حتى اراك

،،،

فرط الكلام

،،،

لا يحمل الانسان منزله ليسير به ، بل يحمل مفتاحا ، هذا المفتاح تتوزع نسخ منه على  باقي شركاء المنزل ، وهكذا كان الاعلام ، قبل ان يحمل كل منا إعلامه ليسير به في كل مكان وكل وقت ، مُحاصِراً  و مُحٓاصٓرٓاً ،،

هل كان احدنا يتصور انه سيحمل  طابعة  وكاميرا وميكروفونات  ،، اوراقا وأقلاما ،  مجموعة من اوراق القَص واللزق ، و الصور الجاهزة ، وعدة ملصقات لكل المواقف ، هل تخيل احدنا ان الواحد منا يستطيع ان يحمل معه كل هذا الاعلام ؟؟؟!!

كل هذه الحقائق و الاكاذيب ، كل هذه الاخبار و الشائعات ، كل هذه المعلومات و المضللات ، نعم نحن  غارقون في كل هذا الاعلام  ،، 

صرنا نتكلم طوال الوقت ،ومع كل هذه الساعات والايام من ممارسة الكلام والاعلام ، يبدو اننا  لم نتدرب بعد  على مهارات  الكلام ، ولا على مهارات الصمت ، 

الكلام وثيقة ، و الأفعال يوثقها الكلام ، و تقوم الدنيا بسبب الكلام ، ونشره وانتقاده ،  بينما الأفعال على كل لون قد تمر  مرور العابرين ، 

،،

الكلام في أصل اللغة  هو الأصوات المفيدة، و هو المعنى   الذي يتم التعبير  عنه بألفاظ،،

واصطلاحاً فهو ما يعبر به المتكلم عما في نفسه من  هاجسه، أو خاطره، ومايجول بخاطره من مشاعر ، ومايزخر به عقله من  رأي أو فكر، وما يريد أن يزود به غيره من معلومات،   اما الثرثرة  فهى كثرة الكلام تكلفاً،

وينقسم الكلام عند اهل اللغة إلى قسمين‎:
‎- أولهما الخبر: وهو ما يحتمل التصديق والتكذيب من الكلام  

‎‎- ثانيهما الإنشاء: وهو ما لا يصلح لأن يوصف بالصدق أو الكذب ، مثل سؤال (كيف حالك؟)  والدعاء ،  و التعبير عن الحال ، وغير ذلك  من  أصناف الكلام الأمثلة التي لا يصلح في أي منها أن يقال هذا صدق أو هذا كذب ،،

و لا ينقسم الكلام عند اهل الاعلام ، نفس الأقسام ، بل ان الجملة تدخل في سياق ، والسياق يدخل في قالب من القوالب والاشكال الاعلامية  ، سواء كان اعلاماً مكتوبا او مسموعا او مرئيا ، ( او جميعهم  مالتي ميديا ، بفضل التطورات الالكترونية في الاعلام الجديد )  

.

هل تستطيع ان تحسب عدد الكلمات التي تقولها في اليوم او الساعة ، ؟ او هل تستطيع ان تعد عدد الكلمات التي تسمعها ، ؟ على الاقل نحن نتكلم او نستمع  الى حوالي مائة كلمة في الدقيقة ، فيومنا معظمه كلام ، بين نافع ، وضار ، وكل  الذي ليس نافعا ، ولا يقوم بدور ، ولا هدف له ،  يتم تصنيفه على انه ضار ، ،  وفي العلوم الانسانية التي تعكف على دراسة النفس البشرية يَرَوْن ان فرط الحركة يواكبه تأخر في الكلام ، فهل قلة الحركة أدت الى فرط الكلام ،، وهل فرط الكلام يؤدي الى قلة الحركة ؟؟ 

خاصة مع جلسات طويلة على شبكات التواصل الاجتماعي ؟؟!! ، تعالوا ندوّن ملاحظاتنا ،  لنرى هل يبلع الكلام  أوقاتنا ، ام مازلنا نملكها ، ونملك الفعل فيها ؟،، هل تدربنا على فهم الفكرة وتحليلها و نقدها للتفكير في مدى صحتها او بطلانها ، ام يتركز تفكيرنا في صاحب الفكرة قبولا او رفضاً ؟

هل يستطيع احدنا ان يكون موضوعيا منصفا للصواب أيا كان مصدره ، هل تستطيع ان تقول الحق ، اذا كان بيناً ، او على الاقل هل تستطيع ان تصمت قليلا للتفكير ، ؟ 

لقد  تدربنا على مهارة  تجزئة الكلام والصيد في ماء  عكر، وقطع الجمل عن سياقها ،  و مناسبتها ، تدربنا على الجدل ، و سمحنا  للكثيرين بالتدرب علينا والرهان على فقدان السيطرة على الاعصاب و السقوط فريسة للغضب  ،، بعد ان اقتحمت شبكات التواصل الاجتماعي حياتنا على طريقة  ألقه  في البحر يتعلم العوم ، و صارت الممارسة هي اداة التعلم والتطوير على هذه الشبكات ،، في حين ان الكلام مهارة ، والتحلي بمهارات الكلام علم ، بعضنا يملك ناصيته بفطرة سوية ، وبعضنا يحتاج لدروسه ،

لقد اختفى احترام الاخر ، ومع اول خلاف ترى المشانق تتدلى ، و السباب والقذائف التي تقتل المحبة، وكلما ازدادت العلاقة كانت القذائف أشد فتكاً ، دون اعتبار للكلمات وجروحها ، دون اعتبار لان معظم كلامنا اراء تحتمل الصواب والخطأ ، دون مرونة ولين و سماح بالتفاوض ، والاقتناع ، و التعلم ،، 

 اصبحت حياتنا  وعلاقاتنا مشاعاً ، ومحبتنا ، وغضبنا متاحاً طوال الوقت ، دون تفرقة بين ما ينبغي قولُه في الخاص  ، وما يمكننا   قولُه  في   العلن ، حتى ان عمليات التحليل البسيطة التي تقوم بها شبكات التواصل الاجتماعي  الافتراضي ، صارت تكشف لنا خبايا المحبة والشوق و الأشخاص المؤثرين في واقعنا ،  

إذا تكلمنا  بالكلمة ملكتنا  ولم نملكها ، و الذي يتعلم مهارة الكلام ،  ومتى يتكلم ، و كيف يتكلم ، ولماذا ، يتعلم في اللحظة ذاتها مهارة الصمت ، و متى يصمت ، وكيف يصمت ، ولماذا .   

 

 

المصدر: د نادية النشار
DrNadiaElnashar

المحتوى العربي على الانترنت مسئوليتنا جميعاً د/ نادية النشار

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 190 مشاهدة
نشرت فى 2 يوليو 2015 بواسطة DrNadiaElnashar

د.نادية النشار

DrNadiaElnashar
مذيعة و كاتبة ،دكتوراة في علوم الاتصال و الاعلام والتنمية .استاذ الاعلام و علوم الاتصال ، مستويات الاتصال و أهدافه، الوعي بالاتصال، انتاج محتوى الراديو والكتابة الاعلامية ، والكتابة، و الكتابة لوسائل الاعلام الالكترونية ، متخصصة في علوم الاتصال و الاعلام و التنمية، وتدريبات التطوير وتنمية المهارات الذاتية والاعلامية، انتاج »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

589,682