
1- الأقصوصة :
تعالج جانبا واحدا من الحياة ، لا عدة جوانب فتقتصر على سرد حادثة ذات عناصر جزئية ، تندرج تحتها لتؤلف موضوعا مستقلا بشخصياته ومقوماته .
2- القصة :
تعالج جوانب أوسع مما تعالجه الأقصوصة ، وكاتب القصة أمامه مجال رحب ، و فرصة واسعة ليعدد مشاهدها ، و يطور أحدثها على صورة قوية متماسكة .
فالرواية عمل ممتد فسيح قد تصل إلى عدة أجزاء تبلغ العشرين ، لتصور أحداثا متعاقبة ، قد تمتد حتى تتسع لعدة أجيال ، فهي حكاية لحدث أو أحداث مما يقع في الحياة ، أو مما يمكن إن يقع ، وتتخلص عناصر الرواية ومقوماتها في الحادثة ، والسرد أو الحوار ، والبناء الفني ، والشخصيات ، والزمان ، والمكان ، والفكرة ، ومن فروع الرواية نجد فرع الرواية التاريخية التي يعتمد الكاتب فيها على أحداث التاريخ الماضية ، حيث أن أحداث التاريخ تشجع الكاتب على إن يتخذ منها مادة للقصة ، وذلك لطواعية حقائقها للرمز والإيحاء والإشارة ، وغيرها من أدوات التعبير التي تسير طبيعة الأدب .
نشأة الرواية العربية :-
يمكن القول أن الرواية العربية قد نشأت أول ما نشأت في مصر والشام ، وان هناك اختلاف بين النقاد حول نشأت الرواية العربية الحديثة ، فالبعض يرى أن العرب قد كتبوا الأدب الروائي والقصصي منذ وقت مبكر حيث يستشهدون بملاحم ( عنترة ورأس الغول وسيف بن ذي يزن والسيرة الهلالية وحكايات ألف ليلة وليلة ورسالة الغفران وقصة حي بن يقظان ...وغيرها ).
والبعض يرى أن الرواية الحديثة سوى شكل ادبى جديد استوردناه من الخارج منذ النصف الثامن من القرن التاسع عشر ، ومهما يكن الأمر فان جذور الأدب القصصي ، من حكايات وأساطير وملاحم ، قد وجدت منذ القدم في أدب كل مجتمع سواء من ذلك المجتمع العربي أو المجتمعات الأوروبية وغير الأوروبية ، ومن الملاحظ أن الاتجاهات الأقل انتشار الروايات الخيال العلمي وقضية المرأة وروايات الحداثة ، أو ما بعد الحداثة .
وكانت أول رواية عربية ظهرت هي ( زينب ) لمحمد حسين هيكل ، وذلك عام 1913م ، وذلك لاختلافها عن ( حيث عيسى بن هشام ) لمحمد المويلحي التي لا تصل إلى درجة الرواية وإلا ستكون رواية رديئة جداً لخلوها من المتطلبات الأساسية لاى عمل روائي جيد .
وإما ( عذراء دنشواي ) لمحمود حنفي تعد كتقرير صحفي أو تقرير تاريخي لحادثة دنشواي ، بعكس رواية زينب التي تمثل رواية تقوم على أحداث حياه الراوي الخاصة ، اى أن بها كثير من الواقعية ، خاصة لأحداث تتناول القرية المصرية من حيث العادات والتقاليد مما اكسب الرواية أمانة .
ونشير إلى انه عندما طبعت الرواية للمرة الثانية عام 1929م ، قلدها الكثيرون فنرى المازني يكتب روايته ( إبراهيم الكاتب )1931م ، وتوفيق الحكيم يكتب روايته ( عودة الروح )1933م ، ثم ( يوميات نائب في الأرياف ) 1936م ، و( عصفور من الشرق) 1938م ، و( الرباط المقدس ) 1944م ، أما العقاد فنشر روايته الوحيدة ( سارة ) 1938م ونشر طه حسين وروايته ( أديب )1936 و ( شجرة البؤس )1944م ، ونشر يحيى حقي روايته ( البوسطجى ) 1933م ، ( قنديل أم هاشم ) 1944م ، ولحق نجيب محفوظ براويته ( عبث الأقدار ) ، ونلاحظ أن طبع رواية زينب للمرة الأولى 1913م ، وللمرة الثانية عام 1929م ، نجد أن الخلاف تمثل في أيهما سبق البداية الحقيقية للراوية .
أما على صعيد الرواية التاريخية المصرية ، فيمكن اعتبار رواية (ابنة الملوك ) التي ظهرت 1926 لمؤلفها محمد فريد أبو حديد.
الرواية والتربية :
تعد الرواية مصدر من مصادر المعرفة حيث تتمثل قيمتها المعلوماتية في تقديمها معلومات وافية عن بعض المعلومات الغنية ونذكر فيها رواية ( العطر ) للألماني باتريك زوسكيند و التي تقدم معلومات وافية عن طرائق استخلاص العطور ، و موبى ديك التي تقدم معرفة شبه كاملة بالحوت الأبيض ، و( الحب في زمن الكوليرا ) لماركيز ، التي تقدم تطور كل من الطب والملاحة النهرية في مناطق الانديز خلال نصف قرن انقضى بين وعد قطعه عاشق على نفسه لحبيبته وتحقق هذا الوعد .
