الدكتور: السيد عبد المنعم حجازي

Lecturer of commercial science in ministry of higher education, HICSC. Elaresh. Egypt

 

الدكتور/ السيد عبد المنعم حجازي

 

المحور الثالث

التصور المقترح لإدارة امتحانات الشهادة الثانوية العامة فى مصر

ينطلق الحديث عن وضع تصور لإدارة امتحانات الشهادة الثانوية العامة فى مصر من خلال ما تم عرضه فى الدراسة الحالية، ومن خلال الدراسة التحليلية المقارنة، ومن خلال واقع نظام التعليم، والنظام المجتمعى، وما يتمخض عنه فى تطوره، ومن هنا فإن حديثنا عن وضع تصور يمكن أن يسهم فى تحسين نظام امتحانات الشهادة الثانوية العامة فى مصر، هو حديث عما تشكل فعلا فى حاضرنا ولكن الحديث يمتد كذلك استشرافا لإمدادات هذا النظام، ومستجداته، ومجاهيله فى المستقبل، ومن هنا فإن التصور الحالى يسير وفق الخطوات الآتية:

1- منطلقات التصور المقترح وتتناول.

<!--عناصر ومشكلات الواقع.

<!--عناصر وتوقعات المستقبل.

2- المبادئ والأسس التى يقوم عليها التصور المقترح.

3- ملامح التصور المقترح لكل محور من محاور الدراسة والتى تتمثل فى:

<!--فلسفة الامتحانات، وأهدافها، وسياساتها، وآلياتها.

<!--إدارة الامتحانات، وتوجيهها.

<!--التناسق، والتفاوت فى الامتحانات.

<!--زمن الامتحان، ومدته، وشكله، ووظيفته.

أولا: منطلقــات التصور.

ينطلق التصور من الواقع المملوء بالمشكلات التى يئن منها نظام التعليم الثانوى كله، وتعانى منها إدارة امتحاناته التى بات الشاغل الأهم لكل الأبناء، ولكل بيت، ولكل أسرة، حتى أصبح – كما يرى كثير من المتخصصين- مرضا تربويا مزمنا لكن لا بد منه، ومن هنا فإن التصور الحالى ينطلق من:

<!--عناصر ومشكلات الواقع.

    والتى تتمثل فيما يلى:

<!--المشكلات التى أحاطت بنظام الامتحانات فى ظل القانون (2) لسنة 1994.

فقد حول هذا القانون العملية التعليمية إلى عملية استعداد مستمر لأداء امتحانات، بما فى ذلك التحسين، والتحسين والتحسين والتحسين … الخ على مدى سنتين، ولعل أكبر الأدلة على عدم كفاءة هذا النظام، تلك المجاميع الخيالية التى حصل عليها التلاميذ، والتى وصلت إلى 11.%.إن تطبيق اختبار ذكاء واحد لهؤلاء الأربعة آلاف الذين حصلوا على أكثر من 1..%  يثبت أن هذه الامتحانات وسيلة غير جادة لتحديد مستوى هؤلاء التلاميذ.

<!--الزيادة المفرطة فى الدروس الخصوصية.

وفى محاولة لتتبع تاريخ التعليم الثانوى فى مصر، نجد أنه لم يحدث أن انتشرت الدروس الخصوصية فى مصر بمثل انتشارها فى ظل نظام الامتحانات الجديد، وتتفاقم المشكلة عندما نطالع إحصائيات الضرائب، بأن تكلفة الدروس الخصوصية فى مصر تقدر بنحو 12 مليار جنيه سنويا.

<!--ظهور بعض أوجه الانحراف خلال الامتحانات.

وقد أخذت هذه الانحرافات مسارات متعددة منها:

<!--تسرب أسئلة الامتحانات أكثر من مرة.

<!--فقد بعض التلاميذ المتميزين لأوراق إجاباتهم الخاصة بامتحانات الثانوية العامة.

<!--قيام بعض العاملين بوزارة التربية والتعليم بتنفيذ وتنظيم جرائم غش مقابل رشاوى مالية كما حدث فى الإسكندرية.

<!--غياب الإستراتيجية التى تبلور سياسات الامتحانات.

حيث التعديل، والتغيير، والتبديل بين مكونات نظام امتحانات الثانوية العامة المصرية، رغم الإعلان عن قيام استراتيجيات، وسياسات، وخطط، إلا أن الامتحانات فى نظام التعليم المصرى غير مستقرة، ولا تتبع استراتيجية واضحة، بل تعتمد - فى معظمها - على احتذاء نماذج غربية، وليس من باب الإعجاب بما هو مستورد - فإن هذه السمات تمتد إلي نظام التعليم كله.

