موقع العبد الفقير إلى الله تعالى المؤرخ أ.د/السيد محمد الدقن رحمه الله

غفر الله ورحم د/السيد محمد الدقن وزوجته وأدخلهما فسيح جناته

مجلس شورى النواب

والحركة الوطنية المصرية (1876-1879)

أ.د.السيد محمد الدقن

     دخلت الحياة النيلبية في مصر منذ عام 1876 دورا جديدا، اتسم بظهور روج النهضة والمعارضة في نفوس أعضاء المجلس، وبدت هذه الروح في مناقشاتهم وأعمالهم ومواقفهم، وأخذت مظاهر الحياة والنشاط ترتسم في أفق المجلس بعد أن كان يخيم عليه الخمول والجمود في الأدوار السابقة.

     وقد ابتدت أدوار المعارضة بانتخاب الهيئة النيابية الثلثة، وهم الذين شغلوا مراكز النيابة من سنة 1876 إلى أوائل عهد توفيق، فعندما دعت الحكومة المجلس إلى اجتماع  غير عادي في أغسطس سنة 1876 م للنظر في قانون المقابلة، رأى المجلس الإبقاء على المقابلة لما فية مصلحة للحكومة ولأصحاب الأراضي، ونزلت الحكومة على قرار النواب في شأن المقابلة، وهذا يدل على إشراك الحكومة النواب في المسئولية، وعندما اجتمع المجلس في نوفمبر 1876، كان جوابه على خطبة العرش مكتوبا بأسلوب جديد بعيد عن روح التملق للخديو؛ مما يدل على تطور روح المجلس واستشعار النواب بكرامتهم وحقوقهم، كما برز في ميدان النقاش أعضاء أكفاء برهنوا على حصافة في الرأي وقدرة في المنطق نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: محمود بك العطار، وعبد السلام بك المويلحي، والشيخ عثمان الهرميل وغيرهم.

   وقد أخذ ساعد المجلس  يقوى ويشتد تدريجيا  حتى صار الأعضاء وخاصة في دورة فبراير 1877 يرون من اختصاص المجلس البحث في مسألة تسوية الديون، إلا أن المجلس رغم هذا كله بقى بعيدا عن المشاركة الفعلية في أحداث البلاد حتى قامت الوزارة المختلطة في أغسطس 1878م برئاسة نوبار باشا، وهنا بلغ التدخل الأجنبي في شئون مصر أقصى مداه، وتزايدت حدة التذمر بين الأهالي نتيجة لاشتداد الوزارة الأوربية في تحصيل الضرائب وعمدت إلى تسريح فريق من رجال الجيش، وحبست المرتبات عن موظفي الحكومة وزاد سخط الشعب عندما طردت الوزارة عددا من الموظفين الوطنيين لتستخدم بدلا منهم أجانب تدفع لهم المرتبات الضخمة، كما ازداد سخط الخديو على هذه الوزارة لتقييدها سلطته؛ حيث كان ممنوعا من رئاسة جلساتها، كما صارت هذه الوزارة تحكم البلاد حكما ديكتاتوريا ، ومن ثم انضم الخديو إلى ممثلي الشعب في نضالهم ضد هذه الوزارة.

   ولقد بلغ النضال الوطني القمة ضد الوصاية الأوربية عندما دعا الخديو مجلس شورى النواب لى نعقاد في 2 يناير 1879م، وغدا على الوزارة أن تواجه المجلس في اجتماعه هذا، وأخذت الصحف تحث أعضاءه على ممارسة حقوقهم في النيابة عن الأمة، ولم يلبث أن وقع الصدام  المنتظر بين المجلس والوزارة عندما أراد المجلس مناقشة المسائل المالية، وطلب من وزير المالية موافاته بمشروعات الوزارة فلا يستجيب، ومن ثم رأي المجلس عدم انتظار حضور وزير المالية  واستقر رأيهم على مناقشة خفض الضرائب وإلغاء بعضها في غيبته، كما اعترض المجلس على إغفال حقه في إقرار القوانين المالية وكل ما يتصل بالأهالي، وتقرر دعوة رئيس النظار للمفاوضة معه في شأن مرسوم 6 يناير 1879م، الذي يقضي بتقرير القوانين المالية في مجلس الوزراء وتصديق الخديو دون عرضها على المجلس، فحضر نوبار الذي أخذ يتهرب من مواجهة المسألة محاولا كسب الوقت، فازداد الاستياء من سياسة الوزارة واتسعت حركة المعارضة داخل المجلس وخارجه وعطلت الحكومة جريدتي (التجارة) لأديب اسحاق و(الوطن) لمبخائيل عبد السيد خمسة عشر يوما لإثارتهما الخواطر في كتابتهما، وفي خلال مدة التعطيل وقعت ثورة الضباط التي عرفت بمظاهرة 18 فبراير 1879م والتي انتهت بسقوط الوزارة. 

المصدر: أ. د. السيد محمد الدقن، دراسات في تاريخ مصر الحديث والمعاصر(القاهرة: المؤلف، د.ت)
DRDEQENSAYED

ربي اغفر وارحم عبدك السيد محمد الدقن وزوجته - نسألكم الفاتحة والدعاء وجزاكم الله خيرا ولكم بمثل ما دعوتم

  • Currently 5/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
1 تصويتات / 559 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

149,622

ابحث

موقع العبد الفقير إلى الله تعالى المؤرخ أ.د/السيد محمد الدقن رحمه الله

DRDEQENSAYED
يهدف هذا الموقع إلى نشر أجزاء من علم العبد الفقير إلى الله سبحانه وتعالى المؤرخ المصري الدكتور السيد محمد الدقن غفر الله له ورحمه، أستاذ التاريخ بجامعة الأزهر، وكذلك نشر كل ما قد يكون في ميزان حسناته وحسنات زوجته رحمهما الله، نسألكم الدعاء والفاتحة للفقيد والفقيدة ولكم بمثل ما دعوتم »