كما عبرت الرواية عن جيل التسعينات ، فهل هناك وصف لهذا الجيل الذي عاش حياة الانفتاح الاقتصادي والتطبيع السياسي وهجرة المصريين إلى الخارج واختلال سلم القيم و سيطرة المادة على الفن و اختراق المحرمات والترويح لما يهدم القيم الثابتة ويبشر بالقيم الوافدة التي لا تتسم مع قيمها الأصلية ، وكذلك عبرت الرواية عن جيل هزيمة حزيران ( يونيو ) 1967م .
علاقة ايجابية :-
تتمثل العلاقة الايجابية في إن الرواية التي تعرض الأحداث عبر فترة تاريخية من تاريخنا فهي تفيد في مسالة التاريخ حيث بقراءتها نتعرف على ما حدث في حقبة تاريخية ، فضلاً عن ما تقدمه الرواية من قيمة معلوماتية تعد مصدر من مصادر الكتابة التاريخية اى إن الرواية تعامل معاملة المرجع التاريخي .
و نذكر لها على سبيل المثال رواية صلاح عيسى ( رجال ريا وسكينة ) التي بالإضافة إلى المتعة الفنية هناك الجانب التوثيقى و المعرفي و هو ما يجعلها مرجع تاريخي للحقبة التاريخية من تاريخ الإسكندرية .
( شحاتة العريان ، 2008 ، 24 )
و في حالات ضيق مساحات الحرية والديمقراطية كان الكتاب سيستخدمون التاريخ كمعادل رمزي لإسقاطه على الحاضر، وهذا ما قام به عبد الرحمن الشرقاوي في ( الفتى مهران ) و (الحسين ثائرا و شهيدا ) ثم استخدمه مسعد مكاوي في ( السائرون نياما ).
مُر الرواية :-
نعم مرارة الرواية اقصد به ما شهدته الرواية من مناخ ثقافي فاسد ظهرت فيه روايات هشة و ضعيفة وفاسد تناسب الأجواء السياسية السيئة التي جعلت من إعمال تدعو إلى الترويج إلى أفكار الشواذ و المثلية ، فهل هذه الأعمال والتي للأسف قد وصلت طبعاتها إلى الطبعة الرابعة عشرة تمثل فعلاً رواية لها وزنها و قيمتها أم إنها محاولة اختراق ثقافي لهذا المجتمع المصري بل و العربي والذي يتميز بثقافته التي هي دعاء للقيم الايجابية والسليمة وليست الرواية - من وجهة نظري - ستكون البوق الذي ينشر ثقافة الشواذ والمثالية حتى وإن تحولت تلك الرواية إلى فيلم سينمائي يبشر بالمثلية للرجال أو ما تبعه فيلم أخر يشير في احد مشاهدة إلى مثلية النساء .
إن الرواية الحقيقية هي التي تعبر عن واقع ثقافي واجتماعي وسياسي واقتصادي ، والإبداع فيها هو القدرة على الكشف عن هذا الواقع بلغة جيدة وبناء متقن يجذب القارئ ويجعله يستمع لا لكي يصبح وسيلة هدامة لنشر فكر الرزيلة و الايباحيه والشواذ .
الرواية وقضايا ومشكلات المجتمع :
1- الرواية وقضية الوحدة الوطنية :
أسهمت الرواية بدور في مسالة الفتنة الطائفية ، ونذكر مثالا لذلك رواية ( خالتي صفية والدير )1991، حيث ركز مؤلفها بهاء طاهر علي شخصية البطل أو الراوي إلي عادات وأوضاع اجتماعية حميدة تتلاشي لتحل محلها عادات حقيقة من الحقد والتعصب .
