سابعا: أوجه التشابه، والاختلاف فيما يتعلق بزمن الامتحان، ومدته، وشكله، ووظيفته.
من خلال ما سبق من عرض يتضح هناك أوجه للتشابه بين مصر، وفرنسا، والسويد، والصين، وكذلك فإن هناك نقاط للاختلاف بين مصر، وهذه الخبرات العالمية، فيما يتعلق بزمن الامتحان، ومدته، وشكله، ووظيفته.
أولا: أوجه التشابه فيما يتعلق بزمن الامتحانات.
تتشابه مصر مع فرنسا، والسويد، والصين، فيما يتعلق بزمن الامتحان، ويتمثل ذلك فى إن مدة الامتحانات تتراوح بين خمسة عشر يوما إلى شهر، وتأتى الامتحانات فى نهاية العام الدراسى ثم تشترك مصر مع بعض هذه الخبرات فى عقد الامتحان من دورين ففى فرنسا فإن الامتحانات تجرى فى نهاية العام الدراسى، لكنه يجب التمييز كذلك بين امتحانين يعقدان فى فرنسا الأول امتحان البكالوريا ويؤهل النجاح فيه للدخول فى الامتحان الثانى وامتحان يعقد بعد النجاح فى البكالوريا ويؤهل لدخول الجامعة أو التنافس فى إحدى الكليات العليا الاختيارية Grandes Ecoles)) عن طريق التنافس فى الـ (Concours) والذى يتم بعد عامين من الإعداد المكثف، وربما اختلف الأمر إلى درجة كبيرة فى السويد، حيث إن السويد لها نظام يكاد يكون فريدا فى بعض جوانبه يتمثل فى بعدين للامتحانات هما، امتحان قومى يجرى فى وقت واحد فى نهاية العام، ونظام للتقييم يدار محليا بواسطة المدرس من خلال الواجب المنزلى، ونشاط التلميذ، وبعض الاختبارات داخل حجرة الدراسة، وبذلك يتم تقييم التلاميذ تقييما مستمرا لا يتوقف على الامتحانات النهائية التى يتم إجراؤها فى نهاية العام، وأما الصين فإن فترة الامتحانات تتراوح فيها بين أسبوعين إلى شهر، وتعقد من دورين فى كل عام دراسى، ويتقدم التلاميذ للدور الأول فى شهر مارس، ليعقد فى شهر يونية، ودور ثان يتقدم له التلاميذ فى شهر سبتمبر، ليعقد فى شهر ديسمبر، وفى مصر، حيث إن فترة الامتحانات فى مصر تتراوح ما بين ثلاثة أسابيع إلى شهر كما أنها تجرى على مرحلتين مرحلة أولى وتجرى فى نهاية الصف الثانى الثانوى مرحلة ثانية وتجرى فى نهاية الصف الثالث الثانوى ويتم تنفيذ كل مرحلة على دورين بشروط خاصة جاء بها القرار 16. لسنة 1997، وهذين الدورين هما دور أول، ويتم إجراؤه فى شهر مايو من كل عام، ودور ثان، ويتم إجراؤه فى شهر أغسطس من كل عام.
ثانيا: أوجه التشابه فيما يتعلق بشكل الامتحانات.
