اتجاهات حديثة
فى تطويرمناهج التربية الدينية
أ.د/ مراد حكيم بباوي
أستاذ المناهج وطرائق التدريس.المتفرغ
رئيس قسم التكنولوجيا.س
رئيس شعبة المناهج بلجنة التعليم والبحث العلمي ببيت العائلة
يواجه العالم في القرن الحادي والعشرين تحولات كبرى تدعو إلى التميز والنبوغ والتفوق نتيجة لما تحقق من تقدم علمي وتربوي في مجالات المعرفة المختلفة، نبعت عنها العديد من النظرات المعرفية والتكنولوجية المتطورة.
تشير الاتجاهات التربوية الحديثة، إلى أهمية تمركز التعليم حول القدرات الخاصة للطلاب وإلى التوجه نحو تنمية قدرات كل متعلم ( وتعليمه كيف يتعلم ) تبعاً لحاجاته التربوية ، وقد تتشابه فى بعض الجوانب وقد تختلف فى جوانب أخرى عن حاجات أقرانه ، وهو ما يستلزم(تفريد عملية التدريس Individualized Teaching ) بما يكون مناسباً لاحتياجات الفرد من محتوى المادة الدراسية، والمهام التعليمية، واستراتيجيات التدريس المناسبة، وتنويع المواقف التعليمية والأنشطة وأساليب الشرح والتوجيه . فيصبح التعليم " للتفكير الإيجابي" ويكون كنته عمليات التطوير حتى يصبح التعليم"للتميز"... لذا فيعرض فيما يلي بعض الاتجاهات التربوية الحديثة في مجال تطوير المناهج، لدعم وثيقة إعداد مناهج التربية الدينية.
· بعض الاتجاهات التربوية الحديثة في مجال تطوير المناهج لدعم التربية الدينية
يقوم التعليم بحسب لجنة التربية للقرن الحادي والعشرين ـ على أربع ركائز :
- أن يتعلم المرء.. كيف يتعلم ؟
- وكيف يعمل ؟
- وكيف يكون ؟
- وكيف يعيش مع الآخرين ؟.
- اتجاه التربية من أجل السلام.
- اتجاه التربية من أجل التعايش مع الآخر.
- اتجاه التربية من أجل مجتمع ديمقراطي.
- اتجاه التربية الخلقية لمجتمع سوي.
- · بزوغ مصطلح المدرسة المفكرة والفصل المنتبه.
- · التعمق التربوي لتصبح اليد في العجينة.
والقدرة على التعلم هي لب النمو الإنساني، وهى أساس الوجود المستنير ومدعم للحياة الكريمة. وقد تتطور المناهج الدراسية المقررة بالتعليم لتلبية فكر المدرسة الحديثة، ولتطبيق العديد من المفاهيم الحياتية التي تساهم في تنمية الحراك الاجتماعي، وتوفي سوق العمل حقه.. لتصبح المفاهيم الأكاديمية والنظرية موضع تطبيق بشكل سلوكي قيمي عملي، ومن خلال التربية الدينية ، تنمى قدرات الطلاب على كيفية استخدام المعلومات والخبرات في المجالات التطبيقية وذلك من خلال العمليات التي يكتسب منها المهارات الحياتية والعقلية التي يحتاجها الإنسان ليحل المشكلات التي تواجهه في مواقف الحياة اليومية .. كما يكتسب منها مهارات استخدام الموارد وترشيدها، والتعامل مع الأدوات ومفردات الحياة بدقة وسرعة وأمان.
وبدون جدال فإن ما يقدم للغد والمستقبل فيفترض أنه أحدث عن ما يقدم اليوم، والتربية الدينية و بوجه محدد كمجال دراسى قيمي متطور وهام، يجد اهتمام تربوي عند المتخصصين، لما تسديه من دعم الجوانب الاخلاقية الايجابية فى المجتمع ، وتنمية الجوانب التربوية السلوكية الحسية لأفراده لمواجهة المستقبل المغاير عن اليوم في شكله ومضمونه،إلى جانب الفكر التربوى المساير للتطورات العالمية المرتبطة بالتقدم العلمى والفكري فى جميع جوانب الحياة وخاصة الروحية، والتى تحكم قيمها الكتب السماوية .. فظهرت على الساحة مفاهيم جديدة ، واتجاهات حديثة يعرض لبعضها فيما يلى :
· اتجاهات التربية من أجل المعرفة: تهتم الاتجاهات التربوية الحديثة لمناهج التربية الدينية إلى إعمال العقل والفكر لتثبيت المعتقدات، وهو مفهوم مرتبط بالسلوك والوظيفية الحياتية للإنسان، حيث تهتم بالبنية السلوكية الإيجابية من خلال مدارسة أركان العبادة وطرق وأساليب التعبد، وذلك يدعو للاهتمام بمراحل النمو التربوى للطلاب ، وذلك بتدعيم المراحل الإجرائية التالية :
1. مرحلة الاكتشاف: وهى المرحلة التي يتدرب فيها الطالب على طرق وأساليب اكتشاف المشكلة أو القضية القيمية والدينية المطروحة معتمداً على الجهد الذاتي للفكر والبصيرة مع مراجعة الأدبيات والدراسات السابقة.
