ثانيًا : الرد على الافتراءات الموجهة ضد الإسلام :

حين ظهر الإسلام في القرن السابع الميلادى، لم يكن العالم فارغًا من أعدائه، الذين فقدوا بانتصاراته على أنظمتهم ودولهم الكثير من المكاسب، لذلك فإنهم راحوا يتلمسون كل الوسائل للنيل من هذا الدين الجديد الذي كان السبب الرئيسى وراء خروج العرب من شبه جزيرتهم ليكسروا شوكة أكبر إمبراطوريتين في العالم القديم وهما الإمبراطورية الفارسية والإمبراطورية البيزنطية وعلى الرغم من أن العرب – المسلمين فتحوا أيديهم لمصافحة الأعداء، ودعوهم للعيش الآمن معهم ، إلا أن هؤلاء لم يهدأوا أبداً من الكيد للمسلمين، ومن محاولة تشويه دينهم من خلال محاولات البحث والتقصى التي قام بها علماء اليهود والنصارى، وما صدر عنهم من مقولات تشكك في الدين الإسلامى، ومعجزات رسوله، الأمر الذي دعا عددًا لا بأس به من علماء المسلمين وخاصة فلاسفته؛ لكى يتصدوا لذلك، وهناك مجموعة أدبيات جدلية في هذا الصدد أشهرها وأكثرها حدة ما وصلنا في مؤلفات كل من الغزالى وابن حزم الأندلسى.

لا مانع أبدًا من أن يتمسك أتباع كل دين بمعتقداته، ولا ضير على الإطلاق في أن يدافع علماؤه عنها، ولكن المشكلة تأتى من محاولات بعضهم الهجوم على الأديان الأخرى، ومحاولة التشكيك فيها وهنا نأتى لدعوة (الحوار بين الأديان) التي ارتفع صوتها في الآونة الأخيرة، بقصد تخفيف حدة الهجوم من أصحاب كل دين على الدين الآخر والواقع أن هذا الحوار (المزعوم) لن يؤدى إلى أى نتيجة إيجابية، كما ثبت حتى الآن، بل على العكس، أنه سوف يزيد من اشتعال حدة الخلافات وبالتالي التعصب بين الأتباع الذين لا يكونون عادة على درجة من المعرفة والثقافة تؤهلهم لاستيعاب وجهات النظر المخالفة، وإذا كان المسلمين يدركون جيدًا أن الإسلام هو آخر الأديان السماوية، وأنه الدين الذي اختتم به الله تعالى رسالاته النبوية للبشر، وأنه قد احتوى على ما جاء في كل من اليهودية والمسيحية من عقائد وتشريعات إلهية، رافضًا كل ما ألحقه علماؤهما بهما على مر العصور (مصدقًا لما بين يديه) فإن علماء اليهودية والمسيحية لا يعترفون بشيء من ذلك، ويرى كل فريق أنه على الحق، وأن غيره على الباطل وهم مع الأسف عند اجتماع الأديان الثلاثة يتحالفون ضد الإسلام!!

لذلك فإن من مهمة الفلسفة الإسلامية حاليًا التصدي لكل ما يصدره علماء الأديان الأخرى من افتراءات تهدف إلى النيل من الإسلام، وبالطبع لن يتأتى ذلك إلا بعدة شروط:

منها : تحديد الدعاوى الموجهة ضد الإسلام ثم تصنيفها وفحص أدلتها وحججها.

ومنها: معرفة المنهج الذي تتبعه تلك الدعاوى للإفادة منه عند الرد عليها.

ومنها ضرورة الرد على تلك الدعاوى بنفس اللغة التي تصدر بها، وفي نفس الأماكن التي تنشر فيها قبل أن ننشرها في العالم الإسلامي نفسه.

 

المصدر: الفلسفة الإسلامية المعاصرة
Dr-mostafafahmy

د/ مصطفى فهمي ...[ 01023455752] [email protected]

  • Currently 20/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
6 تصويتات / 301 مشاهدة

ساحة النقاش

مصطفى فهمي

Dr-mostafafahmy
فلسفة الموقع مهتمة بتحديد طريقة الحياة المثالية وليست محاولة لفهم الحياة فقط. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

449,783