والسمة العامة المميزة للإستراتيجية - الغائبة - أن القرارات تصدر فجأة لتغير حياة الأبناء، وبالتالى الآباء، وقد أثار ذلك فى النفوس نوعا من التوجس، والفكرة الواحدة تتأرجح بين الدفاع، والهجوم، كما حدث فى القانون (2) لسنة 1994، والقانون (16. ) لسنة 1997، وهذا أيضا جعل المهتمين بالتعليم، وعامة الشعب، لا يدركون بالضبط ماذا سيحدث غدا؟، وبمراجعة بسيطة للذى حدث فى القرار الذى صدر بخصوص شهادة ( G.C.A )، ثم يصدر قرار آخر بتجديد الاستثناء لحامليها؛ والأمثلة فى واقع الأمر كثيرة، بما يؤدى إلى إرباك المسئولين عن التعليم، فضلا عن غيرهم.

<!--غياب الطابع القومى لنظام الامتحانات.

ولعل ذلك يرجع إلى احتذاء نظام الامتحانات نماذج أجنبية، مما أدى إلى الابتعاد عن ذاتية المجتمع المصرى، وهويته الثقافية التى تمتد من ثقافة الكيان العربى، الذى يتميز بالعروبة والإسلام اللذان يشكلان الإطار العام لفلسفة هذا الكيان، فضلا عن ابتعاده عن الحاجات الحقيقية للمجتمع المصرى.

<!--المركزية المطلقة فى أعمال الامتحانات إعدادا، وتنفيذا، واستخراجا للنتائج.

وقد أدى ذلك إلى زيادة الأعباء الإدارية، وزيادة الكلفة الاقتصادية سواء على مستوى المديريات التعليمية، أو على مستوى الوزارة، أضف إلى ذلك أن هذه الأعباء تمتد لعامين، مما يعنى تضاعف الأعباء الإدارية، والاقتصادية.

<!--الاختيار غير الناضج لمستوى، ونوع الدراسة فى المستقبل.

وذلك بسبب أن عمليات الاختيار من بين المواد لتحديد مجال الدراسة (التشعيب الملغى شكلا، والمنفذ موضوعا بين علمى، وأدبى)، تبدأ فى الصف الثانى الثانوى، مما يتيح اختيارا فى سن مبكرة - إلى حد كبير، وكأحد الأسباب أن الابتدائية خمس سنوات - تكون غير ناضجة، وما يزال دور المرشد التربوى داخل الوثائق الرسمية، ولم يشهد تنفيذا عمليا فى واقع المدارس الثانوية، مما يؤكد على أن عملية الاختيار من بين المواد إلى علمى، وأدبى لا تتسم بالنضج.

<!--التراجع الملحوظ فى مستوى العملية التعليمية فى كافة المدارس.

ويبلغ هذا التراجع مداه فى مدارس الأقاليم البعيدة عن العاصمة، ولعل أبلغ دليل على اعتراف وزارة التربية والتعليم بهذا التدهور هو ما قامت به الوزارة من تبنى مشروع مجموعات التقوية، والذى يعد اعترافا صريحا من الوزارة، بأن المدرسة لم تعد تقوم بدورها.

<!--ابتسار المناهج، وافتقارها إلى العمق، والتدنى فى مستوى الطباعة، وكثرة الأخطاء.

وبذلك تصبح الفائدة الأساسية لهذه الكتب بعد تطويرها - والتى يعتمد عليها كثير من التلاميذ-  هى تسهيل عمليات الغش لمن يريد.

<!--افتقار المناهج إلى تعزيز القومية، والقيم.

بمراجعة خطة الدراسة، وبمراجعة نظام الامتحانات، والنهايات الصغرى، والكبرى لهذا النظام، يتضح أن الأهمية الكبرى قد تم إعطاؤها للغات الأجنبية على حساب اللغة القومية، اللغة العربية، ومن خلال تهميش أهمية اللغة الأم مقدمة لإهدار الشخصية القومية، والانتماء القومى، وإذا كان الاهتمام باللغات من أجل الحضارة، فإنه لا حضارة بلا قيم.

<!--الاعتماد المطلق على أشكال الامتحانات التحريرية.

وقد أدى ذلك إلى إغفال دور التقويم المستمر، الذى يساعد على تشخيص مشكلات العملية التعليمية فى أوقاتها المبكرة، كما أن الاعتماد على مثل هذه الامتحانات، يؤدى إلى إهمال جوانب متعددة فى شخصيات المتعلمين، وسلوكياتهم، وتؤدى إلى عدم تكافؤ الفرص بين جميع التلاميذ، بسبب الطلاقة اللغوية لبعضهم، وكذلك فإنها لا تكشف عن الطاقات الإبداعية الخلاقة لدى التلاميذ.

<!--وقوف الامتحانات عند حد اختيار من يسمح لهم بمواصلة التعليم العالى.

