2009-01-26
منبر الرأي- طارق الحميدي - في الوقت الذي أصبح فيه لزاما على الدول والحكومات المختلفة , البحث عن مصادر طاقة بديلة لمواجهة تذبذب أسعار النفط عالمياً والمخاوف من نفاد احتياطياته العالمية , يشهد الأردن حاليا تجربة رائدة تتمثل بزراعة نبتة "الجاتروفا" التي تعتبر في حال نجاحها بديلا حقيقيا لوقود الديزل.
فبعد أزمة ارتفاع الأسعار الجنوني التي حدثت في أسواق النفط العالمية وجراء الأزمة الاقتصادية الحالية ومع ازدياد المخاوف من نفاد مخزون الذهب الأسود إضافة الى ارتفاع تكاليف استخراجه ناهيك عن الأضرار البيئية الناتجة عن احتراق المشتقات النفطية, أخذت دول عديدة تتجه نحو البحث عن مصادر بديلة للطاقة تكون أكثر توفيراً للمال وأكثر أمنا من النواحي البيئية خاصة بعد التغييرات المناخية واتساع ثقب الأوزون والذي يعتبر التلوث الذي تسببه عوامل احتراق المشتقات النفطية من أهم أسبابه.
وتعتبر نبتة الجاتروفا التي يستخرج من ثمارها زيت يصلح كبديل للديزل خاصة بعد نجاح زراعتها في كثير من الدول مثل مصر والبرازيل واندونيسيا أملا في التخفيف من الأعباء المادية للدول التي تعتمد على استيراد النفط.
وشكل نجاح زراعة النبتة في صعيد مصر (الأقصر) من خلال البرنامج القومي الآمن لاستخدام مياه الصرف الصحي المعالج في زراعة الغابات الشجرية, دافعا قويا لإعادة التجربة في الأردن لقدرة النبتة على النمو في المناخ الصحراوي .كما أن زراعة الشجرة في مصر لم يكن مكلفاً حيث تم ري النبتة من مياه الصرف الصحي المعالجة بدون الحاجة لإضافة الأسمدة أو الري المكلف .
وتوفر نبتة "الجاتروفا" وقودا حيويا صديقا للبيئة لا يشكل أضرارا عليها من خلال زيت مستخلص من بذور النبات ويعمل أما منفرداً أو بخلطه مع زيت الديزل ويستخدم في تشغيل المحركات والآلات والسيارات التي تعمل على الديزل بالإضافة للإنارة ولا يحتاج إلى إجراءات تعديلات جوهرية على تركيبته حيث تصل نسبة الزيت في البذور إلى 40% ونسبة الدهون المشبعة 20% وغير المشبعة 79% .
وما يميز "الجاتروفا" ايضا , قدرتها على النمو في مختلف البيئات والظروف الجوية وفي كل أنواع التربة سواء كانت رملية أم صخرية أم ملحية . كما أنها تنمو في المناطق الجافة والتي يصل معدل الهطول المطري فيها إلى 250ملم بالإضافة لكون النبتة وبحسب الدراسات التي أجريت عليها في أوروبا تعتبر مقاومة للأمراض والحشرات وهو ما يوفر تكاليف المبيدات الزراعية والعلاجات المختلفة الأسمدة.
ومن جهته قال رئيس جمعية برقع التعاونية الزراعية _ الجمعية التي تبنت المشروع_ فارس غصاب السرحان أنه وبعد سماعة عن النجاح الذي حققه زراعة النبته في مصر من صديق له بدأ يفكر بشكل جدي لنقل التجربة إلى الأردن من أجل استثمارها وزراعتها في الأراضي الصحراوية الواسعة وغير المستغلة في المفرق. وخاطب السرحان رئيس الوزراء ومدير عام المركز الوطني للبحوث الزراعية وجامعة آل البيت ووزارة الصناعة والتجارة والمياه والري والزراعة والتخطيط والبلديات وكل الجهات المعنية من أجل تبني المشروع .
وبين السرحان أن التجاوب كان سريعا حيث قام رئيس الوزراء بإرسال كتاب خطي لوزارة الزراعة لدراسة الموضوع بالسرعة الممكنة والتي بدورها أسندت دراسة المشروع إلى المركز الوطني للبحوث الزراعية والذي تبنى دراسة النبتة بالتعاون مع جامعة آل البيت من خلال زرع 10 دونمات بالجاتروفا كتجربة لدراسة آثارها ونتائجها والجدوى الاقتصادية منها .
وأشار السرحان إلى أن الجمعية تقدمت بدراسة لتبني زراعة الجاتروفا في مناطق الصحراء الأردنية وفي مناطق الرويشد شمال سد برقع ووادي سارة بعرض أربعة كيلومترات غرب شرق وباتجاه الشمال من السد حتى حدلات والواقعة بمحاذاة الحدود السورية تحت إشراف حكومي. كما أشار السرحان وفي نفس المقترح إلى خطة للاستفادة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في حال تم حفر آبار ارتوازية لري الأشجار وذلك حتى يكون المشروع صديقا للبيئة بشكل متكامل .
وفي هذا الصدد أكد مدير الدائرة الزراعية في جامعة آل البيت إبراهيم النواصرة أن الجامعة وبعد دراسة المشروع وبتوصية من رئيس الجامعة خصصت قطعة أرض من أجل البدء بزراعتها بداية آذار القادم ب 200-300 شتلة .