تتشابه مع فرنسا، والسويد، والصين فى الامتحانات التحريرية، وامتحانات الاختيار من متعدد، وندرة الامتحانات العملية، إلا ما يكون من طبيعة المادة العملية، وندرة الامتحانات الشفهية، فشكل الامتحانات فى فرنسا، متنوع بين التحريرية، والشفهية، والعملية، حيث يتم عقد امتحانات تحريرية فى أربع مواد، وامتحانات شفهية فى خمس، مواد، وامتحانات عملية تتم من خلال العمل المدرسى أثناء سنوات النقل، وشكل الامتحان فى السويد يوازن بين الامتحانات التحريرية، والشفهية، والعملية - خاصة - أن إعداد التلاميذ يتم من خلا ل المدرسة الشاملة، وعملية التقييم المستمرة - السابق الاشارة اليها - تعتمد - إلى حد بعيد - على الاختبارات بكل أشكالها، وتهتم الصين بالشكل الخارجى للامتحانات، ولذلك نجدها قد أنتجت أنواعا مختلفة تتناسب مع ظروف المجتمع الصينى، تمثلت فى أسئلة الإجابات القصيرة، والاختبارات المتعددة الاختيارات، مع الاعتماد بشكل كبير على الامتحانات العملية، والابتعاد - إلى حد كبير - عن الامتحانات الشفهية، إلا ما يكون من المقابلات لتحديد من يصلح لمواصلة الدراسة فى التعليم العالى، ومن لا يصلح، بينما شكل الامتحانات فى مصر حوله جدل كبير، لأنه ما يزال يعتمد على الامتحانات التحريرية فقط - إلا ما يكون من امتحانات عملية تخضع لطبيعة المادة العملية المتعلمة - وما عدا ذلك يكون الامتحان تحريريا يعتمد - إلى حد كبير - على الأسئلة المقالية فى وجود المركز القومى للامتحانات، والتقويم التربوى، ووجود لجان وضع المواصفات العامة، والمواصفات الخاصة للورقة الامتحانية، إلا أن الامتحانات ما تزال أسيرة لنظرة الحفظ، والاستظهار، والترديد، بعيدة عن الأشكال الميكانيكية، أوغيرها من تقنيات أشكال الامتحان، وتكاد تنعدم -إلى حد كبير- الامتحانات الشفهية فى مستوى الثانوية العامة، وأما الامتحانات العملية، فإنها من الضآلة بمكان، بحيث لا تتم إلا ما يكون فى حدود طبيعة المادة العملية التى يتم تدريسها اختياريا.
ثالثا: أوجه التشابه فيما يتعلق بوظائف الامتحانات.
تتشابه مصر مع فرنسا، والسويد، والصين فى مجموعة من وظائف الامتحانات، كالإعداد للتعليم العالى والجامعى، وتخصيص الموارد اللازمة للعملية التعليمية، واستخدام النتائج للحكم على جودة العملية التعليمية، والإعداد للحياة العملية، وإمداد سوق العمل بالعمالة اللازمة، حيث تتعدد وظائف امتحانات الشهادة الثانوية فى فرنسا، بين السيطرة على تدفق التلاميذ على التعليم العالى، وتوجيه عمل المدرسين عن طريق تنظيم النشاط المدرسى فى المدارس، والإعداد للحياة العملية، وتوجيه التلاميذ نحو مهنة المستقبل، وإلغاء المواد التى لا يمتحن فيها، وعدم الاهتمام بها، والكشف عن الأحداث الماضية من تعلم التلاميذ، والتنبؤ بما يكونون عليه فى المستقبل، والحكم على جودة العملية التعليمية، وتخصيص بعض ما تحتاجه العملية التعليمية من مبانى وتجهيزات وغيرها، وفى السويد تتمثل وظائف الامتحانات فى، السيطرة على تدفق الطلاب على التعليم العالى، مع تقليل الضغط على التلاميذ، مما أدى إلى تجزئة الامتحانات، والكشف عن مستويات الطلاب السابقة واللاحقة، والإعداد للحياة العملية، وتوجيه التلاميذ نحو مهنة المستقل، والحكم على جودة العملية التعليمية، كما تستخدم نتائجها