وذلك لأن الامتحانات تقوم بعمليات الانتقاء، والفرز، وقد يتناسب ذلك - فى جانب - مع اختيار من يقومون بمهنة البحث العلمى، والاضطلاع بهذه المهمة، وكيف ذلك ؟ فى ظل مناهج هزيلة، وتجهيزات غير مكتملة، ومدارس بلا تعليم، ولا تلاميذ، ثم تدور الامتحانات حول المنحنى الاعتدالى مراعاة للطالب المتوسط، ومراعاة لما ينادى به العلم.

<!--التناقض بين ما تقدمه المدارس، وما تقدمه وسائل الإعلام.

ولعل ذلك هو أهم عوامل ضعف ثقة الجماهير فى التعليم ككل، وعدم مساندته معنويا.

<!--تحول التعليم من الإنماء إلى الإرضاء.

تتكرر شكوى التلاميذ وأولياء الأمور بسبب أن الامتحانات خارج أسئلة كتاب الوزارة، أو ليست من المنهج، أو أنها ليست فى مستوى التلاميذ أو … الخ، وهذه صور من صور الشكوى، مما يضطر الوزارة إلى أن تعدل فى عمليات توزيع الدرجات عند التقديرفى حالة هذه المادة التى تمت الشكوى خلالها، وبذلك يتحول التعليم من الإنماء إلى الإرضاء.

وأخيرا فان التصور الحالى يسجل أن حقل التجارب فى التعليم المصرى مازال قائما، لا يثمر، وفى عام 2..1 قدمت الحكومة المركزية فكرة جديدة لتطوير التعليم، بإنشاء ما يسمى " التعليم التعاونى"  المتميز، وفيه يدفع القادر ماليا رسوما عالية يؤخذ منها للصرف على التعليم العادى، نظرا لعجز الموازنة، ولعل ذلك يذكرنا بمجموعة من المسميات التى سادت، فى فترة من الفترات، مثل الانتساب العادى، والانتساب الموجه، ومجموع الثانوية العامة العادى، والمجموع المحسن، وهكذا ندور فى حلقة مفرغة لا نعرف أيهما يخدم الآخر.هل التعليم، أم السياسة ؟ ولصالح من فى النهاية ؟.

<!--عناصر وتوقعات المستقبل.

<!--توقعات المستقبل بالنسبة لطبيعة العصر القادم.

يعيش العالم منذ بداية القرن الحادى والعشرين مرحلة من المراجعة، وإعادة النظر الشاملة فى نظم، وفلسفة التعليم لتساير ثورات العصر، مثل، ثورة المعلوماتية، وثورة الحاسب الآلى (الكمبيوتر)، وثورة الهندسة الوراثية، وثورة المواد الجديدة، وغيرها فى ظل ما يعرف باسم (العولمة، أو الكونية)، التى أتاحت للدنيا كلها الإطلال على كل جديد فى الثقافات المختلفة من خلال نافذة شبكة المعلومات الدولية، التى أتاحت وسائط كثيرة من أساليب الاتصال.

ويجرى الحديث عن المستقبل مقرونا بالقرن الحادى والعشرين، كعلامة زمنية لنقلة نوعية فى حياة البشر من سكان هذا الكوكب، وتصاغ تلك النقلة من خلال مصطلح (العولمة، أو الكونية)، وما تحمله من متغيرات سياسية، واقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وتكنولوجية، ومع أن (العالمية، أو الكونية)، ليست ظاهرة جديدة تماما، إلا أن نمو أنماطها، ومتغيراتها قد شهدت انطلاقات، وآليات جديدة مثيرة طاغية، مقارنة بما سبقها من اتجاهات، منذ سبعينيات القرن العشرين.

وبذلك يجب التأكيد هنا على أهم سمتين من سمات المستقبل لأنهما - إلى حد كبير- هما أهم ما يميز معالمه، وملامحه، والذى يتشكل من خلالهما تعليم المستقبل، ومستقبل التعليم همــــا:  

<!--حرية الثقافة، وعالميتها، وانطلاقها.

<!--الثورات العلمية، والتكنولوجية، والمعلوماتية، والاتصالات، وآثارها فى مجالات الإنتاج، والخدمات، والمرافق، والتعليم، والثقافة.

