أمرنا الاسلام بأوامر وتعاليم إذا نفذناها تجنبنا الوقوع في الزنا، ومن هذه التعاليم التي يجب أن يراعيها المسلم ليسلم من هذه الرذيلة، ما يلي:
* غض البصر :
قال اله تعالى: { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون . وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن}(النور : 30-31). فالنظر إلى الحرمات هو الذي يؤدي إلى الزنا، فإذا التزم المسلم بغض بصره كان هذا أهم خطوات البعد عن الزنا . وذلك لأن النظر هو الذي يثير الشهوة، وهو أصل الفتنة. ولذلك أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بصرف النظر إذا ما وقع فجأة على ما هو محرم، وهو المعروف بنظر الفجأة . فعن جرير بن عبد الله – رضي الله عنه- أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة، فأمره أن يصرف بصره .(مسلم وأبو داود). وورد في الحديث القدسي- الذي يرويه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رب العزة : " النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، من تركها مخافتي، أبدلته إيمانا يجد حلاوته في قلبه"(أحمد والطبراني).
وإذا كان غض البصر له الحظ الوافر عند الحديث عن الرجال، فإن للنساء نفس القدر من اهتمام الاسلام، فقد روى أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان جالسا مع زوجتيه أم سلمة وميمونة – رضي الله عنهما – ذات يوم، فأقبل الصحابي الجليل ابن أم مكتوم – رضي الله عنه – وكان أعمى لا يرى، فلما استأذن في الدخول على رسول الله صلى الله عليه وسلم، التفت الرسول إلى زوجتيه، وأمرهما بالدخول بعيدًا عن المكان الذي سيأتي إليه ابن أم مكتوم، فقال لهما صلى الله عليه وسلم: "احتجبا منه". فقالت أم سلمة: يا رسول الله! أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فلفت النبي صلى الله عليه وسلم انتباههما إلى أن غض البصر لا يقتصر على الرجل فقط . فقال صلى الله عليه وسلم : " أفعمياوان أنتما؟! ألستما تبصرانه؟" (الترمذي).
* تجنب الخلوة بامرأة أجنبية :
قال النبي صلى الله عليه وسلم " ما خلا رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان" (الترمذي). فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخلوة، حتى ولو كان الرجل من أقارب المرأة، إلا أن يكون معها أحد محارمها – كالزوج أو الأخ- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم، فإن ثالثهما الشيطان": (أحمد). والعلة في ذلك أن وجود المرأة قد يكون سببًا في وقوع الرجل في الزنا، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تركت بعدي في الناس فتنة أضر على الرجال من النساء" (الترمذي).
* تجنب اختلاط الرجال بالنساء:
أغلق الاسلام أي باب قد يؤدي إلى الوقوع في الزنا، ومن ذلك أنه حث المسلمين على عدم اختلاط الرجال بالنساء، لما قد يؤدي إليه هذا الاختلاط من تبادل النظرات والحديث والمزاح، وقد يمتد الأمر إلى المصافحة والخلوة، وقد يؤدي كل ذلك إلى الوقوع في الزنا، لذلك أغلق الشرع هذا الباب، حتى لو كان هذا الاختلاط في أمر من أمور العبادة، فلم يفرض صلاة الجمعة على المرأة، وأعفاها من صلاة الجماعة، فقال صلى الله عليه وسلم : " خير مساجد النساء في قعر بيوتهن" (أحمد). كما جعل صفوف النساء – إذا ذهبن لصلاة الجماعة – آخر الصفوف، خلف صفوف الرجال .
* عدم التبرج وإظهار الزينة:
إن إظهار المرأة لجسدها وزينتها أمر يخالف ما أمرنا به الله تعالى، حيث قال : " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما } (الاحزاب: 59) والمرأة التي لا تلتزم بأوامر الله تكون شيطانة تروج للفساد، وتفتن الرجال، وتجر المجتمع إلى الانحلال، مما يعود بالضرر على الفرد والمجتمع، فعلى المرأة أن تنقاد لأمر الله، فتنفذ ما أمرها به ، حتى تحافظ على نفسها ومجتمعها.
* تجنب تعطر المرأة في الأماكن العامة:
قال صلى الله عليه وسلم " كل عين زانية، والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس، فهي كذا وكذا " يعني : زانية .(الترمذي). فهذا الحديث الشريف يؤكد أن تعطر المرأة من أبواب الزنا، لأنه يثير أحاسيس الرجال، ويلفت انتباههم، ولا سيما وأن في الحديث إشارة إلى المرأة التي تتعطر وهي تعلم أنها ستمر بمجالس الرجال، لتثير انتباههم إليها. وقد حدد الشرع صفات عطر الرجل وصفات عطر المرأة، فقال صلى الله عليه وسلم " طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفى لونه وطيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه" (الترمذي).
