نستطيع  أن يُقرأ التاريخ  مع قراءة القوانين التي صدرت في نفس  الفترات  الزمنية .  ثم من يقرأ تعديلات القوانين وتعديلات الدستور .. و بمراجعة القوانين التي تصدر نستطيع ان نشهد على نوايا ترويض الشعب أو احترامه .. نستطيع ان نفهم هيبة الوطن وهيبة المواطن .. وهيبة السلطة   

قام محمد على فى عام 1829 بإنشاء مجلس " المشورة " وكان يتكون من مائة وستة وخمسين عضواً . وجعل رئاسة هذا المجلس لابنه إبراهيم .. وكان هذا المجلس يعقد مرة واحـدة فى السنة لاستشارته فى مسائل التعليم والإدارة والأشغال العمومية ، وأيضا الشكايات التى كانت تقدم إليه لتقديم الحلول المناسبة لها .
وفى عام 1866 أنشأ الخديوى إسماعيل مجلس شورى النواب ، الذى يعد البداية الحقيقية للمجالس النيابية فى مصر .. وكان يتكون من ستة وسبعين عضوا ينتخبون لمدة ثلاث سنوات .. وكان يقوم بانتخابهم عمد البلاد ومشايخها فى المديريات ، وجماعة الأعيان فى القاهرة والإسكندرية ودمياط أما رئيس المجلس فكان الخديوى يقوم بتعيينه ، ولقد كان هذا المجلس فى بدايته استشاريا ، ثم بدأت تتولد فى داخله اتجاهات المعارضة ، بسبب استفحال الأزمة المالية وما ولدته من تدخل أجنبى فى الشئون المصرية .
وفى أول مايو عام 1883 وأثناء الاحتلال البريطانى ، أصدر الخديوى توفيق القانون النظامى ، وبمقتضاه شكل مجلس شورى القوانين وكان يتكون من ثلاثين عضوا ، يقوم الخديوى بتعيين أربعة عشر منهم بصفة دائمة وكان يتم اختيار الرئيس وأحد الوكيلين من بينهم .. أمـا باقى الأعضاء الستة عشر فيتم انتخابهم وكان يتم اختيار الوكيل الثانى من بينهم .. وكانت اختصاصات هذا المجلس تتلخص فى حقه فى أن يطلب من الحكومة تقديم مشروعات قوانين . ومع ذلك فلم يكن من حقه اقتراح القوانين ، وكان هناك ما يسمى بالجمعية العمومية، وكانت تتكون من النظار – الوزراء – وأعضاء مجلس شورى القوانين والأعيان المندوبين ، وعددهم 46 عضواً .. وكانت تعقد جلساتها مرة على الأقل كل سنتين ، وكان لا يجوز ربط أموال جديدة أو رسوم إلا بعد إقرارها .
وفى عام 1913 تم إنشاء الجمعية التشريعية .. وكانت تتكون من أعضاء بحكم مناصبهم ، وهم النظار أى الوزراء ، ثم من الأعضاء المنتخبين والمعينين .. وكان عدد المنتخبين ستة وستين عضواً .. أما الأعضاء المعينون فكان عددهم سبعة عشر عضواً . وكانت مدة العضوية ست سنوات ..أما اختصاصات الجمعية التشريعية فكانت تتلخص فى وجوب أخذ رأيها قبل إصدار أى قانون ، مع عدم التقيد بالأخذ بهذا الرأى ، وقد عقدت الجمعية التشريعية دور انعقاد واحد فقط ، من الثانى والعشرين من يناير عام 1914 إلى السابع عشر من يونيو 1914 ، ولم تعقد أى اجتماعات بعد ذلك لتوقف الحياة النيابية فى مصر بسبب الحرب العالمية الأولى، وقد صدر الأمر بحل هذه الجمعية فى الثامن والعشرين من أبريل عام 1923.
