جاء ذلك خلال المؤتمر الذي عقده الإخوان المسلمون بمدينة ههيا – مساء أمس الثلاثاء 17/5/2011 – بمسجد النصر و الذي بدأ بعد صلاة العشاء و استمر أكثر من ساعتين.
افتتح الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل المؤتمر حديثه بإقراره بارتباطه بمدينة ههيا بذاكرة شديدة الخصوصوية عندما زارها مع والده الشيخ صلاح أبو إسماعيل – رحمه الله - عام 1984 لحضور مؤتمر إسلامي حاشد تحدث فيه عن "وقوف الشعب مع الإسلام حيث دار فمن اختار الإسلام وقفنا معه و من ترك الإسلام لن يجدنا حوله" و التي تعبر عن ارتباط الشعب بالإسلام ارتباطاً وثيقاً.
بدأ الشيخ حازم حديثه عن ثورة 25 يناير و ما أعقبها من انقلاب مفاجىء في الأمور من انكسار البوابات التي كانت تسد الأفق و تمنع الناس من أن يجتمعوا في المساجد مثل هذه الاجتماعات بل تكبل حرياتهم البسيطة في اللقاءات العامة.
ثم انتقل إلى الحديث عن أهمية الأحداث الجارية و عن تفكير المسلمين فيها من منظور إسلامي ؛ و كيف أن الإسلام لا يجامل أحداً مستشهداً بواقعتي انكسار جيش المسلمين في غزوة أحد بعد انحراف بعضهم عن الصواب ؛ و الأخرى في غزوة حنين من خسارة أول المعركة نتيجة تحرك بعض المعاني – في النفوس – التي لا يرضاها الله من الإحساس بالمنعة و الهيبة من جراء كثرة العدد حتى لو لم تحرج تلك المعاني من القلوب ، و كيف أنه إن أحسنا نصرنا الله وأعطانا وإن أسأنا رفع عنا ما نصرنا به.
تمكين الوعد و الاستحقاق و تمكين المنة و النعمة:
ثم تطرق إلى الحديث عن نوعين من التمكين فرق بينهما القرآن الكريم ورد الأول (تمكين الوعد و الاستحقاق) في الآية رقم 55 من سورة النور و المرتبط بالإيمان و عمل الصالحات ؛ و ورد الثاني (تمكين منة و نعمة) في الآية رقم 5 من سورة القصص و الذي يبرهن به الله عز و جل على قدرته على نصرة المستضعفين (أياً و كيفما كانوا) و على عدم استمرار طغيان الظالمين و المستكبرين.
النجاح في عزم خلع الظالم ، والفشل في وعي حراسة الوطن:
ثم استشهد بآيات سورة الأعراف (127 – 129) و التي تتحدث عن شكوى بني إسرائيل من استمرار إيذائهم حتى بعد رسالة سيدنا موسى عليه السلام و رده عليهم من اقتراب إهلاك عدوهم وثم نظر الله إلى كيفية تصرفاتهم بعد ذلك ؛ و التي دلل بها على خطورة الوقت الحالي بعد نجاح الثورة من رقابة الله علينا لينظر إلى أعمالنا و كيفية حراستنا لتلك الثورة من السرقة و الضياع كما حدث في جميع الثورات السابقة بدءاً من ثورة المصريين بزعامة الشيخ عمر مكرم على خورشيد باشا (الحاكم الظالم) عام 1805م و التي أتت بمحمد علي الذي ما لبث أن انقلب على الشعب (بعد ترويضه و مراوغته و تنويمه) و سجن عمر مكرم و العلماء و دبر مذبحة المماليك و ورث أبناءه السلطة 150 عاماً ، و انتهاءً بثورة يوليو 1952 و التي رفعت شعار (ارفع رأسك يا أخي فقد مضى عهد الاستعباد) ثم ما لبثت هي الأخرى أن ملأت السجون و المعتقلات بالأبرياء و الشرفاء و المخلصين و أطاحت بتلك الرؤوس المرفوعة ، كما خدعت الفلاحين الفقراء بإعطائهم الأراضي الزراعية المنزوعة من الإقطاعيين الأثرياء مقابل حق انتفاع و ليس تمليكاً ليظل الفلاح خائفاً عليها من الانتزاع لو نطق بكلمة لا ترضي الحكام مما جعل الناس في حالة من القهر والذل و الضياع.
