كيس مفتاح الكعبة وحادثة سرقة المفتاح
أ.د.السيد محمد الدقن
أمَّا كيس مفتاح الكعبة فلا نعرف بالضبط: متى بدأ صنعه؟ وهل كان يرسل سنويًّا أم لا؟ إذ لم نعثر فيما قرأنا من كتابات المؤرخين على أية إشارة إلى هذا الكيس؛ غير أننا عثرنا على رواية تحكى حادثة سرقة مفتاح باب الكعبة المعظمة، وكان ذلك في الأيام الأخيرة من شهر رمضان سنة (976هـ)، حينما قام الشيخ عبد الواحد الشيبي بفتح باب الكعبة المشرفة لتدخل النساء كما هي العادة في ذلك الوقت من كل عام، فسرق من حجره مفتاح الكعبة الذي كان مصفحًا بالذهب؛ فوقعت ضجة داخل الحرم الشريف، وأُغلقت الأبواب وفتِّشت الناس فلم يظفروا به، ثم بعد ذلك علم (سنان باشا) باليمن بوجوده مع رجل أعجمي؛ فقبض عليه فأقر بوجود المفتاح عنده، فاقتحمت داره فوجد عنده المفتاح وغيره من سرقات أقرَّ بها، فقطعت رأسه، وأُعيد المفتاح إلى الشيخ عبد الواحد الشيبي، فهل هذه الحادثة يمكن أن تحدد لنا بداية الاهتمام بصنع كيس لمفتاح للكعبة؟ ربما يكون ذلك. على أننا وإن كنا لم نعثر في كتابات المؤرخين بعد هذا التاريخ (976هـ) على ما يشير إلى عمل كيس لمفتاح الكعبة، فإن عدم إشارة المؤرخين إلى ذلك لا ينفي نفيًا قاطعًا عمل هذا الكيس وإرساله سنويًّا مع كسوة الكعبة المعظمة حفاظًا على المفتاح من الضياع أو السرقة مرة أخرى؛ لأن ذلك الكيس يعتبر من الملحقات التابعة للكسوة، فليست هناك ضرورة لذكره عند إشارة المؤرخين إلى إرسال الكسوة، لا سيَّما وأننا قد وجدنا في العصر الحديث الإشهادات الشرعية بتسليم كسوة الكعبة المعظمة تشير إلى وجود ذلك الكيس ضمن قطع الكسوة الشريفة كل عام، إذا أضفنا إلى ذلك أن ( إبراهيم رفعت باشا ) الذي عمل قومندانًا لمحمل الحج المصري ثم أميًرا للحج سنين عددًا، وكان يصطحب معه الكسوة كل عام، يشير في كتابه إلى صنع هذا الكيس منذ زمن بعيد، فيقول: «وقد جرت العادة من زمن مديد أن يصنع مع الكسوة كيس لمفتاح الكعبة يحفظ فيه عند أكبر بني شيبة...».
إذا علمنا ذلك رجح لدينا أن كيس مفتاح الكعبة كان يصنع ويرسل كل عام مع الكسوة الشريفة منذ العصر العثماني، وقد شاهدنا في أثناء زيارتنا لدار الكسوة الشريفة بالخرنفش بالقاهرة قِطَع الكسوة التي رفضت السلطات السعودية استلامها عام (1381هـ)؛ لوجود خلافات سياسية بين مصر والملكة العربية السعودية حينذاك، كما شاهدنا من بين تلك القطع كيس مفتاح الكعبة المعظمة.
ساحة النقاش