الأعمال بسرعة الخاطرة - بيل جيتس (5)

تمييز شركتك في عصر المعلومات

إذا كانت إدارة المعلومات واستجابة المؤسسة قد أحدثتا مثل هذا الاختلاف في صناعة تقليدية من ذات المداخن قبل سبعين سنة فأي تمييز أكثر ستُحدثانه مدفوعتين بالتقنية؟ قد يكون لأي شركة حديثة لصناعة السيارات اسم تجاري قوي وسمعة لنوعية جيدة في يومنا هذا ولكنها تواجه منافسة أكبر فأكبر على امتداد العالم. إن كل شركات صناعة السيارات تستعمل نفس الصلب ولها نفس آلات الثقب وتقريباً طرق انتاج متماثلة كما أن لها نفس تكاليف النقل. تقوم الشركات الصانعة للسيارات بتمييز أنفسها عن غيرها بمجموع من العوامل تتمثل في مدى جودة تصميمها لمنتجاتها ومدى ذكائها في استغلال التذية المرتدة من العملاء لتحسين منتجاتها وخدماتها ومدى سرعتها في تحسين عملياتها الانتاجية ومدى مهارتها في تسويق منتجاتها ومدى كفاءتها في التوزيع وفي إدارة مخزوناتها.. وكل هذه العمليات الغنية بالمعلومات تستفيد من العمليات الرقمية.

تتجلى قيمة النهج الرقمي بصفة خاصة في الأعمال المتركزة حول المعلومات مثل المصارف وشركات التأمين؛ ففي مجال المصارف نجد أن البيانات الخاصة بعلاقات العملاء وتحليل الاعتمادات هي في قلب العمل المصرفي وقد ظلت المصارف دائماً أكبر مستخدمي تقنية المعلومات في عصر الإنترنت، ولكن في عصر الإنترنت والتحرير المتزايد للأسواق المالية

          التقييس على نطاق العالم صعب في أى عصر

 لقد نمت أعمال مايكروسوفت نمواً سريعاً حقاً بمجرد شروعنا في التوسع دولياُ. وكنا قد عقدنا العزم على الانتقال إلى الأسواق العالمية مبكراً بقدر الإمكان وكانت المنشآت التابعة لنا في الخارج [أو توابعنا] تتمتع بقدرة كبيرة على الاضطلاع بالمشروعات. لقد كان لإعطائها حرية تسيير أعمالها وفقاً لما هو أفضل في كل بلد أمراً طيباً للعملاء ومربحاً لنا.. فكان أن نمت أعمالنا الدولية نمواَ حادا ًمن 41% إيرادات في عام 1986 إلى 55% في 1989.

اتسع نطاق استقلال الشركات التابعة لنا ليشمل تقاريرها المالية والتي كانت تأتينا في عدد من الصيغ المختلفة محكومة بعدد من ترتيبات الأعمال والقواعد الضريبية المحتلفة؛ فبعض توابعنا كانت تقدّم كشوف حسابهاعن المنتجات التي من شركتنا الانتاجية في إيرلندا بناءعلى تكلفتها، وأخرى كانت تستعمل نسبة من سعر المستهلك كتكلفة. كانت توابعنا تقوم بالتوفيق بين المبيعات الفعلية والأرباح بطرق مختلفة؛ فبعضها كانت تتلقي عمولة على المبيعات المباشرة لعملاء كصناع الحواسيب الذين يبيعون حواسيب شخصية في بلدانها، وبعضها كانت تقوم بتسهيل المبيعات المباشرة من الشركة الأم فكنا نسدد لها ما أنفقته على أساس التكلفة الإجمالية. لقد كانت تلك النماذج المالية المتعددة المختلفة تسبب لنا قدراًً كبيراً من الصداع.

كان علينا أنا وستيف بالمر، نائب المدير التنفيذي للمبيعات والدعم آنذاك، أن نكون متوقدي الذهن إلى حد كبير ونحن ننظر إلى الأرقام. كنا مثلاً ننظر إلى كشف من الكشوف المالية وإذا بـ(مايك براون)، رئيس قسمنا المالي آنذاك، يقول: "هاكم إحدى التوابع من فئة الأسلوب 6 مع تكلفة إجمالية على هذا أو ذاك " قاصداً بذلك أن تلك الكشوفات المالية مختلفة عن النماذج الخمسة الأخرى. وكان علينا أن نعيد حساب الأرقام الخاصة بتلك التابعة في رؤوسنا بأسرع ما نستطيع كى يتسنى لنا مقارنتها مع الأرقام الأخرى.

"ما زادنا ذلك علماً"، يقولها (مايك) ثم يقرر هو ومراقبنا المالي (جون آندرسون) الاستفادة من حقيقة أن الكل كان يستعمل سلفاً جداول البيانات الحاسوبية في إجراء أنواع التحليل الأخرى، فقاما بتصميم كشف مالي للأرباح والخسائر مبني على التكلفة لا يبين أى من الزيادات السعرية والعمولات التي تتم بين الشركات، ثم عرضا نظامهما الجديد عن طريق اليريد الإلكتروني على  من يعنيهم الأمر فنالا قبولاً سريعاً عليه. كنا بعد ذلك عندما ننظر إلى الكشوف المالية لتوابعنا لا نلاقي كبير عناء في معرفة كيف كانت الأمور تسير بالفعل، لاسيما عندما نقوم بتدوير البيانات لنراها من عدة زوايا مختلفة. إن من الصعب المبالغة في وصف فائدة التمكن من مقارنة كل هذه البيانات حاسوبياً. وأحد الأوجه الهامة لهذه الفائدة هو أننا الآن نستطيع التحكم بسهولة على افتراضات أسعار تبادل العملات بأي زاوية من الزوايا بحيث يمكنك رؤية النتائج بتأثيرات أسعار تبادل العملات أو بدونها.

