من الصعب أن يمر يوم بمصر دون أن يكون فيه مولد فى مكان ما، فبحسب موسوعة المجتمع المصرى للدكتور سيد عويس، يقدر عدد الموالد فى مصر بنحو ( 2850 ) مولدًا، تتوزع على غالبية قرى ومدن مصر من الإسكندرية لأسوان.
ولن نتعرض هنا إلى الجدل الدائر حول مشروعية الموالد الشعبية ومدى استحسان بدعيتها من عدمه .. ولكن دعوني - ردًّا على أفتى بأن الموالد كبدعة تعد حسنة إذا ما ابتعد المحتفلون خلالها عن أية معاص تغضب الله واهتموا فقط بتلاوة القرآن وترديد الأذكار وتوزيع الصدقات وتذكر مآثر الإمام والعمل بها - أوجه بعض الأسئلة التي لا أبغي بها إلا وجه الله تعالى :
س : هل ابتلاك ربك ونزلت إلى أحد الميادين التي تقام فيها هذه البدعة الحسنة، وعلمت بأحد أو بكل حواسك الخمس من بصر وسمع ولمس وتذوق وشم ماذا يحدث؟!
س : هل بالفعل كما يقال أن الموالد والأضرحة هما شريان حياة الصوفية، فإذا انقطعا اضمحل التصوف وهلك الصوفية؟!
س : ماذا سيخسر – بصدق - التصوف الإسلامي لو لم توجد فيه موالد أو أضرحة، وماذا سيكسب مقابل هذا؟!
س : هل أصبح التصوف - ذلك المشرب القلبى والروحى الجميل الذى ينبغى للمسلم أن يأخذ بحظه منه – قائمًا على صناديق النذور، وجثث الموتى، ومبررات المتفلسفة وأدعياء التصوف غير المنطقية عندما يتشدقون بفوائد الموالد الاجتماعية والاقتصادية؟!
س : هل المنفعة والشخصنة وعبودية الكراسي تجعلنا نتغاضى عن تاريخ الموالد الصوفية المكتظ بالبدع والخرافات والبيزنس و"التحرش" بالنساء والاختلاط بين الرجال والنساء فيما يسمي حلقات الذكر، ولا نُحرك ساكنًا لمحاولة تغييره أو حتى مجرد الاعتراف بخطئه؟!
س : ما طعم اللقمة التي تؤكل من وراء أضرحة وزوايا وأماكن تسمى بأنها "مبروكة" يشدُّ إليها الجهلة الرحال للبحث عن شفاء المريض بواسطة الولي؟! فهناك أضرحة مخصصة لعلاج أمراض معينة لا غيرها مثل ضريح الشيخ أو الولي "فلان" لعلاج العظام وآخر لعلاج العقم وهكذا.. وأذكر – خلال دراستي للدكتوراه – زرت ضريحًا باسم "راكب الحجر" في شمال القاهرة بجوار بئر، مخصصٍ لعلاج العقم فقط، حيث يطلب من النساء الدوران حوله سبع مرات لشفائهن من العقم بخلافات طلبات أخرى شاذة!!
س : هل يسعد أهل البيت الصوفي عندما يعلمون بأن هناك قرابة 300 ألف شخص يعملون في مجال الدجل والشعوذة في مصر نتيجة استمرار اعتقاد الكثير من الأسر المصرية في دور هؤلاء الدجالين في حلِّ الكثير من المشاكل المستعصية مثل تأخر سن الزواج أو عدم الإنجاب والعقم أو وفك السحر والأعمال، وأن كم الخرافات والخزعبلات التي تتحكم في سلوك المصريين يصل إلى 274 خرافة؟!
س : هل يعقل بعد ثورة – ربانية – أذهلت العالم أن تخرج دراسة علمية من المركز القومي المصري للبحوث الاجتماعية والجنائية تؤكد أن بعض المصريين الذين يؤمنون بالخرافات والدجل والكرامات وغيرها ينفقون قرابة 10 مليار جنيهًا مصريًا على الدجالين والمشعوذين الذين يلجأون إليهم بهدف إخراج جن أو "فك عمل" أو عمل "حجاب" يقي صاحبه شرًّا ما ؟!
السادة العقلاء من الصوفية، بالله عليكم أفيقوا، فعقارب الساعة تتقدم إلى الأمام ولا ترجع إلى الوراء، وما كان يحدث في عهد المخلوع وزبانيته لن يتكرر مرة أخرى ! ولعلها فرصة قدمها الله تعالى لكم، فاغتنموها ولا تفرحوا بمكاسب سريعة مؤقتة، واتقوا الله فالكل زائل والكل مُحاسب لاريب!
ساحة النقاش