ومع التوجهات الجديدة (للعالمية، أو الكونية)، استجابت الدول النامية - ومنها مصر- إلى ما فرضته مطالب دول الشمال من اصطناع (الخصخصة) سبيلا للإصلاح الاقتصادى باسم (الكفاءة الإنتاجية)، دون التفات إلى تداعياتها فى اختلال موازين العدل الاجتماعى، وضغوطها على الموارد المتاحة للتعليم، والثقافة، وحل شعار (أولويات الأمن القومى، والتصدير)، ليطغى على الوفاء بالطلب الداخلى لحاجات المواطنين، وتنامى استخدام اللغة الأجنبية فى مدارس اللغات، والجامعات الخاصة، وارتباطها بما يناظرها فى عالم الشمال (تعليما مرموقا)، واختزلت اللغة العربية إلى حدود الأم بدلا من أن تكون اللغة الأم، والقائمة طويلة مما شاع، وذاع، واستسغناه فى مختلف أبعاد ثقافتنا القومية، حتى أدى ذلك كله إلى نوع من التوتر المادى، والروحى.

ويقتضى ذلك كله أن يكون البحث العلمى، والتنمية التكنولوجية فى مصر، أول المهام القومية، يسخر لخدمتهما كل آلياتنا الاقتصادية، والتعليمية، والتخطيطية، والتشريعية، والأمنية، وعلاقاتنا الإقليمية، والدولية، وأن يتمتعا بأولوية سياسية.

ومن جانب آخر، فإن التغيرات المعرفية، بما تتضمنه من استخدام الحاسب الآلى، وثورة الاتصالات، والتطورات الحديثة فى مجال الجينات، والتكنولوجيا الحيوية، وإحلال المواد، ومجموعة العلوم الموجهة لفهم البيئة، والتعامل الرشيد معها، إضافة إلى علوم الفضاء، وارتباط ذلك كله بالتغيرات الحادثة فى بنية المعرفة، الأمر الذى يكشف عن علاقات جدلية بين العالمية، أو الكوكبة، وبين التطورات المعرفية، والمنهجية، ومن حيث علاقات التأثير، والتأثر فيما بينهما، بحيث لا نستطيع -الآن- تناول أحدهما بمعزل عن الآخر.

وعلى مستوى المجتمع المصرى توجد مجموعة من التحديات العالمية تواجه المجتمع بكل تنظيماته، تتمثل فى تحدى التقدم بما يفرضه من احترام التكنولوجيا المتقدمة، واكتشافها، واستعمالها، وتطبيقها، وفى نفس الوقت، حماية المجتمع من سيطرة التكنولوجيا المتقدمة على الحضارة، والثقافة، بالإضافة إلى تحديات الموجة الثالثة، التى تكرس قوة العقل، وتشجع الاختلاف، والابتكار، وتشجع الصفوة التى تملك قوة العلم، وتؤمن به، وتحمل مقومات الاختراع، وتحدى التوفيق بين الكم والكيف، فللأول مرة نجد أن لدينا القدرة على أن ننتج بلا حدود، ولكنها المنافسة الدولية، والميزة التنافسية، التى لن تكون إلا لمن يملك القدرة على اكتشاف المنتج الجديد بتكلفة أقل، وبجودة أكثر، فإن البقاء للأصلح وللأجود، بحيث لا يمكن أن يعوض الكم الكيف.

وعندما يذكر التصور الحالى أننا نواجه كل هذه التناقضات والسرعة فى التغيير، فإن هذا يقتضى إعادة النظر فى الأسلوب الذى نتعامل به مع كل هذه التحديات، فقد كان لدينا نظام تعليمى ينحصر هدفه فى، تخريج موظفين، وكان هذا أمرا طبيعيا، فى بلد كان يعتبر مزرعة قطن لمصانع ( لانكشاير ) فى عهد الاحتلال البريطانى، ثم تطورت العملية التعليمية إلى تخريج فنيين لعمليات الإنتاج المحدودة التى كانت سائدة فى عصر التصنيع، أما اليوم فان هدفنا هو تخريج إنسان سيعيش القرن الحادى والعشرين، بعقلية القرن الحادى والعشرين، وهذا يقتضى أن ننتقل من عملية الحفظ والتلقين – التى كانت سمة المجتمع الزراعى والمجتمع الصناعى فى بعض الأحيان – إلى الخبرات والقدرات، يجب أن ننتقل من أسلوب تعليمى يعتمد على كم معرفى معين، كنا نستطيع أن نستوعبه، فى مرحلة ما، لأن العلم كان حجمه محدودا، وكان كل ما يستطيعه الإنسان المجتهد والمثقف أن يلم بمعظم أجزائه، أما اليوم، فان هذه المهمة أصبحت مستحيلة.

وعندما يذكر التصور الحالى هذه الخلفية، فإنه يقصد لرؤية جديدة، ومتجددة لفلسفة، وأهداف تعليمنا حاضرا، ومستقبلا، كما أنه ينشد من وراء ذلك كله إسهام التعليم فى صياغة إنسان مصرى فى مجتمع مصرى، يتيح لهذا الإنسان تنمية طاقاته المختلفة، لاستيعاب تلك المتغيرات، بل وإنتاج المعرفة الذاتية، وما يستدعيه ذلك من سياسات، وآليات، وموارد، حتى يكون أكثر اتساقا مع الموجة الثالثة فى عالم المعرفة، وفى تعقدها، وتنوعها، ونسبيتها، وأحيانا عدم اليقين فى معطياتها.

