ولبر شرام ، لقد تأخرنا كثيرا 

نحن نقرأ متأخرا جدا ، ونظل وقتا طويلا لا نلتفت الى ما نعرفه وننصرف الى ما لا نعرفه ، لا نقترب من هدفنا  ، ونلهث  وراء اهداف غيرنا ، 

في الوقت الذي كان العالم يتحدث عن العلاقة البينية بين الاعلام والتنمية في بداية سبعينيات القرن الماضي ، لم نجن ثمار النصر الاكتوبري العظيم ، بل كنا منشغلين في الاستهلاك والتهليل ،،

لم يتم البناء على لحظة تاريخية بل كان الإلهاء العاجل  الذي اغتال النتائج ،

اصدر ولبر شرام (W. Schramm) وهو احد علماء الاتصال والاعلام كتابه عن الاعلام والتنمية عام ١٩٧٤ ،   لافتأً الأنظار الى  ان الاعلام  يشكل احد الدعائم الاستراتيجية لبناء مشاريع التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحضارية لكل المجتمعات، فالإعلام يستطيع ان يشكل  حوالي  ٧٠٪‏ من الصور الذهنية ، والتصورات  عن العالم المحيط ، وله  القوة في  التأثير على أفكار وآراء ومعلومات وسلوكيات المجتمع، يمكن استثماره في تعبئة المجتمع نحو قضايا التطور والتنمية والتغيير ، 

وقد تفاجأنا في ٢٠١١ مع باقي الجيران في منطقتنا العربية ان الاعلام يقوم بدوره في اندلاع الثورات ، واذا نجحت يستطيع ان يبني عليها ، فلم نقرأ ما نُشر في ١٩٧٤، لانه ليس جذابا ربما ، ولأنه يهم المتخصصين داخل أسوار الجامعة ،     فقد انطلق ولبر شرام  من اهمية الاعلام بصفة عامة من خلال الذاكرة التاريخية للتحولات الكبرى ووجد ان وسائل الاعلام احدثت اثرا كبيرا في المحيط الذي تعمل فيه وهو يرى أن ( الثورات في أوروبا وأمريكا ما كانت لتتم دون وسائل الإعلام وكذلك الأمر بالنسبة للتعليم والتطور التكنولوجي والاتصالي، على أساس أن هذه التطورات أحدثت تطورا وتحولا عميقا في حياة الناس) ومن ثم وجد ان (الدور الذي لعبته وسائل الإعلام لتنبيه دول العالم الثالث على واقعها المتخلف كان له أثر كبير في إيقاظ الشعوب المتخلفة من سباتها وفي جعلها تتطلع إلى مستوى معيشة الشعوب المتقدمة، فالإعلام والمواصلات كانا العامل الأهم في إيقاظ هذه الشعوب كما أن الإعلام أعطى الدول النامية قنوات قوية تستطيع أن تبلغ بها جماهيرها رغم الحواجز الكثيرة)

و حسب نظرية شرام فإن وظائف وسائل الإعلام التنموي هي:    الرقابة - التعليم -    توسيع الأفاق الفكرية-   معرفة أسلوب حياة الآخرين - تنمية التعاطف بالتقريب بين الناس -   التعرف و الإطلاع على مختلف الأشياء في الأمور العامة التي تحص الدولة ، 

ومن بين هذه الوظائف ركز ولبر شرام على ثلاث وظائف يرى أنها ضرورية للاتصال الهادف للتنمية ، و على رأسها  وظيفة المراقب لاستكشاف الأفاق وإعداد التقارير عن الأخطار التي تواجه المجتمع، وثانيها الوظيفة السياسية وتتم من خلال المعلومات التي تتيح اتخاذ القرار المتعلقة بالسياسة وإصدار التشريعات، وثالثها التنشئة من خلال تعليم أفراد المجتمع المهارات والمعتقدات

نعم هذا ما اقدمه منذ عقود ، وقد درست كثيرا عن نظريات الاتصال والاعلام ، ومر عليّ ولبر شرام و غيره من الباحثين في مجال علوم الاتصال و الاعلام  ( اغلبهم امريكيون ، من أصول متنوعة ، يخدمون انفسهم ،و أبحاثهم وأهدافهم  ) ، في سنوات دراستي الاولى للمجال كنت انظر لهذه العلوم نظرة المتخصص، المطبق على ذاته محاولا خدمة مجتمعه و اداء رسالته المهنية، ، لكن في مرحلة ما متقدمة من الدراسة ، و منذ بدايات الألفية الجديدة ، و ظهور الاعلام الاجتماعي ، اتسعت الرؤية تماماً ، هذه القدرات التطبيقية لا  يملكها المتخصصون فقط، بل  الناس جميعاً يتشاركون  في مجال الاتصال و الاعلام ، فأصبحت اعادة القراءة والدراسة والتطبيق ضرورة ، وارجو هنا التركيز على التطبيق بعد ان أصبحنا جميعا نمتلك وسائل الاعلام ، ومع اندلاع الثورات، و تطور اساليب الصراعات في منطقتنا العربية ، وما تبعها من نتائج، ، تأكدت اننا تأخرنا كثيراً، لكن يمكننا دائما ان نبدأ. 

المصدر: د نادية النشار
DrNadiaElnashar

المحتوى العربي على الانترنت مسئوليتنا جميعاً د/ نادية النشار

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 2221 مشاهدة
نشرت فى 26 يناير 2014 بواسطة DrNadiaElnashar

د.نادية النشار

DrNadiaElnashar
مذيعة و كاتبة ،دكتوراة في علوم الاتصال و الاعلام والتنمية .استاذ الاعلام و علوم الاتصال ، مستويات الاتصال و أهدافه، الوعي بالاتصال، انتاج محتوى الراديو والكتابة الاعلامية ، والكتابة، و الكتابة لوسائل الاعلام الالكترونية ، متخصصة في علوم الاتصال و الاعلام و التنمية، وتدريبات التطوير وتنمية المهارات الذاتية والاعلامية، انتاج »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

585,292