في عام 1876، لم يجد الخديو اسماعيل -أمام عجز الخزانة عن أداء أقساط الديون وتهديدات الماليين والمرابين وترديدهم بضرورة خلع اسماعيل-  لم يجد بدا من الاستجابة لمقترحات بعثة "كيف"عام 1875، التي عرض اسماعيل على بريطانيا إرسالها لفحص مالية مصر، عندما ساءت حالة الخزانة.

    بدأ التدخل السياسي في شئون مصر؛ بإصدار مرسوم من الخديوي اسماعيل  في 2 مايو سنة 1876 بإنشاء "صندوق الدين العمومي" لتسليم إيرادات المصالح المحلية- الجمارك والسكك الحديدية وبعض المديريات والمصالح الأخرى- المخصصة للدين.

    كان صندوق الدين أول هيئة رسمية أوربية أنشئت بهدف التدخل السياسي في شئون مصر والسيطرة عليها؛ إذ تألفت إدارة الصندوق من أجانب يعينهم الخديو بعد أن ترشحهم حكومات دولهم، وكان المندبون: الفرنسي "دي يلنيير" والنمساوي " دي كريمر"، والإيطالي "بارافيلي"، والإنجليزي "ايفلن بارنج"، ثم صار في سنة 1885 مندوبون لألمانيا وروسيا، وكذلك أعطيت للمحاكم المختلطة الحق في نظر القضايا والفصل في الدعاوي التي يرفعها صندوق الدين على الحكومة لصالح الدائنين.

      يعد هذا الأمر اعتداء صارخ على استقلال مصر المالي والسياسي، لأن هذه الهيئة بجانب توليها تسلم الإيرادات من مصادرها مباشرة مع الافتئات على وزارة المالية، فإنها تقيد حرية الحكومة في تعديل الضرائب التي خصصت إيراداتها لصندوق الدين تعديلا يقضي إلى إنقاص الوارد منها، كما يقيد حرية الحكومة في عقد قروض وإصدار أذونات مالية جديدة إلا بعد موافقة صندوق الدين، فإذا أضفنا إلى هذا كله إعطاء المحاكم المختلطة الأحقية في نظر دعاوي الصندوق على الحكومة المصرية.

    كانت النتيجة المباشرة لما سبق هي:  فرض الوصاية الأوربية على مصر ماليا وسياسيا؛ حيث أصدر الخديو اسماعيل مرسوما في 14 مايو 1876 بإنشاء مجلس أعلى للمالية ، تكون مهمته التفتيش على إيرادات وخزائن الحكومة وملاحظة الدخل والمنصرف ومراجعة الحسابات، ثم بحث مشروع الميزانية التي تقدمه الحكومة كل سنة، وعين السنيور"شالويا" أحد أعضاء مجلس الشيوخ الإيطالي رئيسا له.