ومن السهل التدليل على وجود علاقات جدلية بين الكوكبة،أو العالمية، والتطورات المعرفية، والمنهجية، ومن حيث تداخل علاقات التأثير والتأثر فيما بينهما ويصعب تناول أى منهما بمعزل عن الآخر، ومن الأمور الأساسية التى يمكن التأكيد عليها فى هذا المقام، وما يتصل مباشرة بموضوع الدراسة الحالية فى ظل هذه التحديات المتعلقة بطبيعة العصر ما يلاحظ من أنه:

<!--تتم عملية للتوحيد الطبقى عبر أنحاء العالم، حيث يتشكل فهم الطبقات المختلفة فى العالم بصورة متقاربة، بالرغم من اختلاف السياق القومى الذى يعيش فيه الأفراد، ويحدد ذلك الوضع المعرفى، والاقتصادى، وفرص استخدام أساليب الاتصال.

<!--تتصدى العالمية، أو الكوكبة بقوة للمطالب الديمقراطية فى الدول المختلفة، لكنها فى المقابل لم تتناول مطالب العدالة الاجتماعية، ولم تحدد سياسات لتحقيقها، خاصة فى مجال التعليم.

<!--لم يعد من الممكن النظر إلي أهداف العلم باعتبارها، الوصف، والتفسير، والتنبؤ، والتحكم، حيث سقطت المعرفة اليقينية، وأصبح ينظر للإنسان على أنه مكون من مكونات نسق الطبيعة، مما ترتب عليه التركيز على محاولة المزيد من الفهم، باعتبار ذلك جل اهتمام المعرفة، والبحث العلمى.

<!--لم يعد من الممكن التعامل مع المعرفة بصورة جزئية، إذ ينبغى النظر إليها فى إطار علاقاتها بالكليات التى تنتظم فيها.مما يستدعى النظر إلي المعرفة الإنسانية فى أطر متكاملة.

<!--تؤدى التغيرات المعرفية المتسارعة، وتعدد مصادر المعرفة فى المجال الواحد، إلي أن يصبح النقد، ومن ثم الإبداع، من المتطلبات الأساسية للفهم.

<!--أصبح التعلم الذاتى المستمر ضرورة لمتابعة ما يحدث فى العالم، ولمواكبة التغيرات فى المجالات المختلفة، ولاحتمال تعلم أعمال، ومهام جديدة.

<!--وأخيرا ينبغى النظر إلي جميع مجالات المعرفة الإنسانية، باعتبارها ذات أهمية متساوية، وأنها قابلة للنمو، وأنه توجد حاجة إلي تنمية إبداعات مختلفة فى مجالات متعددة على المستوى المجتمعى.

<!--توقعات المستقبل بالنسبة للتوجهات التربوية المحلية:

<!--المعلم هو المسئول الأول عن التقويم المستمر لأداء الطلاب، والذى يشمل جميع جوانب السلوك الإنساني.

<!--الغرض الأساس من التقويم هو تشخيص نقاط القوة، وأوجه القصور، ومعاونة الطلاب على تجاوز نقاط الضعف.

<!--التوجه التربوى جزء أساسى من عمل المعلم فى التقويم.

<!--استخدام أساليب غير تقليدية فى التقويم مثل التقويم الذاتى، ومناقشة التطبيقات، والأعمال البحثية التى يقوم بها الطلاب.

<!--التقويم الفعلى للمناهج، وأداء المتعلمين، والمعلمين من خلال عقد اجتماعات، ومناقشات مع أولياء الأمور، والطلاب، والمستفيدين، وغيرهم، وعمل الاستبيانات، والاجتماعات الدورية للمعلمين، والموجهين.

<!--استكمال تعليم المستقبل بتدريب مستمر مدى الحياة، يتواكب مع المتغيرات، والمتطلبات المتجددة، ويتطلب ذلك قدرا كبيرا من الخبرات المتميزة التى تمكن الطلاب من ناصية العلوم الأساسية كالرياضيات، والفيزياء، والكيمياء، وعلوم الحاسب الآلى ( الكمبيوتر )، واللغات الأجنبية، وإدارة الأعمال، والتسويق، والمهارات الحياتية، والاتصالية الأخرى.

ثانيا: المبادئ والأسس التى يقوم عليها التصور المقترح.

