الغريب
---------------
سمعت صوته لاول مرة عن طريق الهاتف فقد تحدث إليها وكأنه يعرفها
منذ فترة طويلة كانت كلماته عذبة ترجف نبضات قلبها ويكاد صدرها يتوقف
عن التنفس - كانت تتساقط عليها الكلمات فتذيب الثلوج التي تملأ كيانها
فزوجها شغلته الدنيا فنسيها وسط ضجيج الأيام -فأصبح يعاملها بعصبية وحدة
لكنه طيب القلب فبعض الأحيان يكون هادئأ ويحتويها بكلماته الحنونة التي
تنشدها كخيوط الشمس فتدخل لتشق رئتيها كالهواء الذي تتنفسه-
ورغم لحظات السعادة القليلة إلا انها تحبه ولاتفكر في شيء غير إسعاده
ودائماً تسمعه كلماتها الحنونة الهادئة التي تثلج صدره وتلملم داخله صلوات
الغرام الشاردة-
لكن هذه المرة أطلقت العنان لأذنيها واستقبلت كلمات ذلك الغريب الذي يحدثها
لكنها تدرك أنها ليست الوحيدة التي يقول لها تلك الكلمات البراقة التي تضيء
داخل الضباب-كانت تدرك انه سياتي الوقت الذي ستكف فيه عن سماعه فهو
مجرد متطفل دخل حياتها وهي لاتفعل شيء سوى الإستماع إليه -
وفي هذا اليوم حدثها الغريب على الهاتف سمعت صوته وكان يتحدث بدون
توقف كانه يعزف على آلة بدون انقطاع وفي هذه اللحظة دخل زوجها فارتعد
وصلها والقت بالهاتف إلى جوارها - فقال لها في حدة ماذا تفغلين
ردت في تلعثم --- لاشيء فأخذ يحدثها شعرت أن قلبها قد إنتفض واشتد خفقانه
وكانه سيخلع من مكانه فهبت واقفة ذهبت خلفه وهى تحدثه محاولةً إخفاء
الإرتباك الذي ظهر على قسمات وجهها-
وبعد فترة عادت وأمسكت الهاتف وياللعجب إنه مازال يتحدث بنفس الطريقة
وبدون توقف ولم يعطي نفسه فرصة كي يسمعها أو يشعر بما يدور حولها -
شعرت أن مشاعره عقيمة مثل الليالي المظلمة وأنه يسكن مقبرة للسهو وما هى
إلاكلمات يرددها بدون هدف فتتناثر مع الهواء-
أمسكت الهاتف وقبضت عليه بأصابعها وأزالت حروف إسمه ورقم هاتفه إلى
الأبد وبدون رجعة وأغلقت الهاتف ورددت الحمد لله - الحمد لله أنا في نعمة -
بقلم الشاعرة \ نسرين بدر