فيما بعد عندما كنا على استعداد لمركزة المعاملات الخاصة بمبيعاتنا في نظام واحد  شامل للشركة كلها كنا قد اكتسبنا سلفا بعض الخبرة في هذا المضمار. إن كثيراً من الشركات تضيع وقتاً في تحديد الكيفية التي تريد بها تنظيم بياناتها المالية..  ولأننا كنا قد حسمناا ذلك سلفاً فقد بات بإمكاننا مركزة بيانات مبيعاتنا بقدر من السرعة والرخص أكبر بكثير من شركات عديدة.

كيف يتميز مصرفان بعضهما عن الأخر؟ هذا الأمر يعود لذكاء ما يتبعه البنك في تحليل الإعتمادات ومعالجة المخاطر وسرعة استجابته في علاقته بالعميل. إن الذكاء هو الذي يعطي هذا المصرف أو ذاك تفوقاً على غيره، كيف يتميز مصرفان بعضهما عن الأخر؟ هذا الأمر يعود لذكاء ما يتبعه البنك في تحليل الإعتمادات ومعالجة المخاطر وسرعة استجابته في علاقته بالعميل. إن الذكاء هو الذي يعطي هذا المصرف أو ذاك تفوقاً على غيره،  وأنا لا أعني بذلك فقط المقدرات الفردية لموظفي المصرف وإنما أعني مقدرة المصرف الكلية التي بموجبها يستفيد المصرف من التفكير الأفضل لجميع عامليه. 

في هذه الأيام ينبغي على نظم معلومات المصرف أن تقوم بأكثر من مجرد إدارة كميات ضخمة من البيانات المالية، فعليها تزويد خبراء إستراتيجية الأعمال التجارية ومسئولى القروض بمزيد من المعلومات عن العملاء كما عليها مساعدة العملاء أنفسهم للوصول للمعلومات بصورة مأمونة ودفع فواتيرهم مستعينين بالخطوط النظامية وذلك أثناء تعاون عمال المعرفة في المصرف على أداء أنشطة ذات قيمة أعلى. لم يعد إهتمام نظم المعلومات منصباً فقط على معالجة الأرقام وتصحيح مواضعها وانما استغلال المعلومات والإستفادة منها نيابة عن العميل. يقوم (كريستر بنك أوف ريتشموند) بفرجينيا بتقديم الخدمات المصرفية والقروض العقارية وخدمات تسديد الفواتير على الإنترنت وتقوم أجهزة الحاسبات والصرف الألية في المواقع البعيدة مثل مجمعات السوبرماركت والمحلات التجارية الضخمة بفتح  الحسابات وتخصيص القروض للعملاء – كل ذلك عن طريق ربط العميل بالعمليات الخلفية عن طريق تدفق المعلومات الرقمي.

كنت أتحدث في مؤتمر طاولة مستديرة للمصارف بكندا مؤخراً ووجهت لي أسئلة حول استثمار المصارف في شبكات الإنترنت. إن لدى المصارف اليوم  قواعد بيانات للعمليات الخلفية و تطبيقات للعاملين في خدمة العملاء على الهاتف ولأجهزة الصرف وللمصارف الفرعية. والآن يعملون جاهدين لإضافة أجهزة جديدة تقوم بتزويد العملاء بالبيانات عبر الإنترنت قائلين: "نحن لا نريد نتكبد التكلفة الإضافية والتعقيد اللذين تقتضيهما واجهة تطبيق آخر". قلت لهم إن الحل بسيط: فعليهم بناء واجهة تطبيق كبيرة للعملاء للاطلاع على البيانات عبر الإنترنت ومن ثم استخدام نفس الواجهة لأخذ البيانات داخلياً. سوف يكون لديهم مقدار صغير من البيانات الإضافية التي سيطلع عليها العاملون - والمتمثلة في بيانات العملاء وخلفياتهم حول التعاملات الأخيرة مع العملاء – إلا أن واجهة التطبيق ستظل على حالها. إذا نفذوا النظام الجديد على منصة برمجيات رئيسية يمكنهم استبدال كل الطرق المختلفة للنظر إلى البيانات. وبمرور الزمن عندما تبدي قاعدة اليانات الخلفية جدوى عملياً يمكنهم تطويرها لتناسب تقنية جديدة ولكن في غضون ذلك فإن واجهة التطبيق الخاصة بالإنترنت ستعمل على تبسيط حياتهم وليس تعقيدها أكثر.. وعندئذ "تصبح" واجهة التطبيق الجديدة هى المصرف داخلياً وخارجياً. 

 

المصدر: كتاب الأعمال بسرعة الخاطرة - بيل جيتس
BDCTatweer

محمد حسام سعد

  • Currently 172/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
59 تصويتات / 623 مشاهدة
نشرت فى 25 يونيو 2010 بواسطة BDCTatweer

ساحة النقاش

محمد حسام سعد

BDCTatweer
إستشاري إدارة الأعمال والموارد البشرية ماجستير فى ادارة الاعمال (MBA). 01222177523 - 22559516 »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

134,152