الكتابة في عهد الخلفاء الراشدين
بدأت الكتابة العربية بخطى (المبسوط والمقور) المبسوط هو الهندسي ذو الزوايا المحكمة الرسم وتستعمل فيه الآلات الهندسية إن كان كبيرًا، والمقور هو الذي فيه تدوير ويكتب بالقلم وهو خط شائع للتدوين اليومي. كانت الكتابة في ذلك الوقت غير منقوطة ولا مشكولة، والتبس على الناس بعض الحروف فخلطوا بينها خاصة بعد انتشار الإسلام واختلاط المسلمين بالأعاجم، فداخل الكلام كثير من اللحن، وسمع الصحابة كثيرًا من الناس يقرءون القرآن قراءة فيها كثير من التحريف والتصحيف بسبب التباس الحروف عليهم فخافوا أن يمس ذلك القرآن فكان (أبو الأسود الدؤلي) أول من نقط المصاحف، وذلك في خلافة (معاوية بن أبي سفيان)، وسمي ذلك (بنقط الشكل)، وتم في خلافة (عبد الملك بن مروان) إصلاح ثان بعد أن كثر التصحيف في أواخر القرن الأول الهجري حيث أمر (الحجاج بن يوسف الثقفي)، كلاً من (نصر بن عاصم) و(يحيي بني يعمر)، بوضع نقاط للحروف المتشابهة لتميزا بعضًا عن بعض وسمي ذلك (بنقط الإعجام). ثم قام (الخليل بن أحمد الفراهيدي) بإزالة مشكلة ازدواجية نقط الشكل ونقط الإعجام فأبدل نقط الشكل بالحركات ووضع ثماني علامات هي (الفتحة والضمة والكسرة والسكون والشدة والمدة والهمزة وهمزة الوصل.
<!-- #BeginLibraryItem "/Library/ar-top.lbi" --><!-- #EndLibraryItem -->الكتابة في عهد الخلفاء الأمويين
لقد شاعت حرفة الكتابة في أول الدولة الأموية بالخط الكوفي، ويقال إن الخليفة (عبد الملك بن مروان) الذي كان خطاطًا بارعًا قد اخترع خطًا اسماه (المنسوب) وفي نهاية الدولة الأموية بدأ التطوير في الخط المقور إلى جهة النسخ نوعًا ما على يد (قطبة المحرر) في خلافة (أبي العباس) أول الخلفاء العباسيين.
الكتابة في عهد الخلفاء العباسيين
يقال إن إسحق بن حماده الذي اخترع القلم الجليل (الجلي) لكي يكتب به الخط الكبير بدون استعمال الآلات الهندسية. وفي خلافة (المأمون أصلح ذو الرياستين (الفضل ابن سهل) أول وزراء المأمون قلم التوقيع وأسماه (الرياسي) وأمر أن يكتب به في الأعمال اليومية. وجاء الوزير (أبو علي بن مقلة) في خلافة (المقتدر بالله العباسي) وكان من رواد هذا الفن الجميل وضع له مقاييسه وأصوله وأبعاده، وله رسائل وتصانيف لقواعد الخط العربي. لأوصل النسخ (البديع) الذي اشتقه من خطى (الجليل والطومار) وكذا خط (الثلث) إلى صورتيهما المعروفة لدينا الآن. ويقال إنه هو الذي اخترع الخط الدارج من الكوفي المقور، وعنه أخذ (محمد السمسماني) و(محمد بن أسد)، و(أبو الحسن علي بن هلال) المعروف (بابن البواب) المجود العراقي الذي أكمل ما قام بعمله (ابن مقلة) فطور طرازه وأسلوبه ووضع الخط المنسوب على نسب هندسية أكثر دقة وانتقى أساليب في الخط تحمل خصائص بارزة مشتركة فيما بينها.
العهد الفاطمي
وفي الدولة الفاطمية قدم الخط ونافست فيه الدولة العباسية، ذلك أن الفاطميين كانوا يميلون إلى الترف والزينة والتجميل فحلوا بالخط قصورهم ومساجدهم وعروشهم وتحفهم، وكان في عهدهم مدارس ومدرسون.
العهد العثماني
وعندما فتح السلطان مصر أخذ الأتراك عن المصريين والنسخ عن الأتابكة، وجودوهما، وقد كان الترك قبل إسلامهم يكتبون بأحرف رومية أو أردية، ولما انتشر الإسلام كتبوا بالفارسية المأخوذة من البهلوية، ثم بعد ذلك بالأحرف العربية هم والجراكسة والروس المسلمون والأفغانيون والتتار. وقد حدثت النهضة الخطية بتركيا في عهد السلطان سليم، عندما استدعى من مصر وفارس أعظم الخطاطين الذين برعوا في تجويد الخطوط العربية والفارسية وعلموا الأتراك فنهم وتفوقوا على أساتذتهم ووصلوا به إلى أقصى درجات الكمال.
<!-- #BeginLibraryItem "/Library/ar-top.lbi" --><!-- #EndLibraryItem -->ازدهار فن الخط العربي بمصر
لقد استدعى (عبد الله بك زهدي) في عهد الخديوي إسماعيل، ليكتب الكسوة المشرفة وخطوط الحرمين الشريفين وشوارع القاهرة القديمة وغيرها. وقد كان لبقائه بمصر وإقامته بها حتى وفاته أثر عظيم فيما وصلنا إليه من نهضة خطية. كما استدعى الملك السابق (فؤاد) من تركيا الشيخ محمد عبد العزيز الخطاط المعروف قبل سنة 1922م ليكتب له مصحفًا شريفًا. وبعد الانتهاء من كتابته وتذهيبه عرض عليه البقاء بمصر لينشئ له مدرسة لتعليم الخط العربي وتذهيبه أشرك معه بالتدريس فيها نخبة من الأساتذة المصريين. وكان لبقائه بمصر أثر بالغ في نهضة فن الخط العربي وتذهيبه، بما خلفه من روائع الخطوط في الثلث والنسخ والفارسي والديواني وبما برك لنا من تلاميذ نابغين في مصر وغيرا من البلاد العربية.
ساحة النقاش