لتخصيص ما تحتاج إليه المدارس من تمويل، ومبانى، وخلافه، وأما وظائف الامتحانات فى الصين فإنها، فإنها تعمل على السيطرة على تدفق الطلاب على التعليم الجامعى، وللتوزيع المتوازن على مختلف أنواع الدراسة، كما أنها تكشف عن الأحداث الماضية من التعليم، والأحداث الآتية، والإعداد للحياة عن طريق إمداد سوق العمل بما يحتاج إليه من عمالة مدربة، والكشف عن كفاءة التلاميذ، وجودة المدرسة، وكفاءة المعلم، وتخصيص ما تحتاج إليه العملية التعليمية من مبانى، وتجهيزات، وأما وظائف امتحانات الشهادة الثانوية العامة فى مصر فإن هناك مجموعة من الوظائف المعلنة رسميا لهذه الامتحانات، ولكن الواقع الفعلى، والعملى يكشف عن إن بعض هذه الوظائف المعلنة، لا يتحقق فى الواقع الفعلى للثانوية العامة، وذلك لأنه يفترض - كما هو واضح فى السياسات، والتوجهات، والقرارات، والقوانين- أن الثانوية العامة تقوم بإعداد التلميذ للحياة العملية جنبا إلى جنب، مع الإعداد لمواصلة التعليم بالجامعة، ولكن الواقع يشهد بغير ذلك، حيث إن المناهج، والتجهيزات المدرسية، والمشاركة فى المواقع الإنتاجية التى تتيح تدريبا أكثر للتلميذ بما يضمن مشاركته فى الحياة العملية عند مستوى الثانوية العامة، ومع ذلك فإن امتحانات الثانوية العامة فى مصر تؤدى مجموعة من الوظائف لا يمكن إغفالها، وهى إعداد التلاميذ لمواصلة التعليم العالى فى الجامعات، والمعاهد العليا، والانتقاء، والفرز، والسيطرة على تدفق الطلاب على التعليم الجامعى، وتنشيط عمليتى التعليم والتعلم، وتخصيص بعض الموارد اللازمة للعملية التعليمية من تجهيزات، ومبانى، وغيرها، ولكنه ومن باب الإنصاف، فإن أهم وظيفة ظاهرة للتلاميذ، وأولياء الأمور هى الإعداد لمواصلة التعليم العالى والجامعى، وكذلك فإن الامتحانات من حيث هى امتحانات للثانوية العامة تقوم على الانتقاء، والفرز بمعنى اختيار من يصلح لمواصلة التعليم العالى، والجامعى، ولكن معيارية الاختيار هذه تكون - إلى حد بعيد - غير صادقة، لأنها تعتمد على الامتحانات فقط فى شكلها التحريرى.
وأما نقاط الاختلاف بين مصر، وفرنسا، والسويد، والصين فيما يتصل بزمن الامتحان، ومدته، وشكله، ووظيفته، فهى كالتالى:
أولا: أوجه الاختلاف فيما يتعلق بزمن الامتحان ومدته.
تتمثل أوجه الاختلاف فيما يتعلق بزمن الامتحانات بين مصر، وفرنسا، والسويد، والصين فى إن الامتحان فى مصر يتم إجراؤه على مرحلتين من دورين، وفى الصين مرحلة واحدة من دورين، وفى فرنسا مرحلة واحدة، وفى السويد تقييم مستمر على مدار العام، مع مراعاة نتائج الأعوام السابقة، ويلاحظ أن فترة الامتحانات فى مصر تزيد عن بعض دول الخبرات محل الدراسة، ويجرى الامتحان فى مصر فى فترة الصيف، ويختلف زمن الامتحان فى مصر عنه فى الخبرات محل الدراسة، ويصدر قرار من وزير التعليم يحدد أزمنة الامتحان لكل مادة.
ثانيا: أوجه الاختلاف فيما يتعلق بشكل الامتحان.
أما شكل الامتحان فإن مصر تختلف عن فرنسا، والسويد، والصين فى تعدد، وتنوع أشكال الامتحان فى دول الخبرات، بين التحريرية، المقالية، والاختيار من متعدد، والميكانيكية، والامتحانات الشفهية ( على ندرتها )، واختبارات الأداء العملى، بينما هى فى مصر تعتمد - إلى حد كبير - على الامتحانات التحريرية المقالية بصفة عامة.
