فلسطين
بقلم: هبة سامي أبو صهيون
**********************************
من وراء جدران المكتبة، و أمام رف الكتب الوطنية. كنت أقرأ كتابا عن القضية الفلسطينية.
فشرد بي الخيال و حلق بي في سماء صافية، شمسها ساطعة و متوجهة كالذهب.
نظرت للأسفل , فرأيت ما هو أشبه بالدرة الثمينة, فقادني فضولي إليها.
فإذا بي أَحُطّ على أرض جميلة. لا, بل فتاة حسناء.
رداؤها ثوباَ أخضر مطرزاً بالفل و الياسمين. و عطرها أريج الورود، و حِلّتها قطرات الماء التي تتناثر حول عنقها كاللآلئ. و الهواء يداعب شعرها الحريري. و الفراشات تَحُطُ عليه لتزيده رونقاً و جمالاً.
و بقدر جمالها كان حنانها, فهي تحتضن في حجرها شعباً كنت قد حسدته على أمهم العظيمة.
و فجأة, تحول هذا الحلم الجميل إلى كابوس مريع. فأصبحت سماؤها سوداء مغبرة، و ذوى حسن تلك الأرض. و أصبحت خراباً، مقيدةً بسلاسل الاستعمار. تصرخ مناديةً أبناءها الشجعان.
فرحت أبحث في أرجاءها عن رجالها. إنهم في سجون الاستعمار و في ساحات القتال. و الأطفال ينظرون إلى السماء وعيونهم مليئةً بالحزن، بالبكاء, فهم بلا آباءٍ، بلا أمان.
هم أطفال الحجارة . نعم, أطفال الحجارة! فحتى الحجر فلسطين، أبى أن يقعد عن نداكِ. فكان قنبلةً في أيدي الأطفال، و بدمائهم الزكية يروون أرضهم. فَهُم جموعٌ تنادي أن لبيكِ فلسطين.
يخرجون من تحت التراب و من جوف الصخور. فقرارهم أن لا مكان لليهود بينهم.
فزعت من منظر الدم المتدفق، ومن صياح النساء و بكاء الأطفال. و من نار الاحتلال التي تحرق الأخضر و اليابس.
فصحت: أخرجوني من هنا, أخرجوني من هنا. و فجأة, سمعت صوت المنادي للصلاة "الله أكبر , الله أكبر" , "الله أكبر, الله أكبر" فتدفقّ الإيمان في قلبي و سرى بين شراييني .
فالله أكبر على اليهود , الله أكبر على اليهود. و حيّ على الصلاة في مساجدها, و حيّ على الجهاد في مصليها.
فانطلقت لأكون نجمة في سماء القدس, و شعلة أمل في طريق القدس, و بلسماً لجرح القدس, و شوكةً في حلق المعتدين.