واهم ما في الرواية هو تناول القضية بنعومة ووداعة ونبرة هادئة ، فالمكان قرية تجاور الدير في صعيد مصر ، وأظهرت العلاقات بين المقدس بشاي في الدير وبالصبي الذي يحضر علي الحمار يحمل صندوق الكعك في العيد الصغير ، وفي المقابل يهدي أهل الدير البلح المسكر الصغير النوي في الأعياد والمواسم وهو ما يمثل الروح الطيبة التي تسود مجتمع القرية المسلم والدير المسيحي ، فالدير والقرية بينهما علاقة مودة وألفة ومجاملات وتعاون ، أما أبطال الرواية فهم ( صفية ) خالة الراوي اليتيمة الجميلة بل فائقة الجمال ، وتتوقع إن يتقدم ( حربي ) لخطبتها ، وظلت تنتظر حتى حضر هو وخاله ( عسران بك ) ليفاجأ الجميع إن حربي يطلب يد صفية لخاله الذي يكبرها بعشرات السنين ، وفي غضب صفية توافق علي الزواج في الحال وتنجب طفلا ، وتتردد إشاعات بان ( حربي ) يريد قتل الطفل طمعا في الميراث ، ويأمر (عسران بك) رجاله باهانته وضربه ويتحمل ( حربي ) ثم يطلق عليه الرصاص ويقتله ويحكم علي ( حربي ) بالسجن 15 سنة ، وتربي صفية ابنها ، لينتقم من ( حربي ) لقتله أبيه ، ويخرج ( حربي ) نظرا لشدة مرضه قبل المدة ، ولا يجد مكان سوي الدير، ولكن صفية تريد إن تنتقم بجعل احد المطاريد يقوم بقتل حربي في الدير، ولكن حربي هو الذي يقتله دفاعاً عن نفسه ، وعندما تعلم صفيه أن المرض اشتد علي حربي ، تدخل غرفتها ولا تخرج منها ، وتروح في غيبوبة طويلة ، وعندما يزورها والد الراوي فتفيق من بالغيبوبة ، وتقول له بصوت طفولي (أن كان حربي يطلب يدي فقل للبيك إني موافقة ) ، ويختم الراوي بتساؤلات كثيرة كلها تثبت روح التسامح والود المتغلغلة بين المسيحيين والمسلمين في مصر علي مر التاريخ ، ويكفي أن نذكر أن والد الراوي يقول ( ألم يرسل الحبيب عليه الصلاة والسلام أوائل المسلمين إلي الناس حرصا علي حياتهم )؟
وكل شخصيات العمل الروائي طيبة ما عدا (صفية) المسلمة لظروف صدمتها في حبها لحربي وأهانتها بطلبه زواج خاله منها ، والشخصية الثانية ( حنين ) المسيحي للطمع والجشع وحب المال ، ويهمنا ما ركزت عليه الرواية من قيم الوحدة الوطنية والطيبة والسماحة والعطاء واحترام التقاليد والحرص علي أماكن عبادة الآخرين وان الخير ينتصر مهما تحالف الشر ( صفية و حنين ) لتحقيق رغبتهما ، وكانت الرواية نداء من مؤلفها إلي أن تظل هذه العادات الطيبة ، وذلك الود المتبادل قائما بين الطائفتين .
( حمدي السكوت ،2000، 104-108)
الرواية وقضية المرأة :
تناولت الرواية المرأة من خلال عدد كبير منها ، ولعل ابرز ما قدمته الرواية في الأدب رواية ( غادة الكاميليا ) التي كتبها رواية ثم مسرحية الكاتب ألكسندر ديماس ( الابن ) وتصور حياة امرأة - محظية – من محظيات باريس التي أحبت شاباً ، ولكن الأب يقف ضد هذا الحب ، وتسعي المرأة إلي صد الشاب حتى تمرض ثم تموت بداء الصدر ، ويكون الموت أخر صفحاتها .
ثم هناك رواية (مدام بوفاري ) للكاتب الفرنسي جوستاف فلوبير حيث قدم صورة للمرأة التي لا تملك أداة لهذا الطموح إلا جسدها وخيالها ، ويكفي أن نذكر ما قاله فلوبير عنها ( ولما كانت فاكهة الحقل المجاور أحلي دائما عندها من فاكهة حقلها ، فقد هوت من سقطة إلي سقطة ، حتى وقفت لتختار بين السجن أو القبر ، فاختارت القبر) .

الرواية والمجتمع :
يمكن أن نشير إلي ديستويفسكي معلم الرواية العظيم ، بل هو أعظم معلميها علي الإطلاق ، فهو عندما يكتب رواية تستطيع أن تقرا فيه المجتمع كله ، وكل تياراته السياسية والفكرية .
واهم ما يبرزه انه لا قيمة لحياة الإنسان دون أن يعرف غايته ، وكأنه يقول مع رؤيا يوحنا كما حدثنا مرة في رواية الشياطين ( لا تكن فاتراً ......كن بارداً أو حاراً ...كن منكراً أو مؤمناً ...كن شريراً ....أو خيراً ....ولكن لا تكن أبداً بلا طعم ولا مذاق )
(صلاح عبد الصبور، 1995 )
وتتميز الرواية بتسجيل تطور المجتمع بأجياله ، فنشير إلي أول رواية أجيال في تاريخ الرواية العربية ، وهي ( شجرة البؤس ) لطه حسين ، حيث تتبع الرواية حياة أحد شخصياتها من الرابعة عشرة من عمرها حتى بلغت السبعين ، وهنا تفيد الرواية في تحقيق عدد من الجوانب الايجابية ومن أبرزها :-
- النجاح في تقديم صورة فنية للعوامل الاجتماعية التي تؤثر في المجتمع .
- وصف نظام العادات والتقاليد التي تطرأ علي المجتمع .
- شكل أدبي جديد بالاهتمام انعكس علي ما أتي بعده فظهرت روايات السحار
مثل : في قافلة الزمان 1947 والشارع الجديد 1952 .
