حبيبةُ الأزلْ ..!!.؟ شعر / وديع القس

 

الحبُّ نفحةُ  طِيبِ الكونِ بالخلق ِ

في القلبِ مسكنهُ ، باللهِ مُرتفقِ

 

الحبُّ نسمةُ روحٍ ، جُلَّ من بشر ٍ

ومنبعُ الحبِّ نورُ اللهِ بالشّفق ِ

 

لا تسألوني عنِ الدّنيا وزهوتها

فالكونُ يبقى بدونِ الحبِّ مؤترَقِ 

 

عيونُهَا كالمها حُورٌ ، ونظرتُهَا

سعيرُ سهمٍ وللألبابِ مُختَرقِ

 

وقامة ٌ منْ نخيلِ العزَّ روعتهَا

تمشيْ بعزٍّ وكالخيلاءِ في رشُق ِ*

 

وثغرُهَا قرمزيُّ الّلونِ يتبعها

رضابَ شهدٍ منَ الأطيابِ والرَّوقِ *

 

ويقطرُ الثّغرُ شهدا ً في مباسمِها *

والوجهُ ينثرُ سحراً من هدى الفلق ِ.؟

 

حبيبتيْ منْ حنينِ الشّمسِ قد بعثتْ

ونورُهَا أزلٌ ، بالحبِّ والألق ِ

 

حبيبتيْ تعشقُ الأزهارُ ضحكتها

والوردُ يألِفُهَا ، بالطّيب ِوالعبق ِ 

 

حبيبتيْ حبُّهَا ، ميلادُ جنّتنا

والبدرُ يخجلُ مزهوّا ً من النّسق ِ*

 

حبيبتي وجمالُ الكونِ يحسدهَا

والشّمسُ في غيرة ِ الإعجاب ِ بالحنقِ 

 

حبيبتيْ كرمة ُ الأعراقِ بالثّمر ِ

لذيذةُ الخمرِ بالأطياب ِفي غدق ِ

 

تكويْ الجراحَ وتروي الحبَّ بالأمل ِ

كبلسمِ الرّوحِ فيْ أنظارِهَا رَفُقِ 

 

وعلّمتنيْ بأنَّ الحبَّ معركة ٌ

وأنْ أكونَ بها ، كالفارس الوثقِ

 

وعلّمتنيْ بأنَّ الحبَّ مكرمة ٌ

وأنْ أكونَ لها ، الرّمز بالخَلُقِ

 

وعلّمتنيْ بأنَّ الحبَّ مدرسة ٌ

وأنْ أكونَ لحفظِ الدرسِ مُستَبق ِ

 

وعلّمتنيْ بأنَّ الحبَّ ملحمة ٌ

وأنْ أكونَ بها ، كالشّاعرِ العشِقِ

 

نارُ الحبيبِ كبركانٍ وتحرقنا

لا يعلمُ المرَّ إلّا مَنْ بهِ صعقِ

 

 

 

لا تظلمونيْ وإنْ أصبحتُ ملتهبا ً

فالكونُ محترقٌ للعاشقِ الصّدقِ

 

لا تظلمونيْ ودمعُ العينِ منهمرٌ

والقلبُ مرتهنٌ في حبِّها غرقِ

 

لا تظلمونيْ على حزنيْ بلائمةٍ

فالحبُّ أسمى معانيْ الكونِ بالخلق ِ

 

لا تظلمونيْ وإنْ عانيتُ من سكرٍ

فالحبُّ خمرٌ لذيذُ الطّعمِ إن عتُقِ

 

لا تظلمونيْ على عقليْ إذا خلبا

فالقلبُ أَوْلى من الإحساسِ  بالسبقِ

 

حبّيْ لها وبرغمِ الحزنِ في أمل ٍ

وفيْ لقاءِ الهوى بالرّوحِ مُلتصق ِ 

 

حبّيْ لها بنذيرُ الرّوح ِ والجسدِ

وإنْ مررتُ بواديْ الموتِ مُنسحقِ

 

الحبُّ روحٌ وفيْ الأعماقِ ما سكنتْ

لا ينتهيْ بظلامِ البعدِ والفرقِ

 

أقوى العواطفُ والأحشاءُ في لهب ٍ 

يمشيْ الحبيبُ كئيبا ً دونما نطقِ

 

وحسّهُ ، يجمعُ الأفكارَ واحدةً

نحو الحبيبِ بنارِ الشوقِ مُختنقِ

 