2. مرحلة التفكير الفعال: وهي مرحلة تتميز بالتفكير الحدسي الإيماني، وبذلك يكون لديه القدرة على الوصول بتفكيره إلى حدود الواقع المحسوس لما وراء المعرفة .
في هذا الصدد تهتم التربية الدينية بتنمية القدرة على فهم الأسس والقواعد الكتابية كأحد الموارد العقلية الإنسانية لإدراك الحياة ما بعد الجسدية.
3. مرحلة البحث والتحرى : وهى المرحلة التى يتحرى فيها الطالب بالبحث العلمي والدراسة عن معلومات تقوده إلى فهم القضايا المرتبطة بالله وعلاقته بالخليقة، كعلوم الله والإنسان، والخلاص، والآخرويات والملائكة، والتفسيرات المختلفة لهذه القضايا.
4. مرحلة التعبير الذاتي: وهى المرحلة التي يتدرب فيها الطالب على إعادة تحليل نتائج بحثه، أو القضية الجدلية المطروحة، وصياغتها صياغة جديدة دقيقة تساعده على التوصل إلى إنتاج عدة حلول للقضية من خلال نتائج بحثه واستقصاءه التي تساعده على التعبير الذاتي عن عقيدته وعلمه الإيماني.
5. مرحلة إنتاج الأفكار: وهى المرحلة التي يقوم فيها الطالب باستخلاص أكبر عدد ممكن من الأفكار المرتبطة بالكتب الدينية كحلول لمشكلاته، أو آراء لقضية جدلية دون التوقف عند حد معين من الأفكار.
6. مرحلة التقويم : يجب أن يعد التقويم بشكل مرحلي لخطوات العمل للتأكد من نجاح كل خطوة للتقدم للخطوة التالية مع وضع تقويم نهائي متنوع للأنشطة الصفية واللاصفية (من أسئلة ومناقشات وبحوث) وذلك للتعرف على مدى ما اكتسبه الطلاب من مفاهيم، ومعارف دينية ودنيوية أثناء دراسته.
ومن خلال هذه المراحل (السابقة) يمكن للمتعلم أن يجد حلولاً لمشكلات حياته ولأعماله ولأفكاره تمشياً مع التغير السريع والمستمر الذي يحدث في العصر الحالي والذي يحتاج إلى إنسان مرن، قادراً على تكييف ظروفه وحاجاته مع التغيرات السريعة التي تحدث في بيئته ، حتى يستطيع أن يساير هذا التغير السريع والمستمر ، وذلك لأن عالم اليوم يتطلب مستوى عال من التفكير للأفراد ليكونوا قادرين على فهم وتطوير هذا العالم ، فالحاجة ماسة إلى تثبيت العقيدة من خلال التعرف على حقائق ديانتهم، حتى يستطيعون تطويع المعرفة للتطبيق وفق التعاليم الدينية الراسخة.
· اتجاهات المناهج نحو متغير التنوع: مع تقدم العلم وتمايز مجالاته وفروعه وتطورها، وانفتاح دول العالم على بعضها البعض، وحدوث النقل الثقافي بينها والتأثير والتأثر المتبادل بصورة لم يسبق لها مثيل، وتعقد المشكلات وتشابك أبعادها وتداخلها، وتنوع الظواهر الطبيعية والمجتمعية، كان لابد أن ينتهي عصر الأفكار المنغلقة، فأصبح لا مكان للمفكر المتفرد الشامل، وبدأ عصر آخر يكون فيه التفكير إعمالاً للعقل الإنساني الجماعي (بين الأفراد والعلاقات والمواد الدراسية...وغيرها) بأسلوب منهجي موضوعي لحل إشكاليات طبيعية أو مجتمعية ووظيفية متعددة الأبعاد متنوعة الجوانب تحتاج لأفراد تتنوع قدراتهم مع الاعتراف بالآخر والمخالف في الفكر والعقيدة.
كما يدعم ذلك اتجاه التربية الخلقية لمجتمع سوي يهتم بالتربية الدينية لتحديث الفكر التربوي بناء على مجريات العصر وبناء على التعاليم الدينية المستقاة من الكتب الدينية ومفاهيمها المرتبطة بالسلوك والوظيفية، حيث تهتم بالبنية السلوكية الإيجابية من أجل مجتمع سوي ، وذلك يدعو للاهتمام بمراحل النمو السلوكي والتربوي للطلاب.
