سلاحنا فى عصر العولمة


لم يحظى عصر من العصور الماضية باضطراب مفاهيم واختلاف رؤئ حول طبيعة هذا العصر ، فالظواهر المرتبطة بالعصر الذى نعيش فيه متداخله ومتشابكة بدرجة كبيرة ، وأهم ما تواجهه الآن هو ما يمكن أن نسميه "بالنصب الفكرى أو الغش العقلى" الذى يمارس على نطاق واسع ، فلا حدود للغش وغياب الوعى به وافتقاد سبل الاحتماء منه والأكثر خطورة أن ما يصيب المواطن فى صميم وجوده أو حياته الا وهو التفكير .
ولأسباب عديدة ومتشابكة فقد الكثير من المواطنين العاديين "المناعة العقلية المكتسبة" التى تعصمهم من استباحة فكرهم ، وذلك أمام ذلك الطوفان من الشعارات التى تزداد جاذبية مما يجعلها سريعة العدوى والانتشار فى عصر العولمة الذى مهد الطريق أمام من يملك آليات عصر العولمة ووسائلها التكنولوجية فى مجال الاتصال وكتب الأرصفة والأشرطة وما يهبط علينا من السماء المفتوحة من الانترنت والقنوات الفضائية ، وكذلك اسطوانات الكمبيوتر وغيرها ...
وقد قام محترفى "النصب الفكرى" باستغلال كل شاردة وواردة لتحقيق مصالحهم ، وكل ذلك على حساب "المساكين" المواطنين الذين ازاء هذا النصب الفكرى يسيروا وكأنهم خاضعين فى مرحلة غفلة مستكينين لما يفرضه عليهم "الهمم" والمشاريع الفكرية التى تحمل عناوين أصحابها ويذيع شهرة كلا منهم – دون جدارة حقيقية ، وكل صاحب فريق يرفع راية والهدف هو جذب أنصار ومؤيدين والمشكلة أنهم فى الحقيقية يسعون إلى لفت الأنظار إلى موضوعات شتى ، منها كما ذكر دكتور صلاح قنصوه فى مؤلفه الذى حمل عنوان "الدين والفكر والسياسة" الذى اتحفتنا به مكتبة الأسرة 2006 بعد أن كان قد صدر عن دار الكلمة فى طبعته الأولى عام 2003 ، فيحذر من مستثمرى النصب الفكرى .
والسؤال الذى يطرح نفسه :-
لماذا ازدهر وانتشر هذا الفكر واتسعت مساحته فى حياتنا ؟
هل هو تقصير من جانب الدولة وانشغال بقضايا أخرى كالسياسية والاقتصادية مما جعلها تهمل الاهتمامات الثقافية ؟
هل المسئول هم المثقفين الذين اثروا الاحتفاظ بما وهبهم الله من هبة عقلية ، فافكارهم تتجمد فى عقولهم ولا تخرج للنور بل أقصى ما تصل إليه فى حجرات مكيفة يتم الحوار والحديث مع مثقفين فقط يعرفون ما يقولون يتناقشون ويختلفون ثم يذهب كلا منهم إلى بيته ينام ؟؟
ماذا تريد من المثقف اكثر من هذا ؟
فى حين أن مستثمرى النصب الفكرى لم يتركوا وسيلة لإيصال فكرهم بكافة الوسائل والآن نحن نسعى إلى حل لهذه المشكلة ، فكم كتاب يصدر يقوم مؤلفه بأنه يطرح المشكلة وابعادها ويترك لغيره من المثقفين ايجاد الحلول ؟
أما فى هذا المقال فأننا نطرح الحلول أكثر مما أعرض للمشكلة ؟
أولاً :- نحن نريد خطاب تنويرى جديد يشارك فيه الجميع ، تفتح فيه كافة منابر الحوار لنتحاور ونتناقش ونختلف لان الصمت يعطى فرصة للآخرين فى زيادة مساحة كلامهم ونشر فكرهم الذى قد يكون متطرفاً .
ثانياً :- اعادة النظر فى كل ما يقدم داخل المؤسسات التربوية لتصل إلى درجة ثورة فى طرق التعليم ، لانه لو لم نقم بهذا ستسود ثقافة الذاكرة وهى التى فى ظلها سيضيع الابناء فى رياح العولمة .
ثالثاً :- اعادة نشر ثقافة الحوار من خلال الصالونات الفكرية والثقافية الرسمية وغير الرسمية .
رابعاً :- ان تلعب الصحافة بمختلف مشاربها دورها الحقيقى فى عرض كل الأفكار ومناقشتها .
وأخيراً :- كل منا يجب أن يحمل سلاحه "قلم وورقة" ويكتب تصوره لحلول مشاكلنا جميعاً ولنبدأ من الآن جميعاً .....



 

دكتور / ناصر على
سلاحنا فى عصر العولمة

المصدر: دكتور / ناصر على نشرت بالمرصد العراقى ٠٤/٠٧/٢٠٠٩ السبت ١٢-رجب-١٤٣٠ هـ
  • Currently 91/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
31 تصويتات / 157 مشاهدة
نشرت فى 7 يناير 2010 بواسطة Drnasser

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

109,240