ووصل الأمر بنجيب محفوظ أن يكتب أفضل رواية أجيال في اللغة العربية حتى الآن ، وهي الثلاثية (بين القصرين) و(قصر الشوق) و (السكرية) .
، وكذلك عبرت الرواية عن بعض القضايا التي تؤثر علي العلاقة بين الرجل والمرأة ألا وهي إنجاب الأطفال ، كما في رواية ( عذراء الغروب ودوائر عدم الإمكان ) لمجيد طوبيا ، 1986. ولنرصد منها هذا المشهد :
[عواد : ولم اصدق أن كل هذا الجمال لا يخلف .
هنومة : ولكنه لا يخلف .......... ولكنني كصنم المرمر ، جميل لكنه لا يعقب ].
الرواية المترجمة بين الماضي والحاضر :-
كانت بداية عملية الترجمة للروايات من اللغات الأجنبية كالفرنسية والإنجليزية ، قد بدأت علي يد رفاعة الطهطاوي (1801-1873) عندما ترجم رواية فنلون لتليماك ، وان كان قد وضع لها عنوان علي غرار ما كان سائدا في ذلك الوقت ، وهو ( مواقع الأفلاك في وقائع تليماك ) ثم أخذت حركة الترجمة تزداد بفضل الإقبال الشديد لجمهور القراءة ، فظهرت ترجمة بشارة شديد لرواية ( الكونت دي مونت كريستو ) لمؤلفها ألكسندر ديماس (الأب ) 1871 ، ووصلت الروايات المترجمة إلي العشرات .
ونلاحظ أن الروايات المترجمة كانت ذات أهمية ثانوية هذا من ناحية ، ووصل الأمر إلي أن ينسب المترجم النص إلي نفسه أحيانا ، أو ينسب عمله هو إلي مؤلف أجنبي جذباً للقراء أحيانا أخري .
واختلفت المواقف بين معارض ومؤيد لحركة ترجمة الروايات ، فالفريق الأول رأي إنها غزواً ثقافياً يجب محاربته والتصدي له بإحياء التراث والحضارة العربية ، والفريق الثاني رأي أنها نتاج حضارة عالمية ناتجة من كافة المجتمعات ، ولابد من الاستفادة منها دون إضاعة الوقت والجهد في إحياء تراث لا يلائم الوقت الحاضر.
أما الفريق الثالث - ويسمي بالمستنيرين - فيري أن العقل يجب أن يستفيد مما يساعد علي تقوية المجتمع العربي والمسلم ، سواء في ذلك ما جاء من الحضارة الوافدة ، أو من التراث العربي القديم ، ولكن بشرط توظيف واستحسان ما يقدم فيها .
ولكن مع الوقت وزيادة شعبية الروايات المترجمة ظهر من ينادي للانصراف عنها كلية ، ثم اتجه آخرون لإحياء شكل المقامة وغيرها من إشكال الفن العربي ، وأما الفريق الثالث فقد اتجه إلي كتابة الرواية في شكلها الغربي المألوف مع محاولة توظيف الرواية لخدمة أغراض أهداف تربوية أو أخلاقية أو تاريخية أو اجتماعية حتى تكون لروايتهم كنايات ذات معني وليست لكتابات تافهة وللتعليم فقط .
الرواية والسيرة الذاتية :
وتفيد الرواية في أنها تشبه التاريخ في تسجيل ما مر من إحداث ، ومن يقرأ ( الأيام ) لطه حسين يعرف كيف تكون الرواية تسجيل حي للسيرة الذاتية ، وهناك ( الوسية ) لخليل حسن خليل 1983، والتي جسدت حياة مؤلفها ، وأبرزت أقصي درجات الذل والفقر التي وصلتها مصر في ذلك الوقت .
الرواية والحضارات :
حيث تمثل الرواية علي أنها بمثابة عرض لتجارب تلاقي أو تصارع الحضارات ، الم يسجل يحيي حقي رائعته ( قنديل أم هاشم ) ، وكذلك لتعبر عن الصراع بين قيم الحضارة الغربية والقيم والعادات التقليدية .
العلاقة بين التاريخ و الرواية :-
يعد التاريخ في أساسه رواية ، وكان التاريخ المصدر الرئيسي – ولا يزال – لفن الرواية و فن القص لدينا ، وكذلك فنون الدراما عموما ، و لعل ملامح توظيف التاريخ في الرواية تظهر في الأدب مثلا في روايات جورجي زيدان التي كانت تؤرخ للعصر الاسلامى بشكل روائي و أيضا في المسرح عند احمد شوقي مثلا ، و في الأفلام السينمائية الأولى عند إبراهيم رمزي و استخدام التاريخ كموضوع للرواية استمر على يد كتاب مثل محمد فريد أبو حديد و محمد سعيد العريان وعلى احمد باكثير وفي بدايات نجيب محفوظ .
