"بابا عبده " شخصية فنية تقمصها باتقان الفنان الكبير " عبد المنعم مدبولى " فى مسلسل حمل اسم " ابنائى الاعزاء .. شكرا " اذيع للمرة الاولى فى فترة الثمانينات ويعاد اذاعته بين فترة واخرى ..
" بابا عبده " الاب المضحى من اجل ابنائه .. يقوم بدورين مختلفين فى حياة ابنائه " اب وام " فى وقت واحد .. اولاده هم " محور حياته " واساس كل خطوة يخطوها فى حياته .. فلا يتزوج من اخرى من اجل ابنائه .. يشاركهم حياتهم .. ينظم لهم مواعيد مذاكرتهم ودروسهم .. يلخصها لهم ويلقنها لهم .. على اختلاف مراحلهم الدراسية .. يقوم لهم بكل اعمال المنزل ولا يطلب ولا يقبل منهم اى مساعدة حتى لو عرضوها عليه .. فمادام غير مقصر فلا يهم .. الاهم هو تفرغهم لامر واحد فقط ووحيد " دروسهم ومذاكراتهم" .
ولا يقتصر الامر على ابنائه فقط بل يمتد الامر كذلك الى احدى الفتيات من جيرانه " صفاء " التى يتولى امرها ويشاركها الراى والمشورة ويعتبرها احد ابنائه المسئول عنهم مسئولية كاملة " غير منقوصة " .. بل يقوم بدوره كـ " اب " بالغريزة عندما يتقدم احدهم لخطبتها فيسأل عنه " كاى اب " ويطمئن ويتاكد من انه الشخص المناسب القادر على اسعادها ..
"بابا عبده " شخصية غير تقليدية .. لا يتمسك بمبادئ وتقاليد بالية عفا عليها الزمن .. رغم ايمانه واقتناعه بالعلم و " الشهادة " والتى حرص على ان يحصل اولاده عليها .. الا انه لم يقف امام ابنته عندما احبت " ابن عمها " وهو يعمل عملا يدويا من خلال مشروعه الخاص " ورشة ميكانيكا ".. وعلى الرغم من معارضة ابناء " بابا عبده " لهذه الزيجة التى لا تتناسب مع مستواهم الاجتماعى الجديد .. الا انه تصدى لهم واصر على الا يقف امام حلم ابنته وسعادتها .
تصدى "بابا عبده " للفساد فى الشركة التى كان يعمل بها .. اصر على ان يكشف هذا الفساد مهما كانت العقبات .. لم يكن " سلبيا " ينظر الى الامر وكانه لا يعنيه .. كان يعرف انه سيواجه " حربا " الا انه قد اصر على خوضها .. رغم " الاغراءات " التى منحت له .. من اجل ان يسكت .. فدفع " الثمن " غاليا .. استغنوا عن خدماته بعد ان قضى معظم عمره فى هذا المكان .. بحجة تطوير و " ميكنة " نظم العمل وعدم قدرته على مسايرتها ..
رغم " تحفظنا " على طريقة واسلوب " بابا عبده " فى تربيته لاولاده .. والتى اخرجت للمجتمع شخصيات " مهزوزة " " اتكالية " ظهرت على حقيقتها عندما خاض كل منهم " معترك الحياة " ففشل – كل على حدة – فى اجتياز مشكلاته او التعامل معها واحتوائها وفضل بعضهم مثل " عاطف " التهرب منها بـ "ألتاجيل" تارة و " التسويف " تارة اخرى ورغبته الدائمة فى " ارضاء كل الاطراف " وعدم حسم الامور بشكل واضح ومحدد .. فلم يسع " بابا عبده " الى ان ينمى في اى من ابنائه صفة " الاستقلالية " التى تجعل لكل منهم رؤيته وفكره .. وان يعتمد كل منهم على نفسه اولا واخيرا فى سبيل تحقيق اهدافه .. كان " بابا عبده " مشاركا اساسيا فى كل خطوة يخطونها فى حياتهم على اختلاف مراحل حياتهم .. لذلك فعندما خرجوا وحدهم الى الحياة " بظروفها ومشكلاتها " فشلوا لانهم لم يجدوا بجانيهم " بابا عبده " يرسم لهم كيفية التصرف فى المواقف المختلفة .
رغم " تحفظنا " السابق الا اننا بحق نشتاق الى وجود شخصية " بابا عبده " التى نفتقدها شكلا وموضوعا .. هذا الاب " الحنون " الذى يمسك كل الخطوط فى يده فيكون موجها ومرشدا ومؤثرا فى حياة اولاده .. اين هذا الاب الان ؟ الاب المسئول الذى يستشعر خطر مسئولية " تربية اولاده " يعرف دوره وابعاده ويتفهمه .. يمسك مقاليد الامر فى يده .. يعرف متى وكيف " يرخى الحبل " ومتى وكيف " يشده " متى يكون " حاكما بامره " فى امور ..ومتى وكيف يكون حاسما فى امور .. كيف يحصل على مهابة واحترام وتقدير وحب ابنائه .. وكل ذلك فى آن واحد ..
نحن نفتقد مثل هذا " الاب " الان .. فهو مشغول ليل نهار بعمله او اهتماماته الاخرى .. تاركا دوره الاساسى فى يد الام والتى مهما بلغت من قدراتها ومواهبها فلن تستطيع ان تؤدى دور الاب باى درجة من الكفاءة .. والنتيجة واضحة للعيان .. اجيال ضائعة وبيوت شبه خاوية على عروشها نتيجة لغياب الاب .. او وجوده مع تغييب دوره وتاثيره .. فلا فرق اذن .....
اذا كنت " ابا " ارجوك ابدأ فى ممارسة دورك " كما ينبغى ان يكون " ابناؤك الان فى اشد الاحتياج اليك .
ساحة النقاش