<!--الشمولية: ويعنى ذلك أن يكون التقويم فى مرحلة الثانوية العامة، وخاصة الشهادة عملية شاملة، بحيث يتضمن الحكم على جوانب النمو المختلفة فى شخصيات التلاميذ المعرفية، والوجدانية، والمهارية، والنفسية، والانفعالية، وغيرها، ولا تركز على جانب واحد فقط، فهى تقوم على مبدأ شمول التقويم لكل جوانب الشخصية.

<!--التكامل: بمعنى أن تكون وسائل التقويم، وأدواته التى تستخدم فى تقويم كل جوانب نمو التلاميذ متكاملة، غير منفصل بعضها عن بعض، لتحقيق الشمول، والتكامل فى وقت واحد.

<!--الملاءمة: بحيث تكون أدوات التقويم، ووسائله المستخدمة فى عمليات تقويم التلاميذ ملائمة لثقافاتهم، ومستوى تعليمهم، وتتناسب مع المناهج التى يتم تدريسها، ومحتوى المقررات، وطريقة التدريس، ونوع المادة التعليمية التى يتم تعلمها.

<!--الخصوصية: أو التميز نظرا لأن الكثير من أدوات، ووسائل، وأساليب التقويم أسيرة لنظرة مجتمعات معينة تختلف ثقافتها -  فى كثير من الأحوال - عن ثقافة المجتمع المصرى، وبالتالى لا بد أن تكون هناك خصوصية، وتميز لثقافة المجتمع المصرى، تنعكس على أساليب التقويم.

<!--الانفتاح على العالم: ولعل ذلك يقودنا إلى القول بضرورة مراقبة، والتعرف على الأساليب، والوسائل المختلفة التى تستخدمها أنظمة الامتحانات العالمية، ولكن دون أن تكون نظرتنا إليها أسيرة لها، بل يجب أن تتميز بما تتميز به الثقافة المصرية الأصيلة، وفى ذات الوقت تكون مسايرة للوسائل العالمية المختلفة بحيث لا تكون هناك عزلة عن العالم.

<!--المرونة: ويعد ذلك من أهم المبادئ التى ينبغى أن تتسم به وسائل، وأدوات، وأساليب التقويم، لأن ذلك يجعلها دائما تتسم بالحضارية، والأخذ فى الاعتبار ما قد يستحدث من تقنيات التقويم فى العالم، وكذلك يعنى التنوع، بحيث لا تقف عند أسلوب، أو أداة واحدة من أدوات التقويم، وإنما تزاوج دائما بين الأنواع المختلفة لهذه الأدوات.

<!--التوازن: بحيث يتم بين ما يقدم من مادة تعليمية، وما يستخدم من وسائل للتقويم، وكذلك التوازن بين إمكانات التلاميذ، ووسيلة التقويم، ومراعاة الكلفة التى تحتاج إليها هذه الأدوات التى تستخدم فى التقويم، وكذلك العائد، أو النتائج التى تقدمها هذه الوسائل عند استخدامها.

<!--الديمقراطية وتكافؤ الفرص: لأن المعيار الذى يتم على أساسه تقديم أدوات التقويم، ووسائله واحد، رغم اختلاف البيئات المدرسية، وطريقة التعليم، ووسيلته، ونوع المعلم، والدروس الخصوصية، فضلا عن إن وقوف التقويم عند حد الامتحانات التحريرية المقالية فى معظمها - إن لم تكن فى جملتها - يمثل نوعا من عدم تكافؤ الفرص نظرا، للطلاقة اللغوية لبعض التلاميذ دون بعض، فضلا عن القدرة المالية، وغيرها من الوسائل التى تحول دون تحقيق الديمقراطية، والتى تعد بمثابة وسائل تحييد للفقراء.

<!--الواقعية: بحيث لا يتم التعلم بطريقة، وتكون الامتحانات بطريقة أخرى، بل لا بد من أن تكون وسائل التقويم نابعة من الواقع الذى نحياه فى مدارسنا على اختلاف بيئاتها.

<!--الأصالة المصرية: من الأمور التى لا بد أن يراعيها هذا التصور المقترح، أن يكون التقويم نابعا من الأصالة المصرية بثقافاتنا المختلفة عبر عصور التاريخ المتعاقبة، حتى نضمن المحافظة على، ونقل التراث المصرى الأصيل، دون أن تؤثر فيه الثقافات المختلفة، حتى تبعدنا عن أصالتنا المصرية.

ثالثا: مــلامــــح التصــــــــــور.