والهمُّ يجرفهُ ، كالسيلِ مرتطمٍ

والحبُّ فيهِ وحيدُ الفكرِ مُنطبقِ

 

أضحى الجفاءُ لصيقَ القلبِ فيْ وجعٍ

وصارتِ الوردُ تأبى الماءَ في حرقِ

 

القلبُ فيْ رحمةِ الأزمانِ منعدِمٌ

وفيْ البشائرِ صوتُ الحقدِ بالزّعق ِ

 

ويلهثونَ على بعديْ لفاتنتيْ

والرّوحُ عطشىْ لرؤيا الوجهِ والنّطق ِ

 

لا يعلمونَ معانيْ الحبّ مُخلصتيْ

وفيْ الوريدِ هديرِ الدمِّ منفهق ِ 

 

 

 

والرّوحُ تبقى لصيقَ الحلمِ ساهرة ٍ

معَ الحبيبِ ورغمَ البعدِ في لصقِ

 

الحبُّ لا يملكُ العينان ِ ما بصرتْ

والقلبُ فيهِ بديلُ العينِ والحدَقِ ..؟

 

وهيَ الفصولُ وللأزمانِ دائرة ٍ

تعاقبُ اليومَ صبحاً ثمَّ في غسَقِ

 

ففيْ الشّتاءِ تراها غيثَ ماطرةٍ

والقمحُ والزّهرُ والأشجارُ فيْ طلِقِ

 

 

 

وفيْ الخريفِ سيبقى لحنُهَا أملاً

وفيْ الصّحارى ستغدو خضرةَ الورق ِ

 

وصيفُها بهجةُ الفلّاحِ معتدلٌ

والحرُّ منها نسيمُ الرّوحِ كالشّفق ِ

 

وفيْ الرّبيعِ جمالُ الزّهرِ يعشقهَا

ونفحةُ الرّوحِ تعلوْ الوردَ في العبق ِ

 

 

 

روحيْ وتهفوْ إلى العلياءِ ضارعة ً

كي تلتقيْ معها بالموتِ إن طبَقِ

 

 

 

وعلّةُ الجسمِ تُشفى فيْ طبابته ِ

والطبُّ فيْ علّةِ الأرواحِ مؤترَق ِ

 

والقلبُ مسكنهُ ، بالرّوحِ زهوتهِ

وصاحبُ الحبِّ يبقى دائمَ القلقِ

 

وإنْ سألتمْ عن الأرواحِ فيْ جسديْ 

فقلتُ : روحيْ رهينَ الموتِ إن فرق ِ

 

لا تسألونيْ عن الأحبابِ في أمل ٍ

فالحلمُ يبقى مع الأحباب ملتحق ِ

 

لا تسألونيْ فقلبيْ بعدها صنمٌ

صمتُ الوريدِ معَ الشّريانِ مُنغلقِ

 

قلبُ القتيلِ بصمتِ الموتِ في جمد ٍ

قلبُ الحبيبِ ويبقى دائماً حرقِ.!

 

الروحُ تهوى خلاصَ النّفسِ منْ ألمٍ

روحُ الحبيبِ وتبقى دائمَ العشقِ

 

جرحُ السّيوفِ سيشفى بعد َ أزمنة ٍ

جرحُ القلوبِ طوالَ العمرِ منفلق ِ 

 

نومُ الجريحِ بُعيدَ الكيِّ في وجم ٍ

وفيْ الحبيبِ كموجٍ هائجٍ قلقِ

 

دمعُ الحنينِ إلى الدّنيا بمختتمٍ

دمعُ الحبيبِ كسيلٍ جارفٍ دفقِ

 

 

 

يا نجمةً أبهرتْ أعتامَ أزمنتيْ

ونورُهَا أدركَ الأعتامَ في خرق ِ

 

سرقتِ قلبيْ من الأحشاءِ نائية ٍ

والرّوحُ صارتْ بسحرِ الطّيفِ ملتحقِ

 

الحبُّ لا تكتويْ نيرانهُ أبدا

إلّا الّلقاءَ معَ الأحبابِ بالعشقِ

 

لا يشعرُ المرءُ بالأتعابِ والألمِ

إن كانَ يمشيْ لصيقَ الموتِ والرّمقِ 

 

لو كانَ فيْ الجرحِ آمالاً تقرّبهُم

لقاءَ حبٍّ ليمحو الجرحَ إن فتق ِ

 

