إن الوحدة الوطنية لا يمكن أن تقوم على خطٍّ واحد أو على فكر واحد إن صح التعبير، بل تحتاج إلى الخطين: الديني والعلماني، فلا يمكن أن تُبنى على قاعدة التعصب الديني أو الطائفي كما لا يمكن أن تُبنى على العلمانية وما تدعو إليه من أفكار.. إن الوحدة هي الرابط بين أطياف الشعب وطوائفه كما ترتبط أعضاء الجسم بالقلب من خلال الدم، هي التي تكفل لنا العزة ورغد العيش وتحل مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
لا شك أن الوحدة الوطنية من أهم الموضوعات التي نواجهها في عصرنا الحاضر، والتي يجب أن نتناولها بالبحث والتمحيص، وتحديد المعالم الأساسية لها، ليتضح الموقف تجاهها بشكل كامل، خصوصا بعد تزايد وتيرة التهديدات الأجنبية للدول العربية والإسلامية.
وطبيعة الصراع القائم اليوم على المستوى الحضاري، والتحديات الداخلية على المستويات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية، حيث يلاحَظ أن الاتجاهات الجديدة لرياح الظروف العالمية من غضب الاستكبار العالمي، تعطي لموضوع الوحدة الوطنية أهمية خاصة وبالغة في هذه الظروف الحرجة للمجتمعات العربية والإسلامية.. وبلادنا من هذه المجتمعات.
فالحاجة اليوم للوحدة الوطنية في مجتمعنا الإسلامي أكثر من أي وقت مضى، فهي توفر القدرة الحقيقية للشعب، والتي يمكن أن يستند إليها الوطن أمام التحديات الخارجية والصعوبات الداخلية.
فمنذ وُجدت الأديان على الأرض وُجد أعداؤها، أولئك الذين احترفوا لعبة استفزاز مشاعر العامة من خلال التهكم على دينهم ومعتقدهم، لكن يبدو الأمر أكثر غرابة عندما نرى جماعات كتلك التي ظهرت مؤخرا تشجع كل صاحب دين على الانتقام من أصحاب الدين الآخر وتحفِّز مشاعر الكراهية في النفوس الضعيفة على أساس الاختلاف الديني لا أكثر وحتى أحيانا تُحِلّ مقاطعة وإهدار دماء من يؤمنون بمذاهب مختلفة.. متناسين أننا جميعا ننتمي لأرض واحدة، أو فلنقُل: أم واحدة هي مصرنا وأب واحد أيضا هو تاريخنا المشترك، ويؤسفني أكثر من ذلك أن أرى مثل هذه التصرفات لا تحدث في مكان غير أرضٍ اختارها الله لنشر رسالته والوحي إلى أنبيائه الكرام (عليهم جميعاً وعلى نبينا الصلاة والسلام).
ساحة النقاش