شخصية " نجيبة " فى فيلم " الثلاثة يشتغلونها " تراها امامك فى مواقف كثيرة .. وقد تتقمص انت هذه الشخصية بل و " تعيشها " سواء رغما عنك او بارادتك.

ان تحفظ النص فقط  دون ان تسعى الى فهمه فتكون " حافظ ومش فاهم " ولا تسعى الى الفهم .. بل وتصر على التنفيذ دون فهم .. وتعتقد تماما انك على صواب فتتعرض لتجارب احتمالات فشلها تفوق احتمالات النجاح.. فتفشل .. فلا تتعلم من سلبيات التجربة .. فتخوض تجربة اخرى واخرى وتكون النتيجة الحتمية هى الفشل .. لانك ببساطة " حافظ ومش فاهم وكمان مش عايز تفهم "

كلنا تربينا على هذه " المنهجية "  السمع والطاعة " الحفظ " دون مناقشة او استفسار " نفذ اللى بقولك عليه الاول وبعدين ابقى اسئل " ما علينا سوى التنفيذ فقط .. بصرف النظر اذا كان ذلك عن اقتناع " فهم " ام لا .. المهم ان ننفذ رغبات الاخرين ممن هم اعلى منا سلطة .. والا وجهت الينا اتهامات " التمرد " و " الشغب " و " الجدل " سواء فى البيت او فى العمل او حتى فى علاقتنا شعبا وحكومة .. لا يؤخذ رأينا فى شئ .. دورنا يقتصر فقط على التنفيذ " سمعا وطاعة " وهذا يكفى .. والا فابواب السجون مفتوحة ومتاحة لكل من يريد او يرغب فى ان يفهم.

ما يزيد الامر صعوبة ان نصر نحن " الاجيال السابقة " على تطبيق نفس المنهجية " الحفظ وعدم الفهم " على الاجيال اللاحقة " اولادنا " نحب كل من يقول لنا كلمة " حاضر " مجرد كلمة يقولها الطفل سواء عن اقتناع ام لا الا انها تكون مفتاح التقرب من " الوالدين " والحصول على الرضا السامى ..  اما من يتجرأ من اولادنا فيسأل او يستفسر او يحاول ان يفهم .. فعادة ما نقابل ذلك الامر بنوع من العصبية والقلق ونستخدم سلطتنا " الابوية " فى اخماد ما نراه " من وجهة نظرنا " شغبا او تمردا من جانب اولادنا .. كل ذلك لانهم تجرأوا وحاولوا ان يفهموا . 

نفس الامر وبشكل اكثر حدة وخطورة يحدث فى " المدرسة " فتكبر وتنمو صفات " الخوف " بل و " الرعب " داخل الطفل  من ان يحاول ان يفهم " مجرد محاولة "  فيؤدى به ذلك الى ان يكون عبرة لكل من يحاول الخروج عن " المالوف " او عن " راى الجماعة او المجتمع " بصرف النظر عن مدى صحة هذا الرأى او قوته ..

لا يعنى ذلك ان راى " المجتمع او الجماعة " يجب ان يكون خطئا يتحتم تغييره ولكن ان يفرض هذا الرأى " اى رأى " عن اقتناع واسباب ومبررات ومناقشة وحوار من طرفين وليس من طرف واحد .. هذا هو الطريق " المتفق عليه " حتى الان للتطوير والتقدم .. وفى هذا سبقتنا الدول وتقدمت عنا سنوات وسنوات .

لا يقتصر الامر على البيت ثم المدرسة فقط .. يمتد كذلك الى عملك .. سواء كان عاما ام خاصا .. سلطة المدير فى ان يفرض رأيه وسلطته على " مرؤوسه " فيطلب منه تنفيذ التعليمات " الاوامر " دون مناقشة .. والا انضم الى " المبعدين " او " مثيرى الشغب " او " انه يجادل كثيرا ويعمل قليلا " كل ذلك لانه يسأل ويستفسر ويحاول ان يفهم قبل ان ينفذ تعليمات المدير .

 فرق شاسع بين ان يكون التنفيذ عن فهم واقتناع وحوار وبين التنفيذ طبقا للـ " السمع والطاعة " هنا يقتل الابداع والتطور ..  ويحيا الجمود والسكون .. وتسير الامر عكس سنة الحياة .. نعيش بمنطق الجاهلية .. " انا وجدنا اباؤنا " حفظنا ما وجدنا عليه " الاباء " فنفذناه دون " فهم " ودون ادارك ودون وعى ودون تفكير فى ان ما كان يفعله " اباؤنا " انهم كانوا يعبدون " الاصنام " دون الله الواحد الاحد .

وهكذا اصبحت " حالنا " غير خافية على احد .. تركزت فينا صفات السلبية والانهزامية .. نرضى عن الاوضاع الحالية " اية اوضاع حالية " مهما كانت سيئة ومهما كانت متعارضة مع مقومات الحياة الاساسية .. لا نسعى الى التغيير الى الافضل .. لاننا لا نريد ان " نفهم ".. نستسلم  دائما للحل الاسهل " المريح " لنا ولاعصابنا فلا نعترض على اى امر ولا نسأل او نستفسر .. اصبحت " علامة الاستفهام " مثيرة للاعصاب والقلق .. اصحبت حكرا لاصحاب النفوذ والسلطة هم فقط من يحق لهم استخدامها .. اما نحن فلا يحق لنا سوى التنفيذ فقط مرددين كلمة " حاضر " المريحة لاعصبانا واعصابهم .. والا فان " العصا " دائما مرفوعة ..  وللاسف من يرفعها " حافظ ومش فاهم ومش عايز يفهم ومفيش امل انه يفهم "

على الاجيال السابقة السلام .. الامل فى اجيال المستقبل " اولادنا "

الى كل اب وام " حاليين ومستقبليين " ارجوكم حفزوا اولادكم على السؤال والاستفسار واستخدام ادوات الاستفهام وعدم اعتبارها " رجس من عمل الشيطان ".. لا تفرضون عليهم " الامر الواقع " ناقشوهم اولا واعلموهم بالاسباب والمبررات .. علموهم منطق الامور .. علموهم عدم الاستسلام باى شكل لاية اخطاء ترتكب فى حقهم من اى انسان مهما كان .. علموهم ان يستميتوا فى سبيل الدفاع عن مبادئهم .. علموهم عدم الخنوع .

 اللهم قد بلغت اللهم فاشهد .

 

المصدر: من كتاباتى
  • Currently 90/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
30 تصويتات / 252 مشاهدة
نشرت فى 2 يوليو 2010 بواسطة AshrafSalah

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

4,745