الرواية بين قيود التاريخ وخيال الأديب :
هناك علاقة شائكة بين التاريخ والرواية ، وتتمثل في مخالفة كاتب الرواية لأحداث التاريخ ، وقد يكون هذا عن عمد – وهو ما يمكن أن يقال عن أنه تزييف للتاريخ – أو أن يخالف التاريخ لجهله ، أو لكي يسعي إلي التشويق والإثارة علي حساب التاريخ وأحداثه ، ومهما يكن من أوجه الاختلاف ، تبقي للرواية مذاقها وللتاريخ طعمه الخاص ، وهذا ما يجب الاستفادة منه عند دراسة التاريخ ، أليس التضارب و الاختلاف بين الرواية والتاريخ ، لو تم استغلاله سيكون مفيداً في تدريس التاريخ .
ومثال تطبيقي لذلك هو ما حدث عند تناول شخصية ( علي بك الكبير ) فبالإضافة إلى مخالفة اتفاق اتحاد الروس وتحالفهم مع على بك الكبير هو خلق قصة حب اى محور عاطفي ، وهى شخصية آمال الجارية التي يتزوجها على بك ، ثم يفتن بها مراد بك ثم يلبث أنها شقيقته .
برغم أن الجبرتي قد ذكر محوراً عاطفياً هو انه كانت لدى على بك الكبير جارية شركسية بارعة الجمال ، واستطاع أبو الدهب عندما علم بحب مراد بك لها حباً شديداً ، فوعد ( أبو الدهب ) (مراد بك ) بأنه سيزوجه هذه الجارية ، وتلك الجارية بعد إتمام عملية الخيانة ، سميت باسم ( نفيسة المرادية ) ، وكانت أعظم نساء عصرها .

نماذج لكُتاب روايات تاريخية
كتُاب الرواية التاريخية :
يعد جيل الرواد فى الرواية التاريخية الذي أتى فى مقدمته (محمد فريد أبو حديد ) 1893م- 1967م الذي قاد فريق من كتُاب الرواية التاريخية التي تعتمد وتستمد أفكارها من التاريخ العربي والاسلامى ، ومنها مثل : على الجارم (1881م- 1949م )، و محمد سعيد العريان (1905- 1964)، وعلى أحمد باكثير (1910م- 1969) ، ومن ابرز أعمال محمد فريد أبو حديد هي رواية ( الوعاء المرمري ) التي نشرت عام 1951م ، والتي تعد أفضل ما كتب فى الرواية التاريخية ، وجرجى زيدان ( 1861 – 1914) اصدر أكثر من عشرين رواية تاريخية .
( حمدي السكوت ،2000، 50 )
- الكاتب : جرجي زيدان :-
يعتبر ( جرجي زيدان ) الرائد الحقيقي لفن كتابة الرواية التاريخية ، فقد وصلت رواياته إلى ثلاث وعشرين رواية ، وقد اتخذ الرواية التاريخية وسيلة لنقل المعلومات التاريخية التي ينبغي إن يتعرف عليها جمهور القراء ، اى إن الغاية هي غاية " تعليمية بالدرجة الأولى " ، يضاف إليها عنصر التسلية .
ومن ابرز أوجه النقد إلى يمكن ذكرها بشأن دور ( جرجى زيدان ) هي :-
- لم يكن الإحساس القومي ضمن دوافعه وغاياته ، وهذا ما جعله يختلف عن غيره من الكتاب الذين كانوا يتحركون من خلال وعى ديني وقومي ووطني .
- غلبة الانتماء الديني أو التأثر بالمستشرقين جعله يترك الفترات المشرقة في تاريخ المسلمين دون إن يصورها أو يعتني بها بدرجه كافية ، بل ركز على الفترات الحساسة الشائكة .
- تصويره للخلفاء تصويراً يحط من قدرهم ، ويجعلهم اقرب إلى الانتهازيين والأفاقين .
وقد أشارت أيضاً احدي الدراسات إلي أن هناك الكثير من أوجه النقد التي وجهت إلى روايات جرجى زيدان حيث يقوم الجانب غير التاريخي فيها غالباً على الأحداث السريعة والمفاجآت والمصادفات والمؤامرات و الحب و القتل ....... الخ ، ولا تحظى الشخصيات فيها بعناية كبيرة ، ومع ذلك يتم تصوير لبعض المواقف على نحو أكثر واقعية ونضجاً وتحوى بعض التصوير النفسي الدقيق الذي تشيع فيه لمحات إنسانية مؤثرة .
( حمدي السكوت ،2000، 50 )
وبالرغم مما كتبة جرجي زيدان فأنه يمكن القول بان تصور وجهة نظر أي مؤلف لا يمكن تغييرها ، ما لم يكن هو نفسه مقنعاً عن يقين راسخ ، وعن عقيدة ثابتة ، ونستطيع القول إن جرجي زيدان قد أفاد الأدب العربي الحديث فائدة كبرى ، حين حول انتباه كتابة الرواية ، بل المسرحية إلى معين لا ينضب ، وهو معين التاريخ أو التراث ، ولما فيه من مادة ثرية يعتبرون من خلالها عن همومهم الحاضرة وأشواقهم العديدة .