و قد أكد أبو إسماعيل على ضرورة اليقظة المستمرة كما حدث مع رسول الله (ص) بعد الهجرة إلى المدينة المنورة و بع د غزوة الأحزاب من الاستعداد المستمرللمسلمين لحماية المدينة ليل نهار.
الدولة الإسلامية والدولة المدنية والدولة الدينية:
ثم تحدث عن اعتزاز المسلمين بمصطلح الدولة الإسلامية التي شهدت العدل و الحرية مستشهداً ببعض الوقائع على عظمتها مثل قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه عند توليه خلافة المسلمين :" لقد وليت عليكم و لست بخيركم ؛ أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم".
كما دلل على ذلك الاعتزاز بآيات أول سورة الأعراف "ألمص * كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به و ذكرى للمؤمنين" التي تطلب من رسول الله (ص) ألا يشعر بالحرج من كتاب الله و شرعه ؛ و أن ينذر خصومه و يبدد مخاوفهم و يصحح مفاهيمهم المغلوطة و يذكرهم بما نسوه ؛ و ذكرى للمؤمنين.
نعم نريد دولة إسلامية لحماً و دماً ؛ رأساً و جسداً و لن تكون عقيدتنا هي الذبيحة التي نقدمها لرضاء أحد ؛ فالإسلام يحمي حقوق الآخرين و يبذل دماء أبنائه في سبيل الدفاع عن غير المسلمين و يعتبر من يموت في سبيل ذلك شهيداً؛ كما دلل على بواقعة لجوء البابا شنودة إلى الشريعة الإسلامية التي تدع لغير المسلمين الحكم بشريعتهم في الأحوال الشخصية عند تفجر قضية الزواج المدني و الطلاق للمسيحيين العام الماضي ؛ كما نعى على الذين ينادون بإضافة عبارة إلى المادة الثانية للدستور تتعلق بحقوق المسيحيين لأن الشريعة الإسلامية تعطي لهم أكثر من ذلك.
كما استنكر الدعوات الإعلامية التي تلصق التهم بالإسلام بغير دليل لكي يخجل المسلمون من المناداة به كي يحكم و ليظلوا يدفعون عن أنفسهم التهم التي هم برآء منها ؛ بينما رد رسول الله (ص) في ثلاثة مواقف بثقة في دين الله أول تلك المواقف على الذي جاء يسأله مستنكراً رحلته (ص) الإسراء و المعراج ؛ و الثاني على الذي استنكر إحياء الخلق بعد ترمم الجسد و تفتت العظام ؛ و الثالث على الذي جاء يتعجب من تحريم الخمر فرد رسول الله (ص) بكل ثقة و اطمئنان : بهذا أمرت.
كما سرد تاريخ الدولة الدينية (الثيوقراطية) التي نشأت في الغرب في العصور الوسطى و التي قابلها المناداة بالعلمانية لفصل سيطرة الكنيسة على مقدرات الدولة ، و أن الدولة في الإسلام لا يمكن أن تكون إلا مدنية.
الدعوات التي تسوق لسرقة الثورة:
كما استنكر فضيلته الدعوات التي تسوق إعلامياً لتأجيل الانتخابات البرلمانية و إعداد الدستور قبلها بل مناداة البعض (محمد حسنين هيكل) برئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة لكي يكون رئيساً لمصر باعتباره الأنسب.
السيطرة الأجنبية على مصادر العملة الصعبة:
ثم تعرض الشيخ أبو إسماعيل إلى سيطرة العالم الغربي وأمريكا على المصادر الخارجية للدخل القومي (البترول و السياحة و قناة السويس ...) و عن ضرورة التحرر من تلك الهيمنة لتحرير القرار المصري و الاعتماد على الزراعة و الصناعة المحلية ..
تدخل مباحث أمن الدولة المنحلة لمنع التطوير العلمي
و ذكر واقعة حدثه بها عميد كلية الهندسة بالإسماعيلية عن تدخل جهاز مباحث أمن الدولة لمنع أبحاث عن التربة في سيناء قررت الكلية إجراءها بمجرد التفكير في ذلك الأمر ؛ كما أورد واقعة أخرى رواها وزير الزراعة الحالي أيمن فريد أبو حديد عن تدخل أمن الدولة لمنع تجارب كان يجريها مركز البحوث الزراعية إبان رئاسته له لزيادة انتاجية الفدان من القمح إلى 4 أمثال الانتاجية الحالية فقام أمن الدولة بحرق الصوب التي تحتوي على تلك التجارب و قيدت الواقعة ضد مجهول.
ساحة النقاش