صدمنى نوعاً ما اخيراً نتيجة الاستبيان البسيط الذى وضعته بالمدونة، والذى ربما تجد نتائجه على يسارك الآن إذا كنت تطالع هذه التدوينة بعد كتابتها مباشرة، أما لو قرأت هذا الموضوع فى حال انتهاء زمن التصويت، فأنا أخبرك بأن المهتمين ببرامج الاتصال المتكاملة – Integrated Marketing Communications صوتوا بنسبة أقل كثيراً من المهتمين بمجال البحوث التسويقية و متابعة أجدد وأغرب الأفكار فى التسويق.
أولاً صدمتى ليست صدمة تعيسة، لكن الصدمة فى أنى كنت من المعتقدين بأن المهتمين بمجال دراسات السوق – Market researches، و البحث عن المعلومات، على الرغم من أنها الجزء الأهم (من وجهة نظرى) فى التسويق، إلا أن المهتمين بها فى مجال التسويق هم أقل كثيراً مقارنة بمحبى الإعلان والعلاقات العامة وغيرها من المجالات التى تمتلئ بالأفكار العجيبة المنتجة يومياً.
على العموم فقد رأيت الوقت مناسب لكتابة سلسلة بسيطة تعريفية بهذه البرامج.
لماذا تخلى التسويقيون عن مصطلح الترويج أو الدعاية، وبدأوا يتجهون إلى مصطلح الإتصالات التسويقية المتكاملة - IMC؟
لفهم السبب دعونا نتناول أهم كلمتين فى هذا المصطلح الجديد ..1- الاتصالات –Communications: سبب تسمية التواصل أو الاتصال، هى أن الترويج كان فى الغالب يتم من جانب واحد، الشركة تضع إعلان فى الجريدة أو التلفزيون، ثم تنتظر رد فعل الناس فى منافذ البيع أو فروع الشركة، أو أنها تطور موقع يحكى قصة حياة الشركة والمنتج، وتنتظر نفس رد الفعل..
مع التطور الهائل فى فهم التسويق و الإمكانيات التكنولوجية، أصبح من الضرورى أن يتم عمل استراتيجية تبادل للآراء و الاقتراحات – Feedback ما بين الشركة والمشترين، وأصبحت الشركة ترسل رسالتها الترويجية من جهة وتنتظر رد فعل الناس من جهة لتعديل الرسالة أو ربما تبديلها، و سهّل هذا العملية الانفجار التكنولوجى الحادث وخصوصاً فى مجال الانترنت. إليك مثال لتبسيط الفكرة، الشركات الآن تطور موقعها باستخدام تقنيات الويب الجديدة المتحركة Web 2.0، هذه التقنيات التى تسمح لها باستقبال تعليقات وآراء المشترين والمستخدمين وزوار الموقع عموماً من خلال مدونة مُلحقة بالموقع أو على الموقع نفسه، و ربما وضعت لك الشركة فريق خدمة عملاء أون لاين يجيب عن كل استفساراتك وتساؤلاتك، ..وبالتالى مع هذه الرسالة الترويجية التى تم إرسالها عن طريق الموقع الإلكترونى، تستطيع الشركة أن ترى رد فعلها مباشرة من الناس، وتستطيع التطوير فيها، وهى بذلك ليست فى معزل عن الناس كما كان يحدث فى طرق الترويج القديم.2- المتكاملة – Integrated: سبب تسمية متكاملة أن هذه البرامج يجب أن تتم فى تناغم شديد، و تكمّل بعدها البعض، فلا تجد الشركة تطور إعلان يوجه رسالة ترويجية تستهدف الشريحة الأعلى فى المجتمع – Segment A، ثم تجد رجال المبيعات يوجههوا رسالة ترويجية أثناء تعاملهم مع الناس بطريقة لا تصلح لهذه الفئة من المشترين.كما أن الشركة لا يجب فى نفس الوقت الاعتماد على طريقة أو برنامج واحد وترك باقى البرامج فى كتب التسويق تتحدث إلى نفسها، بل يُستحسن للشركة استغلال جميع البرامج بشكل متكامل حتى لو بدرجات متفاوتة، فكل برنامج يهدف إلى نتيجة مختلفة فمثلاً الإعلان يهدف لبناء العلامات التجارية – Brand awareness، والعلاقات العامة تهدف لبناء الثقة – Credibility ، وعروض البيع تهدف لتشجيع الناس على الشراء وزيادة المبيعات بشكل كبير، و البيع الشخصى يهدف إلى زيادة إقناع الناس و اختزال الوقت المبذول من المشترين فى بحثهم عن المنتج وشرائه.أعطيك حكاية شركة تستخدم هذا المزيج المتكامل:رأيت وأنت تركب سيارتك إعلان فوق الكبرى لشركة الملابس الجديدة، جذَبك الإعلان وجذبك معه أيكونة الفيس بوك الشهيرة والتى تدلك على صفحة هذه الشركة على الفيس بوك (إلى الآن الشركة تستخدم طريقة الإعلان - Advertising)ذهبت إلى بيتك وفتحت الفيس بوك لتجد معلومات أكثر عن الشركة ومنتجاتها، وتفاعلت مع الشركة وربما طلبت توصيل بعض الملابس إلى بيتك مباشرة (الآن الشركة تستخدم طريقة تكميلية أخرى فى الترويج E-marketing، وهو جزء من التسويق المباشر – Direct marketing و * هو الآخر جزء جديد من المزيج الدعائى – سأحاول فك هذه المعضلة الترويجية فى تدوينات قادمة )وجدت فى الصفحة الخاص بالشركة على الفيس بوك مهرجان ضخم – Event فى مول تجارى كبير، وقررت حضوره (الآن الشركة بدأت تستخدم العلاقات العامة كجزء جديد متكامل مع الأجزاء الترويجية السابقة)..فى نهاية الحدث الذى أقامته الشركة، قررت أنه فى يوم كذا القادم سيكون هناك سحوبات وتخفضيات هائلة على الشراء لمنتجاتها من فرع الشركة فى مكان كذا .. (الآن هى تستخدم طريقة عروض البيع كجزء تكميلى آخر).. إذا وجدت هناك فى فرع الشركة رجل أنيق يوقفك ليحكى لك عن التى شيرت الخرافى الذى تبيعه الشركة، ومدى تميزه عمّا سواه من ملابس أخرى لشركات أخرى فستعرف أنك أما جزء تكميلى آخر هو طريقة البيع المباشر..
ساحة النقاش