المواهب اصبحت نادرة .. ليس على مستوى مصر فقط .. بل على مستوى العالم .. لذلك اصبحنا نحتفى ونفرح عندما تظهر على السطح موهبة ما ... فى اى مجال .. نردد على اثرها دائما مقولة " مصر لسة بخير "

الموهبة وحدها غير كافية لان يتحول صاحبها الى " ستار " يشار اليه بالبنان ويلتف حوله الناس .. وتحتفى به وسائل الميديا المختلفة .. اصحبت فقط من ضمن مقومات اخرى متعددة يجب ان تتوافر فى كل صاحب موهبة حتى يصبح نجما ..

ابو تريكة  لم يتحول الى نجم الا عندما اقترنت موهبته باشياء ومقومات اخرى اهمها على الاطلاق : الذكاء الاجتماعى .. كيف تحتوى الاختلافات الطبيعية فى الناس ووتتجاوزها بل وتكتسب ودها وتعاطفها وانحيازها لك ..

هذا الذكاء يتحقق فى شخصية ابو تريكة عندما يجمع الجميع على حبه وتقديره والاعتزاز بوجوده بيننا ..

من الطبيعى ان انتماء لاعب الى نادى معين يتمتع بجماهيرية شعبية ان يحوز على حب واعجاب هذه الجماهير المنتمية الى ناديها ولكن ان يكون الحب والتقدير مضاعفين من جانب جماهير الاندية المنافسة فذلك ما يثير الاستغراب والاندهاش وما يدل دلالة قاطعة على الذكاء الذى يتمتع به هذا الشخص .

قليلون جدا من نجحوا بذكائهم الشديد فى  تحقيق ذلك .. محمود الخطيب وابو تريكة ....

سر نجومية ابوتريكة الحقيقية هو تلقائيته الشديدة .. يتعامل مع الاخرين بالفطرة .. يقابل الناس والكاميرات بابتسامة تنجح فى اقتصار المسافات .. فتشعر انك تستمع الى شخصا تعرفه حق المعرفة  ومنذ سنوات . 

صاحب الموهبة هو الوحيد القادر على استغلالها والاستفادة منها فى تحقيق اقصى درجات المجد والشهرة اذا ما نجح فى الحفاظ على نفسه من نفسه اولا ثم لم يستسلم للانبهار بمفردات الحياة الجديدة ..

الحديث عن ابوتريكة كلاعب كرة موهوب عادة ما ياخذ حيزا ضيقا مهما اتسع ..  يجيد احيانا .. وينحدر مستواه احيانا اخرى .. ولكن يستمر الحديث عن اخلاقيات ابوتريكة ومبادئ ابو تريكة وقيم ابو تريكة وتواضع ابو تريكة وشكر الله اولا واخيرا ..

لم ينكر ابوتريكة اصوله .. لم يتنكر لنشاته فى بيئة متواضعة .. ما زال يذكر ذلك بكل الحب والفخر .. لم ينبهر بحياته الجديدة وينسى ماضيه .. بل يذكر ذلك كثيرا كثيرا .. واول ما يفعله ان يسجد لله شكرا وحمدا على هذه التحولات الرهيبة التى حدثت فى فترة قصيرة كان يمكن ان تحدث اثارا عكسية بالسلب لو انها حدثت لشخص اخر غير ابوتريكة .

ابوتريكة ليس ملاكا .. له سقطاته بالطبع .. فهو بشر .. قد يخونه ذكائه .. وياتى بتصرفات وافعال قد تغضب البعض .. كل ذلك امرا طبيعيا وعاديا ولكن الاهم ما رد فعلك تجاه هذه الاخطاء .. كيف تتعامل مع الازمة عندما تقع ؟ كيف تخرج بدرس مستفاد تتعلم منه ؟ هكذا يتعامل ابو تريكة مع اخطائه .. لا يهرب منها .. يعترف بها بمجرد حدوثها .. عندما اشار لجماهير النادى المنافس بالسكوت بعد ان احرز هدفا بادر بالاعتذار فورا .. فى ازمة الجزائر اعترف بانه قد اخطا فى حساباته .. وعندما اصطنع ضربة جزاء فى احدى المباريات اعترف بذلك على الفور .. هذا هو سر حب الناس لابوتريكة .. يجدونه بشرا مثلهم يخطئ ويصيب .. لا يجدون شخصا يحاول اقناعهم بانه ملاك لا يخطئ ..

ان تسخر موهبتك وشهرتك ونجوميتك من اجل تحقيق اهدافا عظيمة على مختلف المستويات فلا تقتصر فقط على المجال الذى تعمل به بل تتسع رؤيتك باتساع نظرتك الى الحياة .. هكذا يفعل ابو تريكة .. يستغل موهبته فى تحقيق اهداف اجتماعية اخرى فى جمع تبرعات لانشاء مستشفى .. او عمل مشروع خيرى .. او خدمة قضايا دينه ووطنه .. ولا ينسى احد موقفه "تضامنا مع غزة" اثناء العدوان الغاشم عليها وتعرضه لمخاطر التعرض للعقوبات ..

انخفض مستوى ابوتريكة الكروى .. خرج من اصابات متتالية .. لم يستعد بعد لياقته البدنية والذهنية على الرغم من مرور فترة زمنية طويلة .. بعض ضيقى الافق والنظر يطالبونه بالاعتزال .. نظرتهم ضيقة .. لا يرونه سوى لاعب كرة يمتعهم بموهبته .. لا يعلمون ان الامر مختلف تماما مع ابوتريكة ..

ابوتريكة ما زال امامه الكثير والكثير ليقدمه لنا .. يمتعنا بفنه .. يعلمنا باخلاقياته ومبادئه .. سننتظر كثيرا كثيرا حتى نرى ابوتريكة اخر ..

ابوتريكة مهما لم تطاوعك الكرة .. نناشدك الاستمرار معنا .. وجودك فقط يكفى .. وجودك يجعلنا نردد تلقائيا " مصر لسة بخير " .

 

المصدر: من كتاباتى
  • Currently 89/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
29 تصويتات / 144 مشاهدة
نشرت فى 3 يوليو 2010 بواسطة AshrafSalah

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

4,746