وجاءت مرحلة جديدة بإعلان الدستور فى 19 أبريل عام 1923 فى ظل تعدد الأحزاب . وقد أعلن الدستور أن التشريع من حق البرلمان ، مع إعطاء الملك حق الاعتراض .. وفى نفس الوقت أعطى للبرلمان حق الرقابـة على أعمال السلطة التنفيذية ، وكان البرلمان فى ظل هذا الدستور يتكون من مجلس للنواب وآخر للشيوخ ..كان مجلس النواب يتكون من 214 عضوا ، زيد إلى 232 ثم إلى 319 عضوا بسبب الزيادة فى عدد السكان .. أمـا مجلس الشيوخ فكان يتكون من 120 عضوا منهم 72 بالانتخاب و48 بالتعيين . ثم زيد إلى 147 عضوا منهم 88 منتخباً و59 معينا .. ثم زيد للمرة الثانية إلى 180 عضواً منهم 108 بالانتخاب و72 بالتعيين . وقد عقد المجلسان أول اجتماع لهما فى 15 مارس عام 1924 والسبب فى زيادة عدد مجلس النواب والشيوخ هو أن المادتين 74 و 83 من دستور 1923 كانتا تقضيان بأن كل دائرة انتخابية تمثل بعضو عن كل عدد من السكان .
ولكن دستور 1923 تعثر تطبيقه من الناحية العملية .. فقد تم حل مجلس النواب أكثر من مرة .. بل إن جميع المجالس التى شكلت فى ظله لم تكمل مدتها الدستورية ، وأكثر من ذلك فإن المجلس الذى بدأ اجتماعاته فى الثالث والعشرين من مارس عام 1925 تم حله فى ذات يوم انعقاده .. وهذا المجلس الأخير لم يدم دور انعقاده سوى تسع ساعات فقط ، وبذا يعتبر من أقصر المجالس النيابية عمرا .. وبالإضافة إلى ذلك فإنه فى ظل دستور 23 صدر فى التاسع عشر من يوليو فى عهد وزارة محمد محمود باشا الأمر الملكى رقم (46) لسنة 1928 بحل مجلسى النواب والشيوخ وإيقاف تطبيق المواد 15 و89و155و157 من الدستور لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد ، على أن يتولى الملك السلطة التشريعية من خلال المراسيم الملكية التى تكون لها قوة القانون . ولكن هذا الأمر الملكى لم يلبث أن ألغى فى 31 أكتوبر عام 1929 مع دعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس النواب وعودة مجلس الشيوخ الذى كان قائماً قبل صدور الأمر الملكى سالف الذكر .. وقد دعى البرلمان بمجلسيه إلى الانعقاد اعتباراً من الحادى عشر من يناير عام 1930.
وتم إلغاء دستور 1923 بصدور دستور 1930 فى الثانى والعشرين من أكتوبر 1930فى عهد وزارة إسماعيل صدقى .. إلا أن دستور 1930 لم يعمر طويلاً ، بسبب تزايد الضغط الشعبى ورفض مصر كلها له وللنظام السياسى الذى قام على أساسه .. وقد حدد هذا الدستور عدد أعضاء مجلس النواب بـ 150 عضواً يتم انتخابهم على درجتين وعدد أعضاء مجلس الشيوخ بمائة عضو يعين الملك ستين منهم وينتخب الأربعون الباقون وقد صدر الأمر الملكى رقم 27 لسنة 1934 بإلغاء دستور 1930 وحل مجلسى البرلمان اللذين قاما فى ظله وطبقا لأحكامه . وفى التاسع عشر من ديسمبر عام 1935 صدر الأمر الملكى رقم 142 لسنة 1935 الذى قضى بإعادة العمل بدستور عام 1923 .. وقد جاء فى مقدمة الأمر الملكى : إن رغبة الأمة ظهرت جلية فى إعادة دستور 1923 . ورغم ذلك نجد أن مجالس النواب التى جاءت فى ظل دستور 1923 قد تعرضت للحل أكثر من مرة .. وظل الحال على هذا المنوال حتى تم حل البرلمان لآخر مرة فى يناير عام 1952عقب حريق القاهرة وظلت مصر بدون برلمان حتى قيام الثورة فى 23 يوليو1952..حيث أعلن مجلس قيادة الثورة فى العاشر من ديسمبر 1952 سقوط دستور 1923 ، وعزم الحكومة على تأليف لجنة تضع مشروع دستور جديد يكون خالياً ومنـزهاً عن عيوب الدستور الذى تم إلغاؤه .