فى ضوء التحديات العالمية، وفى ضوء خبرات بعض الدول، وفى ضوء ظروف المجتمع المصرى، وفى ضوء ما تم عرضه من منطلقات التصور، ومبادئه، وأسسه التى تم استخلاصها من دراسة واقع نظام امتحانات الشهادة الثانوية العامة فى كل من قرنسا، والسويد، والصين، والدراسة التحليلية المقارنة بين مصر وهذه الدول، يمكن تحديد أهم الملامح الإجرائية التى يمكن أن تسهم فى تحسين نظام امتحانات الشهادة الثانوية العامة فى مصر على هذا النحو:

أولا: ما يتعلق بفلسفة الامتحانات، وأهدافها، وسياساتها، وآلياتها.

فى حقيقة الأمر فإن الحديث عن المقترحات المتعلقة بالفلسفة، والأهداف، والسياسات، والآليات تعتبر عملا كبيرا بالنسبة لوضع الدراسة الحالية، ولكن ثمة اقتراح متشابك بينها ينظر التصور الحالى إليه على أنه يشكل منظومة يمكن من خلالها تحقيق وتفعيل، فلسفة، وأهداف الكيان العربى ككل، باعتبار أن مصر جزء من هذا الكيان، ولذلك فإن هذا التصور ينطلق فيما يتعلق بالفلسفة، والأهداف، والسياسات الخاصة بالكيان العربى من المنطلقات الفكرية الآتية:

<!--بناء الشخصية المصرية على القيم، والمثل العربية، والمصرية، والإسلامية، بما يضمن الإيمان بالله، والمحبة، والحرية، والعدل، والعلم، والعمل، والتكافل الاجتماعى، والسعى المتواصل المنظم نحو حياة أفضل، وأنبل.

<!--إرساء دعائم الكيان المصرى الذى تتوفر له أسباب القوة، والأمن القومى، والعسكرى، والتكنولوجى، كيان مصرى يؤمن المواطنون فيه بعروبتهم، ومصريتهم، ويعتزون بانتمائهم إليها، ويدركون أن مصالحهم مشتركة، ومصيرهم واحد، ويتمتعون بكل الحقوق، والحريات.

<!--تكريس المبدأ الإنساني (الديمقراطى) مبدء حاكما فى سعينا كمواطنين مصريين نحو مستقبل أفضل، من خلال الإيمان بالإنسان كقيمة عليا وهو غاية بذاته، والتأكيد على محورية الكون حول هذا الإنسان، مما يستدعى الوفاء بمتطلبات، وحاجات الإنسان الأساسية مادية، أو معنوية.

<!--اعتماد العلم منهجا، ومحتوى، والاستفادة من الثورة التقنية، واتجاهات الفكر العالمى المعاصر فى تكوين الإنسان المصرى، وبناء المجتمع المصرى، وتأكيد ما يتطلبه ذلك من إطلاق، وتطوير قوى الإبداع من جهة، ومن استخدام العلم فى تحقيق الأصالة الثقافية، والتجدد الحضارى من جهة أخرى، لأنه من أهم سمات الرؤية الحضارية المصرية أنها رؤية أصيلة مبتكرة، ومبدعة.

<!--التزام صانعى القرار السياسى، والمهتمين بشئون التربية، والعاملين بها بأن التربية العربية الجيدة هى الأداة الرئيسية، وليست الأداة الوحيدة القادرة على إحداث التغييرات الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، والسياسية المرغوب فيها، وذلك من خلال دور التربية الأساسى فى تحقيق التنمية البشرية.

وأما فيما يتعلق بفلسفة امتحانات الشهادة الثانوية العامة، وأهدافها،وسياساتها، وآلياتها فى مصر فإنها تنطلق من أربعة عناصر تتمثل فيما يلى:

<!--تكوين الإنسان الكلى.

<!--الشمول المعرفى.

<!--تنمية التفكير.

<!--توظيف مختلف الأساليب، والطرق، ومصادر المعرفة.

وذلك لأنه من المفترض أن العملية التعليمية تؤدى إلى تكوين، وإنضاج مختلف القدرات البدنية، والروحية، والاجتماعية، والمهارية، والجمالية للمتعلم، كما يفترض أنها تؤدى إلى الإلمام بالمضامين، والمفاهيم فى منظومة المعارف الإنسانية فى شمولها، والتى تتألف من التربية الدينية، والأخلاقية، واللغويات ( قومية، وأجنبية )، والاجتماعيات، والطبيعيات، والتقنيات، والرياضيات، والجماليات فى ضوء مرحلة نمو المتعلم، وقدراته، ويمثل الإلمام بهذه المنظومة المعرفية أساس الثقافة العامة، كما تغدو قاعدة للتخصص تعين على إدراك ما بينها من تشابك، وترابط لفهم متكامل لعوالم الطبيعة، والحياة، والمجتمع، والإنسان، والعقائد، والشرائع السماوية، وهذا الشمول المعرفى يتطلب ما يلى:

<!--التركيز على قيمة كل نظام معرفى.

<!--التركيز على المفاهيم الأساسية لكل نظام معرفى.