ثالثا: أوجه الاختلاف فيما يتعلق بوظائف الامتحانات.
وأما ما يتعلق بوظائف الامتحانات فان مصر تختلف عن فرنسا، والسويد، والصين من حيث إن وظيفة الإعداد للحياة العملية تبدو أكثر وضوحا فى برامج، ومناهج، وخطط الدراسة فى فرنسا، والسويد، والصين، بينما هى فى مصر غير واضحة، بحيث لا يتم تأهيل خريج الثانوية العامة للالتحاق مباشرة بسوق العمل على إن الوظيفة الأكثر وضوحا فى أذهان التلاميذ، وأولياء الأمور هى الإعداد للجامعة فى مصر، بينما هى الخبرات مجرد وظيفة إلى جوار مجموعة من الوظائف الأخرى، بحيث لا تطغى وظيفة على أخرى، كما أن الامتحانات فى الدول محل الدراسة تكشف عن القدرات العقلية، والإبداعية للتلاميذ، بينما هى فى مصر تقوم على مجرد الانتقاء، والفرز، ومراعاة الطالب المتوسط، لأنها تدور حول المنحى الاعتدالى مراعاة، وأخذا بالأساليب العلمية الحديثة.
ويمكن تفسير أوجه التشابه، والاختلاف بين مصر، وفرنسا، والسويد، والصين فى ضوء العوامل والقوى الثقافية، ذلك لأن هذه الدول تملك من أساليب التقنيات الحديثة ما يفوق التجهيزات، والتقنيات المتوفرة لنظام الامتحانات فى مصر، أضف إلى ذلك تلك التكاليف المرتفعة، بسبب تطبيق أنظمة الامتحانات العملية، والامتحانات ذات الاختيارات المتعددة، فضلا عن إن تطبيق الامتحانات الميكانيكية يحتاج إلى تكاليف مادية أكثر مما تحتاج إليه الامتحانات الأخرى أيّا كان نوعها، ولا يمكن أن نتغاضى عن تلك الفترة الزمنية التى مرت بها دول الخبرات العالمية محل الدراسة، بما مكّن لها من اختيار، وتبديل، وتعديل بين أشكال الامتحانات، حتى استقرت أشكال الامتحانات بالصورة التى هى عليها الآن، وكذلك فان تعدد، وتنوع الامتحانات فى دول الخبرات يرجع الى الايمان بالتعددية، انطلاقا من الفلسفة التى تنظم كل مجتمع من هذه المجتمعات، فيما عدا الصين، وقد يرجع اتفاق مصر مع فرنسا، بسبب ما بينهما من تأثير، وتأثر عن طريق فترات التعايش السياسى لها مع مصر منذ أواخر القرن الثامن عشر الميلادى
على أن ما يتعلق بالتشابه، والاختلاف فى وظائف الامتحانات مرده إلى أن بعض الدول تعلق على وظيفة معينة أهدافا معينة، وفى فرنسا، والسويد يتم إعداد التلاميذ للحياة جنبا إلى جنب مع الإعداد للتعليم العالى إعدادا فعليا، بسبب أن أصحاب العمل يشترطون فى الخريج دراسة مواد معينة، وكذلك الأمر فى الصين مع الاختلاف فيمن يشترط فى الخريج شروطا معينة لأن الدولة وحدها هى التى تملك ذلك، وأما عملية الإعداد للحياة فى نظام الامتحانات فى مصر، فهى عملية نظرية أكثر منها عملية فعلية، إذ ما تزال هذه المواد ( التى تعد الطلاب للحياة ) موادا اختيارية، ولم ترق إلى حد الدراسة الجادة، فضلا عما تحتاج إليه من إمكانات غير متوافرة فى التجهيزات المدرسية، وعدم إتاحة أصحاب المصانع والشركات فرص التدريب الفعلية لخريج الثانوية العامة فى مصر.