جلُّ المعانيْ بدونِ الحبِّ فارغةٌ

فاللهُ حبٌّ ..وأنوارٌ من الألقِ.؟

 

لحنُ الوجودِ كنبضِ القلبِ بالوترٍ

ذكرى الحبيببُ بترتيلٍ على نسقِ

 

والّلحنُ فيْ بعدِهَا أشجانُ هائمةٍ

وذكرها يجلبُ الأفراحَ بالعرق ِ

 

أشعلتِ نيرانَ طوفانِ الهوى ولعا ً

وفيْ بعادكِ جفَّ الدّمعُ بالحدقِ

 

وإنْ غدوتِ أعاليْ النّجمَ عاليةً

سأمتطيْ صهوةَ الأنوارِ ملتحقِ

 

وإنْ سكنتِ بعمقِ البحرِ ضائعة ً

سأركبُ الموجَ غواصا ً إلى العمق ِ

 

وإنْ حبيتُ على صدريْ لرؤيتها

وإنْ جثيتُ إلى الأقداسِ مسترقِ.؟

 

 

 

لما شعرتُ بأتعابٍ على جسديْ

ولا شعرتُ بسدلِ العينِ والأرَقِ ..!*

 

إنْ قيّدونيْ بحبلِ الموتِ والعدم ِ

ففرحتيْ معها ، بالموتِ والشّنقِ

 

ففيْ فراقكِ صارَ القلبُ ملتهبا ً

والنّبضُ فيهِ رهينُ الوهنِ والخفَقِ

 

وإنْ رحلتُ إلى دنيايَ مُرتحلا ً

دعُ الصّلاةَ لها ، باللهِ مرتفقِ

 

وإنْ مشيتُ على الأشواكِ في ألمٍ

إلى اللّقاءِ يصيرُ الشوكُ في لبُقِ .!

 

 

 

لا تحرموها بكاءً من مدامعِهَا

فهيَ الحنينُ لنبعِ العينِ إنْ طفَقِ

 

 

 

وحينَ تأتيْ لقبريْ وهيَ جاثيةٌ

سيسمعُ اللهُ نجواها بمسترَقِ

 

 

 

إنْ عيّرونيْ جهاتَ الأرضِ قاطبةٍ

لا يحسبُ القلبُ إلّا منْ بهِ علقِ

 

دعُ الأناملَ تذروْ التربَ وادعة ً

ولينعمَ القبرُ مرتاحاً من الأرق ِ 

 

 

 

دعُ العيونَ لتلقيْ نظرةَ الختما

ففيْ الوداعِ دموعُ العينِ بالشّفقِ

 

وإنْ تلامسَ تُربيْ طلَّ مدمعِهَا

فسوفَ تحييْ عليلَ الروحِ إنْ زهقِ *.؟

 

حبيبةُ القلبِ والأحلامُ تجرفنيْ

وأينما ذهبتْ ،كالظلِّ ملتصقِ 

 

حبيبةُ القلبِ والذكرى تعاتبنيْ

أينَ السّبيلُ وأينَ البابُ إن طرق ِ

 

سجّانةُ الرّوحِ بالأصفادِ توثِقُنِيْ

فكّيْ القيودَ فقلبيْ اليومَ في عتقِ *

 

 

 

ما أجملَ الحبَّ بالإخلاص ِ للعدم ِ

نحوَ الفناءِ فداءَ الحبِّ والعشِقِ

 

الحبُّ نورٌ وللأعتامِ مخترقٌ

أنتِ الحبيبةُ والإخلاصُ بالصَّدَقِ

 

تبقينَ حبّيْ وحبُّ الكونِ ما بقيتْ

تبقينَ روحيْ وفيضُ الرّوحِ في دفق ِ..!!

 

 

 

وديع القس

 

القصيدة  ( معلّقة ) على أوزان البحر البسيط 

 

انبثق : طلع ، انفجر ـ الرّوق : الصفاء ، الخالص ـ مباسم : جمع مبسم ، مكان البسمة في الثغر ـ الفهق : الممتلئ ، الفائض ـ سدل : أرخى ـ الخيلاء: الإعتزاز بالذات ـ الفلق : ما يشق النور في العتم .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 24 مشاهدة
نشرت فى 28 فبراير 2021 بواسطة Boudiefsoundou

عدد زيارات الموقع

41,928