* تجنب خضوع المرأة في الكلام:
أمر الله – سبحانه وتعالى – نساء النبي صلى الله عليه وسلم – بصفة خاصة – لفضلهن، ولأنهن أمهات المسلمين، بعدم الخضوع في القول، فقال تعالى : { يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض}(الاحزاب: 32). إلا أن هذا الأمر عام للنساء جميعًا، فقد أمرهن الله بألايتكلمن أمام الرجال ألأجانب كلاما فيه نعومة ولين وترخيم صوت، حتى لا يكون هذا الصوت الناعم الرخيم بابًا لطمع هؤلاء الرجال في تلك المرأة، فأغلق الإسلام بذلك بابًا من الأبواب التي تؤدي للوقوع في الزنا.
* حفظ العورة :
جاء أحد الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله عن إظهار العورة،فقال صلى الله عليه وسلم " احفظ عورتك (استرها) إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك ". فقال الصحابي للنبي صلى الله عليه وسلم : فإذا كان القوم بعضهم في بعض ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن استطعت أن لا يرينها (عورتك) أحد فلا يرينها" . فقال الصحابي : فإذا كان أحدنا خاليا ،فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الله أحق أن يستحيا منه من الناس"(أحمد). وحدود العورة بالنسبة للرجل من سرته وحتى ركبتيه،أما بالنسبة للمرأة فجسمها كله عورة عدا الوجه والكفين،على رأي بعض الفقهاء .
* عدم النظر لعورات الآخرين:
نهى الاسلام عن نظر الرجل إلى عورة الرجل،كما نهى عن نظر المرأة إلى عورة المرأة ،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل،ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة،ولا يفضي الرجل إلى الرجل في الثوب الواحد (لا يختلي)، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد" ( الترمذي).
العلاج من الزنا
إذا وقع إنسان في الرذيلة البغيضة فعليه باتباع طرق العلاج التالية:
أولا : فيما يتعلق بالفرد:
1- المسارعة بالتوبة إلى الله: فعلى من ارتكب هذه الكبيرة أن يسارع بالتوبة النصوح،وتتمثل في الإقلاع عن ارتكاب هذا الذنب،والندم على ما فعله في الماضي،وتجديد النية على عدم الوقوع في هذا الذنب مرة أخرى في المستقبل،مع الإكثار من الاستغفار على ما مضى من الذنوب،والإكثار من ذكر الله،فهو خير عاصم من الرجوع عن التوبة .
2- الوقاية : تجنب كل ما يؤدي إلى الوقوع في هذه الرذيلة مرة أخرى،ويكون ذلك باتباع طرق الوقاية وهي : (غض البصر- تجنب الخلوة بامرأة أجنبية – تجنب الاختلاط- الابتعاد عن أصدقاء السوء – عدم التبرج وإظهار الزينة – عدم تعطر المرأة في الأماكن العامة – عدم خضوع المرأة في الكلام – حفظ العورة ).
وفوق كل هذا يجب التحلي بخلق العفة ليكون ملازما للانسان.
ثانيا : بالنسبة للمجتمع :
الحرص على تطبيق حدود الله ، فإذا التزم المجتمع بتطبيق حد الزنا على من يقع في هذه الرذيلة، فيجلد غير المتزوج، ويرجم المتزوج الزاني حتى الموت، فسوف تكون نتيجة ذلك خوف كل من تسول له نفسه فعل هذه الرذيلة. والدليل على ذلك أن هذه الرذيلة لم تكن شائعة على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم،وكان رجم الزنا ة يتم علانية أمام الناس ،فكان هذا خير تحذير لمن يفكر في الزنا .
خير وصية
جاء شاب للرسول صلى الله عليه وسلم وقال له : يا رسول الله ائذن لي بالزنا. فغضب الصحابة، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : " أتحبه لأمك ؟ "، فقال الشاب: لا والله، جعلني الله فداءك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ولا الناس يحبونه لأمهاتهم". ثم قال : " أتحبه لابنتك ؟"، فقال الشاب: لا والله، جعلني الله فداءك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ولا الناس يحبونه لبناتهم". ثم قال : " أفتحبه لاختك؟"، فقال الشاب: لا والله ، جعلني الله فداءك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ولا الناس يحبونه لاخواتهم" . ثم قال : " أفتحبه لعمتك ؟ "،فقال الشاب: لا والله، جعلني الله فداءك . فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ولا الناس يحبونه لعماتهم" . ثم قال : " أفتحبه لخالتك ؟ "،فقال الشاب: لا والله ،جعلني الله فداءك . فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ولا الناس يحبونه لخالاتهم". ثم وضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على الشاب، ودعا له قائلا : " اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه" (أحمد).
ساحة النقاش