وفى العاشر من فبراير عام 1953 صدر قرار مجلس قيادة الثورة بنظام الحكم خلال فترة الانتقال التى تحددت بثلاث سنوات . وفى السادس عشر من يناير عام 1956 أعلن دستور 1956 الجديد ، وقد تم الاستفتاء عليه فى 23 يونيو عام 1956 .. وعلى أساس هذا الدستور شكل أول مجلس نيابى فى ظل ثورة 23 يوليو وبدأ جلساته فى 22 يوليو1957 .. وقد أطلق عليه اسم : " مجلس الأمة " ، وتكون من350 عضوا .. واستمر هذا المجلس حتى العاشر من فبراير 1958.. وعقب الوحدة مع سوريا صدر دستور مارس المؤقت .. وشكل مجلس أمة مشترك مكون من 400 عضو مصرى و200 عضو سورى.. وعقد أول جلساته فى الحادى والعشرين من يوليو 1960، واستمر حتى الثانى والعشرين من شهر يونيو عام 1961.
وفى شهر مارس 1964 صدر دستور مؤقت، وفى ظله تم قيام مجلس أمة منتخب مكون من 350 عضواً ، بالإضافة إلى عشرة أعضاء يعينهم رئيس الجمهورية .. وفى الحادى عشر من سبتمبر 1971 تم وضع الدستور الدائم .. وفى ظله جرت انتخابات مجلس الشعب الذى عقد أولى جلساته فى 11 نوفمبر 1971 وهو أول مجلس يستكمل مدته الدستورية وهى خمس سنوات كاملة ، وفى عام 1976 تم إجراء انتخابات جديدة فى ظل نظام المنابر السياسية التى تحولت فيما بعد إلى أحزاب سياسية .. بناء على ما أعلنه الرئيس أنور السادات فى بداية دور انعقاد مجلس الشعب فى 11نوفمبر 1976 وأعقب ذلك القانون رقم 40 لسنة 1977 بتنظيم الأحزاب فى مصر . ثم جاءت مرحلة جديدة ففى التاسع عشر من إبريل عام 1979 وافق الشعب فى استفتاء عام على إنشاء مجلس الشورى وبناء على ذلك عدل الدستور ووافق الشعب على هذا التعديل فى الاستفتاء الذى جرى يوم 22 مايو 1980 وأضيف بموجب هذا التعديل باب جديد إلى الدستور تضمن الفصل الأول منه بيان الأحكام الخاصة بهذا المجلس وكان أول اجتماع له فى أول نوفمبر 1980.
 

المصدر: د.نادية النشار
DrNadiaElnashar

المحتوى العربي على الانترنت مسئوليتنا جميعاً د/ نادية النشار

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 148 مشاهدة

د.نادية النشار

DrNadiaElnashar
مذيعة و كاتبة ،دكتوراة في علوم الاتصال و الاعلام والتنمية .استاذ الاعلام و علوم الاتصال ، مستويات الاتصال و أهدافه، الوعي بالاتصال، انتاج محتوى الراديو والكتابة الاعلامية ، والكتابة، و الكتابة لوسائل الاعلام الالكترونية ، متخصصة في علوم الاتصال و الاعلام و التنمية، وتدريبات التطوير وتنمية المهارات الذاتية والاعلامية، انتاج »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

651,069