<!--التركيز على المناهج العلمية لكل نظام معرفى.

<!--التركيز على منهجية، وحكمة كل نظام معرفى.

<!--التركيز على الفائدة التى من أجلها يتم وضع كل نظام معرفى كضرورة أساسية فى مقررات التعليم.

ثانيا: ما يتعلق بإدارة امتحانات الشهادة الثانوية العامة.

تحاول الدراسة الحالية تحديد ملامح إدارة امتحانات الثانوية العامة فى مصر انطلاقا من أن إدارة الامتحانات يجب أن تتمتع بسمات الديمقراطية، والإيمان المطلق بتفويض بعض السلطات التعليمية، بحيث تعتمد - على الأقل - على المركزية فى التخطيط، واللامركزية فى التنفيذ، وكذلك فإن الحديث عن المركزية، أو اللامركزية فى إدارة امتحانات الشهادة الثانوية العامة فى مصر يجب أن يأخذ بعدا آخر بحيث لا تكون مركزية الامتحانات، أو عدم مركزيتها هى الهدف الأكبر الذى نبحث عنه، ولكن يجب التحول عن ذلك إلى الاهتمام بإيجاد صيغة إدارية تنطلق من فلسفة، وأهداف، وسياسات الكيان العربى كله، والكيان المصرى لتسهم فى نجاح نموذج الامتحانات القائم فى مصر فى مستوى الثانوية العامة، استرشادا بما هو جديد، ولكن فى إطار فلسفة، وقيم المجتمع المصرى، وليس سيرا وراء كل جديد وبكل ما يحمل والدراسة تقترح من أجل ذلك ما يلى :

<!--مع مركزية إدارة الامتحانات أو مع عدم مركزيتها، فإنه يجب أن يكون هناك دور فعّال للمعلمين، بحيث يشاركون مشاركة فعّالة فى إعداد أسئلة الامتحانات، من خلال الإدارات التعليمية المحلية، وليست مشاركة على مستوى المديريات، أو القطاعات أو الوزارة، وذلك يتم من خلال تنفيذ منظومة التقويم المستمر للتلاميذ، ولا يعتمد على امتحان آخر العام فقط.

<!--تطبيق نظام التقويم المستمر للتلاميذ، من خلال تطبيق نظام للتقويم تقترحه الدراسة الحالية (رباعى الحلقات) يتمثل فيما يلى:

<!--الواجب المنزلى، حيث إنه يتم تقييم المعلم من خلال هذا الواجب وتتم محاسبته عليه، والموضوعية تقتضى أن ينال التلميذ عنه درجات ما دام هو الذى يؤدى هذا العمل على أن يكون ذلك بنسبة 15 %، من مجموع الدرجات الكلى لكل مادة.

<!--الامتحانات الأسبوعية، والشهرية، بحيث يخضع التلاميذ لأربعة امتحانات شهرية، وتسجل درجات هذه الامتحانات فى سجلات خاصة، ويحصل التلميذ على متوسط مجموع الدرجات فى كل شهر، وتكون بنسبة 25 % من مجموع الدرجات الكلى لكل مادة.

<!--نشاط التلميذ فى المدرسة، وداخل الفصل، بحيث تشتمل درجة النشاط على درجة السلوك، وتكون بنسبة 1. % من مجموع الدرجات الكلى لكل مادة.

<!--امتحان نهاية فى آخر العام الدراسى، ويكون مركزيا على مستوى الجمهورية، أو على مستوى القطاعات الأربعة على مستوى الجمهورية، ويكون بنسبة 5. %، من المجموع الكلى لكل مادة.

وربما جعل ذلك العملية التعليمية أكثر مركزية حول المادة العلمية، وأكثر مركزية حول التلميذ، كما أنها تجعل إدارة المدرسة كلها فى حالة استعداد تام، الأمر الذى يزيد من فعالية العملية التعليمية، ويضاف إلى ذلك أن تنفيذ هذا البرنامج رباعى الحلقات يجعل العملية التعليمية سلسلة متواصلة من الحلقات المترابطة، بحيث لا يمكن فصل أى مكونة من مكونات العملية التعليمية عن الأخرى.

وأما ما يتعلق بصدق التقويم فإنه بذلك سيكون أكثر صدقا وأكثر موضوعية، الأمر الذى يتطلب وجود معلم أكثر موضوعية وأكثر إيجابية وأكثر فهما وإدراكا لأهداف العملية التعليمية بما يؤدى إلى جعل المعلم أكثر إيجابية فى عمليات التقويم ما د

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 412 مشاهدة
نشرت فى 22 نوفمبر 2016 بواسطة Drelsayedhegazy

د. السيد عبد المنعم علي متولي حجازي

Drelsayedhegazy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

42,752