وأهم مؤلفات جرجى زيدان :
1- ارمانوسة المصرية – فتح مصر على يد عمرو ابن العاص- 1895م
2- فتاة غسان ج1 ، ج2- أخر الجاهلية وأول الإسلام - 1897 م
3- عذراء قريش – مقتل الخليفة عثمان ابن عفان - 1898م
4- 17 رمضان – مقتل الإمام على - 1899م
5- غادة كربلاء – مقتل الإمام الحسين -1900م
6- الحجاج بن يوسف – حصار مكة على عهد عبد الله بن الزبير- 1901 م
7- فتح الأندلس – فتح اسبانيا -1902م
8- شارل وعبد الرحمن – فتح العرب لاسبانيا وفشلهم - 1903م
9- أبو مسلم الخراساني – سقوط الأموية و قيام العباسية - 1904م
10- العباسة أخت الرشيد – نكبة البرامكة 1905م
11- الأمين و المأمون – الخلاف بين الأمين و المأمون 1906م 12- عروس فرغانة – قيام الفرس والروم ضد الخلافة العباسية 1907م
13- احمد ابن طولون – أحوال مصر زمن احمد بن طولون 1908م
14- عبد الرحمن الناصر –بلاد الأندلس زمن عبد الرحمن الناصر وخروج ابنه عليه 1912
15- فتاة القيروان : الصراع بين الفاطميين و الإخشيديين 1911م
16- صلاح الدين و مكائد الحشاشين : تصف الإسماعيلية وتولى حكم صلاح الدين 1912م
17- شجرة الدر : انتقال الخلافة من بغداد إلى مصر 1913م
و هناك الروايات الأربع تتناول تاريخ العصر الحديث
18- الملوك الشارد 1891م
19- أسير المتمهدى 1892م
20- استبداد المماليك 1893م
21- محمد على .
22- الانقلاب العثماني .
23- جهاد المحبين .
- الكاتب : على الجازم :-
يتميز دور ( على الجازم ) بأنه اهتم بالرواية التاريخية من منظور اسلامى صاف ، بل كانت لتعالج الرواية من خلال أحداثها وشخصياتها لقضايا وأفكار – تؤرق الكاتب والأمة وخاصة معاناة الاحتلال الاجنبى والمتعددة فهو يهدف إلى بعث روحها وشحذ همتها ، بالإضافة إلى الاهتمام بالأسلوب والتعبير ، وذلك لتحقيق فيما يبدو هدفاً تعليمياً أخر هو " تعليم اللغة "
ومن ابرز أعمالة ( هاتف من الأندلس ) و( غادة رشيد ) وكانت مقررة لمدة سنوات طويلة علي طلاب المدارس ، وقد تناولت رواية ( هاتف من الأندلس) في فترات الحكم الاسلامى في الأندلس والمعروفة بعصر الطوائف ، أما (غادة رشيد ) كتبت عن مدينة رشيد ومصر في مواجهة الحملة الفرنسية والحملة الانجليزية 1807م .
الرواية ودورها في تنمية مهارات التفكير العليا :
بالنظر إلي واقع تعليمنا نجده قد تعرض للكثير من أوجه النقد ، وخاصة أن النمط الفكري الذي نعتمده يقدس المادة التعليمية التي بالكتب ليحفظها المتعلمين جيداً وهذا يتنافى مع الإبداع الذي يعني إحلال نمط جديد محل نمط قديم ، وهذا لن يحدث في ظل مراحل تعليم تحكمها وتقيدها سلطة النصوص وسيادة المنهج التقليدي.
فالكتاب المدرسي عند معالجته للقضايا والمشكلات يعالجها في ضوء الظروف السائدة وقت تأليفه ، إلا انه سرعان ما يطرأ علي تلك القضايا والمشكلات تغيرات أو تظهر قضايا ومشكلات جديدة ، بعد أن يكون الكتاب المدرسي قد تم إعداده ، لذا نحن في حاجة إلي أن نقوم بدراسة القضايا والمشكلات لنتعرف علي التغيرات التي طرأت عليها أو علي تلك القضايا والمشكلات التي ظهرت حتى يجعل الطلاب علي اتصال دائم بما يحدث حولهم .
معوقات تنمية مهارات التفكير العليا :-
• المناخ التقليدي السائد في المدرسة والصف الدراسي يقدس الحفظ و التذكر، وهذا ضد المواصفات الخاصة يجب أن تتصف بها بيئة تنمية مهارات التفكير العليا.
• نقص الإمكانات الملائمة واللازمة لتنمية مهارات التفكير العليا.
• المناهج الدراسية المصاغة بصورة تركز علي حشو الذاكرة بدلاً من تنمية مهارات التفكير العليا واعتمادها علي الحفظ والاستظهار فضلاً عن ازدحامها بالمعلومات مع خلوها من الأنشطة التي تفيد التفكير وتميزه وتجعله إبداعياً ونقدياً .