· اتجاهات المدرسة المفكرة والفصل المنتبه: ويقصد بها المكان الذي يستطيع فيه الطالب تنمية استراتيجيات حل المشكلات واتخاذ القرارات بعقل واع وفكر مبدع ، وفيها يستطيع المعلم تصميم مناهج ذكية، تساعد الطلاب على استخدام مستويات مسارات التفكير الناقد والإبداعي ، وفيه يتحمل الطالب المسئولية عن تعلمه في المستقبل.
· اتجاهات المدرسة الجاذبة والمتميزة: ويقصد بها أن تصبح المدرسة آلية جاذبة للطالب بأدواتهاالثلاثية(الطالب/المنهج/المعلم) المرتبطة بالتعليم ومناهجه المطورة بهدف التنمية الشاملة حيث يرتبط ببناء مهارات العمل والإنتاج ، وفيه يكون المتعلم شريكاً فاعلاً في العملية التعليمية وأن من يقوم ببناء وتطوير المناهج هم خبراء في تكنولوجيا بناء المناهج وليس خبراء في محتوى المواد الدراسية لأن المناهج هنا تركز على"كيفية التعلم" وليس على "مادة التعلم" ، كما أن دور إدارة البيئة التعليمية له من الأهمية بمكان في هذه المدرسة ،وتهيئتها وشيوع الإدارة الإستراتيجية ،وتدريب المعلمين وتنمية مهاراتهم أثناء الخدمة.
كما ظهرت على الساحة المصرية مفاهيم تربوية واجتماعية جديدة، واتجاهات حديثة، ومنها:
· اتجاهات المناهج نحو التأثير التكنولوجي على التعليم: إن العلم يبحث دائما عن المعرفة، وتسعى التكنولوجيا إلى التطبيق للحقائق العلمية من خلال التقنيات والطرق الأدائية والمهارات العملية، وتحويل المصادر والمواد إلى إنتاج.ومن خلال الوسائط التكنولوجية المتعددة يمكن للطلاب الإبحار في المواقع الدينية على الانترنت، وهو ما يؤثر على رؤيتهم المستقبلية، ومسايرة التغير المستمر بما يحقق متطلبات التنمية، والتي تتوقف على توجيه قدرة الطالب على استيعاب ممارسات العقائد الدينية باستخدام التكنولوجيات الحديثة ومواكبة تطورها وتطويعها مثل الكمبيوتر.والشبكات الاجتماعية مثل: YouTube /Facebook/ Twitter . مع تنمية الحذر من الانزلاق في التواترات اللاأخلاقية والسفسطة الكلامية.
ومما سبق فإعداد المناهج الدراسية والمواد التعليمية، وخاصة في مادة التربية الدينية يجب أن توجه للسلوك ألقيمي في المجتمع متخذه من"الكتب السماوية" وسير المؤمنين السابقين، وعلوم الدين مرجعاً لدعم المفاهيم التربوية الدينية، وتنمية القدرة للطلاب على التعامل المجتمعي بتنوعاته.
· الاتجاهات العلمية لتطوير مناهج الدين: فطنت الكثير من الدول إلى أن الدين ، يتضمن مفاهيماً علمية وتربوية وقيماً مستمدة من طبيعة العقيدة، لذلك تحتاج مناهج التربية الدينية إلى:
زيادة التفاعل بين الدين والعلوم الطبيعية والاجتماعية، مثل اكتساب القدرة على البناء الفكري للكون في ضوء الشرائع والوصايا الإلهية، واتحاد القواعد والأسس بالطقوس التي يمارسها المؤمن في العبادة والتي يمكن أن تساهم معاً في تنمية قدرات ومهارات الطالب، ليكون قادرا على استخدامها وتوظيفها في المواقف الفعلية في المجتمع.
ووجهة التربية الدينية في هذا الصدد:
1. إظهار وحدة العلم في أهداف ومحتوى موضوعات التربية الدينية لتلاشى أية فواصل بين مفاهيم العلوم الدينية(الأدبي/المقارن/ الطقسي/الفرضي ...) بحيث لا تظهر أية حواجز للمعرفة.
2. التنظيم الوظيفي للمعرفة العلمية لدراسة العقيدة ،من خلال دراسة مشكلات حقيقية في حياة المتعلمين.
· اتجاهات التربية نحو تنظيم المحتوي التعلمي: إن ما يوضح أهمية الأخذ فى تدريس التربية الدينية بالمداخل التربوية الحديثة للمساهمة فى تدعيم مبدأ الوحدة بين أفراد المجتمع ــ وخاصة المصري ـــ ما تهدف إليه هذه المداخل الحديثة من تنمية المهارات التالية:
ساحة النقاش