وبين النواصرة أنه وبعد العام الأول أي بعد أن تثمر الشجرة سيتم حينها وضع تقييم أولي حول كفاءة الشجرة ونجاعة زراعتها في المنطقة الصحراوية شرقي المملكة من خلال حجم الثمار بهدف دراسة زراعتها بشكل أكبر وبكميات تجارية في المستقبل .
من جهته قال مدير مركز إقليم المفرق للبحث والإرشاد الزراعي الدكتور محمد أبو دلبوح أن النبته تحتاج إلى ما يزيد عن 250 ملم من الأمطار وهو ما لا يتوفر في تلك المنطقة مما يعني أنها قد تكون بحاجة إلى نظام معين من الري يتم تحديده بعد انتهاء المرحلة الأولى من المشروع .
وبين أبو دلبوح أن المركز سيضع كل خبرات كوادره وكفاءاته في خدمة المشروع لما له من أهمية وأشار أنه سيقدم البذار ويذلل العقبات بالإضافة لتقديم الإرشادات والنصح من أجل نجاح المشروع .
وقال أن المركز يعتزم دراسة النبتة في أكثر من مكان مثل محطة الخالدية للدراسات الملحية من أجل تنويع المناخات وأنواع الترب التي ستزرع فيها النبتة ومدى تقبلها للتربة المالحة ونموها فيها كما سيقوم بزراعتها في محطة الخناصري للثروة الحيوانية والمراعي أيضاً.
وأشار أنه وبناء على الاتفاقيات الموقعة مع جامعة آل البيت وجمعية برقع التعاونية فإنه سيتم دراسة النتائج الأولية بعد أن تثمر الشجرة في غضون عام من اجل تقييم الأداء ودراسة إمكانية الاستفادة منها بشكل أوسع.
وتعتبر أميركا الجنوبية بلد المنشأ للجاتروفا والتي تحمل الاسم العلمي (jatropha curcas) فيما كانت ماليزيا أول دولة في العالم تستثمر الجاتروفا وتستخرج منها الزيت وتسير أول سيارة في العالم باتسخدام هذا زيت 100% في العام 2006 . ومن ثم انتشرت الجاتروفا إلى الولايات المتحدة وكندا وأوروبا وباقي دول العالم. ويصل طول النبتة من 5_ 10 امتار وأوراقها بطول 8,5 سم كما أن عنق الورقة يصل طوله إلى 11 سم وتحتوي ثمارها على ثلاث بذور وتكون طول الثمرة الواحدة 2.5 سم وتزهر النبتة في شهر نيسان وتثمر في شهر أيار .
وتثمر الشجرة بعد زراعتها بسنة تقريباً إلا أنها تبدأ بطرح الزيوت وإمكانية استغلاله بعد سنتين إلى ثلاث سنين وتبدأ الشجرة بإنتاج 5 طن / هكتار في السنة الثالثة .
وللنبتة فوائد بالإضافة لكونها تشكل مصدرا مهما للطاقة البديلة إلا أنها توفر حماية للمزارع بحيث تساعد كثافتها لأن تكون مصدات للرياح وسياج للمزارع كما أنها تساهم في الحد من التصحر وتحمي التربة الرملية والصحراوية من الانجراف وتثبيت الكثبان الرملية وتقلل من انبعاث ثاني أكسيد الكربون وأول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت في حال خلط الزيت مع الديزل كما أنه بالمكان الحصول على بعض المنتجات الثانوية من النبته مثل استغلال النبته في استخراج سماد عضوي غني بالبوتاسيوم والفسفور والمغنيسيوم واستخراج المبيدات الحيوية من أوراقة .
وعن آلية استغلال الثمار فان ثمار الجاتروفا تجمع وتنقل من خلال حافظات جيدة وتجفف حتى تفتح الكبسولة في مكان تكون فيه نسبة الرطوبة ( 5-7% ) ولاستخراج الزيت تعصر الثمار في معاصر مخصصة ومن ثم تخضع لعملية معالجة كيميائية .
وبحسب التجربة المصرية فأن الجاتروفا تعيش في حال ريها بمياه الصرف الصحي المعالجة والتي يبلغ درجة التوصيل الكهربي (E.C) لها 1.04 مليموز/ سم و (PH) رقم الحموضة 7.47 كما تزرع في جور 30*30*30 سم وتروى بعد زراعتها وتكون المسافات بين الشجيرات المزروعة 3*3 متر .
ومن نتائج نجاح التجربة في مصر أن وصل محصول الشجرة وبعد سنتين من زراعتها إلى 4 كجم بالإضافة إلى توقعات بنيت على دراسات بزيادة نسبة الإنتاج مع مرور الوقت لتصل إلى 18 كغم للشجرة الواحدة .
نشرت فى 27 يونيو 2011
بواسطة Drhosney
د حسنى عبد العظيم ابوجازية
يعرض الموقع العديد من الموضوعات البيئية المتعلقة بالغابات والنبانات المختلفة والصور والالبومات المرتبطة بطبيعة عملى كأستاذ بجامعة الاسكندرية »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
466,707
ساحة النقاش