• أساليب التدريس التي تركز علي الذاكرة والتلقين وتعوق القدرات التفكيرية لدي التلاميذ وبالتالي تعوق إبداعاتهم .
• أساليب التقويم وما يرتبط بها من أهداف وفعاليات تعمل علي قياس القدرة علي الحفظ والإجابات النقيضية.
• الإدارة الصعبة للمتعلم وخاصة ما يفرضه المعلم علي تلاميذه من قيم وأفكار تكون ضد التفكير والنقد والإبداع .
• الشعور بالنقص والإيحاءات السلبية من قبل المعلم والتلميذ وانه ليس في الإمكان أبدع مما هو كائن .
• قصور الإدارة المدرسية وجهل القائمين عليها وجهود تفكيرهم بل ومحاربتهم للأفكار الإبداعية .
• انعدام التشجيع ، وضعف الحوافز التقليدية والتربية الإبداعية وممارسات كل منهم .
دور التاريخ في تنمية مهارات التفكير العليا :-
تنص أهداف التاريخ في مراحل التعليم العام بصفة عامة علي تنمية القدرة علي التفكير وتوظيفه في حل المشكلات والاهتمام بتعليم الفرد استنتاج الحقائق والمعلومات وتحليلها ونقدها ، وتنمية القدرة علي التعبير والمناقشة العلمية والمشاركة في الحوار ، ولتحقيق هذه الأهداف لابد من محتوي يتمثل في المقررات الدراسية في مجال التاريخ واستراتيجيات حديثة ومعلم ان لم يكن مبدعاً فعلي الأقل لديه اتجاه موجب نحو الإبداع ، وخاصة انه زاد اهتمام مؤخراً بتطوير مادة التاريخ في ضوء فلسفة الإبداع حيث أن طبيعتها ومحتواها يمكن من خلال تنمية الإبداع ومهاراته أكثر من المواد الاخري ، وليس المحتوي وحده المسئول عن تنمية مهارات التفكير العليا لدي الطلاب ولكن معلم التاريخ مسئول عن القيام بتنفيذ أساليب تدريس تنمي مهارات التفكير العليا لطلابه كذلك ومن الضروري ان يقدم معلم التاريخ أساليب جديدة و متميزة ، ويحفز طلابه علي الاستنتاج والتفسير وإدراك العلاقات .
وأشارت احدي الدراسات إلي أمثلة يمكن أن يسترشد بها معلم التاريخ لتنمية مهارات التفكير العليا ومنها :
• عند تناول الأحداث في القصص والروايات التاريخية لا تترك كما هي بل يطلب من الطلاب ان يستنبطوا النتائج والنهايات .
• عند تناول حادثة تاريخية يسأل ماذا كانت أسبابه .
• عرض الروايات المتعلقة بالحادثة التاريخية بموضوعية ثم يطلب من الطلاب ان يرجح احدهما مع ذكر الأدلة .
• عند تناول ادوار القادة السياسيين يسأل الطلاب هل دوافع القادة السياسيين كانت ذاتية شخصية أو وطنية .
• ماذا تنصح القائد السياسي في تصرفه في الحادثة التاريخية محل الدراسة ؟
• ماذا تتوقع إذا لم تحدث حادثة تاريخية معينة لبقية سير الأحداث / مثال : ماذا يحدث لو لم يتم اغتيال (السير لي ستاك ) ؟
• عند عرض المعلم لحادثة تاريخية يروي الظروف الموضوعية التي مهدت لحادثة معينة ولا يذكر الحادثة بل يطلب من الطلاب أن يكتبوا سيناريو لما يمكن أن يحدث ، ثم يقابل ويقارن ما كتبه الطلاب بما حدث بالفعل ويراجع مع طلابه أسباب اتفاق أو اختلاف أفكارهم عن الأحداث التاريخية .
• يجب اكتساب الطلاب مهارة نقد الروايات التاريخية من حيث تطابقها مع الأحداث التاريخية
دور المعلم في تنمية مهارات التفكير العليا :-
يمكن للمعلم أن يشجع علي تنمية مهارات التفكير العليا لدي طلابه بحيث لا يقيد إجابات طلابه بأنها صحيحة أو خاطئة ، وهذا ينعكس علي إجابات الطلاب ، وذلك لأنهم قد يسعون إلي عدم التعرض لغضب المعلم ، ويقوموا بالإجابة التي ترضي المعلم ، وهذا ما يؤدي إلي عدم تنمية مهارات التفكير العليا ، ويجب علي المعلم بصفة عامة – ومعلم التاريخ بصفة خاصة – ان يتمكن من المهارات التي تؤهله لتنمية مهارات التفكير العليا بين طلابه منها :-
1- احترام أسئلة الطلاب الغير عادية .
2- احترام الأفكار التخيلية الغير عادية .
3- تنمية القدرة علي التحليل والتركيب .
4- يوضح لطلابه أن كل الأفكار ذات قيمة .
5- يعطي الفرصة لطلابه لممارسة شئ ما بدون خوف .
6- تشجيع الطلاب علي أن يفحصوا الروايات التاريخية بعين ناقدة
7- أن يكون الطلاب أكثر وعي لتنوع وجهات النظر في الوقائع والأحداث التاريخية
8- يسمح للطلاب بتحليل مشكلات الحياة الواقعية والمعقدة
9- مساعدة الطلاب علي اكتساب مهارة النقد والمناقشة وإصدار الأحكام.
10- تشجيع الطلاب علي تنويع الأفكار فالمعلم الجيد هو الذي يطرح تساؤلات كما يلي :
أ‌- ما ذا يمكن أن يحدث لو .........؟
ب‌- ما أهم البدائل التي تقترحها .....؟ وكذلك اقترحت احدي الدراسات للمعلم ما يلي :
1- مراعاة القواعد السيكولوجية في طرق التدريس وفي معاملة الطلاب والابتعاد عن أساليب الشدة والقسوة والعنف والعقاب البدني أو التدليل والقومي واحترامه لهم واهتمامه بهم .
2- إثارة المشكلات وقضايا نتحدى تفكير الطلاب وتثير اهتماماتهم نحو التفكير والبحث والتنقيب وجمع البيانات والمعلومات وفرض الفروض وإجراء التجارب والملاحظة والتخيل والتنبؤ والاستنتاج .
3- التركيز علي الأنشطة المفتوحة النهاية Open Ended Activites فقد تسمع الأنشطة مفتوحة النهاية للطالب للتعرف علي الصفات والخصائص – مثلاً – وذلك من خلال توفيرها .
4- التركيز علي الأسئلة المفتوحة التي ليس لها إجابة محددة مما يشجع الطلاب علي التفكير الحر .
5- تشجيع الطالب علي النشاط والبحث والتجريب في جو يسوده الحرية والنظام
6- تشجيع علي طرح الأسئلة
7- الربط بين العناصر المتباعدة
8- إعطاء تغذية راجعة مستمرة لتدعيم ثقة الطلاب بأنفسهم
ويمكن الإشارة إلي أن التدريس التاريخ لابد أن يكون في بيئة أبداعية تتميز بالخصائص التالية :-
• لها فلسفة محددة وواضحة وديمقراطية ومثيرة للتفكير .
• ثرية بمصادر التعليم – تتنوع أساليبها .
• يسود بها جو الجراءة والقيادة واتخاذ القرار
فالفصل المصير للإبداع يتميز بخصائص هي :
- المناخ الصفي المشجع والمثير .
- المعلم لا يحتكر وقت الحصة.
- التعامل الصفي أساسه الطالب .
- أسئلة المعلم ذات مستويات معرفية عالية
- ردود فعلا لمعلم مع طلابه تثير التفكير.
- تحفز الطالب علي البحث عن المعرفة .

مراجع البحث
- حمدي السكوت : الرواية العربية ببلوجرافيا ومدخل نقدي 1865 – 1995 م ، قسم النشر بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ، المجلد الأول ، مقدمات ومدخل نقدي ،2000.
- ــــــــ: المشهد الروائي العربي – المجلس الأعلى للثقافة ، 2008م .
- محمد حلمي القاعود : الرواية التاريخية في أدبنا الحديث ، دراسة تطبيقية ، كتابات نقدية ، العدد139، الهيئة العامة لقصور الثقافة ، أكتوبر 2003م .
- مسعد محمد الديب : القصة التاريخية الإسلامية في مصر ، دراسة تحليلية نقدية مقارنة ، دار الأمين ، 1998 .
- ذوقان عبيدات ، و سهيلة أبو السميد: استراتيجيات التدريس في القرن الحادي و العشرين – دليل المعلم و المشرف التربوي ، مركز ديبونو لتعليم التفكير ، 2005.
- شحاتة العريان : صلاح عيسى روائي الحكايات الحقيقية ريا وسكينة روائيا و ثائقياً ، مجلة الثقافة الجديدة ، العدد 212، مارس 2008.
- صلاح عبد الصبور : نبض الفكر- قراءات في الفن والأدب ، تقديم عز الدين إسماعيل ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ،1995
- بهاء طاهر : خالتي صفية والدير ، القاهرة ، دار الهلال ، 1991.
- خليل حسن خليل : الوسية ، القاهرة ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1983.
- مجيد طوبيا : عذراء الغروب ودوائر عدم الإمكان ، القاهرة ، دار الشروق ،1986.
- عبد المحسن طه بدر : تطور الرواية العربية الحديثة في مصر، ط3 ، القاهرة ، دار المعارف 1977.
- مراد عبد الرحمن مبروك : العناصر التراثية في الرواية العربية في مصر ، القاهرة ، دار المع
المصدر: دكتور / ناصر على نشرها فى المرصد العراقى ١١/٠٦/٢٠٠٩ الخميس ١٨-جماد ثاني-١٤٣٠ هـ
  • Currently 142/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
48 تصويتات / 4664 مشاهدة
نشرت فى 7 يناير 2010 بواسطة Drnasser

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

111,950